ملخص
أسفرت اشتباكات حدودية بين كمبوديا وتايلاند عن مقتل مدني وإصابة ثلاثة، في أخطر تصعيد منذ 15 عاماً. تبادل الطرفان الاتهامات بإطلاق النار قرب معابد تاريخية، ونفذت تايلاند ضربات جوية. كمبوديا طالبت بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن، وخفضت العلاقات الدبلوماسية، فيما فرضت الخدمة العسكرية الإلزامية.
أسفرت اشتباكات جديدة بين كمبوديا وتايلاند على حدودهما المتنازع عليها، عن مقتل مدني وإصابة ثلاثة آخرين في الأقل اليوم الخميس، وفق ما أعلنت بانكوك، في أخطر تصعيد عسكري بين البلدين منذ نحو 15 عاماً.
وأعلن الجيش التايلاندي أنه نفذ اليوم ضربات جوية، بطائرات من طراز "أف-16"، على هدفين عسكريين في كمبوديا.
وكان الجيش اتهم كمبوديا بإطلاق صاروخين من طراز "بي أم-21" تسببا، وفقاً له، في إصابة ثلاثة مدنيين في قرية حدودية في محافظة سورين جنوب شرقي البلاد.
كذلك، أفاد مكتب رئيس الوزراء التايلاندي اليوم بمقتل مدني تايلاندي بقصف مدفعي كمبودي في محافظة سورين.
وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء أن "قذيفة مدفعية كمبودية أصابت منزل مدني تايلاندي، مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة طفل يبلغ خمس سنوات بجروح خطرة وإصابة اثنين آخرين"، ووصفت تايلاند كمبوديا بأنها "متعطشة للحرب".
وفي ضوء الأحداث، طلبت كمبوديا عقد "اجتماع عاجل" لمجلس الأمن الدولي حول الاشتباكات.
التطورات الميدانية
تبادلت القوات الكمبودية والتايلاندية إطلاق نار صباح اليوم حول معبدين قديمين يعود تاريخهما لفترة أنغكور (القرنين التاسع والـ15)، في محافظة سورين التايلاندية ومقاطعة أودار مينتشي الكمبودية، وفق ما أفاد به مصدر حكومي كمبودي وكالة الصحافة الفرنسية.
وتقاذفت وزارة الدفاع الكمبودية والجيش التايلاندي المسؤولية عن هذا الاشتباك الجديد، إذ اتهم كل من الطرفين الطرف الآخر بأنه من بدأ بإطلاق النار، في أحدث تصعيد في هذا الخلاف الطويل الأمد بين البلدين حول منطقة حدودية يتنازعان السيادة عليها.
وقال الجيش التايلاندي في بيان، إنه "قرابة الساعة 8:20 صباحاً (01:20 بتوقيت غرينتش)، فتحت القوات الكمبودية النار باتجاه الجانب الشرقي لمعبد براسات تا موين ثوم، على مسافة نحو 200 متر من القاعدة التايلاندية".
كما اتهمت تايلاند كمبوديا باستخدام مسيرة فوق الموقع المتنازع عليه قرابة الساعة 07:35 (00:35 بتوقيت غرينتش)، وقال الجيش إن ستة جنود كمبوديين مسلحين مزودين قاذفات قنابل يدوية اقتربوا لاحقاً من سياج أسلاك شائكة، مضيفاً أن القوات التايلاندية نادت عليهم لتجنب حصول اشتباك.
بدورها، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الكمبودية مالي سوتشيتا في بيان أن "الجيش التايلاندي انتهك سلامة أراضي مملكة كمبوديا، بشنه هجوماً مسلحاً على القوات الكمبودية المتمركزة للدفاع عن أراضيها السيادية".
وأضافت "رداً على ذلك، مارست القوات المسلحة الكمبودية حقها المشروع في الدفاع عن النفس، بما يتوافق تماماً مع القانون الدولي، لصد التوغل التايلاندي وحماية سيادة كمبوديا وسلامة أراضيها".
وناشدت تايلاند رعاياها في كمبوديا مغادرتها، "في أقرب وقت ممكن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خفض العلاقات الدبلوماسية
في مايو (أيار) الماضي، تحول نزاع حدودي طويل الأمد، في منطقة تعرف بالمثلث الزمردي تتقاطع فيها حدود البلدين مع حدود لاوس، إلى مواجهة عسكرية قتل فيها جندي كمبودي.
ومذاك، يتقاذف الطرفان الاتهامات ويتبادلان الردود الانتقامية وقد قيدت تايلاند حركة العبور عبر الحدود، فيما علقت كمبوديا بعض الواردات وخفض البلدان الممثلات الدبلوماسية بينهما.
وقالت كمبوديا إنها خفضت العلاقات الدبلوماسية مع الدولة المجاورة لها إلى "أدنى مستوى".
وأمس الأربعاء، طردت تايلاند السفير الكمبودي لديها واستدعت مبعوثها إلى بنوم بنه، بعدما فقد جندي تايلاندي ساقه في انفجار لغم أرضي على الحدود بين البلدين، وأشارت السلطات التايلاندية إلى أن تحقيقاً عسكرياً خلص إلى أن كمبوديا زرعت ألغاماً أرضية جديدة على الحدود.
ورفضت كمبوديا تلك الاتهامات، موضحة أن المناطق الحدودية ما زالت مليئة بألغام نشطة من "حروب ماضية".
وقال رئيس الوزراء التايلاندي بالإنابة فومثام ويتشاياتشاي اليوم إن "الوضع يتطلب إدارة حذرة"، و"تصرفاً يتناسب مع القانون الدولي"، وأضاف "سنفعل كل ما يمكن لحماية سيادتنا".
تداعيات الأزمة
أدت التوترات إلى تعليق كمبوديا استيراد بعض المنتجات التايلاندية، وتقييد تايلاند الحركة عند المعابر الحدودية.
كما تسببت بصورة غير مباشرة في تعليق مهمات رئيسة الوزراء التايلاندية بايتونغتارن شيناواترا، عقب فضيحة أثارتها تسريبات من الجانب الكمبودي لمكالمة هاتفية مع هون سين الذي حكم كمبوديا لنحو 40 عاماً.
وتنتظر بايتونغارن، المتهمة بارتكاب انتهاكات أخلاقية، قرار المحكمة الدستورية الذي قد يؤدي إلى إقالتها من منصبها.
وعلى الجانب الكمبودي، أعلن رئيس الوزراء هون مانيت، نجل هون سين، فرض الخدمة العسكرية الإجبارية اعتباراً من عام 2026 لمدة 24 شهراً، على جميع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة.
وكانت آخر اشتباكات حدودية حول معبد برياه فيهيار بين عامي 2008 و2011، وأسفرت عن مقتل 28 شخصاً في الأقل، ونزوح عشرات الآلاف.