ملخص
وثق كثير من المواقع الإلكترونية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، قيام السلطات الأمنية المغربية بتوقيف كثير من الشباب ضمن حراك "جيل زد"، وظهر في كثير من الفيديوهات اقتياد رجال الأمن بعض الشباب نحو سيارات الشرطة، بدعوى التحقق من هوياتهم، وقيام بعضهم بالاعتراض على عملية توقيفهم بدعوى ألا علاقة لهم بالاحتجاجات.
يواصل شباب حركة "جيل زد" احتجاجاتهم بشوارع كثير من المدن المغربية، إثر توقفها أياماً قليلة، وبعد أن ركزوا مطالبهم على إصلاح مجالي التعليم والصحة وإنهاء الفساد، قرروا، أخيراً، التشديد على إطلاق سراح زملائهم المتابعين قضائياً، إذ وصلت مدة الأحكام في حق بعضهم إلى 15 سنة سجناً نافذة، وسجلت جمعيات حقوقية قيام قوات الأمن بحملة توقيف واسعة لشباب الحركة، منذ انطلاق احتجاجاتها في الـ27 من سبتمبر (أيلول) الماضي، معربة عن قلقها من طريقة تعامل السلطة مع تلك التظاهرات، التي شهدت، "انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان، ومتابعات قضائية صورية".
أحكام ثقيلة
وثق كثير من المواقع الإلكترونية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي قيام السلطات الأمنية المغربية بتوقيف كثير من الشباب ضمن حراك "جيل زد"، وظهر في كثير من الفيديوهات اقتياد رجال الأمن بعض الشباب نحو سيارات الشرطة، بدعوى التحقق من هوياتهم، وقيام بعضهم بالاعتراض على عملية توقيفهم بدعوى ألا علاقة لهم بالاحتجاجات.
وعبرت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (مستقلة) سعاد براهمة عن استغرابها من السرعة القياسية التي شهدتها عملية إصدار الأحكام القضائية، موضحة أنها رسالة من جهاز القضاء لترهيب المحتجين، وأعربت عن قلقها من حجم وطبيعة المتابعات، موضحة أنها انتهت جميعها، في تقرير أولي بخصوص الانتهاكات التي شهدها حراك "جيل زد"، أن قوات الشرطة قامت بتوقيف أكثر من 2100 شاب، وتم تحريك المتابعة القضائية ضد أكثر من 1400 شخص، منهم نحو 1000 في حال اعتقال بتهم جنحية وجنائية، وسجلت "بكل امتعاض وقلق استمرار متابعة قاصرين قضائياً بتهم جنائية"، وعبرت الجمعية الحقوقية عن رغبتها في البحث عن مدى احترام مبدأ المحاكمة العادلة في كثير من القضايا، ومنها التي شهدت أحكاماً قاسية، "كتلك الصادرة في حق مجموعة من المعتقلين من طرف محكمة الاستئناف بأكادير (وسط غرب)، حيث حكمت بما مجموعه 162 سنة سجناً على 17 معتقلاً، وفي قضية أخرى قضت بما مجموعه 260 سنة سجناً نافذاً، في حق 33 معتقلاً، وقد وصلت العقوبات إلى 15 سنة في حق بعض المعتقلين، وحكم على بعض آخر بـ12 سنة و10 سنوات سجناً نافذاً، وصدرت مئات الأحكام النافذة التي تراوح مدتها ما بين ثلاثة أشهر وسنة، وشملت الأحكام أيضاً قاصرين بالسجن النافذ كما حدث بالحسيمة ومدن أخرى، وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 330 قاصراً يتابعون قضائياً، بحسب تقرير الجمعية".
وكانت بلدة لقليعة الواقعة في ضواحي مدينة أكادير قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، عملية قتل ثلاثة شبان من قبل عناصر الدرك خلال الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة، وقالت السلطات إنها تمت للدفاع عن النفس، وسجلت عمليتا دهس قامت بها سيارات شرطة بمدينة وجدة، وعبرت الجمعية عن استغرابها من عدم متابعة أي من رجال الأمن الذين تسببوا في عمليات القتل والدهس تلك.
تضامن
بدورها، اعترضت حركة "جيل زد" على طريقة تعامل السلطات مع احتجاجاتها، مستغربة حجم الأحكام القضائية الصادرة في حق بعض ناشطيها، ومؤكدة استمرار حراكها حتى تحقيق مطالبها الاجتماعية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.
وقال محمد أحد أعضاء الحركة في إحدى الوقفات الاحتجاجية التي نظمت، السبت الماضي بالرباط "نحن هنا اليوم لتأكيد استمرارية الحراك، ما دام هناك معتقلون من أبناء الشعب متابعين في إطار محاكمات قضائية، يتم خلالها تلفيق تهم خطرة، إذ وصلت الأحكام القضائية إلى 15 سنة"، مضيفاً أن "الحركة تطالب بوقف هذه المتابعات وإطلاق سراح ليس فقط معتقلي هذا الحراك، ولكن جميع المعتقلين السياسيين، لأننا لن ننسى معتقلي حراك الريف، لا يمكن أن نطوي هذ الصفحة إلا بوجود انفراج حقوقي، وبعدم تكرار التجاوزات التي ضمتها المقاربة الأمنية التي اعتمدتها السلطات في تعاطيها مع الحركات الاجتماعية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تضييق وتجاوزات
وسجلت بعض المنظمات والجمعيات الحقوقية قيام قوات الأمن المغربية بتجاوزات في حق المتظاهرين، منها التضييق والترهيب والاعتقال العشوائي، وأشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى قيام السلطات المغربية بقمع احتجاجات الشباب المطالبين بإصلاحات شاملة في الخدمات العامة، مما أسفر عن وفيات واعتقالات جماعية، مطالبة السلطات بالاستجابة لدعوات المتظاهرين وإعمال الحق في الرعاية الصحية والتعليم، واحترام الحق في الاحتجاج السلمي، والتحقيق في وجود انتهاكات واسعة النطاق ضد المتظاهرين على يد قوات الأمن العام.
من جانبها، أوضحت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن "الجهات الرسمية سارعت إلى العمل على وأد هذه الحركة وخنقها قبل انطلاقها"، موضحة أن ذلك تم "بالاعتماد على كل صور المنع القبلي، والتهديد والوعيد، ولما انطلقت الاحتجاجات السلمية لجأت السلطة إلى أساليب القمع والترهيب النفسي والجسدي، وممارسة الإنزالات القمعية واحتلال أماكن الاحتجاج المعلنة، وممارسة الحصار، ومباشرة الاعتقالات بشكل مكثف، والمطاردات والتنكيل بالمحتجين، والتضييق على حرية التنقل والتجول بالنسبة إلى المواطنين"، وأضافت الجمعية أنه إذا كانت التوقيفات، التي تمت خلال الأيام الثلاثة الأولى للاحتجاجات، لم تسفر سوى عن متابعات قضائية قليلة، إذ تم الإفراج عن معظم الموقوفين، فإن السلطة لجأت إلى أساليب الاعتقال المكثف، منذ يوم الـ30 من سبتمبر، وارتفعت حدة الاعتقالات أيام الثاني والثالث من أكتوبر، واستمرت في بعض المناطق إلى غاية الثامن من أكتوبر على رغم توقف الاحتجاجات بصفة نهائية، وسجلت الجمعية كذلك اعتقالات تمت من المنازل، سواء لقاصرين أو راشدين من قبل قوات خاصة في أحد أحياء مدينة مراكش (وسط)، وكان بعض الاعتقالات يتم عبر اقتحام المنازل خارج الأوقات القانونية المعمول بها، ومن دون إذن كتابي صادر عن النيابة العامة.
في إطار القانون
شهد بعض المدن المغربية، يوم الـ30 من سبتمبر، أعمال شغب واسعة، وسجل تخريب سيارات خاصة وأخرى تابعة لقوات الأمن وإحراق بعضها، إضافة إلى أعمال نهب وحرق مصارف ومراكز تجارية كبرى.
وفي تعليقها على المتابعات التي طاولت شباب "جيل زد"، أكدت النيابة العامة أن تعاطي السلطات الأمنية والقضائية يأتي في إطار قانوني ويتماشى مع حدة أعمال الشغب والتخريب التي شهدها بعض المدن، وأوضح القاضي زكرياء العروسي رئيس وحدة تتبع تنفيذ التدابير الزجرية والمقررات القضائية برئاسة النيابة العامة، أن تلك الاحتجاجات غير المصرح بها تشهد بعض الأفعال التي لا تمت بأي صلة للتظاهر السلمي، إذ عرفت التظاهرات أعمال عنف وتخريب، "تمثلت في رشق القوات العمومية بالحجارة، إضافة إلى تخريب مجموعة من ممتلكات المواطنين، وإلحاق خسائر مادية بالسيارات وواجهات المحال التجارية، واقتراف السرقات وإضرام النار في السيارات المملوكة للدولة، وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة، والعنف وعرقلة المرور بالطريق العمومي"، مؤكداً أنه بالنظر إلى كون هذه العمليات ألحقت ضرراً بأمن وسلامة المواطنين، ولكونها تقع تحت طائلة التجريم، "فقد تمت مباشرة الأبحاث القضائية بهذا الخصوص تحت إشراف النيابات العامة المتخصصة، وفق الضوابط التي يفرضها القانون".