Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حظيت به إسرائيل مقابل ما نالته "حماس" من "اتفاق ترمب"

تل أبيب تبقي سيطرتها على 53 في المئة من القطاع وضمان عدم عودتها لإطلاق النار منوط بوصول قوات دولية وعربية لإدارة غزة

التعديلات التي أجريت على خرائط الانسحاب طفيفة، وعملياً سيسيطر الجيش الإسرائيلي على الخط الأصفر من الشرق (أ ف ب)

ملخص

نتنياهو يخوض حملة إعلامية عبر مقربين له لضمان إظهار الصفقة كنصر له، من خلال الترويج أنها لا تشمل معتقلي النخبة من "حماس"، بعدما توقع الاسرائيليون أن الحركة ستضعهم على رأس قائمتها، كما لا تشمل رموز الأسرى الأمنيين وأبرزهم مروان البرغوثي.

"يعودون لحدودهم" هو الاسم الذي أطلقه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على حملة إعادة الأسرى الإسرائيليين الـ 20 من غزة، وهناك من يتوقع أن يجري ذلك قبل الإثنين المقبل، على أمل أن يكون المخطوفون داخل إسرائيل مع دخول الرئيس الأميركي دونالد ترمب الكنيست الإسرائيلي وإلقاء كلمته من هناك الأحد المقبل.

ومع مصادقة المجلس الوزاري الأمني المصغر والحكومة الإسرائيلية على اتفاق صفقة الأسرى الذي جرى التوصل إليه بعد منتصف ليل الخميس في شرم الشيخ، بدأ العد التنازلي لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترمب لوقف الحرب في غزة، والتي تنص على انسحاب الجيش الإسرائيلي وتبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.

وحتى مساء الجمعة، أي بعد مرور 24 ساعة على مصادقة الحكومة، يفترض أن يكون قد انسحب آخر جندي إسرائيلي من خطوط الانسحاب القائمة على خريطة "الخط الأصفر" التي نشرها ترمب، مع تعديلات طفيفة تشمل إضافة خط واحد نحو الشرق، وقد وافقت عليه إسرائيل بعد مداولات وخلافات عقيمة.

ولكن مع هذا ستبقى إسرائيل مسيطرة على 53 في المئة من قطاع غزة ومن ضمنها منطقة عازلة واسعة ومساحات سيطرة إضافية، ونُقل عن مسؤول أمني إسرائيلي أن "التعديلات التي أجريت على خرائط الانسحاب طفيفة، وعملياً سيسيطر الجيش الإسرائيلي على الخط الأصفر من الشرق، وهذا انتصار كبير لنا".

وستبقى إسرائيل بعد الإفراج عن الأسرى مسيطرة على المنطقة العازلة حول كامل القطاع وعلى "محور فيلادلفي"، أي عند الحد الشمالي في بيت حانون وبيت لاهيا، وكذلك على ما يعرف بسلسلة الـ 70 وأجزاء واسعة من رفح وخان يونس، وقد اعتبر المسؤول الأمني استمرار سيطرة الجيش إنجازاً، كما عدّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إعادة انتشار الجيش في القطاع بعد عودة الأسرى الـ 20 إلى إسرائيل انتصاراً كبيراً له.

وتستعد تل أبيب لاستقبال الأسرى دفعة واحدة، ووفق ما ذكر مسؤول في الجيش فإنها تسعى إلى بدء الإفراج عن الأسرى قبل يوم الإثنين، لكنه قال "يفترض أن يكون الأسرى قد عادوا لإسرائيل، إن لم يكن كلهم فبعضهم، بالتزامن مع وصول الرئيس الأميركي إلى إسرائيل الأحد المقبل، وإلقاء كلمة من داخل الكنيست لمشاركة عائلات الأسرى فرحتهم".

ووفق الاتفاق يفترض أن تبدأ مهلة الساعات الـ 72 مع اكتمال انسحاب الجيش الإسرائيلي، وبانتهائها تبدأ حركة "حماس" بالإفراج عن الأسرى من دون مراسم علنية، كما سبق أن حصل خلال عمليات الإفراج السابقة.

وإضافة إلى الأسرى الأحياء فسيجري الأفراج عن 28 جثة، وفق تقديرات إسرائيلية، إنما حتى اللحظة لم يوضع جدول زمني لتحرير الجثث بعد أن أبلغت "حماس" أنها لا تعرف مصير تسع جثث، وهو ما استدعى الوسطاء إلى تشكيل لجنة خارجية للبحث عن الجثث داخل القطاع، مما قد يؤدي إلى تأجيل تسليمها.

التناقضات الإسرائيلية

واحد من البنود التي شكلت عقبة كبيرة في المفاوضات هو قائمة الأسرى الأمنيين الفلسطينيين، وتحديداً من يقضون المؤبدات، فبحسب الاتفاق سيفرج عن 250 أسيراً أمنياً تصفهم إسرائيل بـ"الوزن الثقيل" وتشملهم الصفقة، إضافة إلى 1700 أسير ممن اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهؤلاء في غالبيتهم اعتقلوا من دون توجيه تهمة ضدهم، وهم معتقلون إداريون من دون لوائح اتهام ولم تصدر ضدهم أحكام، ويعتبر الإسرائيليون إدراجهم في القائمة إنجازاً كبيراً، فقد كشفت جهات أمنية أن الجيش الإسرائيلي خطط لاعتقال المئات منذ بداية الحرب، من شباب وقاصرين، تحضيراً لهذا اليوم، كي تشملهم ضمن المفرج عنهم، وبذلك لا تكون قد حررت أسرى بحقهم أحكام عالية وتنتظرهم أعوام طويلة من الاعتقال، أو مدرجين بين الأسرى الأمنيين الخطرين.

وفي جانب آخر برزت تناقضات التقارير الإسرائيلية حول ما يتعلق بعدد من رموز الأسرى الأمنيين وفي مقدمهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبدالله البرغوثي وحسن سلامة وعباس السيد، إضافة إلى جثتي يحيى السنوار وشقيقه محمد السنوار، وقد صرح نتنياهو في أعقاب التقارير المتناقضة عبر مكتبه أن الصفقة لن تشمل مروان البرغوثي ولا جثتي الشقيقين يحيى ومحمد السنوار، بينما ترى جهات مطلعة أن الموضوع لم يحسم بعد، وما إذا سيشكل هذا الإفراج عقبة أمام الصفقة بعد أن صرح أكثر من مسؤول في حركة "حماس" أن إسرائيل تتلاعب بقائمة الأسرى وتسعى إلى عرقلة تنفيذ الصفقة، وربما يجري تعديل الاتفاق للإفراج عن البرغوثي تحديداً.

ترمب المنتصر الأكبر

ولم يختلف اثنان في إسرائيل، باستثناء المقربين من نتنياهو الذين يسعون إلى إظهار نصر رئيس الحكومة، على أن ترمب هو المنتصر الأكبر في هذا الاتفاق، وهو يسعى إلى إظهار ذلك بصورة واضحة، فقد أشار مسؤول إسرائيلي إلى أن الضغوط الكبيرة التي مارسها ترمب خلال الأيام الثلاثة من المفاوضات في شرم الشيخ جاءت ضمن جهوده للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، قبل أن تحسم اللجنة الخاصة التي ستختار من بين المرشحين الحاصلين على "جائزة نوبل للسلام"، وهي الجائزة التي "سعى إليها ترمب منذ بدء جهوده لوقف الحرب في غزة"، بحسب المسؤول الإسرائيلي، وذكرت جهات إسرائيلية أخرى بأن ترمب الذي يريد أن يلتقط لقب القادر على إنهاء الحروب، سواء عبر التوقيع على الاتفاق في مصر الإثنين المقبل بحسب التوقعات، أو في خطابه من داخل الكنيست، هو من أسهم في تأجيج نيران هذه الحرب بتقديم كميات هائلة من القنابل والأسلحة لإسرائيل لخوض هذه الحرب.

وعلى وقع هذه النقاشات فمن المتوقع أن يصل الرئيس ترمب إلى إسرائيل مساء السبت، وقد بدأت الخارجية الإسرائيلية بالاستعدادات لاستقباله وأخلت طابقين من فندق الملك داوود في القدس من النزلاء لاستقبال ترمب وحاشيته، ولكن إسرائيل لم تحسم بعد قرارها في شأن السماح له بالمشاركة في احتفالات عائلات الأسرى الإسرائيليين في تل أبيب لأسباب أمنية.

ومن جهته نتنياهو يخوض حملة إعلامية عبر مقربين له لضمان إظهار الصفقة كنصر له، وذلك عبر الترويج أنها لا تشمل معتقلي النخبة من "حماس"، بعدما توقع الاسرائيليون أن الحركة ستضعهم على رأس قائمتها، كما لا تشمل رموز الأسرى الأمنيين وأبرزهم مروان البرغوثي، وفي المقابل ستستعيد إسرائيل 20 أسيراً حياً، على أن يسيطر الجيش على 53 في المئة من القطاع، مع عدم وجود ضمانات نهائية لوقف تام للحرب قبل دخول قوات دولية وعربية لتسلم النظام من "حماس"، وقد اعتبرت أحزاب الائتلاف التي وضعت خطة وبرنامج عمل لضمان تقريب موعد الانتخابات، أن تشكيل طاقم دولي خاص للبحث عن مكان تسع جثث غير معروف مكانها هو من مسؤولية نتنياهو.

من جهته قال النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي عيران عتسيون إن "كل الجهود التي يبذلها نتنياهو لإظهار انتصار في هذه الحرب لن تجديه نفعاً، والتاريخ سيحاسبه على ما فعله في هذه الحرب التي استمرت عامين وقدمنا خلالها كثيراً من القتلى الجنود والأسرى، كما عُزلت إسرائيل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خطتان أمام نتنياهو

وبينما لم تخف جهات فلسطينية وحتى إسرائيلية قلقها من عدم التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار بعد استكمال تنفيذ إعادة الأسرى الـ 20 والجثامين، صعّدت جهات أمنية وعسكرية، بينها ما يسمى بـ "منتدى البطولة" ويضم أمنيين وعسكريين، تهديداتها بالعودة للحرب في غزة وتدمير "حماس" بعد عودة جميع الأسرى الإسرائيليين لبيوتهم، وقال عتسيون إن أمام نتنياهو خطتين: الأولى إفشال الصفقة وعدم الوصول إلى المرحلة الثانية من خطة ترمب والاستمرار في الحرب، مضيفاً أن "لدى نتنياهو كثيراً من الطرق للقيام بذلك، ليس فقط في جبهة غزة وإنما أيضاً في جبهات أخرى".

أما الخطة الثانية بحسب عيران فهي أن يواصل نتنياهو تنفيذ الخطة إذا ما استمر ترمب في تكثيف الجهود، وخلال ذلك سيعود نتنياهو للنغمة التي نعرفها ويقول: "أنا الذي جلبت اتفاقات السلام وأستطيع أيضاً أن أجلب اتفاقات مقبلة"، وبكل الأحوال فقد رأى النائب السابق لمجلس الأمن القومي أن إسرائيل ستكون بحاجة إلى قيادة جديدة.

وما بين المنتصر والمنهزم في هذه الحرب يبقى الشعب الفلسطيني الضحية الأكبر، إذ قدم الغزيون خلال العامين نحو ربع مليون ما بين قتيل وجريح ومفقود، وهم ينتظرون بتفاؤل مشوب بالقلق لحظة وقف النار علها تعيدهم ولو بعد أعوام طويلة للحياة، هذا إن التزمت إسرائيل بوقف الحرب.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات