ملخص
انتشر مقطع فيديو أمس الأربعاء يوثق جثثاً مكوّمة داخل مشرحة مستشفى السويداء المركزي بعدما بلغت البرادات طاقتها الاستيعابية، ولا تزال خدمات المياه والكهرباء مقطوعة في المدينة بينما أغلقت غالبية المحال التجارية أبوابها بانتظار انتهاء عمليات التمشيط التي ينفذها مقاتلون محليون.
في جنوب سوريا وتحديداً مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، استفاق السكان على صدمة اليوم الخميس مع معاينتهم جثثاً في الشوارع وسيارات متضررة ومتاجر منهوبة بعيد انسحاب القوات الحكومية إثر مواجهات دامية مع مسلحين محليين.
وقالت الطبيبة هنادي عبيد (39 سنة) بعدما حاولت الوصول صباحاً إلى مقر عملها، "ما رأيته أن المدينة بدا وكأنها خارجة للتو من فيضان أو كارثة طبيعية"، مضيفة "نزلت باتجاه المستشفى الوطني ولكن لم أستطع الوصول، وطلبوا مني التريث ريثما تفتح الطرق وتنتهي فصائل محلية من عملية التمشيط".
وبعيد اشتباكات دامية اندلعت الأحد الماضي وأوقعت أكثر من 500 قتيل، سحبت السلطات السورية ليل الأربعاء - الخميس قواتها من محافظة السويداء، في وقت أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أنه يريد تجنب حرب واسعة مع إسرائيل التي هددت بتصعيد غاراتها.
وبدت مدينة السويداء التي كانت شوارعها وأسواقها تنبض بالحركة الأسبوع الماضي أشبه بمدينة منكوبة اليوم الخميس، وتروي عبيد "رأيت سيارات محروقة في كل مكان وأخرى مقلوبة رأساً على عقب، إضافة إلى دبابة متفحمة، فيما كانت ثلاث جثث مرمية في الشارع إحداها لامرأة مسنة".
وقرب مستديرة رئيسة قالت إن روائح كريهة انبعثت بينما كانت كلاب شاردة تجوب المكان وسط إغلاق للمحال والمؤسسات كافة، وعلى رغم أنها معتادة انطلاقاً من طبيعة عملها على مواجهة مواقف صعبة، لكن ما عاشته منذ مطلع الأسبوع كان مختلفاً، موضحة "شاهدت طوال حياتي كثيراً من الجثث والقتلى، لكن كان للموت في الأيام الأخيرة طعم آخر وشعرت بأنه كان قريباً مني أكثر من أي وقت مضى".
ولم تخف الطبيبة، وهي أم لطفلة، خشيتها من المشاهد التي تنتظرها في مقر عملها داخل المستشفى المركزي في السويداء، والذي خرج أمس عن الخدمة واكتظ بالجثث والجرحى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفاد مصور "وكالة الصحافة الفرنسية" بحال من الفوضى أمام المستشفى المركزي مع نقل عشرات الجثث إليه منذ صباح اليوم بعد جمعها من المنازل والشوارع، بينها 15 جثة عاينها صباحاً وسط المدينة، وقال إن عائلات مفجوعة حضرت إلى المستشفى بحثاً عن أفرادها وسط حال من الغضب والهلع.
وبحسب شبكة "السويداء 24" الإخبارية المحلية فقد خرج المستشفى المركزي في المدينة عن الخدمة أمس بعد دخول القوات الحكومية إليه وخوضها اشتباكات مع مسلحين دروز، وانتشر مقطع فيديو الأربعاء يوثق جثثاً متكومة داخل مشرحته بعدما بلغت البرادات طاقتها الاستيعابية، وأظهرت مقاطع أخرى جرحى وسط الممرات بعضهم على أسرة وآخرون يفترشون الأرض، وطواقم طبية عاجزة عن الاستجابة للحالات الطارئة.
وقال رئيس تحرير "السويداء 24" ريان معروف اليوم بعد جولة داخل المستشفى إن "هناك أكثر من 150 جثة ولم يعد قادراً على استيعاب المزيد منها"، مضيفاً أن "أجهزة غسل الكلى خرجت عن الخدمة والمرضى لا يتلقون العلاج"، وزاد بانفعال "هناك كارثة إنسانية في السويداء".
ولا تزال خدمات المياه والكهرباء مقطوعة عن المدينة بينما أغلقت غالبية المحال التجارية أبوابها بانتظار انتهاء عمليات التمشيط التي ينفذها مقاتلون محليون، وشاهد مصور "وكالة الصحافة الفرنسية" محالاً متضررة تناثر زجاج واجهاتها في الشوارع وأخرى مسروقة، بينما كانت امرأة تتفقد متجرها الذي تعرض دون سواه للحرق.
واندلعت الاشتباكات الأحد الماضي في السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة على خلفية عملية خطف طاولت تاجر خضراوات درزياً ثم أعقبتها عمليات خطف متبادلة، ومع احتدام المواجهات تدخلت القوات الحكومية الإثنين لفض الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.
ومع انسحاب القوات الحكومية اليوم شوهدت على أطراف السويداء عائلات من البدو تعمل على فك خيمها وتنزح باتجاه محافظة درعا المجاورة خشية أعمال انتقامية، وقالت وضحة العواد (58 سنة) بينما كانت رفقة أفراد عائلتها، "منذ أربعة أيام ونحن في حرب ونريد أن ننجو بأنفسنا"، مضيفة "هربنا ونتجه مع أطفالنا غرباً إلى درعا، هذه الحياة مكتوبة علينا، ونحن خائفون وجل ما نريده هو الهدوء".