ملخص
يبدو أن ترمب يسعى إلى استغلال أي زخم ناتج من الهجمات الأميركية والإسرائيلية على مواقع نووية إيرانية، ووقف إطلاق النار الذي أنهى ذلك الصراع أخيراً، للضغط على حركة "حماس" المدعومة من طهران.
أعلنت حركة "حماس" أنها تسلمت، اليوم الأربعاء، مقترحات من الوسطاء بشأن اتفاق لوقف النار في قطاع غزة، مشددة على أنها تجري مشاورات لمناقشة المقترحات "بمسؤولية عالية"، وقالت الحركة، في بيان، "إننا نتعامل بمسؤولية عالية، ونجري مشاورات وطنية لمناقشة ما وصلنا من مقترحات الإخوة الوسطاء من أجل الوصول لاتفاق يضمن إنهاء العدوان وتحقيق الانسحاب وإغاثة شعبنا بشكل عاجل في قطاع غزة"، وأوضحت الحركة أن "الوسطاء يبذلون جهوداً مكثفة من أجل جسر الهوة بين الأطراف والوصول إلى اتفاق إطار وبدء جولة مفاوضات جادة".
آمال
وأحيا حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول أن إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لوضع اللمسات الأخيرة لوقف لإطلاق النار في غزة يستمر 60 يوماً، الآمال داخل القطاع، حيث قال مسؤولو الصحة اليوم الأربعاء إن 20 شخصاً قتلوا بهجمات إسرائيلية.
وقال ترمب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أمس الثلاثاء، بعد اجتماع وصفه بأنه طويل ومثمر بين ممثلين عنه ومسؤولين إسرائيليين، إن قطر ومصر اللتين تقومان بدور الوساطة ستنقلان مقترحاً أخيراً لحركة "حماس"، فيما أوضح سكان من قطاع غزة، أنه حتى لو كانت هناك تهدئة موقتة، فإنها كافية لتخفيف ما ألم بهم، وقال كمال، وهو من سكان مدينة غزة، في اتصال هاتفي "أتمنى أن تتحقق هذه المرة حتى لو لشهرين، لتحفظ حياة الآلاف من الناس البريئة".
مؤشرات إيجابية
إسرائيلياً، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن إسرائيل جادة بشأن التوصل إلى اتفاق مع حركة "حماس" لإنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن المحتجزين هناك إلى إسرائيل. وأضاف "نحن جادون في رغبتنا في التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار. أجبنا بنعم على مقترحات المبعوث الأميركي الخاص (ستيف) ويتكوف. هناك بعض المؤشرات الإيجابية. لا أريد أن أقول أكثر من ذلك الآن. لكن هدفنا هو بدء محادثات غير مباشرة في أقرب وقت ممكن".
لا مجال للفشل
ويتزايد الضغط الشعبي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقارب عامين، وهي خطوة يعارضها بشدة أعضاء متشددون داخل الائتلاف اليميني الحاكم، وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على موقع "إكس" اليوم الأربعاء، أن هناك غالبية داخل الائتلاف الحكومي ستدعم اتفاقاً يفضي إلى الإفراج عن الرهائن الباقين لدى "حماس" في غزة، مضيفاً "إذا كانت هناك فرصة للقيام بذلك فيتعين علينا ألا نضيعها"، إذ يعتقد أن 20 من بين 50 رهينة محتجزين في غزة لا يزالون أحياء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالنسبة إلى سكان غزة الذين نزحوا مرات ومرات ويتكبدون يومياً عناء البحث عما يسد رمقهم في ظل استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية منذ 21 شهراً، فقد منحتهم تصريحات ترمب بصيص أمل، وقال تامر البرعي إنه "ما عاد ثمة مجال للفشل، فكل يوم يكلفنا مزيداً من الأرواح"، مضيفاً "نعيش أصعب أيام حياتنا، والناس تريد أن تنتهي الحرب وينتهي التجويع والإهانة".
وفيما لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من جانب إسرائيل أو "حماس" على ما قاله ترمب، فقد ذكر الرئيس الأميركي أن "إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لوضع اللمسات الأخيرة على خطة وقف إطلاق النار مدتها 60 يوماً، وسنعمل خلال هذه الفترة مع جميع الأطراف لإنهاء الحرب"، من دون أن يوضح الشروط.
استثمار الزخم الإيراني
ويبدو أن ترمب يسعى إلى استغلال أي زخم ناتج من الهجمات الأميركية والإسرائيلية على مواقع نووية إيرانية، ووقف إطلاق النار الذي أنهى ذلك الصراع أخيراً، للضغط على حركة "حماس" المدعومة من طهران، ويعتقد قادة إسرائيليون إن الأضرار التي لحقت بإيران جراء الحرب التي استمرت 12 يوماً الشهر الماضي، ستتيح الفرصة لدول أخرى في المنطقة إقامة علاقات مع إسرائيل.
وأحجم مسؤول في "حماس" عن التعليق على الفور على تصريحات ترمب، لكن مصدراً مقرباً من الحركة قال إن من المتوقع أن يناقش قادتها الاقتراح ويطلبون توضيحات من الوسطاء قبل تقديم رد رسمي.
وكانت "حماس" ذكرت نهاية مايو (أيار) الماضي أنها تسعى إلى إدخال تعديلات على مقترح لوقف إطلاق النار مدعوم من الولايات المتحدة، وهو ما قال مبعوث ترمب، ستيف ويتكوف، إنه أمر "غير مقبول على الإطلاق".
وكان الاقتراح يتضمن وقف إطلاق النار مدة 60 يوماً والإفراج عن نصف الرهائن الذين تحتجزهم "حماس" في مقابل سجناء فلسطينيين ورفات فلسطينيين آخرين، على أن تفرج "حماس" عن بقية الرهائن في إطار اتفاق يضمن إنهاء الحرب، وكتب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد على موقع "إكس" اليوم أن حزبه يمكن أن يوفر للحكومة شبكة أمان إذا ما عارض أعضاء متشددون في الحكومة الإسرائيلية الاتفاق، فيما يمثل تعهداً فعلياً بعدم دعم اقتراح بحجب الثقة داخل الكنيست قد يطيح بالحكومة.
من جهة أخرى قالت السلطات الصحية في غزة إن إطلاق النار والقصف الإسرائيلي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 20 فلسطينياً خلال هجمات منفصلة على مناطق من شمال وجنوب القطاع، كما أمر الجيش الإسرائيلي بمزيد من عمليات الإخلاء في وقت متأخر أمس الثلاثاء.
ورداً على أسئلة من "رويترز" حول هذه التقارير، قال الجيش الإسرائيلي إن عملياته تهدف إلى القضاء على القدرات العسكرية لـ "حماس" وتخفيف الأضرار عن المدنيين، من دون التعليق على وقائع بعينها.
دعوة إلى انتهاز الفرصة
وشدد وزير الخارجية الإسرائيلي اليوم الأربعاء على أهمية "عدم تفويت فرصة" تأمين الإفراج عن الرهائن في غزة، وذلك غداة إعلان الرئيس الأميركي "الشروط اللازمة" لهدنة تمتد 60 يوماً، إذ أسفرت الحرب عن دمار واسع في القطاع المحاصر وأوضاع إنسانية كارثية يعيشها سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
ومع تأكيد الجيش الإسرائيلي توسيع نطاق عملياته في غزة ضمن إطار الحرب التي اندلعت قبل نحو 21 شهراً، عقب هجوم حركة "حماس" على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فقد دعا ترمب الحركة أمس إلى قبول هدنة الـ 60 يوماً، مشيراً إلى أن إسرائيل وافقت على إنجاز التفاصيل المتعلقة باتفاق على هذا النحو.
ومن دون الإشارة المباشرة لتصريحات ترمب، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اليوم إن "الغالبية العظمى من الشعب والحكومة تؤيد اتفاقاً يفضي إلى تحرير الرهائن"، مضيفاً أنه "يتعين عدم تفويت فرصة كهذه إن توافرت"، فمن بين 251 رهينة خطفوا في هجوم عام 2023، لا يزال 49 محتجزين في غزة وبينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم.
ميدانياً أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الجهاز أحصى "14 قتيلاً بينهم عدد من الأطفال وعشرات المصابين خلال غارات نفذها الاحتلال فجر اليوم"، وأوضح أن من بينهم خمسة أشخاص قتلوا جراء غارة استهدفت "خيمة للنازحين لعائلة أبو طعيمة" في مخيم البركة بمنطقة المواصي في خان يونس جنوب القطاع، وعلى رغم إعلانها منطقة آمنة في ديسمبر (كانون الأول) 2023، لا تزال المواصي تتعرض للقصف الإسرائيلي المتكرر، وأظهرت لقطات لوكالة الصحافة الفرنسية مسعفين يعالجون أطفالاً ملطخين بالدماء قرب مستشفى ناصر في خان يونس وقد بدت ملامح الذعر على عدد من الأطفال، بينما افترش بعضهم أسرة المستشفى بملابسهم المضرجة بالدماء.
وفي شمال القطاع أفاد بصل بأن غارة طاولت منزلاً يعود لعائلة زينو في حي التفاح بمدينة غزة مما أسفر عن "مقتل أربعة مواطنين، هم أحمد عيد زينو وزوجته آيات مندو وطفلاه زهرة وعبيدة"، مضيفاً "ارتقى خمسة قتلى بينهم طفلان وسيدة وعدد من الإصابات إثر غارة نفذتها طائرة مسيرة إسرائيلية صباح اليوم استهدفت منزلاً قرب مسجد البخاري في منطقة البركة جنوب دير البلح".
توسيع العمليات
ونظراً إلى القيود التي تفرضها إسرائيل على التغطية الإعلامية في غزة، تعذر على وكالة الصحافة الفرنسية التحقق من الأعداد والتفاصيل الواردة عن المسعفين والسلطات المحلية، ورداً على استفسار من الوكالة قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يملك معلومات كافية للتعليق على التقارير، إلا أنه شدد على أنه "يعمل على تفكيك القدرات العسكرية لـ "حماس" بما يتماشى مع القانون الدولي، ويتخذ التدابير الاحترازية الممكنة لتقليل الأضرار المدنية.
وكان الجيش أعلن أمس أن قواته وسعت نطاق عملياتها في مختلف أنحاء القطاع، وأنه "قضى على عشرات المسلحين وفكك مئات مواقع البنية التحتية الإرهابية فوق الأرض وتحتها".
وبعد شهور من تعثر جهود الوساطة في غزة، قال ترمب أمس إن إسرائيل تدعم الجهود الجديدة التي تأتي عقب وقف لإطلاق النار بين الدولة العبرية وإيران بعد حرب استمرت 12 يوماً، وأوضح عبر منصته "تروث سوشيال" أن إسرائيل "وافقت على الشروط اللازمة لإبرام" هدنة مع "حماس" مدتها 60 يوماً تمهيداً لإنهاء الحرب، مناشداً الحركة الموافقة على هذا "المقترح النهائي" الذي تعمل عليه القاهرة والدوحة.
وأضاف ترمب أن "القطريين والمصريين الذين عملوا بلا كلل للإسهام في السلام سيقدمون هذا المقترح النهائي"، متابعاً "آمل من أجل الشرق الأوسط أن تقبل 'حماس' هذا الاتفاق لأنه لن يتحسن، بل سيزداد سوءاً وحسب".
ويستعد نتنياهو لزيارة واشنطن ولقاء ترمب ومسؤولين الأسبوع المقبل، عقب تأكيده أن الحرب مع إيران وفرت فرصاً لتأمين الإفراج عن الرهائن.
وكانت حرب غزة اندلعت بعد هجوم مباغت شنته "حماس" في السابع من أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية، وردت تل أبيب بإحكام حصار قطاع غزة وشن حرب مدمرة قتل فيها حتى الآن 56647 شخصاً غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها "حماس" وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقاً بها.