ملخص
كتاب "الغد هو الأمس: الحياة والموت والسعي إلى السلام في إسرائيل / فلسطين" يوعز بفشل عملية السلام إلى أن "صناع السلام ركزوا على قمع التاريخ، إذ اختاروا نقطة الانطلاق لعملية السلام اختياراً تعسفياً، فانطلقوا فيها من تعريف للصراع بأنه نزاع على الأرض، وهو ما لم يعكس الواقع والمشاعر والتطلعات" في كلا الجانبين.
قد لا يكون وقت أنسب من وقتنا هذا لإعلان فشل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فعلى مدى سنتين تقريباً سقط من الشعب الفلسطيني عشرات آلاف القتلى، وحورب بالتجويع والاغتيال والقصف على مرأى ومسمع وتقاعس من العالم. وعلى مدى السنتين وسعت إسرائيل نطاق عدوانها ليشمل خمس دول في المنطقة، فقد وجهت ضرباتها لليمن ولبنان وسوريا وإيران وقطر، فضلاً عن الأراضي الفلسطينية المحتلة نفسها من دون أن تحفل بإدانات دول العالم، أو بإعلان بعض الدول نوايا الاعتراف بدولة فلسطينية، كما لم تحفل بالخطوات التي اتخذتها بعض الدول في محافل القانون الدولي، أو بنداءات المنظمات الدولية، ناهيكم بالتظاهرات الشعبية التي اجتاحت دول العالم شرقاً وغرباً.
ولقد جاء إعلان فشل حل الدولتين، وما يعرف بعملية السلام في الشرق الأوسط كاملة عبر كتاب صدر أخيراً بعنوان "الغد هو الأمس: الحياة والموت والسعي إلى السلام في إسرائيل / فلسطين"، وفي ما لا يزيد على 270 صفحة إلا قليلاً، غير أن إعلان الفشل هذا وإن لم يكن رسمياً يبقى ذا دلالة، لأنه يأتي من طريق اثنين يفترض أن يكونا من أشد المؤمنين بحل الدولتين والتفاوض من أجل السلام، هما المؤلفان روبرت مالي وحسين أغا.
في مقالة عن الكتاب سبقت تاريخ صدوره المعلن بنحو أسبوع، كتبت ميشيل غولدبرغ في صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الثامن من سبتمبر (أيلول) عام 2024 أن "روبرت مالي، الذي عمل على سياسة الشرق الأوسط في كل إدارة ديمقراطية منذ عهد بيل كلينتون، وحسين أغا، الذي عمل مستشاراً وأمين سر لياسر عرفات ومحمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الحالي، قد اشتركا في تأليف كتاب جديد "يتناول قصة أكثر من ثلاثة عقود من الفشل. كان مالي وأغا قد التقيا في عشاء بواشنطن عام 1999، وكان ذلك بحسب ما كتبا ’في ذروة حماسة أميركا تجاه إمكان تحقيق السلام’، ويعد كتابهما رثاء مريراً لتلك الفترة، إذ يكتبان أن ’عهد عملية السلام، وحل الدولتين، قد ولى‘".
تكتب ميشيل غولدبرغ أن روبرت مالي لا يستطيع أن يحدد بدقة الوقت الذي اقتنع فيه بأن السعي إلى حل الدولتين منذور بالفشل، "فقد اتخذت شكوكه طابعاً تراكمياً، ولم تكن أشبه بلحظة إشراق. وقد قال عن عقود من الجهود التي قادتها الولايات المتحدة للتوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني ’إنني عندما أرجع بالذاكرة، أتساءل عن مدى إيماننا الحقيقي بالهدف الذي كنا نقول إننا نسعى إليه، ولكن مهما بلغت الدبلوماسية من الإخلاص، فقد انتهت جهودها إلى حطام’".
تمضي غولدبرغ فتكتب - بناء على حديث أجرته مع مالي - قائلة إنه "وضع لحظتنا الحالية، القاتمة والدموية، بجوار عام 1993 الذي شهد اتفاقات أوسلو التاريخية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي بدت في حينها بداية الطريق إلى الدولة الفلسطينية. وتساءل ’هل هناك مقياس واحد يمكن به القول إن الوضع الآن، بفضل الولايات المتحدة، خير مما كان عليه؟’".
يذهب الكاتبان - بحسب ميشيل غولدبرغ - إلى أن "هدف الدولة الفلسطينية ربما كان عقيماً طوال الوقت، ومن المؤكد أنه لم تتوافر له أية فرصة للنجاح في ظل رفض الولايات المتحدة ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل، ولكن حتى مع أن الحقائق القائمة على الأرض - من تكاثر المستوطنات، وكارثة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، وتدمير غزة - جعلت حل الدولتين يبدو ضرباً من الخيال أكثر فأكثر، فإنه مفهوم يصعب التخلي عنه. ويكتب أغا ومالي أن ’المؤمنين بحل الدولتين، قد واجهوا في أعماقهم جميع الأسباب الداعية إلى التخلي عن إيمانهم، ليرجعوا إلى حجة واحدة هي أنه ما من بديل لحل الدولتين، فهم يرون أن التقسيم أمر محتوم، وإن بدا صعب التخيل، لا لشيء إلا لأنهم غير قادرين على تخيل أي شيء آخر‘".
تقول غولدبرغ إن يأس مالي وأغا من عملية السلام يبدو صادماً، نظراً إلى دور مالي طوال حياته في مؤسسة السياسة الخارجية، فقد كان جزءاً من الفريق الذي نظم قمة كامب ديفيد عام 2000، وعمل عن قرب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. ثم عمل لاحقاً مسؤول الشرق الأوسط في عهد باراك أوباما، فقاد المفاوضات في شأن الاتفاق النووي الإيراني، ثم كان مبعوث جو بايدن الخاص إلى إيران، وعمل مع زميل مدرسته الثانوية السابق أنطوني بلينكن وزير خارجية بايدن، أما حسين أغا فقد ظل منغمساً في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لأكثر من 50 عاماً.
يكتب مايك واطسن في "واشنطن إكزامينر" في الـ19 من سبتمبر الجاري أن الكتاب يوعز بفشل عملية السلام إلى أن "صناع السلام ركزوا على قمع التاريخ، إذ اختاروا نقطة الانطلاق لعملية السلام اختياراً تعسفياً، فانطلقوا فيها من تعريف للصراع بأنه نزاع على الأرض، وهو ما لم يعكس الواقع والمشاعر والتطلعات" في كلا الجانبين، في حين أن التاريخ بحسب ما يشير الكاتبان يضعنا في هذه المعضلة، "إذا ما قبلت إسرائيل السردية التاريخية الفلسطينية فستجعل من نفسها مقترفة لجريمة مريعة، وإذا ما وافق الفلسطينيون على النسخة الإسرائيلية [من السردية] فقد جعلوا نضالهم كله أشبه بخطأ مأسوي دموي". ومن هنا، كما يوضح واطسن، يعتقد الكاتبان أن فشل عملية السلام هو الذي أدي إلى هجمة السابع من أكتوبر التي رجع الفلسطينيون والإسرائيليون بعدها إلى "عصر ما قبل اتفاقات أوسلو، ومن هنا يأتي عنوان الكتاب".
بهذا التصور "يضع الكاتبين نفسيهما في خلاف - في الأقل - مع التصريحات العلنية للمجتمع الدبلوماسي العالمي، فقد صوتت الأمم المتحدة حديثاً على قرار آخر في شأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني خلال جمعيتها العامة، وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رسمياً أن ’المسألة المحورية للسلام في الشرق الأوسط هي تطبيق حل الدولتين’ فقوبل ذلك باستحسان الوفود، وإن قوبل أيضاً بتجاهل في أماكن أخرى. ويأتي كتاب (الغد هو الأمس)، ليقول إن ’حقبة عملية السلام، وحل الدولتين، قد تلاشت‘ وإن ’الإسرائيليين والفلسطينيين رجعوا إلى ما كانوا عليه قبل عقود‘".
يقر مايك واطسن للكاتبين بأنهما على صواب في مستوى أساس للغاية "فقد دأب المفاوضون، ابتداء باتفاقات أوسلو، على إيجاد حلول لمشكلات الصراع البسيطة، راجين أن تنشئ عملية التفاوض من أجل السلام زخماً يؤدي إلى تسوية نهائية. غير أنه بسبب عدم تسوية أي من المشكلات الجوهرية، ظلت القمم رفيعة المستوى - كالتي ضمت ياسر عرفات وإيهود باراك في كامب ديفيد عام 2000 - تنتهي بالفشل المحقق".
نشر روبرت مالي وحسين أغا مقالة مطولة في مجلة "فورين أفيرز" في الـ16 من سبتمبر الجاري وصفتها المجلة بأنها مأخوذة من كتابهما الجديد، وفيه يقولان إن المسؤولين الأميركيين لا يكفون عن الحديث عن وقف إطلاق النار والتفاوض والسعي إلى تسوية الصراع على أساس حل الدولتين "وكلما مر الوقت انكشف خواء تلك التصريحات وباتت لا تلقى غير التكذيب أو اللامبالاة، فلا يوقف هذا الأميركيين عن الاستمرار في الإدلاء بها. فهل يصدق صناع السياسة الأميركيون أنفسهم في ما يقولون؟ إن لم يكن الأمر كذلك فلماذا يستمرون في قوله؟ ولو أنهم يصدقون أنفسهم فكيف يتجاهلون كل ما حولهم من أدلة على عكس ما يقولون؟".
"لقد شكلت هذه الأكاذيب غطاء للسياسة التي مكنت إسرائيل من هجماتها الشرسة على غزة، وأثنت على كل تحسن تافه وعابر في أوضاع القطاع الفلسطيني، باعتباره نتيجة للعزيمة والنزعة الإنسانية الأميركية. وإذا كانت وحشية إسرائيل قد تفاقمت في عهد إدارة دونالد ترمب، فإن هذه الأكاذيب السابقة هي التي مهدت الطريق لها. فساعدت في أن نألف ما ترتكبه إسرائيل من قتل عشوائي واستهداف للمستشفيات والمدارس والمساجد، وتسليح للغذاء، واعتماد مستمر على الأسلحة الأميركية. فهذه الأكاذيب هي التي مهدت الطريق، ولم يبق من مجال للرجعة".
يمضي الكاتبان فيقولان إن الخداع الأميركي أقدم مما نشهده في حرب غزة، فعلى مدى عقود تظاهرت الولايات المتحدة بلعب "دور الوسيط في حين أنها كانت منحازة تماماً"، وعلى مدى عقود كذبت "إذ ساعدت في بناء ’عملية سلام‘ أسهمت كثيراً في إدامة الوضع القائم بدلاً من إنهائه، وكذبت حينما صورت سياستها الأعم في الشرق الأوسط باعتبارها سياسة تعزيز للديمقراطية وحقوق الإنسان، وكذبت حينما ادعت النجاح بينما كانت جهودها تفضي إلى كوارث تلو كوارث".
"ومع تزايد انكشاف الأكاذيب وصعوبة تجاهلها، تناقص النفوذ الأميركي. ويتجاهل الإسرائيليون والفلسطينيون وغيرهم من الفاعلين في المنطقة هذه المسرحية الهزلية - معرضين عن لغو حل الدولتين والسلام والديمقراطية والوساطة الأميركية - ويلجأون إلى مواقف أعمق وأوثق علاقة بماضيهم، فيلجأ الفلسطينيون إلى أعمال عنف متفرقة ضد الإسرائيليين. وتمد إسرائيل ذراعها - دونما كابح أو قيد - كلما وحيثما رأت رأس فلسطيني حان قطافه، والقادم أسوأ في الجانبين، فلا يبقى للولايات المتحدة ما تفعله إلا أن تتأمل الأنقاض".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حوار مع إذاعة أميركا الوطنية، منشور في الـ13 من سبتمبر الجاري، سئل الكاتبان عن السبب في فشل عملية السلام، فأرجع مالي السبب إلى أن الطرفين لا يريدان غاية واحدة، فالفلسطينيون يريدون العدالة ويريدون الإنصاف ويريدون شيئاً ينهي نكبة 1948. أما ما يريده الإسرائيليون فهو الأمن المطلق، والوضع الطبيعي المطلق"، فالغايتان غير متماثلتين. وقال أغا إن عملية السلام فشلت، لأنها "منذ اليوم الأول كانت عملية زائفة وما كان لها أن تنجح، كانت مزيجاً من الأوهام والضلالات والصخب والأكاذيب".
وفي الحوار نفسه سئل الكاتبان عن الأمل، فهل من أمل مطلقاً في أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون في سلام؟ قال أغا إن الإمكان قائم، "ولكن لا بد من سبيل لمحاولة حل الصراع يبدأ بمعرفة ماهية الصراع، وتعريفه، وتحديده تحديداً سليماً، ليجري التعامل معه وفقاً لذلك". وتابع روبرت مالي فقال إنه يرجو "لمن يقرأون الكتاب، أن يفكروا في هذه القضية، ويخرجوا بأفكار وحلول أفضل، ولكنهم على أقل تقدير، لن يستمروا في دفن رؤوسهم في التراب مجربين ما سبق القيام به طويلاً، فأدى إلى الكارثة التي نشهدها اليوم".
ولو أن الكاتبين يحسنان التشخيص، ولو صدق رأيهما بأن الجهود الدبلوماسية أثبتت عقمها، وأن أهدافها محالة التحقيق، فما البديل؟ تشير ميشيل غولدبرغ إلى أحد الحلول التي يقترحها الكاتبان بديلاً لحل الدولتين، لكنها لا تفعل ذلك إلا بعد أن تستبعد أن يؤخذ أي شيء يطرحه روبرت مالي، وكتاب "الغد هو الأمس" بالتبعية، في شأن الشرق الأوسط مأخذ الجد، لا سيما من المحافظين. ولا تعرض لحل الكتاب إلا بعد أن تمهد بقولها إن "إسرائيل لن تفكك نفسها، وإن قيام دولة ثنائية القومية ذات حقوق متساوية للجميع قد تبدو جذابة من الناحية النظرية، لكن عملياً آخر ما يريده الإسرائيليون والفلسطينيون هو توثيق العلاقات.
ففي استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في مايو (أيار) الماضي، أيد 14 في المئة فقط من المشاركين الفلسطينيين إقامة دولة واحدة للجميع، وقال 47 في المئة إنهم يريدون دولة فلسطينية في حدود ما قبل عام 1967. وفي كتاب "الغد هو الأمس"، يطرح مالي وأغا بعض الأفكار، إلى جانب فكرة إقامة دولة واحدة ثنائية القومية، منها اتحاد كونفدرالي فلسطيني مع الأردن. ويكتبان أن ’الإسرائيليين غير الراغبين في تسليم مستقبلهم للفلسطينيين، لديهم نظرة أكثر تعاطفاً مع الأردن لأسباب تاريخية وسياسية ونفسية‘. ويدرك الكاتبان جميع العقبات التي تعترض سبيل مثل هذا الاتحاد، ومنها القومية الفلسطينية وعزوف الأردن عن قبول ملايين المواطنين الفلسطينيين الجدد، ولكن ما من حل يخلو من صعوبات جسيمة، وهما يريان أن الخيارات قائمة".
يقول روبرت مالي لميشيل غولدبرغ إنه "عازف عن الإفراط في النصح، نظراً إلى ارتباطه ’بإخفاقات الماضي‘. ولكن الأمر الملح الآن يتمثل في التخلي عن الافتراضات القديمة فـ’علينا أن نفسح المجال، ولو قليلاً، لهذه الأفكار البديلة، بدلاً من وصمها جميعها بمنافاة الواقعية، والتمسك بالفكرة التي لا أقول فقط إنها غير واقعية، بل وأقول إننا جربناها وفشلنا وجربناها وفشلنا مجدداً’".
تكتب غولدبرغ أن "ثمة حساً أكاديمياً في هذا النقاش برمته، نظراً إلى أنه لن يكون هناك حل إنساني ولو ضئيل لهذا الصراع عما قريب. وفي المدى القريب، سنشهد ضم إسرائيل للضفة الغربية، بحكم الأمر الواقع إن لم يكن على المستوى الرسمي، والتطهير العرقي لغزة، الجاري بدعم كامل من دونالد ترمب. وفي المستقبل المنظور، ليس من المرجح أن توجد دولة بين النهر والبحر إلا إسرائيل بنيامين نتنياهو".
"ولكن مثلما يوضح كتاب ’الغد هو الأمس‘، فإن الوضع الراهن المزري هو بالضبط سر خطورة التشدق بالشعارات السهلة حول حل الدولتين، فبالتظاهر بأن دولة فلسطينية تلوح في الأفق، فإننا نديم ما مفاده بأن احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية موقت. وإثارة مسألة حل الدولتين تساعد الدول الأوروبية - والحزب الديمقراطي - في تبرير دعم إسرائيل على رغم إدانة المجاعة في غزة. فلو أننا نؤمن بحل الدولتين، فيمكننا أن نؤمن بمستقبل تكون فيه إسرائيل يهودية وديمقراطية في آن واحد، وبالتالي تستحق الدعم الليبرالي. أما إذا لم يكن هذا المستقبل آتيا أبداً، فإن الحديث عن حل الدولتين يصبح محض ذريعة، وليس طموحاً".
ومع ذلك فإنها غولدبرغ ترى أنه "حتى من يتشبثون بحلم الدولتين يجب أن ينظروا إلى تحليل مالي وأغا في الاعتبار، ولعلي من الأشخاص الذين يشير إليهم الكتاب، فأنا الشخص الذي فقد الإيمان بأنه ستقوم دولة فلسطينية على الإطلاق، ولكنه لا يستطيع تصور بديل عملي ومقبول".
العنوان: Tomorrow Is Yesterday: Life, Death, and the Pursuit of Peace in Israel/Palestine
تأليف: Hussein Agha -Robert Malley
الناشر: Farrar, Straus and Giroux