Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنقلب هوليوود على نفسها بسبب حرب غزة؟

نجوم السينما يدعمون صوت فلسطين في "البندقية" وممثلة إسرائيلية تلقي بفشل فيلمها على معاداة السامية واضطرابات في أجندة التعاقدات

قاد تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى تبدل مواقف الكثير من مشاهير هوليوود بصورة جذرية (أ ف ب)

ملخص

بعيداً من التحولات المحورية في مواقف مقدمي البرامج والبودكاست الأكثر شهرة عالمياً في ملف غزة، فقد كانت المدينة التي يعاني سكانها التهجير والحصار محور الحديث في هوليوود بعد الجدل الذي أُثير في شأن أحدث نسخة من فيلم "سوبرمان" بطولة ديفيد كورنسويت الذي اعتبره غالبية النقاد وكذلك المشاهدون محاكاة موازية لما يجري في الأراضي الفلسطينية.

حتى وقت قريب كانت هوليوود على عهدها، إذ أي انتقاد ولو من بعيد للسياسة الإسرائيلية أو الحديث عن احتلال فلسطين كفيل بأن يؤثر بمنتهى السلبية في مسيرة معتنقيه، سواء كانوا وراء أو أمام الكاميرا، والأمثلة كثيرة، وظل الوضع هكذا حتى مع الأشهر الأولى لأحداث "طوفان الأقصى" حينما شنّت "حماس" هجومها، وأسرت عشرات الرهائن من الجانب الإسرائيلي.

بعد مرور ما يقارب عامين على الحرب الإسرائيلية على غزة، وإعلان الأمم المتحدة المجاعة رسمياً هناك، مع وقوع عشرات آلاف الضحايا، أكثر من 80 في المئة منهم من المدنيين وفقاً لتحقيقات مستقلة أُجريت أخيراً، انقلبت مواقف الكثير من المشاهير بصورة جذرية، لكن الأمر لم يقف عند مجرد الرأي أو التصريح أو حتى المشاركة في تظاهرة، إنما بدا وكأنّ هوليوود تنقلب على نفسها، بسبب تبدلات المواقف جراء حرب غزة.

حدثت تغييرات قوية في مشاريع السينما وفي الإنتاجات الكبرى، وحتى في موازين القوى، فأخيراً عبّرت نجمة هوليوود المدللة غال غادوت عن صدمتها بفشل فيلمها "سنو وايت" النسخة الحية الجديدة من القصة الكلاسيكية الشهيرة، وأرجعت الأسباب إلى "الضغوط التي باتت تُمارس على المشاهير لإدانة إسرائيل".

غادوت الجندية السابقة التي عبّرت العام الماضي عن صدمتها بالتوجهات المتنامية لدعم الجانب الفلسطيني، مشيرة إلى أنها لم تكن تتصور أبداً أن تشاهد في شوارع الولايات المتحدة أشخاصاً لا يدينون "حماس" بل يحتفلون بأي تصرف ضد الشعب اليهودي، وفق قولها، عادت وكررت الفكرة ذاتها حيث اختارت أن ترمي إخفاق الفيلم في تغطية موازنة كلفته لأسباب سياسية لا فنية، على رغم أن النقاد عددوا عشرات المواضع التي جعلت فيلم ديزني الجديد عن "بياض الثلج" متواضعاً، بل يرهق مشاهديه بدلاً من تشويقهم وتسليتهم.

إخفاق سياسي أم فني؟

تصريحات غادوت التي خصّت بها قناة إسرائيلية، باتت غير واضحة، في تحديد السبب على وجه الخصوص، فلم تشرح هل الخسائر التي مُني بها الفيلم تتعلق بكونها مؤيدة لإسرائيل، لذا فهي بالنسبة إلى البعض لا تتعاطف مع قتل المدنيين في غزة، أم على العكس، الفشل جاء بسبب أن الممثلة اللاتينية الأصل الشابة رايتشل زيغلر التي قدمت دور سنو وايت، لا تتوقف عن إعلان وقوفها مع الحق الفلسطيني، بل لديها تغريدة شهيرة تحدثت فيها عن الفيلم اختتمتها بعبارة "فلسطين حرة"، وهو موقف يشكّل في الزاوية الانتقامية التي تلمح لها غادوت في التعامل مع الفيلم الذي أظهر بياض الثلج ببشرة سمراء، وسط استغراب الجمهور، واتهامات بالسماح للصوابية السياسية بإفساد القصص الكلاسيكية.

 

مع هذا وذاك فنبرة خيبة الأمل التي تحدثت بها غادوت تبدو غريبة على فنانة قدمت خلال عام 2023 فقط أربعة أعمال كبيرة، بينها فيلمها الشهير مع دي سي "المرأة الخارقة"، وهي الشخصية التي اشتهرت بها قبل نحو 10 أعوام، وقدمت في أفلام عدة عن الأبطال الخارقين، فقد منحت غادوت فرصاً كثيرة، لا سيما في عالم الأكشن النسائي، إذ اعتبرت غادوت، التي سبق وخدمت في الجيش الإسرائيلي إبان حرب لبنان 2006، أن مشاهير هوليوود يتعرّضون لضغوط، للتعبير عن كراهية إسرائيل، وأن فيلمها الذي عُرض في ربيع هذا العام تأثر بشدة بهذا المناخ، دون أن تُفسر بصورة قاطعة هل مواقف زميلتها في الفيلم الرافضة سياسة حكومة إسرائيل هي السبب أم الجماهير قاطعت الفيلم كرسالة كراهية لغادوت نفسها، إذ أشارت الجندية السابقة إلى أنها كانت متأكدة من أن العمل الذي جسّدت فيه شخصية الملكة الشريرة سيحقق نجاحاً باهراً، لكن العكس هو ما حدث.

وعلى ما يبدو أن النجمة التي زارت أخيراً أهالي الأسرى الإسرائيليين الرافضين بدورهم تقاعس نتنياهو عن إعادتهم شعرت بأنها بالغت في رد فعلها بعدما اتُهمت بأنها تبحث عن كبش فداء لفشل الفيلم التجاري، إذ أوضحت في منشور لاحق على "إنستغرام" أنه ليس الموقف السياسي منفرداً هو سبب رد الفعل الجماهيري السلبي تجاه الفيلم، إنما هناك أسباب إبداعية، لافتة إلى أنها ربما تحدثت من منطلق عاطفي.

التوتر العصبي الذي تشعر به غال غادوت ربما يكون منطقياً، بعدما هوجمت في أثناء تصويرها بعض مشاهد فيلمها المقبل من محتجين يدعمون فلسطين، وكذلك بعدما جرى الهتاف ضدها في أثناء تكريمها بنجمة في ممر المشاهير بهوليوود، كما جرى تخريب صورة النجمة نفسها فيما بعد بكتابة عبارة "قاتلة الأطفال" عليها، قبل أن يجرى تنظيفها في وقت لاحق، اللافت في هذه القصة أن فريق الفيلم يصرّ على أن حرب غزة هي السبب في السقوط المدوي للعمل الذي تكلف 270 مليون دولار لم يجن منها سوى 200، فقد قالت مصادر مقربة من المنتج مارك بلات إن الممثلة رايتشل زيغلر التي تأتي على النقيض من موقف غادوت، هي المسؤولة عن التقييمات السلبية للفيلم، بسبب تصرفاتها غير الناضجة.

اسم غال غادوت يحضر أخيراً في حدث سينمائي بارز وهو مهرجان البندقية السينمائي الدولي الذي انطلق في المدينة الإيطالية الساحرة أمس الأربعاء، حيث يتخذ المهرجان طابعاً سياسياً بارزاً، بعدما طالب مئات النشطاء والسينمائيين المهرجان بعدم دعوة النجوم الموالين الدولة الإسرائيلية في ظل الوضع الإنساني المتردي في غزة، وجاءت غادوت على رأس القائمة، حيث ناشد البيان إدارة المهرجان أيضاً بإدانة "الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في فلسطين" بصورة واضحة ومباشرة، منوهين إلى مقتل 250 صحافياً بصورة متعمدة من قبل آلة الحرب الإسرائيلية.

الدورة الـ82 للمهرجان السينمائي العريق، تشهد أيضاً بصورة موازية عرض فيلم عن طفلة فلسطينية قتلت مع أهلها ومسعفيها من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث وثقت المخرجة التونسية كوثر بن هنية قصتها المؤثرة في العمل الذي يحمل عنوان "صوت هند رجب" ويعرض ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، وقد نال دعماً واسعاً من نجوم هوليوود بعد مشاهدة نسخته الأولى، وبينهم من حرص على الانضمام لفريق إنتاجه، بينهم خواكين فينكس، وبراد بيت، وروني مارا.

ملف غزة في مدينة السينما

بعيداً من التحولات المحورية في مواقف مقدمي البرامج والبودكاست الأكثر شهرة عالمياً في ملف غزة، فقد كانت المدينة التي يعاني سكانها التهجير والحصار كانت أيضاً قبل أسابيع قليلة محور الحديث في هوليوود بعد الجدل الذي أُثير في شأن أحدث نسخة من فيلم "سوبرمان" بطولة ديفيد كورنسويت الذي اعتبره غالبية النقاد وكذلك المشاهدون محاكاة موازية لما يجري في الأراضي الفلسطينية، مما اعتبره مؤيدو إسرائيل نموذجاً جديداً لتطبيع هوليوود مع فكرة معاداة السامية، من وجهة نظرهم.

 

يحكي الفيلم باختصار قصة دولة معتدية تُغير على جارتها المعدمة، وذلك بدعم قوي من الولايات المتحدة، وسط تشابهات وتقاطعات كثيرة مع ما يحدث في غزة، وقد حقق الفيلم بعد نحو شهر ونصف الشهر من طرحه نحو 600 مليون دولار في إجمال إيراداته الدولية، فيما اعتُبر ثالث أعلى فيلم تحقيقاً للإيرادات في أميركا الشمالية خلال 2025 حتى الآن، على رغم نفي صنّاع العمل أن هناك إسقاطاً سياسياً مقصوداً على المجاعة في غزة، مؤكدين أن الفيلم جرى الانتهاء من خطوطه العريضة قبل أحداث "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

منذ أعوام ليست بعيدة كان من الصعب أن يمر عمل يحمل محاكاة حتى لو رمزية تدين الطرف الإسرائيلي، وحتى لو كانت تلك المحاكاة غير مقصودة، لكن تواتر المشاهد التي تُظهر معاناة الفلسطينيين بسبب الحصار والضربات المتوالية في الحصول على أبسط الأشياء جعلت بعضاً من معايير هوليوود الصارمة تتحلل بعض الشيء، فجانب من شركات الإنتاج لم تعد تمانع في استقطاب هؤلاء النجوم الذين لفظتهم المؤسسات الكبيرة عقاباً لهم على موقفهم الداعم لغزة، مثلما كان يحدث قبل ذلك، إضافة إلى أن تعدد منصات العرض الإلكتروني أسهم في تغيير قواعد اللعبة قليلاً.

ممثلة مثل سوزان سارندون عانت في بداية أزمة غزة تعليقات معادية كثيرة، بسبب انتقادها القوة المفرطة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، وكذلك مارك روفاللو وخافيير بارديم. لكن مع ذلك، لم يتوقف أي منهم عن العمل، على رغم من تأثرهم بشدة في بداية الأحداث، فسارندون على سبيل المثال طُردت من وكالة المواهب التي تدير أعمالها بسبب قوة تصريحاتها، لكن بعد وقت قصير عادت وتيرة العمل، إذ إن جميعهم لديهم جدول مزدحم من الأعمال مع المؤسسات التي تعمل مع منصات البث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على النقيض دفعت النجمة فانيسا رديغريف الثمن من نجوميتها وأمنها بعدما كانت من أوائل الفنانات اللاتي أدن تصرفات إسرائيل وذلك منذ نحو نصف قرن، سواء من خلال خطاباتها الصريحة أو من خلال أعمالها، وظلت نجوميتها متأرجحة بسبب عزوف شركات الإنتاج عن التعاون معها. اللافت أن فانيسا رديغريف النجمة البريطانية الحائزة أوسكار وغولدن غلوب وإيمي، التي قاربت على الـ90 من عمرها، لا تزال تخرج في تظاهرات على كرسي متحرك منددة بجوع أطفال غزة، ومطالبة بإنهاء هذا الوضع.

كان من ضمن التغييرات الكبيرة أيضاً، إصرار نجمة مثل مادونا على توجيه رسالة قبل نحو أسبوعين لبابا الفاتيكان لاوون الرابع عشر، حين حثته بشدة على القيام بمهمة إنسانية لزيارة قطاع غزة، من أجل إنهاء الجوع ومساعدة الصغار، مضيفة "لم يعد هناك وقت. أنت الوحيد من بيننا الذي لا يمكن منعه من الدخول".

أبطال على هوى الحرب

تأثيرات حرب غزة على خريطة وتوجهات هوليوود ومشاهيرها بدت واضحة أيضاً من خلال ما حدث في فيلم "Scream 7" ـ "الصرخة 7"، إذ كانت قد أعلنت الممثلة المكسيكية ميليسا باريرا عن رأيها اللاذع في شأن التصرفات الإسرائيلية ضد المدنيين خلال الحرب منذ البداية، مما جعلها تُستبعد على الفور من سلسلة أفلام الرعب الشهيرة، على رغم النجاحات التي كانت قد حققتها سابقاً.

وعلى رغم أن مساحة دورها في الموسم الجديد كانت أكبر، فإنه جرى الاستغناء عنها لاعتراض صنّاع الفيلم على موقفها، وبعدها أُعلن عن اعتذار البطلة الرئيسة جينا أورتيغا عن بطولة هذا الجزء أيضاً، بحجة انشغالها بأعمال أخرى، فيما تردد في الكواليس أن السبب هو تضامنها مع زميلتها، وآخرون اعتبروا أن أورتيغا استُبعدت أيضاً ببساطة، بخاصة أنها تعلن تضامنها دوماً مع الجانب الفلسطيني، وعبّرت مراراً عن دعمها لحق العودة.

التنوّع السياسي المحمود في هوليوود حوّلته الحرب إلى ما يشبه التمزق السياسي، إذ حدث اضطراب في كثير من المشاريع، ما بين التغييرات الجذرية والتأجيلات الطويلة، وباتت بعض مواقع التصوير مستهدفة بسبب عدم رضا الجماهير عن مواقف أبطالها، فمشروع مثل سلسلة "الصرخة" يعتبر من أكثر الأفلام شعبية في هوليوود، قد تبدل صنّاعه بين يوم وليلة، بعدما انسحب فريق الإخراج أيضاً تايلر جيليت ومات بيتينيلي-أولبين، وأُسندت المهمة إلى كريستوفر لاندون الذي وجد نفسه ضحية رسائل تهديد بالقتل والإيذاء وفق تصريحات أدلى بها قبل أيام. لافتاً إلى أنه التزم الصمت طويلاً، لكنه اضطر إلى الاعتذار بعد وقت قصير من التعاقد على فيلم أحلامه كما وصفه، وذلك بسبب النظر إليه من قبل الجمهور على أنه وراء انسحاب ميليسا، وبعد هذه الدراما تعاقد كيفن ويليامسون على إخراج الفيلم مستعيناً بوجوه جديدة، كذلك جدّد الاستعانة بنيف كامبلكورتني كوكس،

ومن المقرر طرح الفيلم العام المقبل إذ جرى تأجيله اضطرارياً بسبب سلسلة الانسحابات المتكررة.اللافت أيضاً أن العقاب الموقت لبطلته لم يؤثر في مسيرتهما، إذ إن لدى ميليسا مشاريع جديدة ستُعرض قريباً بينها "اختيار كوبنهاغن"، وهو مسلسل من بطولتها سيُعرض على خدمة البث التابعة لشبكة "أن بي سي" الأميركية، فيما جينا أورتيغا تحقق تفوقاً قياسياً بالموسم الثاني من مسلسل الرعب الشهير "وينزداي" على "نتفليكس"، الذي جرى تجديده لموسم ثالث سينطلق تصويره قريباً، إضافة إلى قائمة طويلة من المشاريع السينمائية المتنوعة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير