ملخص
قالت "أوتشا" إن 26 عاملاً في مجال الإغاثة في الأقل قتلوا في منطقة الساحل عام 2024، فيما أصيب وخطف كثيرون في 116 حادثة أمنية.
تجد المنظمات غير الحكومية في منطقة الساحل المضطربة نفسها عالقة بين المجالس العسكرية الحاكمة، التي تتهم أعضاءها بأنهم جواسيس، والإرهابيين الذين يرون فيهم رمزاً للنفوذ الغربي.
يعتمد نحو 30 مليون شخص على المساعدات الإنسانية التي توفرها المنظمات غير الحكومية والهيئات الدولية، في المنطقة التي تعد مركزاً للإرهاب العالمي.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، "تتركز الحاجات في وسط منطقة الساحل الأفريقي"، في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث تعد المساعدات حيوية بالنسبة إلى نحو 15 مليون شخص.
بوركينا فاسو... ضربة قوية
ومنذ استيلائها على السلطة، وضعت المجالس العسكرية مسائل السيادة ومكافحة الإرهابيين على رأس أولوياتها، مما فاقم الضغوط على المنظمات غير الحكومية، وتلك التي تتلقى تمويلاً من الخارج.
وفي بوركينا فاسو، سحبت تصاريح عمل 21 منظمة غير حكومية في غضون شهر واحد بين يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضيين، لما قالت السلطات إنها أسباب إدارية.
وجرى تعليق عمل ثلاث جمعيات أخرى لمدة ثلاثة أشهر.
وقال عضو في إحدى الجمعيات لوكالة الأنباء الفرنسية "إنها ضربة قوية، لكننا نعمل على الامتثال إلى المتطلبات القانونية، في الوقت الحالي جرى تعليق أنشطتنا".
مالي... فرض ضرائب
وفي مالي المجاورة، جرى منذ عام 2022 تعليق عمل المنظمات غير الحكومية الممولة أو المدعومة من القوة الاستعمارية السابقة فرنسا، التي قطع المجلس العسكري الحاكم العلاقات معها.
تنوي السلطات بقيادة العسكريين أيضاً فرض ضريبة نسبتها 10 في المئة على تمويل المنظمات غير الحكومية والجمعيات ليجري استثمارها في "التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية" في مالي، بحسب مسودة قانون.
النيجر... مهمات تخريبية
أمر المجلس العسكري الحاكم في النيجر المنظمات غير الحكومية بمواءمة أنشطتها مع أولوياته، الذي يقول إنها تشمل تعزيز الأمن وتطوير مراكز الإنتاج لدعم الاقتصاد والحوكمة الجيدة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ألغى تصاريح عمل مجموعة "أكتيد" الفرنسية، وجمعية محلية أخرى هي "أكشن فور ويلبيينغ".
وأعلن وزير الداخلية الجنرال محمد تومبا بعد شهرين بأن "عدداً من المنظمات غير الحكومية" في النيجر تنفذ "مهمات تخريبية" عبر "الدعم الذي تقدمه عادة للإرهابيين". ثم في فبراير (شباط) الماضي، صدرت أوامر للجنة الدولية للصليب الأحمر بمغادرة الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، حيث عملت منذ عام 1990 بتهمة "التواطؤ مع إرهابيين".
مركز الإرهاب العالمي
وفيما تجد نفسها تحت ضغط المجالس العسكرية، سيتعين على المنظمات غير الحكومية أيضاً مواجهة هجمات المجموعات الإرهابية المرتبطة بتنظيمي "القاعدة" أو "داعش"، التي ترى فيها تهديداً لسلطتها وفكرها.
كانت منطقة الساحل مركز "الإرهاب" العالمي للعام الثاني على التوالي في عام 2024، إذ وقعت فيها أكثر من نصف حالات القتل المنسوبة إلى الهجمات الإرهابية حول العالم، بحسب "مؤشر الإرهاب العالمي".
وقالت "أوتشا" إن 26 عاملاً في مجال الإغاثة في الأقل قتلوا في منطقة الساحل عام 2024، فيما أصيب وخطف كثيرون في 116 حادثة أمنية.
وأفاد عامل من بوركينا فاسو في مجال الإغاثة، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، بأن "عملياتنا باتت مقتصرة على بضع مدن، لنقل الموظفين أو الإمدادات مثلاً، نفضل النقل الجوي الأكثر كلفة في وقت نكافح لجمع الموارد".
وقال عامل نيجري في منظمة غير حكومية إن عدداً من المنظمات "باتت حاضرة على الأرض بفضل موظفيها المحليين، وهو أمر يقلص الأخطار".
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، توقفت منظمة "أطباء بلا حدود" عن العمل في بلدة دجيبو الكبيرة في شمال بوركينا فاسو والمحاصرة من الإرهابيين، بعد هجمات استهدفت مراكزها الصحية ومكاتبها.
وقبل سنوات عدة، أجبرت المنظمة الخيرية على مغادرة مدينة ماين سوروا في جنوب شرقي النيجر على الحدود مع نيجيريا، بسبب هجمات نفذها إرهابيو "بوكو حرام" في أغسطس (آب) 2020.
وأعلنت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بـ"القاعدة" التي تنشط في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، أنها "لن تسمح للمنظمات غير الحكومية بأن تنشط في المناطق الخاضعة لسيطرتها إلا إذا لم تتعارض أنشطتها مع مبادئها الدينية".
وفرضت المجالس العسكرية على المنظمات غير الحكومية التحرك برفقة مسلحين في خطوة صورت على أنها لتأمين طواقمها، لكن العاملين في مجال الإغاثة يعتقدون أن هدفها الرئيس هو مراقبة أنشطتهم.
وقال عنصر إغاثة من بوركينا فاسو إن "القيام بأنشطتنا في ظل مرافقة عسكرية يمكن أن يعرقل عملنا، ويجعلنا عرضة ’لهجمات‘ الأطراف المتحاربة".