ملخص
بعد أكثر من 25 عاماً من نشوء قطاع "الهايتك"، أصبح يتعامل بصورة مباشرة مع شركات عالمية في الخارج أو يتخذ من إسرائيل مقراً فرعياً له.
كان يفترض أن يعمل قطاع "الهايتك" أو "التكنولوجيا الفائقة" في فلسطين مع السوق الإسرائيلية للانطلاق إلى الأسواق العالمية، وذلك كغيره من القطاعات الصناعية في دولة فلسطين الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتفتقد السيطرة على معابرها ومواردها الطبيعية.
لكن بعد أكثر من 25 عاماً من نشوء ذلك القطاع أصبح يتعامل بصورة مباشرة مع شركات عالمية في الخارج أو يتخذ من إسرائيل مقراً فرعياً له.
ومع أن ذلك القطاع يفتقد إلى الدعم الحكومي المالي والتسويقي، لكن أكثر من 13 ألف شخص من المبرمجين أصبحوا يعملون فيه ضمن مئات الشركات الفلسطينية.
وبدخل سنوي يتجاوز الـ100 مليون دولار، ارتفعت عائدات قطاع "الهايتك" في فلسطين بصورة ملحوظة، في ظل سعي الشركات العاملة فيه إلى عقد شراكات مع شركات عالمية عملاقة في المجال.
ويتمتع هؤلاء العاملون في "التكنولوجيا الفائقة" بدخل مادي مرتفع مقارنة مع غيرهم في القطاعات الأخرى، في ظل إقبال مرتفع من الطلبة الفلسطينيين على التخصص في مجالات البرمجة والذكاء الاصطناعي وهندسة الحاسوب.
خشية الشركات العالمية
وعلى رغم أن الجامعات تخرّج أكثر من 3 آلاف من هؤلاء، فإن الشركات الفلسطينية غير قادرة على توظيفهم، إذ يضطرون إلى العمل في الخارج أو عن بعد.
وبحسب رئيس مجلس إدارة اتحاد شركات أنظمة المعلومات الفلسطينية "بيتا" تامر برانسي، فإن الحرب الحالية على قطاع غزة "تسببت في انخفاض تلك الصادرات بنحو 40 في المئة".
وأشار إلى أن نحو نصف صادرات صناعة "الهايتك" تذهب إلى السوق الإسرائيلية.
وعن المعوقات أمام نمو ذلك القطاع، أوضح برانسي أن ذلك يعود إلى "خشية الشركات العالمية من العمل في فلسطين بسبب الوضع الأمني والتدهور السياسي وعدم الاستقرار".
وبحسب برانسي فإن كثيراً من الشركات "أوقفت عقودها مع الشركات الفلسطينية لأسباب سياسية".
ووفق برانسي فإنه مع "احتفاظ الشركات العالمية مثل ’أبل‘ و’غوغل‘ و’مايكروسوفت‘ بمراكز أبحاث وتطوير في إسرائيل، أصبحت الشركات المحلية الفلسطينية تتعامل معها".
ومع أن برانسي أشار إلى بدء تعافي قطاع "التكنولوجيا الفائقة" من تأثيرات الحرب، لكنه أوضح أنها "لم تستعد عافيتها بالكامل بعد".
وتُعد شركة "عسل" للتكنولوجيا التي تتخذ من مدينة روابي في شمال رام الله مقراً لها، من الشركات الفلسطينية الرائدة في مجالات البرمجة وتكنولوجيا المعلومات والبحث التطوير في فلسطين، ويعمل في تلك الشركة التي انطلقت قبل 25 عاماً، أكثر من 450 موظفاً في مقرّات عدة برام الله ونابلس والخليل وجنين.
قطاع ناشئ
وبحسب المدير العام لشركة "عسل" مراد طهبوب، فإن قطاع "الهايتك" في فلسطين ناشئ، لكنه حقق قصص نجاح كبيرة بالاستفادة من رأس المالي البشري، إذ "لا يوجد لدينا غير الموارد البشرية، وعدد سكاننا ليس كبيراً، ولا حتى المساحة كبيرة، ونخضع فوق ذلك للاحتلال".
لكن طهبوب أشار إلى أن "ذلك الاحتلال لا يستطيع التحكم بتلك الصناعة وتطورها، لأنها تُصدر عبر شبكة الإنترنت، في ظل الاتصال السريع والمستدام لشبكة الاتصالات وتوفر التيار الكهربائي بصورة دائمة من غير انقطاع عبر مصدرين من إسرائيل والأردن".
وأشار طهبوب إلى أن قطاع "التكنولوجيا الفائقة" في فلسطين "سيكون أحد أهم أعمدة الاقتصاد المبني على المعرفة والتجربة والخبرة".
لكن طهبوب أشار إلى أن الدعم الحكومي لذلك القطاع "غير كافٍ للمساهمة في الترويج لإمكاناته عالمياً".
ويقوم ذلك الدعم وفق طهبوب على دعم المناهج التعليمية الخاصة بقطاع "الهايتك" والأبحاث في الجامعات وسياسة اقتصادية مبنية على الإنسان ومنح تسهيلات تخلق مناطق امتياز لذلك القطاع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق طهبوب، فإن اللجوء إلى الشركات الإسرائيلية للعمل معها "جاء بهدف تحقيق الانطلاقة لقطاع ’الهايتك‘ في فلسطين، ومنحه الصدقية العالمية، لأننا صندوق أسود بالنسبة إلى العالم"، وأضاف "تعتبر روابي حاضنة للشركات المحلية والعالمية وصناديق الاستثمار والتعليم والريادة".
وأشار إلى أن "السوق الإسرائيلية أتاحت لنا التعريف عن إمكاناتنا الهائلة للشركات العالمية"، ويقول "نتعامل مع السوق الإسرائيلية بكل مكوناتها من أجل الانطلاق ومنحنا الصدقية وتقديم القصص الناجحة".
وبحسب طهبوب، فإن "عمل ’الهايتك‘ يتركز على الأبحاث والتطوير، في البداية كانت السوق الإسرائيلية الوحيدة المفتوحة، لكنه الآن لدينا فروع في هولندا والإمارات وقريباً في السعودية".
وتابع طهبوب أن "الصورة النمطية غير الواقعية للواقع المعيشي والتكنولوجي في فلسطين معوق آخر، يترتب علينا واجب تغيير تلك الصورة".
الخريجون الجدد
وقبل أسابيع افتتح في مدينة روابي بالتعاون مع اتحاد شركات أنظمة المعلومات الفلسطينية، مركز لتدريب الخريجين الجدد والعاملين في القطاع لإطلاعهم على آخر التطورات بخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ولا يقتصر العمل في قطاع "الهايتك" على البرمجيات لكنه بدأ قبل أعوام في تطوير وتصميم الرقائق الإلكترونية من أجل بيعها للشركات العالمية لتصنيعها.
وأوضح نسيب ناصر مدير إحدى الشركات العاملة في هذا القطاع أن الجامعات الفلسطينية "تُخرّج كوادر بشرية مذهلة وتنافس دول العالم، وكان يجب استثمارها في العمل على الأبحاث والتطوير لصناعة أشباه الموصلات".
ووفق ناصر، فإن شركته تعمل على تصميم "رقائق نادرة لا ينتج مثلها إلا في اليابان وأميركا وأوروبا، نحن نصمم من أجل التصنيع في الخارج".
ويرى المتخصص في قطاع "التكنولوجيا الفائقة" هانس شقور أن الغالبية الساحقة من التعاون الفلسطيني في هذا المجال تكون مع شركات عالمية في إسرائيل، وأن جزءاً صغيراً منه هو مع شركات إسرائيلية.
وأشار إلى أن "بعض الشركات التي يجري التعامل معها كانت إٍسرائيلية قبل أن تستحوذ عليها شركات عالمية عملاقة، وأصبح لديها تعاون مباشر مع قطاع ’الهايتك‘ في فلسطين".
وأوضح أن "السوق الفلسطينية عاجزة عن توظيف الآلاف من الخريجين، فجزء كبير يهاجر إلى الخارج أو يعمل عن بعد مع شركات أجنبية".
وفي إسرائيل بلغت قيمة صادرات "الهايتك" في عام 2024 نحو 78 مليار دولار، بما يُشكّل 17 في المئة من الناتج المحلي الإسرائيلي.
ويعمل في ذلك القطاع نحو 403 آلاف شخص بنسبة 11.5 في المئة من إجمال العاملين.