Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرحم الاصطناعية: ولادات منزوعة الأمومة البيولوجية

شركة صينية قدمت أول روبوت في العالم مزود بتكنولوجيا قادرة على الحمل

تحاكي تقنية الرحم الاصطناعية البيئة الداخلية للرحم من خلال توفير سائل أمنيوسي مصنع في المختبر والأوكسجين (مواقع التواصل)

ملخص

قد تضيف تقنية الرحم الاصطناعية خيارات جديدة للإنجاب المتاحة حالياً، مما يتيح لعدد أكبر من الناس تكوين أسرة إذا رغبوا في ذلك.

بما أنه يبدو وكأنه أشبه بفيلم خيال علمي مثير، أعلنت شركة "كايووا تكنولوجي" الصينية عن تطوير أول روبوت في العالم مزود برحم اصطناعية، قادرة على تلقي العناصر الغذائية عبر أنبوب يحاكي الحبل السري، وستتمكن قريباً من حمل الأجنة لمدة 10 أشهر تقريباً، أي إتمام عملية الحمل والولادة نيابة عن النساء.

والحال أن هذا التطور العلمي الذي يحاكي العملية الكاملة من التخصيب وحتى الولادة أثار نقاشاً واسعاً حول مفهوم الرحم الاصطناعية وبداياته ومدى انعكاساته العلمية والأخلاقية.

مفهوم التقنية

تحاكي تقنية الرحم الاصطناعية البيئة الداخلية للرحم من خلال توفير سائل أمنيوسي مصنع في المختبر، وتوفير الأوكسجين عبر جهاز أكسجة متصل بالحبل السري للجنين.

تعمل هذه التقنية من خلال محاكاة الظروف البيئية للرحم، كما لو لم يولد الجنين أصلاً، وهذا يتناقض مع الظروف الاصطناعية المستخدمة للحفاظ على الحياة في العناية المركزة. هذا وصممت تقنية الرحم الاصطناعية لتحل محل الوظيفة الطبيعية لرحم الأم، بدلاً من تسهيل إنقاذ المولود الجديد.

وتثير فكرة تقنية الرحم الاصطناعية جدلاً أخلاقياً حول فوائدها وأضرارها على الجنين والوالدين والمجتمع، كذلك تطرح تساؤلات حول الآثار القانونية الإضافية المتعلقة بحال الجنين.

وتعد الولادة المبكرة السبب الرئيس للوفاة بين المواليد الجدد عالمياً، وفي الوقت الحاضر لا أمل للأطفال الخدج المولودين قبل 22 أسبوعاً في البقاء على قيد الحياة. وعلى رغم عدم حدوث أي تغيير حقيقي في هذا المجال منذ فترة، فمن المتوقع أن تحدث تقنية الرحم الاصطناعية تغييراً جذرياً في مفهوم العناية المركزة لحديثي الولادة.

أول رحم اصطناعية

في عام 2017، كشف باحثون أميركيون في مستشفى "فيلادلفيا للأطفال" بولاية بنسلفانيا عن نجاح عملية الحفاظ على حياة جنين خروف داخل رحم اصطناعية أو ما يعرف بـ"الكيس الحيوي". وأوضح الفريق كيف خضعت الأجنة لفترة حمل ناجحة داخل الرحم الاصطناعية، وتطورت هذه الأجنة من دون المضاعفات المعتادة المرتبطة بالولادة المبكرة، وكانت سليمة من الناحية الطبية.

نقلت الأجنة من رحم الأم، وخضعت لعملية تكوين خارجي جزئي قبل هذا النقل، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تجرى فيها مثل هذه التجربة على الحيوانات، ففي تسعينيات القرن الـ20، أجرى مختبر في طوكيو تجارب مماثلة باءت بالفشل.

وكشفت جامعة جونتندو في اليابان أخيراً عن أول رحم اصطناعية جرت تجربتها من خلال جنين ماعز، قادرة على احتضان الحياة منذ أسبوعها الثالث، ومتابعة نمو الجنين حتى لحظة الولادة.

الجدل الأخلاقي

هذا الإنجاز العلمي فتح باباً للنقاشات القانونية والأخلاقية، إذ يقول المؤيدون إنه قد يغير مستقبل الطب والحياة الأسرية، لا سيما في بلد مثل الصين، إذ ارتفعت معدلات العقم بصورة حادة، من 11.9 في المئة عام 2007 إلى 18 في المئة عام 2020. وبالنسبة إلى البعض يقدم روبوت الحمل أملاً في حال فشلت العلاجات التقليدية، لكن المنتقدين غير مقتنعين بذلك، ويجادلون بأن حرمان الجنين من التواصل الأمومي أمر قاس وغير طبيعي، مما يثير تساؤلات حول كيفية الحصول على البويضات لهذه العملية.

وكتب باحثون في مستشفى "فيلادلفيا للأطفال" سابقاً أن الأرحام الاصطناعية قد تحول الحمل إلى حال مرضية، أي تنقل العملية الطبيعية لتصبح حالاً طبية قابلة للهندسة.

وعلى رغم المخاوف، فقد طرح علماء صينيون فكرة تشريع هذه العملية على السلطات. وفي مقاطعة غوانغدونغ عقدت مناقشات حول الآثار الأخلاقية والقانونية لـ"روبوتات الحمل"، وقدمت مقترحات رسمية كجزء من المداولات السياسية والتشريعية الجارية.

إيجابيات تقنية الرحم الاصطناعية

تقلل الرحم الاصطناعية من أخطار الأمراض والوفيات، ويمكن أن تفيد هذه التقنية صحة الأم وتجنب الوالدين عناء رؤية طفلهم حديث الولادة موصولاً بجهاز التنفس الاصطناعي في العناية المركزة، لذا يمكن تصور فوائدها من ناحية توفير الكلف والحد من الأمراض المصاحبة لدى حديثي الولادة.

ويمكن للأرحام الاصطناعية أن توفر طريقة بديلة لإنجاب الأطفال، إذ يمكن للمرأة إنهاء حملها عمداً، في أي مرحلة، من طريق إزالة الجنين ونقله إلى رحم اصطناعية حتى اكتمال نموه. وهذا في شأنه أن يتيح لأي امرأة إنجاب طفل حتى لو لم تتمكن من إكمال حمله، أو إذا أصيبت بحال تمنعها من مواصلة حملها بأمان، مثل الحمل خارج الرحم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يمكن أن تكون خياراً متاحاً لمن لم تعد ترغب في الحمل ولكنها لا ترغب في إنهائه من طريق الإجهاض، إما لأنها لا تزال ترغب في إنجاب الطفل، أو لأنها تفضل أن يكون الطفل متبنى.

وتتيح تقنية الرحم الاصطناعية إمكان أن تكون بديلاً عن الإجهاض، وهذه الميزة مدركة جيداً من قبل مناصري حق الاختيار. وفي مكان العمل تغني تقنية الرحم الاصطناعية عن الحاجة المعتادة إلى إجازة مرضية بسبب الحمل.

القرارات الشخصية

ستؤثر تقنية الرحم الاصطناعية أيضاً في القرارات الشخصية التي يتخذها الناس حول الإنجاب، ويمكنها أن تحدث تغييراً جذرياً في كيفية تأثير قرار الإنجاب في حياة كثر.

ومثل تجميد البويضات والتلقيح الاصطناعي ستمكن الأرحام الاصطناعية النساء من إنجاب أطفال في مراحل لاحقة من الحياة، كما تمكنهن من الحمل الاصطناعي بأجنة عدة في آن واحد، مما يعطيهن الحق في تكوين أسرهن في فترة زمنية أقصر بكثير مما كان متاحاً في السابق.

وستسهل تقنية الرحم الاصطناعية على مزيد من الناس إنجاب أطفالهم البيولوجيين بما في ذلك الرجال غير المتزوجين، والنساء غير القادرات على الحمل لأسباب صحية. كما يعني ذلك أن النساء لن يضطررن بعد الآن إلى تحمل الأخطار والأعباء الكبيرة المرتبطة بالحمل والولادة من أجل إنجاب الأطفال.

وفي كثير من الأحيان، اعتدنا في أفلام الخيال العلمي أن تمثل الأرحام الاصطناعية رمزاً للواقع المرير أي للتدخل التكنولوجي في العمليات الطبيعية، ووسيلة لسيطرة الحكومة (كما في فيلمي "ماتريكس" و"عالم جديد شجاع")، أما في الحقيقة فقد تضيف تقنية الرحم الاصطناعية خيارات جديدة للإنجاب المتاحة حالياً، مما يتيح لعدد أكبر من الناس تكوين أسرة إذا رغبوا في ذلك.

وربما يستخدم البعض هذه التقنية وسيلة لزيادة الاستقلالية والمساواة في الإنجاب، بينما يراها آخرون خطرة أو حتى تهدد الهياكل والقيم الأسرية التقليدية. ومهما كان موقفنا منها، قد نرى تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع في الأفق، لذا تستحق آثارها في المجتمع ومفهومنا للأمومة المرتبطة بها دراسة متأنية.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم