Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأوروبيون يفعلون "سناب باك": هل من فرصة أمام إيران لتجنب إرث العقوبات؟

يبدو أن طهران اختارت مساراً أكثر واقعية للتعاون التدرجي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

جدية الأوروبيين في تفعيل آلية "سناب باك" تعنى عودة العقوبات الأممية (مواقع التواصل)

ملخص

تأتي هذه التطورات في وقت تعتبر دول الترويكا الأوروبية أن تأجيل "سناب باك" يبدو بمثابة هدنة تسهم في تحقيق الاستقرار بينما في طهران يفسر على أنه تنازل أحادي سابق لأوانه، فالبعض داخل إيران يرى أن وصول المفتشين والكشف عن المواقع التي تعرضت لهجوم ومصير اليورانيوم سيحرم إيران مما يعتبره كثر من المسؤولين آخر أوراقها الرابحة ضد واشنطن.

ما زالت تداعيات حرب الـ12 يوماً تلقي بظلالها على الداخل الإيراني، التخوف الآن من أن الوحدة الوطنية التي سادت خلال تلك الحرب بدأت تضعف وتظهر على السطح الشقاقات بين التيارات السياسية المختلفة

من بين تلك الشقاقات كان ما حدث من مطالبات المنتمين للتيار الإصلاحي بإجراء إصلاحات داخل إيران وتقديم بعض التنازلات في ما يتعلق بالتخصيب المحلى لليورانيوم وهو ما أثار انتقادات المتشددين.

الأمر الجديد في تلك الانقسامات والخلافات هو ما اعتبره المتشددون سماح الحكومة الإيرانية بوصول بعض مفتشي الوكالة الدولية إلى إيران، معتبرين أن الحكومة بذلك خالفت القرار الذي أصدره مجلس الشورى الإسلامي الإيراني.

هنا نشير إلى قضيتين أساسيتين، الأولى هو الخلاف بين المتشددين والحكومة، والقضية الأخرى علاقة إيران بالوكالة الدولية بعد حرب الـ12 يوماً. فقد صرح رافائيل غروسي بأن المجموعة الأولى من مفتشي الوكالة قد دخلت إيران وتستعد للقيام بمهماتها، وأن الوكالة تستعد لاستئناف عمليات التفتيش.

فبعد وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية الإيرانية، كان قد أصدر مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، قراراً بعنوان قانون يلزم الحكومة تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويلزم الحكومة الإيرانية تغيير طريقة تعاونها مع الوكالة والحصول على موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لتنفيذ طلبات الوكالة.

سبب تعليق التعاون بين إيران والوكالة أنه في يوم في الـ12 من يونيو (حزيران)، أي قبل يوم من الغارات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية، صرحت الوكالة بأن طهران انتهكت التزاماتها منع الانتشار النووي، وأن الوكالة لم تدن الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية.

اشترطت إيران لتعاونها مع الوكالة إبرام اتفاق إطاري جديد، إذ تعتبر إيران أن بعد الحرب تغيرت الظروف وأنه ينبغي وجود آليات جديدة، وهي إحدى القضايا التي تشاورت إيران بخصوصها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

أما لماذا أبدت إيران هذا التعاون مع الوكالة على رغم قرار وقانون البرلمان الإيراني، لأن تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو أحد شروط الترويكا الأوروبية (إنجلترا وفرنسا وألمانيا) لعدم تفعيل آلية الزناد. فخلال محادثات إسطنبول بين الترويكا الأوروبية وإيران اقترحت تأجيل تفعيل آلية "سناب باك" إذا استأنفت إيران عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة بما في ذلك فحص مخزونها من اليورانيوم المخصب، ودخلت في محادثات مع الولايات المتحدة.

ولأن الدول الأوروبية الثلاث بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات جدية من أجل تفعيل آلية "سناب باك" وعودة العقوبات فقررت إيران إظهار نوع من المرونة بعودة بعض المفتشين، لكن من أجل تأجيل تفعيل "سناب باك" سيحتاج مجلس الأمن إلى تمديد قرار 2231 عام 2015 الذي بموجبه يطبق الاتفاق النووي، ومن المقرر أن ينتهي سريان القرار في الـ18 من أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وإذا انتهى القرار يعنى أن إرث العقوبات الدولية على إيران لن يعود ليطبق عليها، ومن ثم لن تتمكن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة من إعادة فرض العقوبات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ينص القرار 2231 على "بعد انقضاء 10 أعوام على يوم اعتماد الخطة، وشريطة عدم استئناف العمل بأحكام قرارات مجلس الأمن السابقة، ينتهي العمل بجميع أحكام القرار 2231 (2015) ويكف مجلس الأمن حينئذ عن النظر في المسألة النووية الإيرانية".

تأتي هذه التطورات في وقت تعتبر دول الترويكا الأوروبية أن تأجيل "سناب باك" يبدو بمثابة هدنة تسهم في تحقيق الاستقرار بينما في طهران يفسر على أنه تنازل أحادي سابق لأوانه، فالبعض داخل إيران يرى أن وصول المفتشين والكشف عن المواقع التي تعرضت لهجوم ومصير اليورانيوم سيحرم إيران مما يعتبره كثر من المسؤولين آخر أوراقها الرابحة ضد واشنطن.

في المقابل يرى المؤيدون للحكومة أن إيران عضو في الوكالة، ومعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وموقعة على اتفاق ضمانات وبموجب القانون الدولي، وأنها ملزمة به، وأن دخول المفتشين قانوني، لأن الدخول تمت الموافقة عليه من قبل المجلس الأعلى للأمن القومي، وأن إيران ستسمح للمفتشين بدخول مواقع محددة وليست التي تعرضت للهجوم الإسرائيلي والأميركي وأنه لا ينبغي أن يكون عدم دخول المفتشين إلى إيران أداة ضغط لتصويره كتهديد.

وصرح بعض المسؤولين داخل إيران بأن مفتشي المنظمة سيزورون فقط المنشآت النووية الإيرانية التي لم تتعرض للهجوم. وأعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجى أن المفتشين جاءوا إلى إيران لمراقبة عملية استبدال وقود مفاعل بوشهر، ولم يبرم اتفاق بين طهران والوكالة بعد. وقد أثار وجود المفتشين ردود فعل قوية من التيار المتشدد، وبخاصة من بعض أعضاء البرلمان، ووصل الأمر بأحد النواب إلى تهديده بتقديم شكوى جنائية ضد مسعود بزشكيان وعلى لاريجاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، بزعمه عدم التزام القانون الذي أقره البرلمان.

تعي إيران أيضاً أنه لا بد من إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأنه من دون إشرافها لا يمكن إجراء مفاوضات مع واشنطن. ويبدو أن إيران اختارت مساراً أكثر واقعية هو وضع خريطة طريق للتعاون التدرجي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أساس مسار دبلوماسي موازٍ مع كل من أوروبا والولايات المتحدة، مع اقتراب الموعد النهائي المحدد للدول الأوروبية.

لكن طهران ما زالت حريصة على إبقاء ورقة الغموض النووي الذي ساد بعد الهجوم الأميركي على منشآت فورودو وأصفهان ومن ثم مصير اليورانيوم العالي التخصيب ورقة يمكنها أن تساور وتناور بها خلال المفاوضات القادمة. إن الخطوات الجدية التي سارت بها الترويكا الأوروبية اعتبرت أن "سناب باك" فرصتها هي الأخرى لعودة إرث هائل من العقوبات الأممية والأوروبية على إيران.

جدية الأوروبيين في تفعيل آلية "سناب باك" تعنى عودة العقوبات الأممية التي كانت مفروضة على إيران من قبل منذ عام 2006 وحتى عام 2010 وهي ترسانة كبيرة من العقوبات وإرث كبير سيؤثر في إيران بصورة سيئة، ولكن لا يعنى ذلك أن تلك آخر مرحلة بين إيران والوكالة والأوروبيين وواشنطن.

وفقاً للقرار 2231 يمكن في حال تلقي مجلس الأمن إخطاراً من إحدى الدول المشاركة في الاتفاق النووي بإخلال إيران بالتزاماتها في الاتفاق سيتم التصويت على قرار في شأن عودة العقوبات المشار إليها. وكان تم انتهاء العمل بها وفقاً للقرار 2231، وإذا لم يقدم أي عضو في غضون 10 أيام من تاريخ الإخطار مشروع قرار من ذلك القبيل للتصويت عليه سيقوم رئيس مجلس الأمن بتقديم مشروع قرار للتصويت عليه في غضون 30 يوماً من تاريخ الإخطار، وإذا لم يقم مجلس الأمن باتخاذ قرار يقضي باستمرار سريان الأحكام المنتهية للعقوبات المشار إليها فإنه اعتباراً من منتصف الليل في أعقاب اليوم الـ30 سيقوم المجلس بإعادة العقوبات الأممية التي كان أنهى العمل بها وفقاً للاتفاق النووي ما لم يقرر مجلس الأمن خلاف ذلك.

أي إنه حتى لو قدم الأوروبيون طلب تفعيل آلية "سناب باك" فإن الآلية معمول بها لتسمح بفرصة من الوقت هي 30 يوماً من تاريخ الإخطار حتى يتم التصويت على قرار العودة النهائية للعقوبات، وهي فترة كفيلة بأن تبحث إيران والأوروبيون وواشنطن عن تدابير لحل الخلافات القائمة بينهم قبل انتهاء مدة الـ30 يوماً.

المزيد من آراء