Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اكتشاف "جديد" لمقبرة توت عنخ آمون في الأرشيف الإنجليزي

تقيم جامعة أكسفورد معرضاً احتفاء بالعمال المصريين المشاركين مع عالم الآثار الإنجليزي كارتر في البحث عن الفرعون الشاب

صورة تجمع عشرات من المصريين المشاركين في اكتشاف المقبرة الذين لا تعرف أسماؤهم (مكتبة بودليان)

احتفالاً بالذكري المئوية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون التي عدت واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، تقيم مكتبة بودليان في جامعة أكسفورد معرضاً تحت عنوان "توت عنخ آمون: التنقيب في الأرشيف".

يظهر المعرض جانباً جديداً من أحداث اكتشاف مقبرة الفرعون الشاب ويهدف إلى تسليط الضوء على عشرات من العمال المصريين الذين ساعدوا هوارد كارتر، عالم الآثار الإنجليزي الشهير الذي اكتشف المقبرة بعد بحث دام لعشر سنوات متصلة، إذ يقوم أي عمل عظيم على عشرات الجنود المجهولين الذين لا تُذكر أسماؤهم ولا يُعرفون بشخوصهم، ولكنهم في النهاية هم أبطال، فيعمل المعرض على دحض فكرة أن كارتر هو البطل الوحيد للقصة، فهو لم يكن ليصل إلى الكشف العظيم من دون مساعدة وتعاون المصريين من أهل المنطقة.

لا يضم المعرض الصور فحسب، إنما يتضمن مجموعة من الوثائق والأوراق والرسوم، إلى جانب اليوميات التي كتبها كارتر بخط يده في مراحل مختلفة خلال رحلة البحث عن توت عنخ آمون.

تعود أهمية اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون بمنطقة وادي الملوك بالأقصر جنوب مصر إلى أنها ظلت على مدار 3000 سنة مغلقة لم يعرف مكانها أحد ولم يقربها اللصوص وفتحت للمرة الأولى على يد كارتر، بالتالي كانت محتوياتها كاملة ومثلت نموذجاً متكاملاً لمقبرة من مصر القديمة مما كانت له أهمية كبيرة في الإضافة لعلم المصريات.

قدرت كنوز توت عنخ آمون الفرعون الشاب الذي امتدت فترة حكمه من 1336- 1327 قبل الميلاد بـ5000 قطعة أثرية عرض جزء منها على مدار سنوات في المتحف المصري في القاهرة، وستخصص لها قاعة ضخمة في المتحف المصري الكبير الجاري العمل عليه والمقرر افتتاحه في نهاية العام الحالي.

 

 

عشرات العمال المصريين

وعن تركيز المعرض على مشاركة المصريين في العثور على المقبرة والمعلومات المتاحة عنهم، تقول دانييلا روزناو، عالمة المصريات ومنسقة المعرض لـ"اندبندنت عربية"، "التركيز على مشاركات أعضاء الفريق المصري في أعمال التنقيب ليس ابتكاراً من جانبنا، فقد درس هذا الجانب من قبل عدد من الزملاء وفي مقدمهم البروفيسورة كريستينا ريجز، وهي من أهم الباحثين الذين يجب تسليط الضوء عليهم عند الحديث عن هذا الأمر، ولكن، من خلال معرضنا نحاول جعل هذا الجانب متاحاً بشكل أكبر للجمهور أو بشكل أكثر دقة جعل الجمهور على دراية به خصوصاً مع عدم وجود سجلات لأعضاء الفريق المصري المشارك في اكتشاف المقبرة".

تضيف "نعلم أن هوارد كارتر وظف نحو 50 عاملاً محلياً وعشرات الأطفال، مع ذلك لا نعرف أسماءهم، ذكر كارتر أسماء رؤساء العمال الأربعة الذين شاركوا في التنقيب فحسب ووجه إليهم الشكر في مذكراته وكانوا مجموعة من الرجال المهرة وذوي الخبرة الذين عملوا إلى جانب كارتر لسنوات عدة، وهم أحمد جريجار وجاد حسن وحسن أبو عوض وحسن أحمد سعيد، مع ذلك يمكن رؤية عدد من المصريين في صور هاري بيرتون، مثل صور إزالة الجدار بين غرفة الانتظار وغرفة الدفن، ورفع أسقف الضريح، وحمل السلال، وإزالة الركام، ونقل الأشياء إلى المختبر أو تحميل الصناديق، وتساعدنا هذه الصور في إعادة تقييم إسهاماتهم الحيوية في أعمال التنقيب جنباً إلى جنب مع كارتر".

 

 

هاري بيرتون

أمضي المصور الإنجليزي هاري بيرتون سنوات من حياته في مصر، وبرع في تصوير أعمال الحفائر الأثرية بشكل عام ليواكب وجوده في مصر مع اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وقد حظي بفرصة عظيمة عندما أسند إليه كارتر تصوير المقبرة ومحتوياتها. فكل شيء كان يجب توثيقه قبل أن يمس. والتقط بيرتون مجموعة من الصور الدرامية المذهلة تجعلنا نلقي الضوء على جانب آخر، وهو فن التصوير الفوتوغرافي في هذا الوقت، وليحصل بعدها بيرتون على لقب مصور الفرعون. وعنه تقول روزناو "تلقى بيرتون تدريباً كمصور للفنون في إيطاليا، وقد اكتسب سنوات من الخبرة في العمل مصوراً في مواقع التنقيب عن الآثار، ويمكن القول إنه كان أفضل مصور أثري خلال اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون. فصوره متنوعة للغاية في أهدافها. وعلى الرغم من أن معظمها يظهر القطع الأثرية المكتشفة بشكل موجه للأغراض العلمية، فإن هناك جزءاً آخر تم استخدامه لأغراض دعائية وكان يظهر فيه كارتر وفريق العمل - ومن بينهم المصريون - بالشكل الذي أراد العلماء الإنجليز والأميركيين إظهاره للجمهور وقتها. إضافة إلى ذلك، ظهرت صور أخرى لأشياء مثل مناظر من الموقع الأثري لإثارة انتباه الجمهور".

 

 

صور مميزة

يضم المعرض عشرات الصور والأوراق والمذكرات التي توثق هذا الحدث، وعن الأكثر تميزاً من وجهة نظرها تقول منسقة المعرض "ربما تكون صورتي المفضلة صورة صبي مصري يرتدي أحد قلادات توت عنخ آمون، وهي ضمن مجموعة من ثلاث صور للصبي، فهي مؤثرة للغاية من نواح عدة، إذ يمكننا أن نلمس بوضوح أنه يشعر بالوزن المادي والمعنوي لهذه القطعة القديمة من المجوهرات فوق كتفيه، فهو يجمع مصر القديمة والحديثة معاً، وربما كان الصبي في عمر توت عنخ آمون حين مات، فهي حقاً صورة مميزة".

تضيف "من العناصر التي أراها قيمة للغاية في المعرض هي المذكرات التي كتبها هوارد كارتر في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1922، وهو اليوم الذي اكتشف فيه أول درجات السلم المؤدي إلى المقبرة، مطالعة هذه الورقة مثيرة، فالنظر إلى الكتابة بخط يد كارتر والعناصر والخطوط التي تضمها تجعلك تشعر بما عايشه كارتر عندما كتب تلك الكلمات".

 

 

من أهم اكتشافات القرن العشرين

اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون يعد واحداً من أهم اكتشافات القرن العشرين، وقد أضاف كثيراً لعلم المصريات ولعلماء الآثار، ولقي اهتماماً من الجمهور العام، باعتباره مغامرة مثيرة قام بها كارتر ونتج منها اكتشاف مقبرة الفرعون الشاب الشهير الذي أصبح يعرفه الناس في العالم كله. وتقول روزناو "عزز هذا الاكتشاف بشكل كبير الوعي بدراسة مصر القديمة، وزاد من الاهتمام العام ليس بمصر القديمة فحسب، إنما بالحديثة أيضاً، وأصبح توت عنخ آمون أيقونة للهوية الوطنية، وبطبيعة الحال فإن عمليات التنقيب عن الآثار في الوقت الحاضر تختلف عنها سابقاً وتعتمد على البحث والجانب العلمي بشكل أكبر، ولم يعد الأمر يتعلق بالعثور على "الكنوز" فحسب، إنما بوثائق وأوراق كارتر وصور بورتون كانت بالتأكيد ذات قيمة كبيرة لأنها لم تسجل القطع الأثرية المكتشفة في المقبرة فحسب بل وثقت سياق تلك الأحداث".

وتضيف "كان رد فعل الزوار رائعاً، وحظي المعرض بحضور كبير، ففي الشهر الأول زاره أكثر من 12 ألف شخص، وحظي بتغطية إعلامية كبيرة وردود فعل إيجابية للغاية من الزملاء والأصدقاء والعائلة، ونأمل في أن يصل هذا المعرض إلى مجموعة واسعة من الجماهير في جميع أنحاء العالم".

المزيد من منوعات