Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعدام وحرق... ماذا جرى في نمور وأسود حديقة حيوان الجيزة؟

الإدارة المسؤولة عن التطوير اتخذت قراراً بإعدام الأسود والنمور بحجة مرضها والجهات الرسمية تلتزم الصمت وترفض التعليق ومتخصصون: النية كانت مبيتة للتخلص من الحيوانات النادرة وإبعاد الأطباء والكلافين خير دليل

وصف متخصصون ما يحدث في حديقة حيوان الجيزة بأنه تدمير وليس تطويراً (رويترز)

ملخص

إعدام وحرق 4 نمور بيضاء مواليد 2017، ولديهم 5 أشبال جاؤوا على دفعتين، وإعدام ما بين 6 إلى 8 أسود، بعد أن كان في الحديقة ما يقرب من 40 أسداً بخلاف الفهود وفرس النهر الذي جرى بيعه للهند قبل عام، على رغم أنه كان من أنجح الحيوانات، ويعد ثروة مهمة لتنشيط السياحة المصرية... ماذا حدث في حديقة حيوان الجيزة؟

بينما يترقّب المصريون الافتتاح الرسمي لحديقة الحيوان بالجيزة في ثوبها الجديد، عقب انتهاء عملية التطوير التي أسندت إلى خبراء ومستشارين دوليين، لضمان تطبيق المعايير الحديثة في رعاية الحيوانات وصيانة النباتات، تداولت منشورات عدة عبر منصات التواصل الاجتماعي أخيراً تشير إلى حدوث واقعة "إعدام جماعي وحرق للأسود والنمور والأشبال"، قدّرها البعض بـ 16 أسداً و6 نمور بينهم أشبال، ما أحدث مخاوف عدة لدى النشطاء المدافعين عن حقوق الحيوان، وموجة واسعة من الجدل بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، مصحوبة بتساؤلات بشأن مدى صحة الواقعة وحقيقة حدوثها؟

وفي يوليو (تموز) 2023، أغلقت حديقة الحيوان أبوابها أمام الزوار 18 شهراً، تمهيداً لبدء عملية التطوير التي ينفذها عدد من الجهات الحكومية بالشراكة مع القطاع الخاص، التي تستهدف رفع جميع خدماتها وتحقيق عائد يضمن استدامة تشغيلها في إطار الحفاظ على الطابع التاريخي والفني المميز لتلك الحدائق، ولتكون أيضاً على غرار الحدائق العالمية المفتوحة بلا حواجز، وتطبيق أعلى معايير الأمان العالمية، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان، وتحت إشراف الاتحاد الأفريقي لحدائق الحيوان.

إعدام جماعي ومحرقة للنمور والأسود

بدأت الواقعة حينما أطلقت الناشطة المصرية في مجال حقوق الحيوان والحياة البرية دينا ذو الفقار، منذ أيام، استغاثة للمسؤولين عبر صفحتها الرسمية بمنصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تطالب بالتدخل بعد وقوع حادث "إعدام جماعي للأسود والنمور وأشبال النمور بحديقة الحيوان"، بناءً على رأي من الخبراء المسؤولين عن عملية التطوير في الحديقة حالياً، قبل أن تحذف لاحقاً المنشورات والصور التي دوّنتها عبر منصتها، لتكتب، "في ما يتعلق بواقعة إعدام الأسود والنمور والأشبال نثق في الدولة، وننتظر نتائج التحقيقات، وتم حذف جميع المنشورات المتعلقة".

للوقوف على ملابسات الواقعة، تواصلت "اندبندنت عربية" مع دينا ذو الفقار، التي أكدت اكتشافها الواقعة عبر تلقيها اتصالاً هاتفياً من شخص يعمل بالحديقة، يؤكد ارتكاب محرقة وعمليات إعدام جماعي للسباع والنمور والأشبال. موضحة أنها في البداية تشككت من صحة روايته، قبل أن يهاتفها أكثر من شخص آخر يؤكد لها حدوث تلك الجريمة، وحينها قررت التواصل مع الجهات الرسمية، للتأكد من تفاصيل ما جرى.

وأضافت ذو الفقار، "أجريت اتصالات هاتفية برئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان والحياة البرية لاطلاعه على تفاصيل الواقعة، وكونه الجهة المسؤولة عن تشكيل اللجان في حالة اتخاذ أي قرارات تتعلق بهذا الشأن، الذي أكد عدم علمه بالواقعة، وأشار إلى أنه سيراجع الموقف بنفسه، ثم تواصلت مع مكتب وزارة الزراعة، الذي أبدى اندهاشه من هذا الأمر".

وتابعت الناشطة المصرية، "علمت لاحقاً أنه جرى تشكيل لجنة مكونة من 3 متخصصين مكونة من الدكتور جمال عبد الواحد رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، ورئيس الإدارة المركزية للصحة العامة والمجازر الدكتور أيمن محروس، إضافة إلى طبيب آخر للذهاب للحديقة للوقوف على صحة الواقعة وملابساتها، لكن مُنعوا من الدخول في البداية، قبل أن يُسمح لهم بعد تدخل وزارة الزراعة، وتبين لهم صحة الواقعة بعد أن سألوا عن أماكن وجود الأسود والنمور".

وتقول ذو الفقار، إن المسؤولين عن عملية التطوير كان ردهم بعدم وجود الأسود والنمور، مؤكدين أن الإدارة الأجنبية هي "التي اتخذت قراراً بإعدام الأسود والنمور"، فقاموا بالتواصل مع رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية الدكتور حامد الأقنص لسرد التفاصيل كاملة له، كما أن الكلافين كانوا يريدون حماية الأشبال، لكن أجبرتهم الإدارة المسؤولة عن التطوير بإعدامهم أيضاً، وجرى عمل إثبات حالة بالواقعة. وفق رواية ذو الفقار.

 

وختمت ذو الفقار حديثها، "انتظرت بياناً رسمياً من أي جهة، خصوصاً في ظل تضارب الروايات والأقاويل بشأن الحادث، وعلمت بإقالة رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان وتعيين رئيس جديد بدلاً منه، وانتشرت أقاويل تشير إلى أن سبب الإعدام للحيوانات إصابتهم بمرض (البانليكوبينيا)، لكن كوني لست طبيبة متخصصة تواصلت مع أحد المتخصصين في هذا الشأن، وقال إن كل الحيوانات داخل الحديقة سواء أسود أو أشبال تحصل على تطعيمات ولا يدخل أي حيوان للحديقة إلا بعد حصوله على التطعيمات والتحصينات اللازمة، وإذا ما أصيب الحيوان بالمرض يعالج بوسائل طبية مختلفة"، متسائلة: "كيف تُعدم حيوانات تمثل ثروة قومية لمصر من دون إخطار الجهات المعنية وتشكيل لجنة لبحث مدى صحة هذا القرار من عدمه؟".

وفي أعقاب انتشار الواقعة، أصدرت البرلمانية المصرية سميرة الجزار تساؤلاً برلمانياً موجهاً لرئيس مجلس النواب المستشار حنفي الجبالي ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ووزير الزراعة المهندس علاء فاروق عن حقيقة تلك الواقعة؟ مطالبة بفتح تحقيق ومعاقبة من قاموا بهذه الجريمة.

وتزامناً مع ذلك، نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فيديو بشأن التساؤلات حول سلامة حيوانات حديقة الجيزة، في الـ 24 من أغسطس (آب) الجاري، وذكر الخبير الاستشاري في حديقة الحيوان مسؤول التطوير من التحالف البان هيسكو، "لقد استضفنا أخيراً مسؤولاً عن رابطة الاتحاد الأفريقي، الذي أجرى مراجعة كاملة لعملياتنا، وأضاف أن تعليقاتهم أكدت أننا نتابع أفضل الممارسات الدولية، هدفنا ليس فقط الحفاظ على حيواناتنا وحمايتها، لكن أيضاً لجعل حديقة حيوانات الجيزة، منشأة عالمية المستوى"، بينما أكد الطبيب البيطري من الإكوادور في المنظمة العالمية لحدائق الحيوان، بيدرو أندريس، أن مسؤوليتهم كأطباء بيطريين هي صحة الحيوان ورفاهيته، وعندما يصاب الحيوان بمرض غير قابل للشفاء أو العلاج، تتطلب المعايير الدولية التصرف بحسم في مثل هذه الحالات، حيث إن قتل الحيوان بطريقة رحيمة لا يُعتبر قسوة.

وفي مارس (آذار) عام 2023، أعلن وزير الدولة للإنتاج الحربي المهندس محمد صلاح الدين مصطفى، خلال اجتماعه مع مجموعة استشاري وممثلي فريق التحالف المسؤول عن تنفيذ مشروع تطوير حديقتيّ "الحيوان" و"الأورمان" لمناقشة خطة التطوير المبدئية، أن "شركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية والتوريدات العامة" هي المطور الرئيس للمشروع، وذلك بالتحالف والشراكة مع القطاع الخاص والخبرات المحلية والدولية العريقة في هذا المجال.

ووفق البيان، يتشكّل فريق التحالف من "شركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية، شركة أبناء سيناء للتشييد والبناء، وشركة حدائق لإدارة الحدائق والمنشآت الترفيهية، وشركة الأهلي فاروس التابعة للبنك الأهلي المصري"، كذلك سيجري الاستعانة بخبرات شركات عالمية للتطوير مثل "شركة برنارد هاريسون العالمية التي تعتبر من أكبر مصممي حدائق الحيوان حول العالم، وأسهمت في تطوير حدائق مثل حديقة الحيوان بلندن وحديقة سنغافورة، وعلى أن يستعان أيضاً بشركة World Wide Zoo المتخصصة في مجال الهيكلة لتدريب العمالة بحديقة الحيوان على رعاية الحيوانات.

لماذا لا تنقل الحيوانات بدلا من قتلها؟

"ما يحدث تدمير وليس تطويراً"، هكذا يصف أستاذ المحميات الطبيعية الدكتور عمر تمام المشهد داخل حديقة حيوان الجيزة. مشيراً إلى أن الحديقة دُمرت منذ تولي الإدارة الأجنبية تطويرها، وأصبحت أعداد الحيوانات في تناقص مستمر، بسبب إعدامها وعدم وجود أطباء متخصصين لمتابعتها. وفق قوله.

يقول تمام، "علمت بواقعة إعدام وحرق 4 نمور بيضاء مواليد 2017، ولديهم 5 أشبال جاؤوا على دفعتين، وإعدام ما بين 6 إلى 8 أسود، بعد أن كان في الحديقة ما يقرب من 40 أسداً بخلاف الفهود وفرس النهر الذي جرى بيعه للهند قبل عام، على رغم أنه كان من أنجح الحيوانات، ويعد ثروة مهمة لتنشيط السياحة المصرية".

وكان الدكتور محمد رجائي، رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان ورئيس حديقة حيوان الجيزة، أعلن في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2020 في تصريحات متلفزة، استقدام 3 زرافات عن طريق الاستبدال بحيوانات أخرى، وهي فرس النهر والبجع الأبيض والبغبغان الزنجباري.

ويضيف تمام، الذي كان يشغل منصب المشرف السابق على معمل التشريح وقطاع الأفيال بحديقة الحيوان خلال الفترة من 1989 حتى 1995، خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية"، "كان من الأجدى نقل الحيوانات إلى حديقتي الإسكندرية أو الفيوم المؤهلتين لاستقبالهما بدلاً من إعدامهم أو حرقهم وإخفاء جلود الحيوانات داخل الفريرز مثلما حدث في تلك الواقعة".

 

ويشير أستاذ المحميات، إلى أن الحيوانات التي جرى التخلص منها، كانت تعد ثروة قومية حُرمت منها مصر، إذ تعتبر النمور البيضاء من السلالات النادرة، والباهظة الثمن، إذ يصل سعر النمر الأبيض عمر شهر ما بين 7 آلاف دولار إلى 100 ألف دولار بحسب تدرج الخطوط عليه، فيما يتخطى سعر النمر الكبير نحو مليون دولار، ويتطلب شحنه صناديق حديدية وخشبية. مؤكداً أن "النية كانت مبيتة للتخلص من تلك الحيوانات النادرة بدليل إبعاد الأطباء والكلافين المسؤولين عن رعاية الحيوانات المتبقية وتوجيه الشكر لهم".

وكشف تمام عن أن الإدارة الأجنبية أرسلت كشفاً في يوليو (تموز) الماضي، اطلعت عليه "اندبندنت عربية"، يتضمن قائمة بالحيوانات المطلوب نقلها من حديقة حيوان الجيزة إلى الحدائق الإقليمية موقتاً لحين الانتهاء من أعمال التطوير، ولم يكن مدرجاً ضمن الكشف الأسود والنمور والأشبال، مقتصراً على الحيوانات الأخرى، مثل العصافير والطاووس والببغاوات ودبة واحدة، على رغم أهمية الحفاظ على تلك الحيوانات بحكم اتفاقات الحفاظ على التراث، كون أن تلك الحديقة قديمة النشأة، ولا يجوز أن يحل محل الحيوانات والنباتات النادرة، ملاه وأماكن استثمارية.

وفي مارس (آذار) الماضي، أعلن رئيس مجلس إدارة حدائق المسؤولة عن تطوير حديقتي حيوان الجيزة والأورمان محمد كامل، "إن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في صناعة الترفيه والسياحة في مصر، فهو يجمع بين الابتكار والحداثة مع الحفاظ على الإرث التاريخي العريق".

وسبق وتعهد ممثلو تحالف المشروع على حرص القائمين على تنفيذ المشروع على مراعاة الاشتراطات الدولية التي وضعتها الرابطة الدولية لحدائق الحيوان WAZA والرابطة الأفريقية PAAZA، مؤكدين أنه سيتم الحرص على عدم المساس بالمباني الأثرية والتاريخية، وكذلك النباتات النادرة بالحديقتين، وسيتم تطبيق أعلى معايير الأمان العالمية التي تتيح للمواطن الاستمتاع بمشاهدة الحيوانات من دون أدنى خطورة تُذكر مع ربط الحديقتين من خلال نفق أرضي.

الجهات الرسمية: لا نعلم بتفاصيل الواقعة

وللوقوف على صحة تلك الادعاءات والمزاعم، توجهت "اندبندنت عربية" بتساؤلاتها للمتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي الدكتور محمد القرش، الذي أكد أن هذا الأمر "ليس من اختصاص وزارة الزراعة، منذ أن أسندت إدارتها وتشغيلها إلى وزارة الإنتاج الحربي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأصدرت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، بياناً في يناير (كانون الثاني) من عام 2023، أكدت خلاله أن الاتفاق مع الهيئة القومية للإنتاج الحربى يتضمن عدة محددات، أبرزها، رجوع حديقة الحيوان للإدراج ضمن الاتحاد العالمي لحدائق الحيوان، وإنفاق على التطوير ما لا يقل عن مليار جنيه تنفقها الهيئة القومية للإنتاج الحربي مع جهات من مواردهم وغير مسترد من دون تحمل وزارة الزراعة أي أعباء ومقابل حصولها على حق الانتفاع للحديقتين بمقابل سنوي يدفع أيضاً للوزارة يفوق أضعاف ما تحققه الحديقتان حالياً، إضافة إلى عدم المساس بالمساحات الخضراء والحفاظ على الأشجار والنباتات النادرة بالحديقتين، وكذلك عدم المساس بالمباني الأثرية مثل كوبرى إيفل والقاعة الملكية والجبلاية وجزيرة الشاي والمتحف الحيواني وغيرها.

أيضا حاولت "اندبندنت عربية" الحصول على معلومات موثقة من الدكتور حامد الأقنص رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، لمعرفة ملابسات الواقعة، إلا أنه لم يفصح عن أي تفاصيل، مكتفياً بقوله: "ماعرفش (لا أعلم) حاجة، وليس لديّ أي معلومات عن هذا الأمر". كما تواصلنا مع الرئيس الجديد للإدارة المركزية لحدائق الحيوان، الذي تولى منصبه قبل أيام قليلة، اللواء دكتور إبراهيم متولي، الذي أكد عدم علمه بأي تفاصيل تتعلق بالواقعة كونه لم يكن موجوداً في المنصب آنذاك.

هل كانت الحيوانات مصابة بأمراض؟

وفي محاولة لاحتواء الانتقادات، أصدر التحالف الوطني لتطوير حديقتي الحيوان والأورمان، بياناً رسمياً أمس الثلاثاء، أكد خلاله أن الحيوانات قد جرى تسلُّمها في حالات صحية متباينة وفق تقارير فنية من الجهات المختصة، وأن بعض الحالات كانت قابلة للعلاج. بينما أخرى مصابة بأمراض معدية لا يمكن شفاؤها، مما استلزم تطبيق آليات ومعايير "القتل الرحيم" المعترف بها عالمياً حفاظاً على بقية الحيوانات والعاملين والزوار. مضيفاً أن جميع الإجراءات تجري وفق أحدث المعايير العالمية، وبإشراف خبراء متخصصين، وهو ما أكده الاتحاد الأفريقي لحدائق الحيوان بعد اعتماده المرحلة الأولى من مشروع التطوير.

وتعقيباً على بيان التحالف، طرحت رئيس مؤسسة حماية الحيوان ونائب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات الرفق بالحيوان، حنان دعبس، عدة تساؤلات، قائلة "إذا كان حقاً يُستعان بخبرات محلية ودولية متخصصة لضمان صحة الحيوانات وسلامتها وفقاً للبروتوكولات العالمية المعتمدة، فكيف أصيبت جميع الأسود والنمور والأشبال بمرض يتطلب القتل الرحيم؟ يقولون إن بعض الحالات كانت قابلة للعلاج، بينما أخرى مُصابة بأمراض مُعدية لا يمكن شفاؤها، ما استلزم تطبيق آليات ومعايير القتل الرحيم، فأين الأسود والنمور القابلة للعلاج ولماذا جرى قتلها جميعاً؟ وهل أخطرت إدارة الحياة البرية بوزارة الزراعة قبل عملية الإعدام؟ ولماذا مُنع ممثلو الاتحاد النوعي للرفق بالحيوان من دخول الحديقة ومتابعة الأعمال التي لا نعلم عنها أي شيء؟".

 

وأفصحت دعبس، خلال حديثها إلى "اندبندنت عربية"، أن المؤسسة تقدمت في أعقاب حدوث تلك الواقعة "الصادمة"، بحسب تعبيرها، بشكوى للنيابة الإدارية وبلاغ للنائب العام ضد رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية ومدير الطب البيطري بالجيزة ورئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان التابعة للهيئة وشركة "هيل إنترناشيونال" عضو التحالف المطور للحديقة كونهم المسؤولين عن تلك المجزرة، للمطالبة بالتحقيق في الواقعة ومراجعة سجلات الحيوانات منذ تسليمها للتحالف في 2023 ومطابقتها مع أعداد الحيوانات الموجودة حالياً.

واعتبرت دعبس أن تلك الجريمة تشكل إهداراً للمال العام، كون تلك الحيوانات جرى شراؤها بآلاف وملايين الدولارات، وتعتبر مملوكة للحكومة، وستضطر الشركة لاستيراد سلالات جديدة بدلاً من التي جرى القضاء عليها، وهو ما يُمثل إهداراً إضافياً للمال العام.

يُعضد أستاذ المحميات الطبيعية الدكتور عمر تمام، حديث دعبس، إذ يرى أن ما تزعمه إدارة الشركة الجديدة بشأن إصابة الحيوانات بالأمراض، "ادعاءات غير صحيحة"، نظراً إلى أن الحديقة تخضع لسيطرة الهيئة العامة للخدمات البيطرية المنوط بها التحكم في الأمراض التي تنتشر بين الإنسان والحيوان، لذلك فهناك سيطرة ورقابة طبية مستمرة على أي حيوان قد لا يضر بالأحياء، مضيفاً "إذا افترضنا أن هناك مرضاً أصاب الحيوان، فالمرض يعالج وهناك تحصينات للأشبال عند عمر شهرين و4 أشهر و7 أشهر، والحيوانات الكبيرة مرة سنوياً، والأشبال التي ترضع صناعياً تحصّن بعد شهر، لذلك فلا صحة لانتشار أمراض بين الحيوانات".

يذكر أن حديقة حيوان الجيزة، الأكبر في مصر والشرق الأوسط، وأول وأعرق حدائق الحيوانات في أفريقيا، إذ تقدر مساحتها بنحو 80 فداناً، ويتردد عليها سنوياً قرابة 3 ملايين زائر، وأمر الخديوي إسماعيل عام 1871، بإنشاء الحديقة، وافتتحت رسمياً في الـ 25 من يناير1891 (كانون الثاني) في عهد الخديوي محمد توفيق ابن الخديوي إسماعيل، وبدأت بعرض أزهار ونباتات مستوردة غير موجودة في الطبيعة المصرية، وأطلق على الحديقة في البداية "جوهرة التاج لحدائق الحيوان في أفريقيا"، وكان يوجد بالحديقة آنذاك ما يقرب من 6 آلاف حيوان من 175 نوعاً من بينها أنواع نادرة من التماسيح والأبقار الوحشية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات