Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفحوصات الطبية... هل يجب أن نثق بها تماما؟

من الطبيعي أن يؤدي الخطأ إلى إرباك المريض والطبيب على حد سواء

صحيح أن الفحوصات الطبية أصبحت من الإجراءات الروتينية الأساسية لكن يمكن أيضاً أن تكون نتائجها خاطئة (موقع بيكسلز)

ملخص

على رغم الاعتماد بصورة أساسية على الفحوصات الطبية للحصول على تشخيص ما، يبقى مجال الخطأ فيها وراداً ولا يمكن الوثوق بها بصورة تامة. ويجزم الأطباء بأن الفحوصات لا تعطي نتيجة مؤكدة بنسبة 100 في المئة.

أُخبر سامي (اسم مستعار) بعد فحوصات روتينية أن لديه كتلة في رئته وشُخص بالسرطان، فدخل في صدمة نفسية واستعد لرحلة علاج مؤلمة معتقداً أن حياته أوشكت على النهاية. خضع لاحقاً لفحوصات إضافية وخزعة لم تعطِ نتيجة واضحة، ومع ذلك طُلب منه البدء في العلاج سريعاً. وبينما عاش هو وأسرته أسابيع من الخوف واليأس، قرر استشارة طبيب آخر طلب إعادة التحاليل في مختبر متخصص. المفاجأة أن الكتلة لم تكن ورماً سرطانيا، بل التهاباً بكتيرياً قابلاً للعلاج. خرج سامي من هذه التجربة بدرس قاسٍ مفاده أن التحقق من التشخيص والحصول على أكثر من رأي طبي قد ينقذ حياة كاملة من الانهيار.

الفحوصات الطبية: ضرورة وأساس ولكن!

يوصي الأطباء في مختلف المجالات باللجوء إلى الفحوصات الطبية بانتظام للكشف عن أي مشكلة صحية في مرحلة مبكرة، وقبل أن تتطور فتزيد صعوبة معالجتها، أو حتى للحصول على أي تشخيص محدد لفهم تفاصيل الحالة وكيفية التعامل معها.

وكثيرة هي الاختبارات اليوم التي باتت أكثر تطوراً وفاعلية وبخاصة مع تقنيات تكنولوجية ذكية، لتسمح بتشخيص مشكلات صحية في أولى مراحلها، علماً أن التشخيص المبكر بات السلاح الأكثر فاعلية لمواجهة الأمراض وزيادة فرص التعافي منها، سواء في ما يتعلق بالسرطان أو في غيرها من الأمراض مثل السكري وأمراض القلب وغيرهما.

وصحيح أن الفحوصات الطبية أصبحت من الإجراءات الروتينية التي يمكن اللجوء إليها في حال التعرض لأزمة صحية أو قبلها بصورة استباقية على سبيل المراقبة الصحية، لكونها تساعد الطبيب والمريض على التشخيص أو معرفة تطور المرض أو تحديد الحالة الصحية، لكن يمكن أيضاً أن تكون نتائجها خاطئة في بعض الأحيان، وهذا ما على المريض توقعه والتحضر له، وفي هذه الحالات من الطبيعي أن يؤدي الخطأ إلى إرباك المريض والطبيب على حد سواء.

الخطأ وارد دائماً

قد تتعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى صدور نتائج خاطئة لاختبارات طبية، منها عوامل خارجية مثل نوعية الغذاء الذي تم تناوله قبل إجراء الفحص أو المشروبات أو أدوية معينة، بخاصة إن كان الفحص الطبي هو تحليل دم، أو نتيجة أنشطة معينة تم القيام بها، كذلك يمكن أن يؤدي خلل في وظائف معينة في الجسم إلى خطأ في النتيجة أيضاً.

في الوقت نفسه من الممكن أن يحصل خلل في المختبر نفسه أثناء عملية الفحص، أو بسبب عدم جودة المواد الكاشفة أو عدم كفاءة العاملين فيه.

هذا، في ما يتعلق بالفحوص المخبرية عامة، إلا أن ما قد يشكل مصدر قلق للمرضى والأطباء أيضاً هي النتائج الخاطئة في فحوص الأمراض الخطرة، وعلى رأسها السرطان، لما لهذا الخطأ من انعكاسات على حال المريض عندها وأسرته.

فإذا كان الأطباء يوصون باللجوء إلى الفحوص الطبية بانتظام لكشف المرض في أولى مراحله أو لتشخيص مبكر حتى قبل ظهور العلامات، ماذا في حال أتت النتيجة خاطئة ومربكة؟

دور الطبيب في عملية التشخيص

وفق ما يوضحه رئيس قسم أمراض الدم والأورام في مستشفى "أوتيل ديو دو فرانس" الدكتور جوزاف قطان، فإن دور الطبيب في عملية التشخيص هو الأساس والعنصر الجوهري لأن نظرته تبقى المعيار وقراره هو الحكم في هذه الحالة، وله تكون الكلمة الفصل.

ويضيف أن أهم ما في مهنة الطبيب ليس وصف الدواء، بل التشخيص الدقيق والصحيح هو الأهم، كما أن أي مرجع يمكن أن يحدد الدواء والجرعة المناسبة للحالة خصوصاً بوجود الذكاء الاصطناعي، ولا تكمن مهارة الطبيب هنا، بل في التشخيص الدقيق والصحيح للحالة الموجودة أمامه.

لذلك، عند اللجوء إلى الفحوص الطبية، خصوصاً السكانر، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني المعروف باللغة الإنجليزية بالـPetSCan، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والخزعة، يلعب طبيب أمراض الدم والأورام الدور الجوهري، ويصفه قطان بـ"قائد الأوركسترا" الذي يحدد ما يجب أن يطلب من فحوص معينة، حتى تقل إلى أقصى حد احتمالية صدور نتائج خاطئة، ويقول "يجب أن نعرف أنه ما من فحص يصل فيه احتمال الخطأ إلى صفر، وعلى رغم أن صورة الـPetScan تعتبر من الصور التشخيصية الدقيقة للغاية لتشخيص مرض السرطان لأن الخلايا السرطانية التي تستهلك الطاقة تظهر فيها، فيما يمكن ألا تظهر في حال لم تتكاثر بشكل كاف حتى تظهر بوضوح في الصورة، تقل دائماً صدقية الصور والفحوص عن 100 في المئة في تشخيص السرطان أو في أي حال أخرى".

أصدق الفحوص: الخزعة

في مواجهة احتمال النتيجة الخاطئة في عملية التشخيص، لا تعتبر الصور والفحوص المخبرية المعيار الأساس في التشخيص لتأكيد الإصابة بالمرض، بل إن أصدق الفحوص التي يعتمد عليها الأطباء في التشخيص هي الخزعة، وتبقى هي المعيار الأساس أو الأفضل إن صح القول.

وتعرف الخزعة بأنها إجراء طبي يتم فيه أخذ عينة صغيرة من نسيج حي من جسم المريض، لفحصها تحت المجهر بغرض التشخيص، واليوم بصورة كبيرة لا يمكن تأكيد تشخيص السرطان إلا بالاعتماد على الخزعة.

لكن المفاجأة أن احتمال الخطأ في الخزعة وارد أيضاً، وإن بنسبة أقل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهذا الاحتمال يكون قائماً في حال عدم أخذها من الموضع المناسب، أو كونها أصابت النسيج الصحيح لا النسيج الخبيث، وهنا الخطأ يكون في التوجيه وفي موضع الخزعة ولا ينتج من قلة المعرفة، ولا عن عدم الدقة في الفحص على رغم وجود خلايا سرطانية.

وأطباء الأنسجة الذين يعطون تشخيصاً عن الأنسجة يمتازون بدقة فائقة ولا يمكن أن يخطئوا في التشخيص بحسب قطان، بالقول عن ورم إنه خبيث، وهو ليس كذلك، وعندما يكون هناك ورم خبيث بحسب تشخيصهم، لا يمكن أن يكون غير ذلك، وتكون النتيجة التي يعطونها صحيحة بنسبة 100 في المئة. وتكون الأخطاء موجودة في حال بدت الفحوص جيدة فيما الخزعة خبيثة، فإذا كانت الخزعة خبيثة يتم الاعتماد عليها وعلى نتيجتها بصورة أساسية.

للتناقض أسبابه والأخطاء واردة دوماً

في الوقت نفسه احتمال التناقض يكون وارداً في نوع الخزعة نفسها، فقد تظهر النتيجة أن الورم خبيث فيما لا يبدو التشخيص منطقياً، إذا كانت الأعراض مخالفة. هنا يكمن دور الطبيب البارع ومهارته بحسب قطان، فيطلب عندها نقل الخزعة إلى مختبر آخر لتأكيد النوع والتشخيص، وله الكلمة الفصل حرصاً منه على تشخيص يتناسب مع الحالة الصحية، والأعراض، وجميع الفحوص.

في حالات أخرى، يكون هناك تناقض ما بين صورة الـPetScan ونتيجة الخزعة، ولذلك لا يمكن الجزم واعتبار الحالة الموجودة أمام الطبيب مرض سرطان، لذا من الممكن طلب خزعة ثانية أو ثالثة أحياناً، للوصول إلى نتيجة حاسمة.

الصورة الشعاعية للثدي

أما في ما يتعلق بالصورة الشعاعية للثدي، فيطلب من كل امرأة اللجوء إليها من عمر 40 سنة للكشف المبكر عن سرطان الثدي، أو قبل هذه السن في حال وجود عامل وراثي.

إلا أن الخطأ وارد أيضاً في الصورة الشعاعية، وثمة حالات لم يكشف فيها الورم السرطاني على رغم وجوده. في هذا الإطار يوضح قطان أن الصورة الشعاعية للثدي اختيرت كأداة تشخيص مبكر لهذا النوع من السرطان، كما يعتمد عليها في التشخيص المبكر الجماعي، وكان من ميزاتها أنها غير مكلفة وغير مزعجة.

إلا أنها قد تكشف نسبة 80 في المئة من الحالات وليس كلها. وحتى إن تم الالتزام بإجراء الصورة الشعاعية للثدي للمرأة سنوياً من عمر 40 سنة، هناك احتمال يصل إلى 20 في المئة، بألا يتم كشف المرض لأسباب عدة، إما لأن الورم من نوع لا يظهر في الصورة الشعاعية، أو أن المرأة كانت في سن مبكرة عندما أجرت الصورة الشعاعية، أو أن الورم نفسه خبيث إلى حد أنه ظهر بين صورتين شعاعيتين، بحيث لم يظهر في الأولى ثم تبين لاحقاً أن المريضة مصابة بالمرض من فترة طويلة لاعتباره من النوع الشرس الذي يتطور بسرعة، لذا يعتبر احتمال ألا تكشف الصورة الشعاعية للثدي المرض وارداً وهذا مؤكد، إلا أنها تحمي المرأة بنسبة 80 في المئة. في كل الحالات، تعتبر الصورة الشعاعية الأداة الفضلى لتشخيص أكبر عدد ممكن من الحالات في مرحلة مبكرة، إلا أن هذا لا يعني أنها لا تخطئ أبداً.

وحول الطرق الأكثر دقة في تشخيص المرض، يؤكد قطان أن ذلك يختلف بحسب الأداة المستخدمة والمرض. ففي مسحة عنق الرحم تؤخذ خزعة وتعتبر الأكثر دقة، ولا يمكن أن تخطئ، أما في البحث عن سرطان القولون، فتعتبر نسبة الخطأ قليلة جداً في كشف المرض بالمنظار لاعتبارها أداة في غاية الدقة، فهي تكشف نسبة 99 في المئة من سرطانات القولون. أما فحوص الدم والمؤشرات الخاصة بكل من أنواع السرطان، فنسبة الخطأ فيها سواء في الخطأ الإيجابي أو السلبي عالية جداً، ولا تمتاز بالدقة، لذلك لا يفضل الأطباء اللجوء إليها تلقائياً وبطريقة عشوائية. وصحيح أن ثمة أطباء يطلبونها عشوائياً في بداية رحلة التشخيص لكن لا يمكن الاستناد إليها أبداً.

أمراض أخرى وفحوصات كثيرة

وبعيداً من مرض السرطان وأساليب تشخيصه، تكثر التحاليل التي يمكن أن تخطئ، منها مثلاً تحاليل الهرمونات، ومنها تحليل الغدة الدرقية TSH, T3, T4، وهنا النتيجة يمكن أن تتأثر بصورة مباشرة بأدوية أو حالات أخرى غير مرتبطة بالغدة.

أيضاً هناك اختبارات فيروس نقص المناعة HIV، التي يمكن أن تعطي نتائج إيجابية كاذبة، ولهذا يعاد التأكيد باختبارات أكثر دقة ومنها مثل Western blot أو PCR، وكذلك اختبارات السل Tuberculin test/IGRA التي يمكن أن تتأثر بالتطعيمات أو ضعف المناعة، مما يؤدي إلى نتائج خاطئة.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة