ملخص
بروح قيادية وعقلية نادرة، يشارك هاري كين دروسه من الفشل وسعيه نحو المجد في كأس العالم 2026، مؤكداً أن تجاوز الإخفاقات هو مفتاح التفوق والنجاح المستدام في كرة القدم.
في غرفة تبديل ملابس اللاعبين في العاصمة اللاتفية ريغا، بعد أن ضمنت إنجلترا تأهلها لكأس العالم 2026 بفوز ساحق بنتيجة (5 - 0) على لاتفيا، ألقى هاري كين خطاباً تحدث فيه عن "الحفاظ على شعور الجوع" وضرورة التعامل مع المعسكر المقبل كجزء فعلي من التحضيرات. وقال القائد لزملائه الأقل خبرة إن هذا الأمر يعد مفتاحاً للتقدم بعيداً في البطولات.
لكن، قد يشير البعض إلى أن هذا لا يعني بالضرورة الفوز بها، بخاصة وأن كين لم يفعل ذلك بعد مع إنجلترا. ومع ذلك، أظهر الهداف في كل ذلك عقلية تميز اللاعبين الكبار.
وعلى رغم كل التركيز المنصب على "الفوز" و"عبور الخط النهائي"، يقال كثيراً في الرياضة النخبوية إن السر الحقيقي لذلك يكمن في كيفية التعامل مع الفشل.
كين على خطى ميسي وجوردان
فزملاء لاعبين مثل ليونيل ميسي ومايكل جوردان يقولون إنهما كانا يملكان نوعاً من "الوهم" بمعنى أنهما لا يسمحان للهزائم بأن تولد الشك في النفس. إذ كانت تمحى فوراً.
وهذا ينسحب بعض الشيء على كين ولحظته الكبرى الأخيرة في كأس العالم 2022. إذ يقول القائد إنه لم يعد يفكر بركلة الجزاء المهدرة في الخسارة أمام فرنسا بنتيجة (1 - 2) في ربع النهائي، على رغم أنها مثلت "أسوأ" شعور مر به في مسيرته.
وقال كين عند حديثه عن طموح إنجلترا في تحقيق المجد في كأس العالم العام المقبل، "لم أعد أفكر فيها كثيراً الآن. بعد بطولة كبرى أخرى، تتجاوز الأمر وتكمل المسير. لقد سجلت ركلة جزاء في نصف نهائي اليورو، والتي كانت تحت ضغط لا يضاهى. أنا دائماً أحاول أن أتعلم من تلك اللحظات".
كين يحكي عن اللحظة الأسوأ في مسيرته
وأضاف كين، "أعتقد أن تلك اللحظة كانت الأسوأ التي شعرت بها على الإطلاق. من الواضح أنني خسرت نهائيات من قبل، لكن أن تكون المسؤولية على عاتقك، وتشعر تقريباً وكأن الأمر كله سقط على كتفيك، وعدم قدرتك على تنفيذ شيء تدربت عليه مرات كثيرة خلال مسيرتي... أظن أن ذلك كان الجزء الأصعب في تقبله واستيعابه".
"لكن نعم، أعتقد أن الطريقة التي تعلمت بها من ذلك، والطريقة التي حفزتني لأصبح أفضل وأتطور، لم تكن فقط من ناحية ركلات الجزاء وتحسين تقنيتي، بل كمهاجم شامل أيضاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"بعد تلك الركلة، أعتقد أنني نفذت 31 ركلة من دون أن أخفق. لقد غيرت تقنيتي قليلاً، وتحسنت في هذا الجانب، وهو أمر كنت فخوراً به. وهذا هو ما سأواصل السعي للقيام به دائماً".
وحتى مدربه، توماس توخيل، مازح بالقول إنه شعر بشيء من "الارتياح" عندما أهدر كين ركلة جزاء أخيراً مع بايرن ميونيخ ضد فاين فيسبادن في كأس ألمانيا، لأنه يعني أنه "لن يخفق" في المرات المقبلة.
كين وحلم الـ100 هدف
ومع ذلك، فإن عقلية كين تتجلى في سعيه الحالي للوصول إلى 100 هدف مع منتخب إنجلترا، بعدما وصل إلى 76 هدفاً، متفوقاً بفارق كبير على الرقم القياسي السابق المسجل باسم واين روني (53 هدفاً). ويشعر اللاعب البالغ من العمر 32 سنة بأنه بات لاعباً أفضل بكثير مما كان عليه في توتنهام هوتسبير، بخاصة من ناحية "رؤيته" للعبة.
وأوضح كين، "بالطريقة التي أشعر بها الآن، لا أعتقد أنني سأتراجع في أي وقت قريب. أريد أن أبقى في هذا المستوى لأطول فترة ممكنة. أنا أمتلك 76 هدفاً حالياً، ويتبقى لي 24، ولدينا بعض المباريات المتبقية قبل كأس العالم، ثم سنحاول الاقتراب أكثر من الـ100".
"أنا فخور للغاية بتحطيم رقم روني، والآن بتجاوزه كما أفعل. من الصعب استيعاب ذلك أثناء الاستمرار في اللعب. في الحياة، الأمر يتعلق دائماً باللحظة التالية، المعسكر التالي، المباراة التالية. أنا مدرك أن ما حققته إنجاز مميز".
كيف تطور كين في بايرن ميونيخ؟
"الأهداف موجودة، والأرقام تتحدث عن نفسها. الطريقة التي أشعر بها على أرض الملعب، والطريقة التي أرى بها المباراة، سواء من الناحية البدنية أو من دون الكرة، في الضغط... أشعر أنني في حالة ممتازة". "أشعر أنني ما زلت أتعلم، وذلك يعود إلى العمل الذي نقوم به في بايرن ميونيخ وكذلك هنا. أتحسن باستمرار، وأشعر أنني ارتقيت إلى مستوى جديد هذا الموسم".
ومن هنا، قال كين إن الأمر دائماً يتعلق باللحظة المقبلة، لا بالإخفاق السابق، كما أوضح للفريق.
وأردف، "كنت محظوظاً بما يكفي للعب في كأسي عالم حتى الآن. وأعتقد أنها أعظم البطولات التي يمكن المشاركة فيها. تحدثت مع بعض اللاعبين هنا ممن لم يعيشوا تلك التجربة بعد، وحاولت أن أشرح لهم كم ينبغي أن يكونوا متحمسين، فهي تجربة رائعة يستحقون التطلع إليها. أما أنا، فأحاول الاستفادة من تلك التجارب لمساعدة بعض الزملاء، وأما هم، فعليهم أن يندفعوا بكل طاقتهم ويستمتعوا بالتجربة".
"قلت في غرفة الملابس: لا تأخذوا هذا الأمر كأمرٍ مسلم به أبداً، لكن في النهاية، سنعود في نوفمبر (تشرين الثاني) وهناك مباراتان مهمتان أخريان لمواصلة الزخم الذي بنيناه حتى الآن".
"أما من ناحية كون (مباراة فرنسا) هي آخر ذكرياتي في كأس العالم، نعم، أنا متحمس لكأس العالم المقبلة لأحاول تصحيح ذلك، لأحاول الذهاب أبعد، ولأحاول رفع الكأس كما نحلم جميعاً. والفرصة دائماً موجودة عندما تحين تلك اللحظة. أعتقد أن مثل هذه اللحظات هي ما يشكّلك كشخص وكلاعب، وقد ساعدتني بالتأكيد لأصبح لاعباً أفضل".
© The Independent