Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سكان غزة يرفضون خطة ترمب للتهجير على رغم الموت والدمار

الفلسطينيون متمسكون بأرض أجدادهم ولا تجذبهم مقترحات "ريفييرا الشرق الأوسط" أو خيارات نتنياهو لمغادرة القطاع

يعد التهجير من أكثر القضايا المؤلمة بالنسبة إلى الفلسطينيين، الذين يخشون من تكرار "نكبة" عام 1948 (أ ف ب)

ملخص

عندما سُئل هذا الأسبوع عن تهجير الفلسطينيين، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الدول المحيطة بإسرائيل تقدم المساعدة، وتابع قائلاً "حظينا بتعاون كبير من دول مجاورة، لذلك سيحدث شيء جيد".

 كلما يتأمل منصور أبو الخير ما حوله داخل غزة، لا يرى الرجل الفلسطيني البالغ من العمر 45 سنة سوى الموت والدمار والجوع، بعد قرابة عامين من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس".

وعلى رغم أن حياة الفلسطينيين انهارت تحت وطأة الغارات الجوية الإسرائيلية والقصف العنيف، يرفض أبو الخير وغيره رفضاً قاطعاً خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المدعومة من إسرائيل لتهجير سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

وقال أبو الخير "لماذا نغادر أرضنا؟ هذه أرضنا نتركها ونذهب إلى أين؟ ولدنا وعشنا وكبرنا فيها، لمن نتركها؟ وما المغريات التي تجعلنا نهاجر إلى أي بلد آخر نكون أغراباً فيه".

وأشار ترمب الذي استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض أول من أمس الإثنين، إلى إحراز تقدم في مبادرة مثيرة للجدل لنقل الفلسطينيين إلى خارج القطاع الساحلي.

وفي حديثه إلى الصحافيين خلال مأدبة عشاء بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، قال نتنياهو إن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان مع دول أخرى لمنح الفلسطينيين "مستقبلاً أفضل"، مشيراً إلى أن سكان غزة سيتمكنون من الانتقال إلى دول مجاورة.

وفي حوار مع ترمب، قال نتنياهو "إذا أراد الناس البقاء فبإمكانهم البقاء، ولكن إذا أرادوا المغادرة فيجب أن يكونوا قادرين على المغادرة، لا ينبغي أن يكون سجناً، يجب أن يكون مكاناً مفتوحاً وأن تتاح للناس حرية الاختيار".

وأشار نتنياهو نفسه إلى أن إسرائيل تعمل مع واشنطن لإيجاد دول أخرى توافق على مثل هذه الخطة، وقال "نعمل مع الولايات المتحدة من كثب لإيجاد دول تسعى إلى تحقيق ما يقولونه دائماً عن رغبتهم في منح الفلسطينيين مستقبلاً أفضل، أعتقد أننا نقترب من إيجاد دول عدة".

وعندما سئلت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني عن تصريحات نتنياهو، قالت في مؤتمر صحافي في جنيف "هذه التصريحات تثير المخاوف في شأن الترحيل القسري، فمفهوم الترحيل الطوعي في السياق الذي نشهده في غزة حالياً محل شك كبير".

كان ترمب قال بعد خمسة أيام من توليه الرئاسة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، إن على الأردن ومصر استقبال فلسطينيين من غزة، مضيفاً أنه منفتح على أن تكون هذه خطة طويلة الأمد.

لكن سرعان ما رفضت القاهرة وعمان فكرة ترمب بتحويل غزة الفقيرة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، ورفضها كذلك الفلسطينيون وجماعات حقوق الإنسان الذين قالوا إن الخطة تعد تطهيراً عرقياً.

وعندما ُسئل هذا الأسبوع عن تهجير الفلسطينيين، قال ترمب إن الدول المحيطة بإسرائيل تقدم المساعدة، وتابع قائلاً "حظينا بتعاون كبير من دول مجاورة، لذلك سيحدث شيء جيد".

استيقظ سعيد، وهو فلسطيني من غزة عمره 27 سنة، غاضباً لدى سماع الأخبار حول ترويج ترمب ونتنياهو لفكرة التهجير مرة أخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فحتى بعد أكثر من 20 شهراً من الحرب التي سوت خلالها إسرائيل مناطق كثيرة من غزة بالأرض إضافة إلى النزوح الداخلي المتكرر، لا يزال قلب سعيد شديد التعلق بغزة.

ذلك القطاع الصغير المكتظ بالسكان هو نفسه موطن لأجيال من اللاجئين بداية من حرب 1948 التي أدت إلى إعلان دولة إسرائيل.

ويقول سعيد "نرفض هذا المخطط، نرفض أن نغادر أرضنا، نريد أن يكون لنا حق في حرية التنقل والسفر إلى بلدان أخرى، لكن عملية تهجيرنا ونزعنا من أرضنا هذه مخططات نرفضها كفلسطينيين".

ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وغزة والقدس الشرقية من خلال عملية سلام بوساطة أميركية.

 الخوف من تكرار "النكبة"

يتهم كثير من الفلسطينيين إسرائيل بتقويض فرص إقامة دولتهم بصورة ممنهجة، من خلال التوسع في بناء المستوطنات بالضفة الغربية وتسوية أجزاء كبيرة من غزة بالأرض خلال الحرب الحالية.

وترفض إسرائيل هذا الاتهام وتقول إن حملتها العسكرية لا تستهدف سوى القضاء على المسلحين الفلسطينيين الذين تقول إنهم يشكلون تهديداً وجودياً لها، وتقول أيضاً إن لها جذوراً تاريخية وتوراتية داخل الضفة الغربية.

ويعد التهجير من أكثر القضايا المؤلمة بالنسبة إلى الفلسطينيين، الذين يخشون من تكرار "نكبة" عام 1948 عندما طُرد مئات الآلاف من منازلهم خلال حرب 1948.

والنكبة واحدة من التجارب التي ساعدت على مدى أكثر من 75 عاماً في تشكيل هوية الفلسطينيين الوطنية، وألقت بظلالها على العلاقات مع إسرائيل خلال عقود الصراع التي تلت ذلك.

واندلعت أحدث حرب في الصراع عندما هاجمت "حماس" جنوب إسرائيل خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية. ولا يزال نحو 50 رهينة في غزة، ويعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة.

وقتل الهجوم الإسرائيلي اللاحق على القطاع الفلسطيني ما يربو على 57 ألف فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة داخل غزة.

ووفقاً لنتائج توصل إليها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، يبحث بعض الفلسطينيين عن مخرج مع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية التي لا هوادة فيها ومعاناتهم نقصاً حاداً في الغذاء والوقود والدواء والماء.

وقال المركز البحثي ضمن تقرير صدر خلال مايو (أيار) الماضي إن "نصف سكان غزة تقريباً يريدون مغادرة قطاع غزة إذا استطاعوا".

وذكر اقتراح اطلعت عليه "رويترز"، ويحمل اسم جماعة إغاثة مثيرة للجدل مدعومة من الولايات المتحدة، خطة لبناء مخيمات واسعة النطاق تسمى "مناطق انتقال إنسانية" داخل غزة وربما خارجها لإيواء السكان الفلسطينيين، وأشار الاقتراح إلى رؤية "تغيير سيطرة ’حماس‘ على السكان في غزة".

وقال الفلسطيني أبو سمير الفقعاوي "لن أغادر غزة، أنا باق هنا، هذا بلدي، هذا وطني"، وأضاف "أولادنا شهداء مدفونون هنا، أهالينا وأصحابنا وجيراننا وأبناء عمنا كلهم مدفونون هنا، لمن نترك بلدنا؟ هم من يغادرون وليس نحن، سنبقى صامدين باقين على هذه الأرض غصباً عنهم جميعاً، غصباً عن ترمب وغصباً عن نتنياهو وغصباً عن أي أحد".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير