Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك الفاشر تشتعل بوتيرة عنيفة وتزايد وفيات الكوليرا في دارفور

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار واتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين وإيصال المساعدات

متطوعون سودانيون يعدّون وجبات طعام مجانية لبعض سكان مدينة الفاشر (أ ف ب)

ملخص

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالهجمات المتواصلة التي تشنها "الدعم السريع" على مدينة الفاشر التي تخضع لحصار خانق منذ أكثر من 500 يوم، حيث يحاصر مئات الآلاف من المدنيين في المنطقة، وأوضح بيان للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن الأسابيع الأخيرة شهدت قصفاً شبه متواصل للمنطقة، وتوغلات مميتة متكررة في مخيم أبو شوك للنازحين.

تجددت المواجهات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور أمس الجمعة بوتيرة عنيفة، بخاصة في المحور الجنوبي، ووصفتها مصادر عسكرية بأنها أكبر تصعيد عسكري تشهده المدينة منذ بدء الحصار عليها في مايو (أيار) عام 2024 من قبل الأخيرة. وفي وقت أكدت فيه عناصر من "الدعم السريع" من خلال مقاطع فيديو مصورة تضييقهم الخناق على السلاح الطبي التابع للجيش في المدينة، أشارت مصادر ميدانية إلى أن "الدعم السريع" توغلت بالفعل داخل عدد من الأحياء السكنية الواقعة في المحور الجنوبي، وهي الثورة - جنوب والرديف والوادي وأولاد الريف، فضلاً عن سوق المواشي ثاني أكبر أسواق الفاشر، وأقامت ارتكازات محدودة في بعضها، مما أحدث تغييراً في الخريطة العملياتية، لكن بصورة عامة فإن المعارك الدائرة حالياً عبارة عن كر وفر وحرب مشاة مفتوحة في تضاريس معقدة، وليست حرب سيطرة كاملة أو انتشار واسع ومباغت.

وبينت المصادر أن "الدعم السريع" دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة مسنودة بمسيرات استراتيجية في محاولة ترمي إلى الوصول إلى وسط المدينة، لكن الجيش وحلفاءه ظلوا يتصدون باستمرار لهذه الهجمات وإجبار القوات المهاجمة على التراجع نحو سوق المواشي، منوهة بأن هذه المعارك قابلة للتغيير والتصعيد في أي لحظة، لكن من دون أن يكون هناك حسم نهائي من كلا الطرفين.

في الأثناء طالب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي الحكومة الفرنسية والمجتمع الدولي بالتحرك العاجل لفك الحصار عن الفاشر وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الغذاء والدواء والمياه للمدنيين المحاصرين في المدينة. وأعرب مناوي خلال اجتماع عقده مع مسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية بالعاصمة باريس أمس الجمعة عن أسفه لـ"الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم مما يشجع على استمرارها"، وأشار بيان صادر عن حكومة إقليم دارفور إلى أن مناوي ناقش مع المسؤولين الفرنسيين الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها المدنيون بمدينة الفاشر جراء الحصار الذي أدى إلى تفاقم معاناة السكان وانتشار الجوع والمرض والموت وسط الأهالي.

قوة ضاربة

حول تطورات الوضع العملياتي في الفاشر والسيناريوهات المحتملة أفاد الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء ركن عبدالغني عبدالفراج عبدالله بأن "قوات الجيش والقوات المساندة له في الفاشر تمارس حق الدفاع عن النفس، فضلاً عن حماية السكان، ويحق لها استخدام كل الأسلحة المتوافرة لديها من مدفعية وطيران وغيرها، بالتالي تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، فإذا تراخت فقد يؤدي الأمر لسقوط المدينة"، وأكد عبدالله أن المعارك التي خاضها الجيش في الفاشر خلال الفترة الماضية شهدت هلاك أعداد مقدرة من قيادات "الدعم السريع"، وبين أن سيطرة "الدعم السريع" على المدن الكبرى في دارفور، ولا سيما نيالا والضعين وزالنجي والجنينة، والتي تمت بمساعدة رجال الإدارة الأهلية، "كان الغرض منها تحييد الفرق العسكرية التابعة للجيش في هذه المدن من التدخل في العمليات الجارية في المسارح المختلفة باعتبارها قوة ضاربة في القتال، فضلاً عن الفرقة الخامسة - مشاة التي تم تحييدها بحصار الأبيض (وسط شمال كردفان) ما طاول أمد الحرب". وتابع الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أن "الطريق إلى الفاشر يحتم القضاء على حواضن 'الدعم السريع' في كردفان حتى لا يحدث التفاف أو تطويق للقوات المتقدمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استسلام وخروج

من جانبه قال عضو تجمع الضباط وضباط الصف والجنود السودانيين المتقاعدين "تضامن" الرائد محمد مقلد "بكل المقاييس والحسابات العسكرية باتت الفاشر تحت رحمة وسيطرة 'الدعم السريع' عدا بعض الجيوب والمواقع التي تتحصن بداخلها قوات من الجيش والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة في ظل انهيار تام للدفاعات المتقدمة، بخاصة بعدما تم تحرير رئاسة الشرطة، وتلاحم قوات المحور الشرقي بالقوات المتقدمة من المحور الجنوبي الشرقي (منطقة السوق الكبير)، مما يؤكد أن رئاسة الفرقة السادسة - مشاة أصبحت في مرمي نيران 'الدعم السريع'، وأن هناك حالاً من الانهيار المعنوي في صفوف القوات المدافعة مما دفع بعضها للخروج من الفاشر والاستسلام للدعم السريع". وتابع مقلد "في تقديري فشل الجيش في الدفع بمتحركات لفك الحصار المضروب على قواته المدافعة عن الفرقة السادسة - مشاة، وانقطاع أي خطوط إمداد لها، فترة طويلة، بخاصة بعد دخول منظومات دفاعية متطورة لأرض المعركة، حيد كثيراً من مشاركة الطيران الحربي في أي عمليات عسكرية، مع ملاحظة أن المخزون البشري لمسلحي 'الدعم السريع' يزداد باستمرار بخلاف الجيش والقوات المشتركة". ومضى عضو تجمع الضباط وضباط الصف والجنود السودانيين المتقاعدين في القول "في ظل هذا المشهد نجد أن سيناريو اقتحام رئاسة الفرقة السادسة - مشاة سيكلف القوات المهاجمة 'الدعم السريع' خسائر كبيرة في الأرواح، بالتالي تصبح مواصلة فرض الحصار على الجيش داخل مقر فرقته السادسة - مشاة الخيار الأفضل".

هجمات وانتهاكات

دولياً، ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالهجمات المتواصلة التي تشنها "الدعم السريع" على مدينة الفاشر التي تخضع لحصار خانق منذ أكثر من 500 يوم، حيث يحاصر مئات الآلاف من المدنيين في المنطقة، وأوضح بيان للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن الأسابيع الأخيرة شهدت قصفاً شبه متواصل للمنطقة، وتوغلات مميتة متكررة في مخيم أبو شوك للنازحين، وأشار إلى أنه منذ الـ11 من أغسطس (آب)، وثقت الأمم المتحدة مقتل ما لا يقل عن 125 مدنياً في منطقة الفاشر، بما في ذلك عمليات إعدام بإجراءات موجزة، ومن المرجح أن يكون عدد القتلى الفعلي أعلى من ذلك. ولفت البيان إلى المخاوف إزاء الأخطار الجسيمة المتمثلة في وقوع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، فضلاً عن انتهاكات وتجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات ذات الدوافع القبلية. ونوه البيان بأنه تم تجهيز الإمدادات مسبقاً في مكان قريب، لكن جهود الأمم المتحدة وشركائها لنقلها إلى الفاشر لا تزال تواجه عراقيل، مبيناً أن الأشهر الأخيرة شهدت هجمات متكررة على العاملين في المجال الإنساني وأصول المساعدات الإنسانية في شمال دارفور.

ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في منطقة الفاشر وما حولها، مشدداً على ضرورة اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة بصورة آمنة ومن دون عوائق ومستدامة، والسماح لأي مدني يرغب في مغادرة المنطقة طواعية بمغادرتها بأمان. وشدد البيان على أن المبعوث الشخصي للأمين العام رمطان لعمامرة مستمر في التواصل مع الأطراف المتحاربة، وهو على أهبة الاستعداد لدعم الجهود الصادقة لوقف العنف وإقامة عملية سياسية شاملة يطالب بها شعب السودان.

وفيات بالكوليرا

صحياً، تزايدت محصلة وفيات الكوليرا في إقليم دارفور إلى 374 وفاة والإصابات إلى نحو 9000 منذ تفشي الوباء في يونيو (حزيران) الماضي. وبحسب تقرير للمنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين بدارفور فإن إقليم دارفور سجل أمس الجمعة 319 إصابة جديدة منها 13 حالة وفاة بالكوليرا. وأشار التقرير إلى أن مخيمات النازحين والمناطق التي لا تزال تشهد معدلات تفشٍّ كبيرة هي في طويلة بشمال دارفور ومناطق جبل مرة ونيالا بجنوب دارفور وزالنجي بوسط دارفور وخزان جديد بشرق دارفور، ونوه بأن إجمال الإصابات في طويلة بلغ 4886 منذ تفشي المرض، منها 77 حالة وفاة، وأوضح التقرير أن الوفيات بالكوليرا في مناطق جبل مرة وصلت إلى 152، إضافة إلى مئات الإصابات، في حين بلغ إجمال الحالات المسجلة في جنوب دارفور 97 حالة، منها حالتا وفاة. وأضاف أن تراكمي حالات الإصابة بمخيم كلمة للنازحين بنيالا بلغ 435 حالة، منها 64 وفاة، وفي مخيم عطاش 222 إصابة منها 55 وفاة، وفي مخيم دريج 130 إصابة منها أربع وفيات، كما سجلت إصابات بمخيم السلام، كما بلغ العدد التراكمي اليومي للحالات في منطقة خزان بشرق دارفور منذ تفشي المرض 96 حالة منها 20 وفاة. وحذر التقرير من استمرار تفشي الكوليرا في مخيمي الحميدية والحصاحيصا بمنطقة زالنجي بوسط دارفور، إذ بلغ العدد التراكمي اليومي للحالات منذ تفشي المرض 75 حالة، بما في ذلك حالتا وفاة، كما بلغ العدد التراكمي اليومي للحالات في منطقة أزوم غرب زالنجي منذ تفشي المرض 109 حالات، بما في ذلك حالتا وفاة.

ولفت التقرير أيضاً إلى انتشار الكوليرا بمعدلات غير مسبوقة وسط نقص في الإمدادات الطبية ومراكز العزل، مؤكداً أن المنظمات الإنسانية والمتطوعين المحليين وغرف الطوارئ والسلطات المحلية يبذلون جهوداً جبارة لمكافحة هذا المرض، على رغم صعوبات وتحديات جسيمة نتيجة تزايد معدلات الإصابة.

المزيد من متابعات