ملخص
مصادر مقربة من قيادة الجيش اللبناني لـ"اندبندنت عربية" أكدت أن قائد الجيش العماد رودولف هيكل سيعرض خطة حصر السلاح المقسمة على أربع مراحل على أساس المناطق ولن يحدد مهلة زمنية على اعتبار أن الحكومة سبق ووضعت مهلة أقصاها نهاية العام الحالي لإنجاز مهمة حصر السلاح في القرار الذي سبق واتخذته في جلسة الخامس من أغسطس.
كثرت التوقعات حول جلسة مجلس الوزراء المخصصة للاطلاع على خطة الجيش لحصر السلاح، وبقيت المعلومات حولها متضاربة قبل ساعات على انعقادها اليوم الجمعة، فيما المؤكد أن الوزراء الشيعة قرروا المشاركة وأن قائد الجيش العماد رودولف هيكل قد أعد الخطة وهو حاضر وأتم واجباته، ويبقى على السلطة السياسية أن تكون جاهزة. وكشفت مصادر مقربة من قيادة الجيش لـ"اندبندنت عربية" عن أن العماد هيكل سيعرض خطة حصر السلاح المقسمة على أربع مراحل على أساس المناطق، الأولى مخصصة للجنوب والثانية لبيروت وضواحيها والمدن الكبرى والثالثة للبقاع والشمال، أما المرحلة الرابعة فللتثبيت الشامل على أن تشمل بقية المناطق اللبنانية، خصوصاً القرى والبلدات في جبل لبنان. وأكدت مصادر قيادة الجيش أن العماد هيكل لن يحدد مهلة زمنية على اعتبار أن الحكومة سبق ووضعت مهلة أقصاها نهاية العام الحالي لإنجاز مهمة حصر السلاح في القرار الذي سبق واتخذته في جلسة الخامس من أغسطس (آب) الماضي، لكنه سيطلب من الحكومة تأمين الحاجات اللوجستية والبشرية والمالية التي يتطلبها تنفيذ الخطة. وأكدت المصادر أن قائد الجيش لا يتخوف من أي مواجهة ولا يخضع للتهويل وضميره مرتاح وسيقوم بواجباته بحسب القرار المتخذ من السلطة السياسية.
وتنعقد الجلسة على وقع اتصالات دولية، بخاصة فرنسية، سعياً مع الجانب الأميركي إلى تأمين موقف إسرائيلي ليّن في شأن الضمانات المطلوبة لانسحاب الإسرائيليين من النقاط المحتلة عند بدء التنفيذ. وأكد مصدر دبلوماسي فرنسي أن أي تلكؤ من قبل الحكومة اللبنانية أو أي تراجع عن قرار حصر السلاح سيدخل لبنان في نفق مظلم على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لن يخرج منه بسهولة.
لا تصويت على قرار سبق واتخذ
وكان "الثنائي الشيعي" (حركة أمل و'حزب الله') استبق الجلسة بسلسلة مواقف عبرت عن رفضه النقاش بحصر السلاح الذي ربطه رئيس مجلس النواب نبيه بري بالحوار في وقت دعت "كتلة الوفاء للمقاومة" (حزب الله) الحكومة إلى "مراجعة حساباتها والتوقف عن تقديم هدايا مجانية لإسرائيل والتراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني في موضوع سلاح المقاومة والامتناع عن الخطط المزمع تمريرها بهذا الصدد". وبهذه الروحية سيدخل الوزراء ممثلي "الثنائي" إلى الجلسة بعدما وضعوا شرطاً مسبقاً للمشاركة وهو عدم حصر جدول أعمالها ببند واحد يتعلّق بمناقشة إقرار خطة الجيش وألا يكون بند السلاح البند الأول، وشرطاً لاستمرارهم في الجلسة، وهو عدم إحالة الخطة على التصويت، وشرطاً للتعامل بهدوء مع الخطة وعدم التصدي لها في السياسة والشارع، وهو ألا تكون مقرونة بمهل وسقوف زمنية أو بخطوات تنفيذية.
في المقابل أكدت مصادر وزارية لـ"اندبندنت عربية" أن الخطة المقترحة من الجيش ستناقش لكنها لن تطرح على التصويت على اعتبار أنها امتداد لقرار سبق واتخذ في مجلس الوزراء وأن ما كتب قد كتب، ورأت المصادر المقربة من رئيس الحكومة نواف سلام أن الكلام عن عدم ميثاقية القرار هو في غير محله لأن الميثاقية هي في تكوين الحكومة وهي بين المسيحيين والمسلمين وليست بين المذاهب، والميثاقية مؤمنة بمجرد اشتراط المشترع ثلثي أعضاء مجلس الوزراء لإقرار أي بند بما يضمن الصوت المسيحي والصوت المسلم معاً. وتحدثت مصادر مقربة من القصر الجمهوري (مقر رئاسة الجمهورية) عن سيناريو للجلسة لتفادي انسحاب الوزراء الشيعة، ويقضي بصدور بيان في ختامها يشير إلى أن قائد الجيش عرض خطة الجيش وتمت مناقشتها ويتضمن تأكيد الحكومة بسط سيادتها وحصرية السلاح بيدها كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري وفي قرار الحكومة الصادر في الخامس من أغسطس، كما يتضمن البيان إدانة للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي اللبنانية ويدعو إسرائيل إلى تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته. وكشفت المصادر عن أن أقصى ما يمكن أن تخرج به جلسة مجلس الوزراء هو الاطلاع على الخطة من دون أخذ قرار بها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الحزب لن يسلم
وكشف مصدر مقرب من "حزب الله" عن أن الحزب يتعاطى مع موضوع حصر السلاح وكأنه لم يكن، وهو يصر على اعتماد نموذج حركة "حماس" معتبراً أنه ما دامت إسرائيل وأميركا لم تتمكنا من نزع سلاح "حماس" فلن تستطيعا أيضاً إنهاء سلاحه.
واعتبر الكاتب السياسي بلال اللقيس أن "مقاربة مسألة المقاومة يجب أن تتم على أساس أنها قضية سيادية وهي مسألة متصلة بالكيان وببقائه ككيان، ومن ثم هي أبعد من قرار حكومة فاقد أي شرعية ودستورية"، وجزم اللقيس "بعدم حصول صدام بين بيئة 'حزب الله' ومكون بكامله هو الطائفة الشيعية والجيش اللبناني"، وأكد "ألا سبيل للبحث بموضوع السلاح والمقاومة سوى بالحوار وفقط الحوار، وبعد أن يكون العدو طبق الالتزامات المطلوبة منه، وبعد البدء بإعادة الإعمار، وأي مقاربة أخرى ستزيد الأمور تعقيداً". واستبعد اللقيس أن يقبل الجيش كمؤسسة وطنية بأن يُستخدم أداة في يد حكومة تسير بأجندة خارجية، مؤكداً أن مجتمع "حزب الله" موحد وسيترقب فعل السلطة السياسية ولن يستبقها بفعل كي لا يتحمل عواقب وأخطار النتائج، "وهو حريص على الاستقرار وتجنيب لبنان أي خضة يدفع إليها الآخرون والخارج. أظن أن المقاومة وفريقها يعرفون أن الهجوم خارجي الإدارة والتخطيط، لذلك يجب أخذ كل السيناريوهات بالاعتبار والتنبه لها".
لدى الحزب أوراق كثيرة لم يستخدمها بعد
ورأى الكاتب السياسي أنه بالنسبة إلى الحزب "المسألة تتعدى كون قرار حصر السلاح غير شرعي إلى وجوب عودة الحكومة عنه، ومن حق 'حزب الله' استخدام كل الوسائل المشروعة والدستورية لذلك، ولن يقبل بأقل من ذلك"، وأشار إلى أن "العقلاء في لبنان لن ينجروا إلى أتون الحرب الأهلية خدمة للخارج لأن الرابح فيها سيكون خاسراً، لكن يجب ألا نغفل أنه في حال إصرار الحكومة على قرارها اللاشرعي فقد تغير المقاومة من تعاونها في جنوب نهر الليطاني". وصف المعركة بالسياسية والسيادية بامتياز وبأنها ليست على السلاح بل هي أبعد، وبأنها بين رؤيتين الأولى تعمل "لملاقاة التطبيع تحت عنوان وغطاء الحياد، ورؤية أخرى تعتمد المقاومة ثقافة ومنهجاً لتحقيق السيادة وحفظ المصالح والهوية".
الحكومة لا يمكن أن تتراجع
من جهته اعتبر الكاتب والصحافي بشارة خير الله أن اجتماع مجلس الوزراء مهم لكنه ليس بأهمية القرار التاريخي الذي اتخذته الحكومة في الخامس من أغسطس، والذي على أثره تم تكليف الجيش وضع خطة للتنفيذ، "ومن ثم لا داعي للتصويت على الخطة كونها تأتي في إطار استكمال ما قررته الحكومة"، وأكد أن هناك خطة مرحلية سينفذها الجيش اللبناني للانتهاء من كل سلاح غير شرعي. وعن العوائق اعترف خير الله أن القرار ليس سهلاً لكنه حكماً ليس مستحيلاً والجيش اللبناني قادر على تنفيذه، كذلك فإن الحكومة الميثاقية بكل قراراتها قادرة أيضاً على مواكبة هذا الموضوع مع الدول الصديقة بكل مستلزماته، خصوصاً أن التنفيذ سيتطلب مستلزمات كثيرة سيحتاج إليها الجيش اللبناني. أما معارضة "حزب الله" أو عدم معارضته فشأن آخر، تابع خير الله، "والجميع ينسى أن إسرائيل بالمرصاد وهي لا تفوّت أي فرصة لتنفيذ أهداف سبق ووضعتها ولا تزال لديها أهداف أخرى. الحكومة لا يمكن أن تتراجع عن مثل هذا القرار، والجيش اللبناني لا يمكن إلا أن ينفذ هذا القرار على مراحل".