ملخص
مع بدء احتلال مدينة غزة برياً، دب الرعب في قلوب الغزيين وتقطع الصغار لأشلاء هكذا بدأت أسوأ مراحل الحرب، لمقاتلة 2500 عنصر من "حماس" تعمل ثلاث فرق عسكرية لاحتلال أكبر مجمع حضري في قطاع غزة.
يحني مهران جسده ويدخل يده بين كومة أنقاض منزل دمره الجيش الإسرائيلي لتوه في مدينة غزة المركزية، يمسك شيئاً ما بيده يسحبه بقوة فهو عالق بين الحجارة المفجرة، وبعد دقائق ينجح في انتشاله "إنها ذراع طفل صغير مبتورة" يقول الرجل وهو مصدوم من المنظر.
المرحلة الأساسية من احتلال مدينة غزة
أمس أعلنت إسرائيل رسمياً الانتقال إلى مرحلة الغزو البري لمدينة غزة وذلك ضمن عملية "عربات جدعون 2" العسكرية، وهي خطة اقترحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأقرها المجلس الوزاري المصغر "الكابنيت"، وتهدف لاحتلال مدينة غزة أكبر مجمع حضري في القطاع.
أعد قائد الجيش الإسرائيلي إيال زامير خطة "عربات جدعون 2"، وتتضمن تهجير جميع سكان مدينة غزة نحو الجنوب ثم فرض حصار على المجمع الحضري وأخيراً الهجوم الكبير.
وبالانتقال إلى الغزو البري تكون إسرائيل بدأت المرحلة الأساسية في هجومها على مدينة غزة، وذلك بعد انتهاء المرحلة التمهيدية والتي تمثلت بالقصف الجوي، والمرحلة الابتدائية وركزت على تدمير الأبراج وحصار وتطويق المجمع الحضري.
جنود في غزة
وبالعودة إلى مهران وهو مواطن غزي عالق في مدينة غزة، بمجرد ما انتهى من انتشال أشلاء الطفل الصغير الذي قضى في الهجوم الإسرائيلي البري، رفع رأسه من بين الركام وتفاجأ من رؤية الجنود على مقربة منه.
هرب مسرعاً خائفاً مرعوباً، كان يلهث ويقول "مدججين بالأسلحة ولديهم تعزيزات ضخمة، الدبابات توجه مدافعها صوب منطقتنا، الاجتياح البري مقلق جداً ويعني أننا في أسوأ مرحلة من الحرب".
اشتد القصف على غزة براً وجواً مع تقدم الدبابات، ومع كل مجنزرة تدخل للمدينة يسقط عشرات الضحايا، يقول باسل "العملية البرية واحتلال غزة أمر صعب، الطائرات المسيرة تحوم في كل الأرجاء من دون توقف".
يروي باسل ويلات التوغل البري، ويضيف "تحولت المباني لأكوام من الركام، النجاة صعبة، الجيش يستخدم قوة نارية مهولة، في الليل قصفوا بناية سكنية فيها 50 شخصاً، القذائف مزقت أجسادهم، إنه أسوأ أيام الحرب منذ 23 شهراً".
النزوح بات صعباً
تحاول رندا إيقاف سيارة لتنقل مستلزماتها الأساسية نحو الجنوب، لكن الطريق الصعبة تحول دون ذلك، الأنقاض كانت قد أغلقت الممر، تقول السيدة "صوت جنازير الدبابات لم يتوقف طوال الليل، والطائرات تحوم في الأرجاء، أغلب الناس نزحوا، نحن خائفون".
في الواقع، الهجوم البري الذي بدأته إسرائيل على رغم أنه تدريجي ولا ينوي الجيش احتلال مدينة غزة كاملة مرة واحدة، ولكنه كان عنيفاً جداً، يقول قاسم "تستخدم إسرائيل أسلحة غريبة، من شدة الانفجارات خلعت الأبواب".
يتحدث قاسم ويسمع بأذنه صوت استغاثة من تحت الركام، يقول "لا توجد إنسانية في هذا العالم، إنه الجحيم الذي هدد به رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب، إطلاق النار من الآليات العسكرية والطائرات والمدافع لا يتوقف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يخاف قاسم من رؤية الجنود، إذ يسيطر الجيش الإسرائيلي على 40 في المئة من مساحة مدينة غزة، وخلال أيام يكون قد وصل إلى قلب المدينة التي تعتبرها تل أبيب بأنها عاصمة حماس وآخر قلاع الحركة.
يوضح قاسم أنه لا طاقة له لرؤية جنود الجيش الإسرائيلي لأنهم لا يرحمون الغزيين ويتعاملون بالأسلحة قبل الكلام، يخاف أن يقع في الأسر أو يطلق عليه الجنود النار قبل التفاهم معه، أو يقتلون أحد أبنائه أمام عينه.
أسوأ أيام الحرب
بنفسه أعلن نتنياهو عن بدء الهجوم البري على مدينة غزة، وتقدمت الدبابات حتى أحياء وسط المجمع الحضري، يقول المتحدث العسكري نداف شوشاني "القوات البرية تتوغل في عمق مدينة غزة، وتتجه نحو وسطها".
حالياً تعيش مدينة غزة أسوأ أيام الحرب، وتواجه المدينة التي كانت بمثابة العاصمة الاقتصادية والإدارية للقطاع انهياراً غير مسبوق على جميع المستويات مع بدء اجتياحها براً، شمل تدمير الأسواق المركزية والمصارف والمؤسسات الحكومية والشركات الكبرى والمباني والأبراج السكنية، وحتى العمارات التي تضم المكاتب والمقار الإدارية للمؤسسات.
كبيرة مدينة غزة وجميلة كانت قبل الحرب، وهي مكونة من أحياء أبرزها الشجاعية والزيتون والتفاح والدرج وحي الرمال الشمالي والرمال الجنوبي وتل الهوى وحي الشيخ رضوان والصبرة والنصر ومخيم الشاطئ وحي الشيخ عجلين.
مواجهة 2500 حمساوي
يقول المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل "على غرار القصف هناك توغل بري في غزة، قدرات التدخل والطوارئ محدودة، أعداد الضحايا والإصابات في ازدياد، نعيش أياماً عصيبة للغاية في غزة".
ويضيف بصل "هناك قصف كثيف بشكل كبير على مدينة غزة لم يهدأ والخطر يزداد، أصوات الانفجارات تهز الأرض بشكل مرعب، نسمع أصوات صراخ لناجين من تحت الأنقاض ولا نستطيع الوصول إليهم".
تريد إسرائيل مواجهة ما تبقى من عناصر مسلحة تعمل مع حركة "حماس"، وتقدر هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان" أن عددهم 2500 مقاتل، وأنه يجب القضاء عليهم ضمن هذه العملية والتي قد تستمر حتى بداية العام المقبل.
يقول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير "نعتزم تنفذ العملية العسكرية بسرعة وبشكل آمن، انتقلنا إلى المرحلة الأساسية، الآن القوات النظامية والاحتياطية بدأت أنشطتها وفق الخطة العملياتية".
لمواجهة 2500 عنصر من "حماس"، أرسل الجيش الإسرائيلي ثلاث فرق عسكرية لغزة من بينها الفرقة 98، وهي تشكيل نخبوي من المظليين ووحدات الكوماندوز.
يعلق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس "نريد السيطرة على مدينة غزة، لأنها اليوم الرمز الرئيس لحكم حماس، الخطة مهيكلة بطريقة تمكننا من معرفة كيفية إيقافها في حال وجود اتفاق لإعادة الرهائن، نحن نتصرف بمسؤولية ومنهجية ودقة".