Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يعد الذهب استثمار الأثرياء المفضل؟

ارتفعت قيمة الأصول في الصناديق المتداولة إلى أعلى مستوى منذ 3 أعوام عند 383 مليار دولار

يتوقع المتخصصون أن يستمر الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين على المعدن النفيس بقوة مما يدعم الأسعار. (اندبندنت عربية)

ملخص

تتوقع أبحاث "جيه بي مورغان" أن يبلغ متوسط سعر الذهب نحو 3675 دولاراً للأونصة بحلول الربع الأخير من 2025

شهدت أسعار الذهب قفزات كبيرة في 2025، مع تركيز الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الرسوم الجمركية، مما دفع المعدن الثمين إلى مستويات قياسية جديدة.

جاء هذا الصعود الصاروخي مدفوعاً بمزيج من المخاوف في شأن التضخم والتوترات الجيوسياسية وعمليات الشراء القياسية من قبل البنوك المركزية، وهو ما فاجأ كثيرين.

وعلى المدى الطويل، يبقى مشهد الذهب لعامي 2025 و2026 متفائلاً، فمن المتوقع أن يصل متوسط السعر إلى 3675 دولاراً للأوقية بحلول الربع الرابع من 2025، وأن يقترب من 4 آلاف دولار منتصف 2026 وفقاً لـ"جيه بي مورغان".

وشهدت أسعار الذهب صعوداً كبيراً هذا العام، إذ ارتفعت بنسبة تصل إلى 30 في المئة منذ بداية العام حتى بلغت ذروتها عند 3500 دولار للأونصة في أبريل (نيسان) الماضي، متجاوزة توقعات بحوث "جيه بي مورغان" السابقة.

ويتوقع المتخصصون أن يستمر الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين على المعدن النفيس بقوة، مما يدعم الأسعار، وقالت رئيسة استراتيجية السلع العالمية في بنك "جيه بي مورغان"، ناتاشا كانيفا "في وقت سابق من هذا العام، درسنا التحول الهيكلي في الطلب على الذهب والعوامل الجيوسياسية المؤثرة في تحديد الأسعار، والتي تدفعه للارتفاع مجدداً، مما طرح السؤال: هل من الممكن أن يصل سعر الأونصة إلى 4 آلاف دولار؟".

التحوط ضد تدهور العملة

وأضافت كانيفا، "للإجابة عن هذا السؤال: نعم، نعتقد أنه ممكن، خصوصاً مع احتمالات الركود والأخطار المستمرة المرتبطة بالتجارة والتعريفات الجمركية. نحن مقتنعون تماماً بوجود حال صعودية هيكلية مستمرة للذهب ورفعنا أهداف الأسعار وفقاً لذلك".

ويرى عديد من المستثمرين الذهب وسيلة تحوط ضد ارتفاع الأسعار، لكن خصائصه الدفاعية تتجاوز ذلك بكثير، فالمعدن الثمين يمكنه التحوط ضد تدهور العملة، والقمع المالي، وتقلبات سوق الأسهم، والتلاعب بالعملات، وعدم اليقين الجيوسياسي، وصدمات السيولة العالمية. وتأتي الفائدة الحقيقية للذهب من كونه خارج النظام النقدي السياسي، وتشير الأداءات الأخيرة إلى فعالية هذا الحماية متعددة الجوانب.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "ذا ألوي ماركت" لشراء المعادن النفيسة براندون أفيرسانو لشبكة "سي بي أس نيوز"، إن المستثمرين الذين اشتروا الذهب في يونيو (حزيران) الماضي، شهدوا بالفعل زيادة بنسبة 62 في المئة بالقيمة، وهو ما تحقق خلال فترة من الإشارات الاقتصادية المختلطة، مما يظهر قدرة الذهب على مواجهة مختلف أشكال عدم اليقين بعيداً من التضخم فقط.

ويميل المتخصصون في الاستثمار إلى التفاؤل في شأن مستقبل أسعار الذهب، ويتوقعون ارتفاعها خلال الأشهر الستة المقبلة، خصوصاً إذا انخفضت عوائد الدولار بينما ارتفعت العوائد المقومة بالذهب.

وصرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي، بأن واردات الولايات المتحدة من الذهب لن تخضع لتعريفات إضافية، وذلك بعد أيام من إعلان الجمارك الأميركية أن بعض السبائك مشمول بالرسوم الجديدة.

وجاء إعلان ترمب بعد إصدار الجمارك الأميركية رسالة جاء فيها أن سبائك الذهب من فئتي كيلوغرام واحد و100 أونصة (2.8 كيلوغرام) ستخضع للتعريفات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية خلال تعاملات الجمعة الماضي، بسوق العقود الآجلة في أميركا، وكذلك تزايد طلب المستثمرين والبنوك المركزية على شراء الذهب.

لكن لماذا جاء قرار ترمب بإعفاء واردات أميركا من الذهب، وهل الولايات المتحدة تتجه لتخزين غير مسبوق لاحتياطاتها من الذهب، ولماذا يعد الأثرياء الذهب استثماراً جيداً، وما الذي يحمله المستقبل لأسعار الذهب؟ تتساءل الشبكة الأميركية.

هل تحول الذهب إلى أداة تحوط مفضلة لدى الأثرياء؟

وقال نائب الرئيس التنفيذي لشركة "أف أتش كابيتال" طارق قاقيش، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، "لاحظنا تدفقاً كبيراً من كبار المستثمرين والبنوك المركزية نحو تأسيس مراكز جديدة في الذهب. يأتي ذلك في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، وحروب العملات، والتخوف من تراجع قيمة الدولار الأميركي. وارتفعت قيمة الأصول في صناديق الذهب المتداولة  (ETFs) إلى نحو 383 مليار دولار، وهو الرقم الأعلى منذ أغسطس (آب) 2022، مما يعكس تحول الذهب إلى أداة التحوط المفضلة لدى الأثرياء والمؤسسات، وسط تزايد الأخطار الاقتصادية العالمية والعائد الاستثماري المغري".

أضاف أن عملية التخبط التي شهدناها أخيراً، والتي بدأت بطرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 39 في المئة على واردات الذهب من سويسرا، قبل أن يتراجع ويعلن عبر منصاته أن الذهب لن يخضع لأي رسوم، أسهمت في زيادة عدم اليقين في السوق. وقال قاقيش، إنه في ضوء هذا التراجع في اليقين، عمدت البنوك المركزية في بلدان مثل الصين والهند إلى تعزيز احتياطاتها من الذهب بكميات قياسية، مما جعل الذهب ثاني أكبر أصل احتياط عالمي بعد العملات الرئيسة.

واقتربت حصته من 20 في المئة في إجمال الاحتياطات العالمية، مقابل تراجع الدولار الأميركي إلى أقل من 47 في المئة، مما يعكس تسارع أهمية الذهب في النظام المالي العالمي، خصوصاً في ظل تقلبات أسعار الصرف وحروب العملات.

وحول التوقعات السعرية، أشار نائب الرئيس التنفيذي لشركة "أف أتش كابيتال"، إلى أن تصاعد احتمالية أخطار الركود في الولايات المتحدة قد تدفع بأسعار الذهب إلى نطاق 3700 دولار للأونصة، وربما تصل إلى 4800 دولار بحلول منتصف عام 2026 بحسب تقديرات مؤسسة "غولدمان ساكس". وأشار إلى أنه في حال تصاعد التوترات الجيوسياسية أو استمرار ضعف الدولار، فقد تصل الزيادة إلى 15 في المئة. وختم قاقيش بالقول، "كل هذه المعطيات تجعل الذهب، حتى نهاية العام الحالي، ليس فقط ملاذاً آمناً، بل أداة استراتيجية لحماية الثروات من تآكل القوة الشرائية وتقلبات الأسواق".

لماذا تصدر الذهب قائمة أصول المستثمرين؟

ورأى المحلل المالي حسن الريس، أن الاستثمار في الذهب ليس مجرد ظاهرة طارئة، بل هو عنصر عتيق الوجود في التاريخ بأساليب وأشكال متعددة. وأضاف في حديثه لنا، أن "العالم اليوم يشهد مرحلة هي الأولى من نوعها، إذ تدفع معدلات التضخم المرتفعة عملات الورق نحو موجة إضافية من التراجع. وفي خضم ذلك، يبرز الذهب، إلى جانب العقارات، كخيار يتصدر قائمة أصول المستثمرين في مواجهة التضخم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار الريس إلى ظاهرة مثيرة تتمثل في خلق عملات رقمية من العدم، عبر آليات الاقتراض الجزئي من البنوك والمؤسسات المالية، بتقديرات تصل إلى تريليونات الدولارات في السوق. ولفت إلى أن البنوك تخطط الآن لإقراض ديون مقابل هذه العملات الرقمية، مما يرفع حجم المعروض النقدي، بشكل يفوق التصور، مع توقعات باتجاه قيمة العملات الورقية نحو مزيد من الانخفاض. وأكد أن المستقبل يبدو قاتماً لعملات الورق التقليدية، وقال "من الواضح أن المستثمرين سيلجأون إلى الذهب كوسيلة للحفاظ على رؤوس أموالهم".

وأوضح الريس أن "الذهب اليوم أكثر من مجرد سلعة، بل يعكس القيمة الحقيقية للنقود في أي وقت، إذ إن غرام الذهب في جيبي له نفس القيمة في آسيا، وأوروبا، وأميركا... الذهب بخلاف العملات، لا يمكن زيادته بمجرد قرار أو طباعة، لأنه محدود بطبيعته". واستشهد أخيراً بأن رئيس الولايات المتحدة أعلن أن الذهب لن يخضع لأي رسوم جمركية، مما زاد من اهتمام السوق بالمعدن. وأوضح الريس أن الولايات المتحدة تمتلك أكبر احتياط ذهبي في العالم، لذا فهو يري أن حيازة الذهب، بغض النظر عن الكمية، يجب أن تعد خياراً للادخار ضمن محفظة الأصول.

كيف عزز ضعف الدولار والفائدة المرتفعة من جاذبية الذهب؟

تقليدياً، يزيد ضعف الدولار الأميركي وانخفاض أسعار الفائدة الأميركية من جاذبية الذهب الذي لا يدر عوائد، وتميل حال عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي إلى أن تكون محفزات إيجابية للذهب، نظراً إلى مكانته كملاذ آمن وقدرته على البقاء مخزناً موثوقاً للقيمة، ويتميز بانخفاض ارتباطه مع فئات الأصول الأخرى، مما يجعله بمثابة تأمين خلال فترات تراجع الأسواق وأوقات الضغوط الجيوسياسية.

لكن بالنظر إلى المحركات المتنوعة والسريعة التغير للطلب على الذهب في الوقت الحالي، خدم المعدن أخيراً كوسيلة تحوط ضد تآكل العملة، أي حماية ضد فقدان القوة الشرائية للعملة نتيجة التضخم أو تخفيض قيمتها، إضافة إلى دوره التقليدي كخيار منافس غير مدر للعوائد لسندات الخزانة الأميركية وصناديق السوق النقدي.

وقال رئيس استراتيجية المعادن الأساسية والنفيسة في بنك "جيه بي مورغان" غريغوري شيرار، "لا نزال نعتقد أن الأخطار تميل نحو تجاوز توقعاتنا مبكراً إذا استمر الطلب في مفاجآتنا. بالنسبة إلى المستثمرين، نعتقد أن الذهب يظل واحداً من أفضل أدوات التحوط للتركيبة الفريدة من التضخم والركود وتآكل العملة وأخطار السياسات الأميركية التي تواجه الأسواق في 2025 و2026".

من هم المشترون الرئيسون للذهب في 2025؟

وبعد الارتفاع الكبير لأسعار الذهب بنسبة 30 في المئة هذا العام، تساءل بعض المستثمرين عن هوية المشترين الرئيسين للذهب في 2025، في ظل الأسعار الحالية.

ويستند توقع أبحاث بنك "جيه بي مورغان" لأسعار الذهب إلى استمرار قوة الطلب من المستثمرين والبنوك المركزية، الذي يتوقع أن يبلغ متوسطه نحو 710 أطنان ربعية صافية هذا العام.

ومن المتوقع أن تظل مشتريات البنوك المركزية مرتفعة بشكل مستمر، إذ يتوقع أن تصل إلى نحو 900 طن في 2025، في ضوء البيئة الاقتصادية الكلية الحالية، فضلاً عن استمرار توسع ممتلكات المستثمرين، لا سيما من خلال الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) والصين.

وحتى بعد ثلاثة أعوام متتالية من شراء أكثر من 1000 طن من الذهب من قبل البنوك المركزية، تشير أبحاث "جيه بي مورغان" إلى أن الاتجاه الهيكلي نحو شراء الذهب من قبل البنوك المركزية سيستمر في 2025 و2026.

وشهدت السنوات الأخيرة تسارعاً في التنويع بعيداً من احتياطات الدولار الأميركي، على رغم أن ذلك لا يزال بمستوى معتدل، وفقاً لأحدث بيانات تكوين العملات للاحتياطات الرسمية الأجنبية  (COFER) الصادرة عن صندوق النقد الدولي.

وعلى رغم زيادة حصة الدولار بشكل طفيف في الربع الرابع من 2024، أنهى العام عند نحو 57.8 في المئة، مسجلاً انخفاضاً قدره 0.62 نقطة مئوية.

وقال غريغوري شيرار "إضافة إلى عدم اليقين الاقتصادي والتجاري وسياسات الولايات المتحدة والتحالفات الجيوسياسية المتقلبة وغير المتوقعة، نرى أن التنويع الإضافي في الذهب سيبلغ نحو 900 طن من مشتريات البنوك المركزية في 2025".

وعلى الصعيد العالمي، تبلغ ممتلكات البنوك المركزية من الذهب نحو 36200 طن، وتشكل ما يقارب 20 في المئة من الاحتياطات الرسمية، مقارنة بنحو 15 في المئة في نهاية 2023، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي حتى نهاية 2024.

ولا تزال الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا تحتفظ بما يقارب 16400 طن من الذهب مجتمعة، أي نحو نصف الاحتياطات الرسمية العالمية المعلنة، مع احتفاظ الولايات المتحدة بما يقارب ربع الاحتياطات العالمية الرسمية من الذهب وحدها. وتمثل نسبة الذهب في احتياطات هذه الدول الأربع أكثر من 70 في المئة من إجمال احتياطاتها. وعند استبعاد هذه الدول الأربع الكبيرة، تنخفض حصة الذهب في الاحتياطات الرسمية إلى ما يزيد قليلاً على 11 في المئة.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة