ملخص
مع سريان وقف إطلاق النار في الـ10 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين إسرائيل وحركة "حماس" تمكنت "اليونيسف" وشركاؤها في قطاع التعليم من "إعادة نحو سدس عدد الأطفال المفترض أن يكونوا في المدارس إلى أماكن تعليم موقتة".
حذر مدير "اليونيسف" الإقليمي للشرق الأوسط إدوار بيغبيدير من خطر ضياع جيل بكامله في قطاع غزة المحاصر والمدمر، حيث يشهد نظام التعليم حال "انهيار" بعد عامين من الحرب.
وقال بيغبيدير في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أمس الخميس في القدس بعد عودته من القطاع الفلسطيني "هذا هو العام الثالث بلا مدارس"، مضيفاً "إذا لم نبدأ انتقالاً حقيقياً لجميع الأطفال في فبراير (شباط)، فسنصل إلى عام رابع، وعندها يمكننا الحديث عن جيل ضائع".
ولفت هذا المسؤول إلى أنه مع سريان وقف إطلاق النار في الـ10 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري بين إسرائيل وحركة "حماس" تمكنت "اليونيسف" وشركاؤها في قطاع التعليم من "إعادة نحو سدس عدد الأطفال المفترض أن يكونوا في المدارس إلى أماكن تعليم موقتة".
لكنه كان يتحدث عن التعلم لا عن التعليم، ذلك أن "85 في المئة من المدارس دمرت أو أصبحت غير صالحة للاستخدام"، فيما تستخدم كثير من المدارس المتبقية كملاجئ للنازحين.
كذلك فإن الأطفال والمعلمين يواجهون صعوبات التنقل المستمرة بسبب النزوح والعمليات العسكرية، في وقت ينشغل معظم المدرسين بتأمين الطعام والماء لعائلاتهم.
وكان النظام المدرسي في غزة، حيث نصف السكان تقريباً دون الـ18 قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، يعاني أساساً الاكتظاظ.
وبحسب بيغبيدير، فمن بين نحو 300 مدرسة تتبع للسلطة الفلسطينية، تحتاج نحو 80 إلى إعادة تأهيل، فيما "دمرت 142 مدرسة بالكامل" و"38 مدرسة يتعذر الوصول إليها نهائيا" لأنها تقع في المنطقة التي تمركز فيها الجيش الإسرائيلي.
"سباق مع الوقت"
تقام مراكز التعلم الموقتة في مدارس أو قرب مخيمات النزوح، داخل خيام أو غرف جاهزة تفتقر حتى إلى النوافذ.
وإذ تستخدم أحياناً الكراسي وصناديق الكرتون أو الألواح الخشبية كطاولات، قال بيغبيدير "لم أر الجميع يجلسون مرتاحين قط"، لافتاً إلى أن بعض الأطفال يجلسون على الأرض أو على الحصر، ويكتبون على ألواح أو حتى على قطع من الحجارة أو البلاستيك.
وأضاف أن الدروس "تقدم على شكل دوام متناوب لثلاثة أيام أسبوعياً، لبضع ساعات صباحاً أو بعد الظهر" وتشمل ثلاث مواد فقط: الرياضيات والقراءة والكتابة. وأردف أن "الغاية هي عدم قطع الصلة بالتعليم، لإبقاء الأطفال صامدين"، معتبراً أنه في "سباق مع الوقت" من أجل "إعادة التعليم إلى صدارة الأولويات". وتابع أن التعليم "وسيلة لإعادة التماسك الاجتماعي" لأطفال يعانون جميعهم تقريباً الصدمات النفسية ويحتاجون إلى الدعم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت الطبيبة حنان بلخي من منظمة الصحة العالمية قد حذرت العام الماضي من "أثر هائل في الصحة النفسية" للأطفال في غزة و"تفشي اضطرابات ما بعد الصدمة".
من جانبها، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الـ18 من أكتوبر عن إطلاق "العام الدراسي الجديد عبر الإنترنت" بهدف الوصول إلى 290 ألف طالب.
لكن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قال اليوم الجمعة إن "الأونروا" "التي أصبحت ذراعاً لـ'حماس' لن يكون لها أي دور" بعد الحرب.
وقد حظرت إسرائيل عمل الوكالة، متهمة بعض موظفيها بالمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر 2023 غير المسبوق الذي شنته "حماس" على جنوب إسرائيل، وهي اتهامات ردتها محكمة العدل الدولية باعتبارها غير مستندة إلى أدلة.
"الأمل"
أوضح بيغبيدير أن إحدى أهم الأولويات هو أن تسمح إسرائيل بدخول مواد البناء اللازمة لإقامة مدارس شبه دائمة، إضافة إلى مستلزمات التعليم التي تعتبر غير أساسية من وجهة نظرها.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت الخميس أن المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة ما زالت "غير كافية"، وأن "الجوع لا يتراجع".
وتساءل بيغبيدير "كيف يمكن إعادة تأهيل الفصول الدراسية من دون أسمنت؟ نحن في حاجة أيضاً إلى دفاتر وكتب وأدوات وقرطاسية بالحد الأدنى اللازم"، وأضاف أن "الغذاء مسألة بقاء، أما التعليم فهو الأمل".
وأشار إلى أنه تأثر بشدة بما وصفه إصرار المجتمع الغزي على "إعادة تنظيم حياته، وتنظيف الأنقاض، وإعادة فتح المتاجر الصغيرة، ومحاولة استعادة مظاهر الحياة".
لكنه أعرب أيضاً عن "صدمة" من حجم الدمار، قائلاً "يصعب تخيل أن 80 في المئة من أراضي القطاع سويت بشكل شبه كامل بالأرض"، ولم يبق "سوى جيوب صغيرة من الأبنية هنا وهناك".