ملخص
تقع القاعدة الأكبر والأكثر أهمية استراتيجية على أعلى قمة لجبل الشيخ يتجاوز ارتفاعها 2814 متراً فوق مستوى سطح البحر، وتطل على العاصمة دمشق والبقاع اللبناني وعلى شمال إسرائيل.
بهدف إقامة "جبهة دفاعية متقدمة" يواصل الجيش الإسرائيلي إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة العازلة بالجولان السوري، كما تجاوز تلك المنطقة إلى القرى الواقعة إلى الشرق منها في عمق الأراضي السورية.
وتقع تلك القواعد العسكرية من سفوح جبل الشيخ شمالاً وحتى حوض اليرموك في ريف درعا الغربي على مثلث الحدود السورية- الأردنية- الإسرائيلية.
وتتجاوز مساحة الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ الثامن من ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، 500 كيلومتراً تبلغ نصف مساحة الجولان.
وتقع القاعدة الأكبر والأكثر أهمية استراتيجية على أعلى قمة لجبل الشيخ يتجاوز ارتفاعها 2814 متراً فوق مستوى سطح البحر، وتطل على العاصمة دمشق والبقاع اللبناني وعلى شمال إسرائيل.
وأقام الجيش الإسرائيلي تلك القاعدة في مواقع كانت للجيش السوري قبل انسحابه منها مع سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي.
وتقع القاعدة خارج المنطقة العازلة التي تأسست بموجب "اتفاق فض الاشتباك" بين إسرائيل وسوريا عام 1974.
كل صباح في دمشق
خلال زيارته إلى القاعدة قبل أشهر تفاخر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن الرئيس السوري أحمد الشرع "عندما يفتح عينيه كل صباح في القصر الرئاسي في دمشق، سيرى جيش الدفاع الإسرائيلي يراقبه من قمة جبل الشيخ، ويتذكر أننا هنا وفي كامل المنطقة الأمنية بجنوب سوريا لحماية سكان الجولان والجليل من تهديداته وتهديدات أصدقائه الجهاديين".
وتنتشر في تلك القواعد ثلاثة ألوية للجيش الإسرائيلي، وتتبع لفرقة "باشان" الإقليمية 210. وعلى امتداد المنطقة العازلة التي يبلغ طولها 70 كيلومتراً أسست إسرائيل أكثر من 10 قواعد عسكرية تبدأ من سفوح جبل الشيخ وحتى منطقة الحمّة في ريف درعا الغربي (حوض نهر اليرموك).
وأقيمت تلك القواعد في قرى جباتا الخشب والحميدية والقنيطرة والقحطانية وتل كونة والتل الأحمر الشرقي والتل الأحمر الغربي.
وقالت مصادر لـ"اندبندنت عربية" إن الجيش الإسرائيلي يعمل حالياً على بناء قاعدة عسكرية في تل أحمر الشرقي قرب بلدة كودنا في ريف القنيطرة، لتضاف إلى قاعدة عسكرية أخرى في تل أحمر الغربي.
ويقوم الجيش الإسرائيلي بتدمير المنازل قرب تلك القواعد العسكرية، كما حصل في قرية الحميدية في ريف القنيطرة حيث هدم 16 منزلاً خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي ريف درعا الغربي أقام الجيش الإسرائيلي قاعدة عسكرية قرب بلدة معرية التي ينطلق منها لتنفيذ عمليات أمنية وعسكرية.
وتستهدف إسرائيل من إقامة تلك القواعد تعزيز سيطرة جيشها على المنطقة وتثبيت واقع جديد في الجنوب السوري خلافاً لـ"اتفاق فض الاشتباك" بين الجانبين.
وعلى رغم ذلك فإن قوات مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة (يوندوف) تواصل عملها في المنطقة العازلة من خلال مقرها الرئيس في مدينة القنيطرة، إضافة إلى موقع آخر في قرية نبع الفوار، إلى جانب مواقع أخرى من ضمنها على سفح جبل الشيخ.
سوريا من دون أنياب
وتبلغ مساحة الجولان السوري 1800 كيلومتر مربع، أي نحو واحد في المئة من مساحة سوريا، وسيطرت إسرائيل عام 1967 على 1160 كيلومتراً مربعاً منه قبل أن توسع سيطرتها لتشمل 500 كيلومتر مربع أخرى خلال الأشهر الأخيرة.
وانطلاقاً من تلك القواعد يشن الجيش الإسرائيلي عمليات مداهمة وتفتيش لعشرات القرى السورية الممتدة من جبل الشيخ شمالاً وحتى مثلث الحدود جنوباً، لاستهداف ما يسميها "مواقع لبنى تحتية إرهابية، ولمنع أية تهديدات آتية من الجبهة الشمالية".
وقبل أيام أعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال "أربعة مسلحين تابعين لإيران في منطقتي أم اللحس وعين البستالي جنوب غربي سوريا".
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه "يعمل داخل المنطقة العازلة وفي مواقع إضافية عدة قريبة منها لضمان أمن الحدود الشمالية لإسرائيل"، لكنه رفض تحديد المواقع التي ينتشر فيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب مصادر سورية لـ"اندبندنت عربية" فإن الجيش الإسرائيلي استكمل قبل أسابيع عمليات مسح سكاني واجتماعي لتلك القرى، بخاصة في ريف القنيطرة والريف الغربي لمحافظة درعا الواقعة في حوض اليرموك.
وبحسب الجيش فإنه مستعد للبقاء في سوريا لفترة غير محدودة بهدف "ضمان أن تكون المنطقة الأمنية في جنوب سوريا منزوعة السلاح وخالية من التهديدات".
واعتبر المحلل الاستراتيجي السوري فايز الأسمر أن "إسرائيل استغلت سقوط نظام الأسد، وتسعى إلى جعل سوريا من دون أنياب أو مخالب، وتوسيع مناطق سيطرتها في الجولان".
وأوضح أن تل أبيب تريد من وراء ذلك "فرض اتفاق جديد غير اتفاق فض الاشتباك، يتيح لها نصب محطات إنذار مبكر في المنطقة العازلة، ونشر قوات أميركية بذريعة الحفاظ على أمنها".
وأشار إلى أن إسرائيل "تخشى بسبب عدم ثقتها بالحكم السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع من طوفان أقصى جديد انطلاقاً من سوريا، كما حصل في هجوم ’حماس‘ على إسرائيل في الـسابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023".
اتفاق 1974 المنهار
ويرى المحلل الاستراتيجي عنان وهبي أن إسرائيل تريد من خلال تلك القواعد "فرض قواعد اشتباك جديدة تقوم على توجيه ضربات استباقية ضد التهديدات الأمنية"، موضحاً أن تلك القواعد الجديدة تسعى إلى المحافظة على "جبهة مشتعلة، لكن على نار هادئة وليست حرباً كبيرة".
واستبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من تلك المواقع لأن تل أبيب "تريد الهيمنة الأمنية على جنوب غربي سوريا بكامله انطلاقاً من تلك المواقع".
وقالت وزارة الخارجية السورية إن سوريا مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة للعودة لـ"اتفاق فض الاشتباك" مع إسرائيل عام 1974، بعدما أعربت تل أبيب عن اهتمامها بـ"تطبيع" العلاقات مع دمشق.
وأقرت السلطات السورية بإجرائها مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل "لاحتواء التصعيد، بعدما شنت الأخيرة مئات الغارات على الترسانة العسكرية السورية، وتوغلت قواتها في جنوب البلاد عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وأكد المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، إجراء سوريا وإسرائيل محادثات جدية عبر وساطة الولايات المتحدة "تهدف إلى استعادة الهدوء على حدودهما".
وقال مصدر رسمي سوري إن التصريحات حول توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل "سابقة لأوانها، ولا يمكن الحديث عن احتمال التفاوض حول اتفاقات جديدة إلا بعد التزام تل أبيب الكامل اتفاق فك الاشتباك عام 1974، وانسحابها من المناطق التي توغلت فيها".