ملخص
فضحت غزة من هم بيننا، يكفرون ويصهينون على هواهم كل من هو ضد "حماس"، حتى لو ساند الفلسطينيين ووقف معهم، مما يعني أنهم متحزبون وليسوا منحازين للحق أينما كان، كما كشفت غزة عن أن بيننا بعض من يعادي الفلسطينيين نكاية بـ "حماس" وسياساتها العبثية.
انتشر وسم "غزة الفاضحة" على منصة "إكس" لتخوين وصهينة كل من لا يؤيد "حماس" بعد عملية "طوفان الأقصى"، لكنه وسم يصلح في سياقات ومواقع أخرى، فقد قامت مأساة غزة بفضحها وتعريتها، وأسقطت آخر ورقة توت تغطي عورتها.
غزة فاضحة حين وقف العالم يتفرج ببلادة على حرب الإبادة ولم يستصدر حتى قراراً من مجلس الأمن بوقفها، ناهيك عن تفعيل "البند السابع" من ميثاق الأمم المتحدة بالتدخل لإيقافها ولو بالقوة.
غزة فضحت حكومات الغرب الأوروبي، وخصوصاً ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، بالانصياع للّوبي الصهيوني المتحكم في قرارات بلدانهم، وفضحت تحكم إسرائيل عبر اللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة وقراراتها، وبخاصة ما يتعلق بالصراع العربي – الإسرائيلي، ونكران حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفضحت هيمنة الـ "أيباك" على الكونغرس ومرشحي الرئاسة الأميركيين، وعلقت الجرس للساسة والإعلاميين والفنانين والمؤثرين الأميركيين، وبدأ الساسة ومرشحو الكونغرس يرفضون علناً تلقي المساعدات من اللوبي الصهيوني (أيباك)، بل وأصبحوا يعلنون ذلك بفخر ويرجعون ما تلقوه من أموال من "أيباك" كتبرعات لدعم حملاتهم الانتخابية، فشكراً لغزة، فبعد أن كان دعم "أيباك" شرطاً مهماً للنجاح في انتخابات الكونغرس، أصبحت العلاقة بها منقصة للمرشح وأقرب إلى الخيانة لأميركا نفسها.
فضحت غزة الفجوة بين المؤسسات الحاكمة في الغرب والتي تتحكم بها الصهيونية العالمية، وبين الشعوب الغربية التي تنتفض ضد ما يجري في غزة بكل الطرق المتاحة، ويتعرض بعضهم للاعتقال بسبب تعاطفه مع غزة واستنكاره للإبادة فيها، وانتشرت فيديوهات مصورة لنشطاء بريطانيين اعتقلتهم الشرطة بسبب تظاهرهم السلمي احتجاجاً على المذبحة في غزة، واعتقالات لنشطاء غربيين في برلمانات بلادهم لأنهم احتجوا على تأييد سياسييهم لإسرائيل ودعمها.
فضحت غزة المؤسسات الإعلامية الغربية التقليدية المنافقة والمنحازة لإسرائيل لغة وصوتاً وصورة، وكشفت لنا الغطاء عن مارد تكنولوجي جديد تمثل في الـ "سوشيال ميديا" وكاميرات المحمول التي أزاحت الإعلام التقليدي الكاذب لمصلحة الحقيقة، وأحياناً تقوم بذلك على الهواء مباشرة.
كسرت غزة احتكار "القصة" والرواية وأطلقت العنان لأدوات جديدة للحقيقة، وأحدثت زلزالاً في الوعي الغربي عموماً والأميركي بخاصة، حيث التحكم الصهيوني بالرواية الإعلامية والوعي الإعلامي.
فضحت غزة المتاجرة الغربية بمبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي وعدم انطباقها على إسرائيل، وأظهرت هوة من التساؤلات لدى الإنسان الغربي تجاه مؤسساته الحاكمة التي يفترض أن تمثله وتحمي المبادئ التي يقوم عليها دون استتثناء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لست مع من يعممون الانحياز الغربي للصهيونية المتوحشة تجاه الفلسطينيين، فالاحتجاجات معظمها في الغرب وتقوم بها الشعوب الغربية التي تستنكر انحراف مؤسساتها الحاكمة عن مبادئ القانون الدولي وقيم الإنسانية، ولنا في الإضرابات التي اجتاحت إيطاليا خير دليل، وفي الاعتصامات والاحتجاجات الطلابية الجامعية في الولايات المتحدة، والملاعب الرياضية دليل آخر، فلا تكاد تلعب مباراة كرة قدم في أوروبا اليوم من دون أن يكون لغزة خصوصاً ولفلسطين عموماً حضور أكبر من اللاعبين وأوضح من الكرة، وقد شكلت مباراة منتخب النرويج وإسرائيل الأسبوع الماضي نموذجاً لصرخة الشعوب الغربية الرافضة انحياز بلدانها للظلم الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
فضحت غزة الاتحاد الدولي لكرة الكرة (فيفا) ونفاقه بمقاطعة الاتحاد الروسي وحرمانه المشاركة في المنافسات الدولية بعد ساعات من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، لكنه لم يحظر الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم على رغم مرور عامين على الإبادة في غزة، وكان "فيفا" يكرر دوما أنه مع مبدأ عدم إقحام الرياضة في السياسة، لكنه مبدأ ككل المبادئ الرسمية الغربية، انطبق على روسيا ولم ينطبق على إسرائيل.
كشفت غزة عن صورة واضحة للفرز، فالمؤسسات الغربية الحاكمة تخضع لإسرائيل، والشعوب الغربية تستنكر هذا الخضوع المذل.
فضحت غزة من هم بيننا ممن يكفرون ويصهينون على هواهم كل من هو ضد "حماس"، حتى لو ساند الفلسطينيين ووقف معهم، مما يعني أنهم متحزبون وليسوا منحازين للحق أينما كان، كما كشفت غزة عن أن بيننا بعض من قد يعادي الفلسطينيين نكاية بـ "حماس" وسياساتها العبثية.
فضحت غزة من يدينون القتل الإسرائيلي للفلسطينيين، لكنهم لا يدينون من يقتلونهم ويعدمونهم في غزة من دون محاكمات، مما يعني أن هوية القاتل هي من تحدد الموقف من المقتول، وأن الإدانة انتقائية بحسب هوية القاتل وليست مبدئية ضد القتل والاقتتال، إن كان فلسطينياً داخلياً.
شكراً لغزة الفاضحة..