ملخص
عادت العمليات العسكرية في إقليم كردفان إلى الواجهة من جديد بعد توقف استمر نحو شهرين مع استعادة الجيش بلدتي كازقيل والرياش الواقعتين على بعد 40 كيلومتراً جنوب مدينة الأبيض، والتي تهدف إلى فك الحصار عن مدينتي كادوقلي والدلنج بولاية جنوب كردفان، بالتالي وصول الغذاء والقوافل التجارية إلى المدينتين المحاصرتين منذ يونيو 2025.
استهدفت غارات بمسيّرات اليوم الثلاثاء مصفاة نفط ومحطة كهرباء ومصنع أسلحة في منطقة الخرطوم التي يسيطر عليها الجيش السوداني منذ مايو (أيار) الماضي، بحسب ما أفاد شهود في المواقع المستهدفة اتصلت بهم وكالة الصحافة الفرنسية، وصور على شبكات التواصل الاجتماعي.
واستهدفت هذه الهجمات التي وقعت قرابة الساعة الخامسة صباحاً، مجمع اليرموك للصناعات العسكرية إلى جنوب العاصمة، ومصفاة الخرطوم ومحطة كهرباء المرخيات، وفقاً للمصادر. من جهة أخرى، أفاد مصدر عسكري طلب عدم الكشف عن اسمه باستهداف قاعدة وادي سيدنا الجوية، موضحاً أن "المضادات الأرضية تصدت للمسيرات وأسقطتها".
وأكد مصدر عسكري آخر استهداف مبنى تابع للجيش السوداني في منطقة بحري شمال الخرطوم "وأحدثت فيه دماراً وإصابات وسط الضباط والجنود".
وأفاد شهود في أم درمان على الجهة المقابلة للخرطوم من نهر النيل، بمشاهدة طائرات مسيرة عبرت بعضها النهر للضفة الأخرى، كما أفاد سكان بأحياء الثورات في أم درمان بانقطاع الكهرباء.
وفي وقت تواصلت المواجهات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" لليوم الثاني في محور كردفان تمكن الجيش من صد هجوم مباغت لـ"الدعم السريع" على بلدة كازقيل الواقعة على بعد 40 كيلومتراً جنوب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان بعد معارك عنيفة بين الجانبين استمرت ساعات.
وبث أفراد من الجيش مقاطع فيديو مصورة وهم يحتفلون مع مواطني البلدة عقب بسط سيطرتهم عليها، فضلاً عن عرضهم عدداً من القتلى والآليات العسكرية المدمرة لـ"الدعم السريع". وبحسب مصادر عسكرية فإن "الدعم السريع" شنت هجوماً على بلدة كازقيل من اتجاهين في محاولة لاستعادة السيطرة عليها، غير أن الجيش تمكن من صد الهجوم بمشاركة طيرانه الحربي الذي قصف بقوة أماكن انتشار "الدعم السريع" في هذه البلدة بهدف قطع الطريق أمام مجموعات الإسناد، مما أدى إلى تراجع القوات المهاجمة حتى بلدة الشوشاية التي تربط بين جنوب كردفان وغربها. وأشارت المصادر نفسها إلى أن طيران الجيش كثف غاراته الجوية على مناطق غرب بارا وجنوب الأبيض والخوي وأبو زبد والنهود والفولة بولايتي غرب كردفان وشمالها، إذ تتمركز "الدعم السريع" منذ نحو عام، وأفادت أيضاً بأن الضربات الجوية أسفرت عن تدمير ما لا يقل عن 20 عربة قتالية، ومقتل العشرات من "الدعم السريع". وأوضحت المصادر أن الغارات الجوية تهدف إلى تشتيت هذه القوات في تلك المناطق، مما يمهد الطريق للتقدم العسكري والسيطرة عليها، تنفيذاً لتوجيهات القيادة بفك الحصار عن الفاشر ومناطق أخرى.
فك الحصار
عادت العمليات العسكرية في إقليم كردفان إلى الواجهة من جديد بعد توقف استمر نحو شهرين مع استعادة الجيش بلدتي كازقيل والرياش الواقعتين على بعد 40 كيلومتراً جنوب مدينة الأبيض، والتي تهدف إلى فك الحصار عن مدينتي كادوقلي والدلنج بولاية جنوب كردفان، بالتالي وصول الغذاء والقوافل التجارية إلى المدينتين المحاصرتين منذ يونيو (حزيران) الماضي.
وكان طيران الجيش نجح خلال أغسطس (آب) الماضي في إسقاط كميات من الغذاء والدواء والمعدات العسكرية والأوراق النقدية في مدينة كادوقلي لإنقاذ الوضع الإنساني الذي اتجه إلى مستويات خطرة.
وتزامنت هذه المعارك مع زيارة نائب القائد العام للجيش شمس الدين الكباشي إلى جبهات القتال بإقليم كردفان، إذ توعد في خلال لقاءاته مع القادة والجنود المرابطين في الميدان باستئناف المعارك الحربية في كردفان قلائلاً "سنبدأ المعارك في كردفان ونحقق الانتصارات في جولات سريعة نحو فك الحصار عن مدينة الفاشر".
وأدت العمليات العسكرية إلى نزوح سكاني كبير من مناطق غرب بارا وكازقيل والحمادي والخوي والنهود، نحو مدينة الأبيض بشمال كردفان، ومدن أخرى في جنوب كردفان في ظل التدهور الحاد في الأوضاع الإنسانية بسبب القتال المستمر منذ أكثر من عامين، إذ يواجه المدنيون في هذا الإقليم صعوبات عديدة تبدأ من شح مياه الشرب وانعدام مصادر الطاقة مثل الكهرباء وارتفاع أسعار الوقود والاعتماد على المهرب من دول الجوار، إلى جانب تفشي الكوليرا والملاريا.
ويقطن إقليم كردفان أكثر من 4 ملايين شخص، ويضم ثلاث ولايات هي شمال وغرب وجنوب كردفان، وتتقاسم الأطراف العسكرية مناطق السيطرة في أنحاء الإقليم، بما في ذلك مناطق سيطرة الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، المتحالفة مع "الدعم السريع" منذ مارس (آذار) الماضي.
قصف متبادل
في محور دارفور شهدت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مواجهات ضارية بين الجيش وحلفائه من القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة والمقاومة الشعبية ضد "الدعم السريع" شملت محاور عدة. وبحسب مصادر عسكرية فإن "الدعم السريع" بادرت بقصف مواقع وارتكازات الجيش في الأجزاء الشمالية الغربية من المدينة، ورد الأخير بقصف مدفعي مماثل باتجاه تجمعات "الدعم السريع" بالجهة الجنوبية الغربية من الفاشر. وأشارت المصادر إلى وقوع معارك عنيفة بين الطرفين استخدم فيها "الدعم السريع" المسيرات الانقضاضية، بجانب الأسلحة المتوسطة والخفيفة، بينما اعتمد الجيش على المدفعية الثقيلة، مما مكنه من تدمير ما لا يقل عن 10 مركبات قتالية لـ"الدعم السريع" وإجبارها على التراجع لمواقعها.
وضع مترد
تعاني الفاشر وضعاً إنسانياً متردياً للغاية في ظل خروج معظم المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة منذ وقت مبكر بسبب استهدافها بصورة متعمدة من "الدعم السريع" أو وقوعها في نطاق المواجهات العسكرية. ويعمل في المدينة حالياً مستشفيان فقط هما "المستشفى السعودي" و"السلاح الطبي"، لكنهما يعانيان انعدام الأدوية وندرة الكوادر الطبية، فضلاً عن الاستهداف المستمر بواسطة مدفعية "الدعم السريع" وطيرانها المسير. ويتكدس عدد كبير من المرضى ومصابي الحرب أمام هذين المستشفيين من دون أن يتلقوا أي معينات طبية، وبحسب مصادر طبية، فإن ما يزيد على 300 شخص تعرضوا خلال الفترة القليلة الماضية لعمليات بتر للأطراف بسبب تعفن الجروح لغياب الأدوية، في وقت هناك فيه ما يزيد على 1500 شخص في حاجة إلى تدخل جراحي عاجل، لكنه غير متوافر حالياً بسبب الحصار المتطاول وصعوبة إجلائهم. وتمنع "الدعم السريع" وصول الإغاثة والسلع والأدوية إلى الفاشر، حيث تنشر آلاف المقاتلين في الطرق المؤدية إلى المدينة. كما يدفع النقص الحاد في اللقاحات والأدوية الأساسية والمستلزمات الجراحية النظام الصحي إلى حافة الانهيار، مما يحول دون تمكن آلاف الأشخاص من الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وباء الكوليرا
صحياً، أشارت المنسقية العامة للاجئين والنازحين إلى تسجيل 226 حالة إصابة جديدة بالكوليرا وثلاث وفيات في دارفور، ليرتفع إجمال الحالات منذ بداية تفشي الوباء إلى 10525 حالة بينها 419 وفاة.
وسجلت مدينة طويلة بولاية شمال دارفور أعلى معدلات الإصابة بإجمال 5262 حالة منذ بداية التفشي، منها 78 وفاة، و54 إصابة جديدة، تليها روبيرا 396 حالة، وجبل مرة - قولو 1329 حالة، وجلدو 89 حالة، ونيرتيتي 164 حالة بينها تسع إصابات جديدة، وشرق جبل مرة - ديرة 209 حالات منها 47 حالة محتجزة حالياً في مراكز العزل. وبحسب المنسقية فإن الحالات التراكمية في مخيم كلمة بلغت 457 حالة منها 64 وفاة، وفي مخيم عطاش 251 حالة و58 وفاة، ومخيم دريج 145 حالة وأربع وفيات، وسجل مخيم سورتوني 90 حالة و11 وفاة. ويستمر تفشي الوباء في شرق دارفور بمخيمات الحميدية والحصاحيصا وقرب زالنجي، إذ تجاوز عددها 100 إصابة في مناطق عدة.
ويواصل الوباء انتشاره في مناطق واسعة من دارفور، بما في ذلك نيالا وخزان جديد بمحلية شعيرية، وسط تحديات كبيرة بسبب نقص الإمدادات الطبية ومراكز العزل، إضافة إلى انتشار الملاريا وسوء التغذية بين الأطفال.
ودعت منسقية النازحين المنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، إلى التدخل العاجل لمنع تفاقم الأزمة الصحية والإنسانية في دارفور، إذ يهدد تفشي هذا الوباء حياة آلاف المدنيين في مناطق النزوح.
عودة المنظمات للخرطوم
إلى ذلك أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنها ستنتقل للعمل في الخرطوم كأول وكالة تابعة للأمم المتحدة تعود إلى العاصمة منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين. وأشارت المنظمة في منشور على منصة "إكس" إلى أن فتح مكتبها في الخرطوم ومباشرة نشاطها من هناك يؤكد دعمها المتواصل للسودان. وقال رئيس بعثة منظمة الهجرة في السودان محمد رفعت إن "انتقال المنظمة إلى العمل من الخرطوم يؤكد عودة الحياة وتعافيها من الحرب"، وأوضح أن ولاية الخرطوم تشهد عودة عديد من السودانيين، متوقعاً رجوع أكثر من مليون شخص إلى الولاية نهاية هذا العام.
وسعت الحكومة السودانية بعد استعادة الجيش ولاية الخرطوم في مارس الماضي إلى استعادة خدمات المياه والكهرباء والصحة تزامناً مع إعادة إعمار البنية المدمرة وإبعاد المقاتلين من داخل الولاية بغرض استعادة الأمن وتهيئة الوضع لعودة النازحين. واتخذت الحكومة السودانية مدينة بورتسودان شرق السودان بعد اندلاع الحرب مركزاً لإدارة شؤون البلاد كما انتقلت إليها وكالات الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية.