ملخص
كانت للأمم المتحدة تجارب عدة في القضاء على مخازن الأسلحة والذخيرة في دول عدة، إلا أن أبو عجيلة أكد أن الأمم المتحدة لا يمكنها أن تنجح في القضاء على مخازن الذخيرة في ليبيا لأنها منقسمة إلى قطبين، ولكل قطب حكومة وجناح أمني خاص بها مدعوم من قبل دول غربية متدخلة في الشأن الليبي، منوهاً بأن هذه المشكلة لن تنتهي إلا بتعجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
مخازن ذخيرة مزروعة في أماكن سكنية وأسلحة منتشرة بطرق غير قانونية، يقارب عددها 29 مليون قطعة، وفق تقارير أممية ودولية، وهي من العوائق التي حالت دون استعادة ليبيا أنفاسها للذهاب نحو تشكيل سلطة تنفيذية موحدة تنهي الانقسامات بين الشرق والغرب الليبي.
وأعادت حادثة تفجير مخزن للذخيرة في منطقة السكيرات التابعة لمدينة مصراتة (شرق العاصمة طرابلس) التي تسبّبت في جرح 16 ليبياً، الذاكرة إلى حوادث مشابهة كان أخطرها انفجار مستودع للذخيرة في منطقة براك الشاطئ جنوب البلاد عام 2013، مما تسبّب في مقتل 40 شخصاً.
إخلاء المخازن
حوادث دفعت وزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية إلى الإعلان عن تشكيل لجنة لإخلاء مخازن الذخيرة من الأحياء السكنية، وأكد وكيل وزارة الدفاع عبدالسلام زوبي أن اللجنة ستتولى تحديد مواقع بديلة لتخزين الأسلحة والذخائر خارج الأحياء السكنية بمدينة مصراتة. وكشف عن أن هذه اللجنة مكلفة بإخلاء مواقع تخزين الذخائر الموجودة داخل الأحياء السكنية والمقار غير التابعة للجيش، ونص القرار، أيضاً، على إعادة المقار التي تم إخلاؤها إلى الجهات التابعة لها عامة كانت أو خاصة.
وجاء قرار وزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية، بعدما احتج سكان منطقتي الهبارة والسكيرات التابعة لمدينة مصراتة، على تخزين الأسلحة والذخائر وسط الأحياء السكنية، لا سيما على أثر تعرض الأهالي لإصابات متفاوتة الخطورة وصلت حد فقدان أحدهم عينه نتيجة انفجار مخزن الذخيرة بالكسيرات.
احتجاجات
وعبر أهالي مصراتة في وقفتهم الاحتجاجية عن رفضهم تخزين الذخائر داخل المناطق السكنية، مطالبين بعدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تهدد حياة المدنيين الأبرياء، ودعوا إلى دحر هذه المجموعات المسلحة خارج المناطق السكنية وتطبيق القانون في حقها.
وقال المستشار العسكري السابق لكل من المجلس الرئاسي ولجنة الأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة، العميد عادل عبدالكافي، "قانونياً لا يمكن أن تكون مخازن الذخيرة داخل المدن ولا داخل القرى، بل إن مكانها داخل معسكرات مؤهلة لتخزين الأسلحة والذخائر"، مشدداً على ضرورة تخزينها بطريقة صحيحة حتى لا يحدث فيها أي انفجارات. وأضاف عبدالكافي "المتعارف عليه أن وزارة الداخلية وعناصرها الأمنية لا تمتلك أسلحة متوسطة أو ثقيلة، لكن المجموعات المسلحة داخل الأراضي الليبية، سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب الليبي، هي ما تمتلك مخازن للأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وهو أول عائق ستصطدم به عملية تجميع الأسلحة والذخيرة، لأنه من الصعب أن تسلم هذه الفصائل المسلحة مخازن ذخيرتها لا سيما أن البلد في حال اضطراب وفوضى أمنية". ونوه بأن ما حدث من انفجارات في مخزن الذخيرة في مصراتة ليس الأول من نوعه بل تكرر مرات عدة بخاصة في مخزن براك الشاطئ، مما يشكل خطراً كبيراً على الناس في المدن والقرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عملية صعبة
وأكد عبدالكافي أن هناك آليات عدة لتنفيذ حلول عاجلة لحل إشكال مخازن الذخيرة يبقي أهمها الاتفاق مع الوحدات العسكرية والأمنية على اختيار مواقع للتخزين بعيداً من الكتل السكنية حتى لا تشكل خطراً وتهديداً للمدنيين، وتابع "لا يتصور أن تكون هناك عملية إخلاء لمخازن الذخيرة على المدى القريب لأن هناك تشكيلات رافضة هذه العملية، حتى اللحظة، على رغم تبعيتها لجهات رسمية في طرابلس، لكن هذه المجموعات ترى أن الدولة الليبية لم تستقر بعد، لذلك لديها موقف مغاير لموقف وزارة الدفاع في طرابلس، مما يعني أن من المبكر الآن الحديث عن عملية تجميع للأسلحة والذخيرة من داخل المد"، وقال إن عملية جمع الذخيرة، التي تطرّق إليها وكيل وزارة الدفاع، تحدث في دولة مستقرة وحكومة موحدة لا في دولة منقسمة سياسياً وأمنياً، مؤكداً أن موضوع مخازن الذخيرة والأسلحة لا يمكن حسمه لأن تدفقها ما زال يغزو الأراضي الليبية على رغم أن عملية "إيريني" التي أقرها الاتحاد الأوروبي، تمنع دخول الأسلحة والذخائر إلى ليبيا، إضافة إلى أن عملية جلب الأسلحة من قبل الفيلق الأفريقي - الروسي ما زالت مستمرة، "وكل هذه العمليات جعلت من ليبيا قاعدة لنقل الأسلحة والذخيرة إلى دول غرب أفريقيا والساحل والصحراء الأفريقية والسودان".
فعل سياسي
وشدد عبدالكافي على ضرورة وجود استراتيجية قصيرة المدى، وأخرى طويلة المدى، تضعها الدولة لعملية جمع الذخيرة من المخازن الموجودة داخل الأحياء السكنية والمقار غير النظامية.
عضو مجلس الدولة الاستشاري سعد بن شرادة تساءل، من جهته، عن كيفية تطبيق قرار إخراج مخازن الذخيرة من المدن والقرى "وهو أساساً موجه ضد الميليشيات غير الخاضعة لهذا القرار الصادر عن وزارة الدفاع، وهي أساساً غير خاضعة للدولة، بل تأخذ أموالاً منها فحسب"، وأكد أن وكيل وزارة الدفاع عبدالسلام زوبي لا يستطيع تنفيذ هذه العملية لأن كل الأسلحة والذخائر الموجودة داخل المخازن هي في مقرات الميليشيات الموجودة داخل المدن وخارجها، وقال عضو مجلس الدولة الاستشاري إن "قرار زوبي هو والعدم سواء، وجاء فقط في إطار الدعاية السياسية لحكومة الوحدة الوطنية ووزارة دفاعها".
انتهاك
من جانبه قال الحقوقي جابر أبو عجيلة إن السلطات الحاكمة في الغرب الليبي ليست لها سيطرة على الكتائب المسلحة، "مع أنها تشرعنها بقرارات من دون القدرة على متابعتها ومتابعة تسليحها"، موضحاً أن تخزين الذخائر يحتاج إلى مخازن بمواصفات عالمية ومنظومة حماية وإنذار وإطفاء، وهذا غير موجود في هذه المخازن. وجزم أبو عجيلة بأن وزارة الدفاع ورئاسة الأركان ليس لها علم بأماكن مخازن الأسلحة والذخائر، لا من جهة العدد ولا النوع، ولا طرق جلبها وتخزينها واستعمالها، وأوضح أن هذه العملية مخالفة للنظم المعمول بها في أبسط المؤسسات العسكرية ويعارض حقوق المواطن الليبي في العيش بأمان، وهو انتهاك لحقوق الإنسان في ليبيا الذي يضاف إلى عشرات الانتهاكات.
وكانت للأمم المتحدة تجارب عدة في القضاء على مخازن الأسلحة والذخيرة في دول عدة، إلا أن أبو عجيلة أكد أن الأمم المتحدة لا يمكنها أن تنجح في القضاء على مخازن الذخيرة في ليبيا لأنها منقسمة إلى قطبين، ولكل قطب حكومة وجناح أمني خاص بها مدعوم من قبل دول غربية متدخلة في الشأن الليبي، منوهاً بأن هذه المشكلة لن تنتهي إلا بتعجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية.