ملخص
مسؤولون إسرائيليون أوضحوا أن نتنياهو الذي اطلع من قِبل المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف فور وصوله إلى الأمم المتحدة على مجمل الصفقة، أوضح أنه يحتاج إلى بحثها بصورة معمقة في الحكومة و"الكابينت"، وأبدى تحفظات على بعض بنودها التي، بحسب مطلع على سير المحادثات في واشنطن، تثير جدلاً داخل الائتلاف الحكومي، ويخشى نتنياهو أن يحدث أي موقف يعلنه خلال وجوده في واشنطن أزمة داخلية سيواجهها فور عودته.
مع بدء العد التراجعي حتى لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب غداً الإثنين، تشهد واشنطن حراكاً مكثفاً من المفاوضات حول النقاط الـ21 التي طرحها ترمب في خطته لوقف الحرب داخل غزة، وسط تحفظات إسرائيلية على بعض البنود، وبخاصة المتعلقة بانسحاب الجيش الإسرائيلي ومصير "حماس" في غزة.
مسؤولون إسرائيليون أوضحوا أن نتنياهو، الذي اطلع من قبل المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف فور وصوله إلى الأمم المتحدة على مجمل الصفقة، أوضح أنه يحتاج إلى بحثها بصورة معمقة في الحكومة و"الكابينت"، وأبدى تحفظات على بعض بنودها التي، بحسب مطلع على سير المحادثات في واشنطن، تثير جدلاً داخل الائتلاف الحكومي، ويخشى نتنياهو أن يحدث أي موقف يعلنه خلال وجوده في واشنطن أزمة داخلية سيواجهها فور عودته.
في المقابل، يضغط ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنير للحصول على موافقة إسرائيلية أولية على الخطة، بعدما أوضحا لنتنياهو أن الرئيس يريد إنهاء الحرب داخل غزة، ويعد أن الوقت حان لذلك.
الخوف من الحل
نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون درمر، الذي يواصل التفاوض مع ويتكوف وكوشنير، أعربا عن معارضتهما لعدد من البنود إذ هناك خشية لدى المسؤولين الإسرائيليين من عدم القدرة على العودة إلى القتال في غزة بعد وقف إطلاق النار. وبحسب مقربين من نتنياهو فإن "الخطة التي يطرحها ترمب لا تتضمن صيغة واضحة حول القضاء الكامل على ’حماس‘ وسلاحها، وهو ما يمنع إسرائيل من الموافقة على أي اتفاق لوقف الحرب".
ويزداد التخوف لدى الإسرائيليين من أن البند المتعلق بإخراج "حماس" من القطاع ونزع سلاحها "غامض جداً" في خطة ترمب، بحسب وصف إسرائيليين رأوا أن "حماس" لن تفكك فعلياً منظومات سلاحها.
على هذه الخلفية يبقى نتنياهو أمام خيارين، إما رفض الخطة بحجة أنها غير كافية، أو الموافقة عليها وضمان الإفراج عن الأسرى، ثم بعد ذلك إذا لم تنفذ المرحلة "ب" وبقيت "حماس" في القطاع فسيكون هذا تبريراً لاستمرار القتال".
ويشير مسؤولون كبار في إسرائيل إلى أن الخطة تفتقد موافقة صريحة من "حماس" على خروجها من القطاع. وإسرائيل مستعدة في المقابل لمنح حصانة لقيادة الحركة، حتى لأولئك الذين سيغادرون إلى تركيا أو قطر، وكذلك لكبار المسؤولين الموجودين خارج غزة أصلاً.
أما في إسرائيل فيزداد الضغط على نتنياهو أيضاً من داخل الائتلاف. وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير كتب عبر حسابه على منصة "إكس"، "سيدي رئيس الحكومة، ليس لديك تفويض لإنهاء الحرب من دون حسم كامل لـ’حماس‘". وفي المقابل أبدى وزير الخارجية جدعون ساعر ثقةً بنتنياهو، مؤكداً "أثق بأن رئيس الحكومة سيمثل المصالح الإسرائيلية كما ينبغي في المحادثات مع الرئيس ترمب. بعد عامين من الحرب، المصلحة الوطنية الواضحة لإسرائيل هي إنهاء القتال وتحقيق أهدافها". وأعطى النائب موشيه غفني من "يهدوت هتوراه" دعمه أيضاً، "موقفنا هو مع إنهاء الحرب وإعادة المختطفين".
رئيس المعارضة يائير لبيد تطرق لمبادرة ترمب ووعد مجدداً بـ"شبكة أمان" منه لصفقة أسرى، قائلاً هو الآخر على شبكة "إكس"، "أبلغت الإدارة الأميركية بأن أضمن لنتنياهو شبكة أمان لصفقة أسرى وإنهاء الحرب، غالبية في الكنيست وغالبية في الدولة، لا داعي للانفعال من تهديدات فارغة من بن غفير وسموتريتش".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بالتوازي، أطلق وزير الأمن يسرائيل كاتس تصريحاً صارماً "إذا لم تطلق ’حماس‘ كل الأسرى ولم تتفكك سلاحها فإن غزة ستُدمر و’حماس‘ ستُباد. لن نتوقف حتى تحقيق كل أهداف الحرب". وبحسبه، فإن الجيش الإسرائيلي يزيد من قوة الهجمات، ويستخدم ناقلات جند مفخخة مستقلة أمام القوات، ويستولي على مزيد من الأحياء والمناطق في القطاع".
مصدر إسرائيلي مطلع على سير المفاوضات أبلغ صحيفة "هآرتس" أن حركة "حماس" وافقت على خطة الرئيس الأميركي، وأشارت الصحيفة إلى أن قطر لعبت دوراً محورياً في إقناع "حماس" بالخطة، وأن المبعوث الخاص لترمب، ستيف ويتكوف بدأ جهوداً متجددة لإنهاء الحرب بعد العدوان الإسرائيلي على الدوحة خلال التاسع من الشهر الجاري.
ونقل عن المصدر أن "واشنطن أدركت أن وقتاً مُنح لنتنياهو من أجل احتلال غزة يُستغل أيضاً لخطوات قد تزعزع الاستقرار في المنطقة، وتضر بحلفاء أميركا".
إلى ذلك، علم أن الولايات المتحدة تعمل على "برنامج لإعادة إعمار غزة" بقيادة رئيس الحكومة البريطاني السابق توني بلير، بدعم مالي وعسكري من دول عربية وإسلامية بينها قطر وتركيا.
نهاية حكم "حماس"
ضمن ما جاء في خطة ترمب التي يطلق عليها إسرائيليون "خطة الـ21" الإفراج السريع عن جميع الأسرى. وإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، من بينهم ما بين 100 و200 محكوم بالسجن المؤبد. ووقف دائم لإطلاق النار. وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع، وإنهاء حكم "حماس"، ونزع السلاح في القطاع (مع منح عفو لقيادات "حماس" الذين يغادرون غزة)، ونشر قوة أمنية من دول عربية.
وتقضي الخطة بإشراك محدود للسلطة الفلسطينية في الإدارة المدنية للقطاع، وضمانة أميركية بأن إسرائيل لن تضم أراضي الضفة الغربية، وإنشاء صندوق عالمي مشترك مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة لإعادة إعمار واسعة للقطاع، وإنشاء منطقة اقتصادية بضرائب ورسوم مخفضة، ومنع التهجير القسري للفلسطينيين، وتقديم ضمانات أمنية من دول إقليمية لضمان التزام جميع الأطراف.
يفترض، بحسب خطة ترمب، أن يقف رئيس الحكومة البريطانية السابق توني بلير على رأس "إدارة موقتة في غزة". هذا الجانب رفضته إسرائيل وعدت أنه لا يكفي لضمان غزة منطقة لا تشكل تهديداً لإسرائيل، علماً أن مسؤولية بلير تشمل إشرافه على إعادة إعمار غزة وإدارتها إلى جانب قوات دولية تحافظ على حدود القطاع.
نتنياهو وديرمر أبلغا المسؤولين في واشنطن رفض إسرائيل بصورة قاطعة سيطرة السلطة الفلسطينية في غزة، وقال مصدر إسرائيلي إن "نقل السلطة في غزة إلى السلطة الفلسطينية أمر معقد، هذا يمكن أن يكون بصورة معينة، لكني لا أرى أن السلطة الفلسطينية ستتحمل مسؤولية معينة بصورة رسمية".
بحسب المصدر الإسرائيلي، نقل ستيف ويتكوف خطة اليوم التالي في غزة للإسرائيليين، وتشمل إجراء حوار بين إسرائيل والفلسطينيين وإعادة جميع الأسرى، والوعد بالامتناع عن أية هجمات.
أما السؤال الذي لم تتلق إسرائيل بعد رداً حاسماً حوله، فهو ما إذا كانت دول مثل مصر أو الإمارات أو الأردن مستعدة لإرسال جنودها إلى القطاع، علماً أنه سبق ونشرت تقارير حول تدريب مصر لبضعة آلاف من الجنود الفلسطينيين من الضفة كي يأخذوا على عاتقهم مهمة السيطرة الأمنية في غزة عندما يحين الوقت".
من جهة أخرى يشككون في إسرائيل بموافقة مصر على إرسال قواتها إلى القطاع من أجل محاربة "حماس" أو تقييدها.
هدير الطائرات والتهديدات
مقابل الجهود الحثيثة في واشنطن للتقدم نحو إنهاء الحرب، يواصل الجيش الإسرائيلي تصعيد قصفه وعملياته الحربية، بينما صعَّد رئيس أركان الجيش إيال زامير الذي لا يغادر أرض غزة ولا جولاته بين الوحدات القتالية المنتشرة، تهديداته بعيداً من كل جهد مبذول لإنهاء الحرب، ليس فقط في غزة بل والجبهات الأخرى، وقال "نحن مصرون على تفكيك ’حماس‘، وسنسعى إلى تقليل العبء عن الاحتياط من أجل منح القوات الانتعاش وزيادة استنزاف العدو". وهدد بأن جيشه سيواصل "العمل في أنحاء الشرق الأوسط لإزالة التهديدات، مع تركيزنا على غزة، حيث نقوم بجهد تكتيكي مركزي داخل شمال القطاع ومدينة غزة، ووجهنا ضربات شديدة لقدرات ’حماس‘ وحطمنا قدرتها السلطوية".
وفي إسرائيل النقاش محتدم أيضاً حول مدى ضرورة استمرار العمليات داخل غزة، خلال وقت أيد 53 في المئة من الجمهور الإسرائيلي وقف الحرب وخطة ترمب، بينما رفض 17 في المئة وقف القتال، فيما لا يوجد رأي محدد لدى 30 في المئة، وهذه نسبة تعكس عدم الاستقرار الذي تعيشه إسرائيل.
الاستطلاع الذي نشرته صحيفة "معاريف" أوضح أن 73 في المئة من ناخبي أحزاب المعارضة يؤيدون وقف الحرب بينما يعارضها 77 في المئة من مؤيدي أحزاب الائتلاف، الذين اعتبروا أنه يجب مواصلة الحرب إلى حين هزيمة "حماس".
مقابل هذا تتصدر أصوات أمنيين وعسكريين سابقين لتحذر من استمرار الحرب، ليس فقط لما تشكله من خطر على الأسرى، وإنما أيضاً لوضعية الجيش الإسرائيلي، بل إن الجنرال المتقاعد إسحاق بريك الذي سبق وتولى مناصب عدة في القوات البرية، اعتبر الحديث الأخير للناطق بلسان الجيش حول الوضع في غزة بعد مقتل جنديين وجرح آخرين "سخافة بكل ما تعنيه الكلمة".
وقال بريك "الناطق العسكري يعلن أن الجيش الإسرائيلي دمر القدرة العسكرية لـ’حماس‘ وكتائبها وألويتها، وأن المشكلة الوحيدة التي بقيت هي عمليات حرب العصابات التي تقوم بها هذه المنظمة، مقاتلوها في الأنفاق يخرجون منها لزرع العبوات وإطلاق النار من بنادق قنص وقذائف مضادة للدروع، وبعد ذلك يعودون إلى الأنفاق لأنهم يخافون من مواجهة جنود الجيش الإسرائيلي وجهاً لوجه. لا يوجد ما هو أكثر سخافة من ذلك. هذا ببساطة ذر للرماد في عيون الجمهور بهدف الحصول على الشرعية لمواصلة الحرب وخلق صورة إيجابية للجيش الإسرائيلي".
وأضاف "من المضحك سماع قادة في الجيش الإسرائيلي يقولون إن ’حماس‘ تخاف من أن تقاتل جنودنا وجهاً لوجه. في حرب العصابات لا توجد أية مصلحة في القتال وجهاً لوجه مع جيش منظم، بل لدغه في كل مكان ممكن. هذه التصريحات تدل على الجهل السائد في أوساط قادة وجنود الجيش الإسرائيلي بخصوص طبيعة حرب العصابات".
وأشار بريك إلى أن معظم أنفاق "حماس" بقيت سليمة، وتسمح لرجالها بالحركة بصورة حرة على طول وعرض القطاع، إضافة إلى ذلك مخازن الحركة الموجودة تحت الأرض مليئة بالغذاء والوقود ويمكنها مواصلة القتال لفترة طويلة.
نحو الكارثة المرعبة
وفي مقابل ما طرحه عن وضع "حماس"، حذر من استمرار الحرب في ظل مشكلات أساس وخطرة يواجهها الجيش الإسرائيلي، بينها النقص الكبير في الجنود نتيجة تقليص شديد في جيش البر خلال الـ20 عاماً الأخيرة، وكذلك بسبب عشرات آلاف الجرحى في أوساط قواتنا خلال العامين الأخيرين ولا يوجد لهم بدائل، وعدم استعداد الجيش الإسرائيلي لاحتمال الحرب في غزة بسبب تصور خاطئ يقول إن "حماس" غير معنية بالقتال، بل تريد الحفاظ على الهدوء وتطوير القطاع من أجل السكان، لذلك لم يطوروا في الجيش الإسرائيلي وسائل خاصة لتدمير مئات الكيلومترات من الأنفاق، كما لم تشكل قوة مهنية لذلك، والتي كان يجب أن تكون أكبر بعشرات الأضعاف مما هي الآن.
لهذه الأسباب ولأسباب أخرى كثيرة، يشدد إسحاق بريك على أن الجيش لم يتقدم بصورة جيدة نحو هزيمة "حماس" وتحرير الأسرى من طريق الضغط العسكري، و"إذا واصل الجيش الإسرائيلي في هذه الظروف احتلال مدينة غزة فإنه ينتظرنا مزيد من الجرحى، ووضعنا سيسوء أكثر. هناك خطر حقيقي هو أن التآكل الكبير في القوة البشرية المقاتلة وصلاحية الوسائل القتالية سيسرع عملية التفكك إلى درجة عدم القدرة على إعطاء رد بالحد الأدنى على طول حدود إسرائيل في الضفة الغربية، وبالتأكيد داخل قطاع غزة".
وفي أعقاب المواقف المتشددة لرئيس الحكومة وأحزاب الائتلاف التي تعوق وقف الحرب وإعادة الأسرى، حذر إسحاق بريك مما ينتظر إسرائيل من أوضاع خطرة قائلاً "من لا يدرك وضعنا الحقيقي حتى الآن يجب عليه معرفة أن هذه الحكومة تقودنا إلى كارثة فظيعة. فقط وقف القتال واتفاق على تحرير الأسرى وإعادة تأهيل الجيش والدولة وعلاقاتنا مع العالم، يمكنها منع ذلك".