ملخص
قال البنك الاستثماري الأميركي في مذكرة لعملائه إنه "بغض النظر عن زيادة حصص الإنتاج "أوبك+" بنحو مليون برميل يومياً في الفترة من مارس (آذار) الماضي إلى يونيو الجاري فإن الزيادة الفعلية في الإنتاج يصعب تحديدها، ولا يبدو أن زيادة الإنتاج كانت بالقدر المطلوب"، بحسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن فريق "مورغان ستانلي" الذي أعد المذكرة
تواصل أسعار النفط الصمود في ثاني أيام الأسبوع أمس الثلاثاء، مدعومة بتقرير تحسن سوق العمل الأميركي والتفاؤل بالمفاوضات التجارية بين الصين وأميركا في لندن، وتدور الأسعار حول حاجز 65 دولاراً للبرميل متجهة نحو الارتفاع.
ومن العوامل، التي توصف بأنها "تأثير نفسي" في المتعاملين في عقود النفط الآجلة على ما يبدو من تعثر مفاوضات الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، فاحتمال عدم التوصل إلى صفقة نتيجة تمسك إيران باستمرارها في تخصيب اليورانيوم ورفض واشنطن لذلك يمكن أن يؤديا إلى تصعيد عسكري في المنطقة، يؤثر في إمدادات النفط، أو في الأقل زيادة عقوبات "الحد الأقصى" على طهران، مما يعني توقف دخول إنتاجها النفطي إلى السوق بالتالي نقص المعروض.
لكن من أسباب ارتفاع الأسعار ولو قليلاً، غير العوامل النفسية المتعلقة بتوقعات زيادة طلب ثاني أكبر اقتصاد في العالم بالصين أو تحسن وضع أكبر اقتصاد في العالم بأميركا، عوامل حقيقية تتعلق بمعادلة العرض والطلب في سوق النفط العالمية.
فأحد العوامل يتعلق بالصين أيضاً، التي انخفضت وارداتها من النفط في مايو (أيار) الماضي بنسبة 5.7 في المئة، لتصل واردات الصين النفطية إلى 11 مليون برميل يومياً.
إنتاج "أوبك+"
إلا، أن هذا التراجع في واردات النفط الصينية الشهر الماضي يعود بالأساس إلى عمليات الصيانة في مصافي التكرير التي خفضت شراء الخام، ويعد مايو سنوياً هو شهر الصيانة للمصافي الصينية بصورة عامة، وبانتهاء تلك العمليات تعود المصافي للشراء ما يزيد من الواردات النفطية للبلاد.
هذا من جانب الطلب في السوق، أما بالنسبة إلى العرض فإن الزيادة في الإنتاج التي أقرها تحالف "أوبك+" لمايو الماضي لم تتحقق بالكامل، فحسب مذكرة من بنك "مورغان ستانلي" الاستثماري أول من أمس الإثنين فإن الزيادة في إنتاج دول تحالف "أوبك+" المقررة لمايو 2025 المقدر بنحو 411 ألف برميل يومياً "لم تحدث".
طبقاً لأرقام أكثر من جهة تتابع سوق النفط، بلغ إنتاج دول "أوبك" الـ12 الشهر الماضي 26.75 مليون برميل يومياً بزيادة بمقدار 150 ألف برميل يومياً عن إنتاج أبريل (نيسان)، بحسب مسح لوكالة "رويترز" فإن خمس دول في "أوبك" شاركت في خفض الإنتاج من قبل كان مفترضاً أن تزيد إنتاجها بمقدار 310 آلاف برميل يومياً الشهر الماضي، لكنها لم تنتج أكثر من 180 ألف برميل يومياً إضافية.
وأرجعت الوكالة ذلك إلى أن العراق لم يرفع إنتاجه بالحد المستهدف لتعويض تجاوز الحصص من قبل، أما الإمارات والسعودية فلم تزيدا الإنتاج إلى حد حصة كل منهما، وكان تحالف "أوبك+" قرر تخفيف سقف الإنتاج ضمن الخفوض السابقة ليزيد الإنتاج من دول التحالف بمقدار 411 ألف برميل يومياً كل من مايو إلى يوليو (تموز) الماضيين.
الإنتاج من خارج "أوبك"
في مذكرة لعملائه قال البنك الاستثماري الأميركي إنه "بغض النظر عن زيادة حصص الإنتاج "أوبك+" بنحو مليون برميل يومياً في الفترة من مارس (آذار) الماضي إلى يونيو الجاري فإن الزيادة الفعلية في الإنتاج يصعب تحديدها، ولا يبدو أن زيادة الإنتاج كانت بالقدر المطلوب"، بحسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن فريق "مورغان ستانلي" الذي أعد المذكرة.
مع ذلك يتوقع البنك أن تزيد دول تحالف "أوبك+" الإنتاج النفطي في المتوسط بنحو 420 ألف برميل يومياً في الفترة من يونيو الجاري إلى سبتمبر (أيلول) 2025.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب سيناريوهات البنك لتوقعات الطلب العالمي فإن تلك الزيادة يمكن أن تترك فائضاً في العرض لكنه لن يكون كبيراً بما يعني تخمة معروض.
إنما احتمالات التخمة تأتي من الزيادة الكبيرة في إنتاج الدول النفطية من خارج تحالف "أوبك+"، بما في ذلك الولايات المتحدة، إذ يتوقع البنك أن يزيد الإنتاج من الدول خارج التحالف بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً هذا العام، وذلك مما يسبب تخمة معروض بنحو 800 ألف برميل يومياً.
تعتمد كل هذه التقديرات على سيناريو مدخلاته هي وضع معادلة العرض والطلب الحالية، ولا تأخذ في الاعتبار أي تغييرات مفاجئة في الجانبين، ومن دون حتى وضع احتمالات خفض الفائدة بقوة في الولايات المتحدة أو احتمالات الأخطار الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
تشاؤم الطلب العالمي
رغم التحسن الحالي في أسعار النفط، واحتمالات استمرار الارتفاع نحو حاجز 70 دولاراً للبرميل إذا توصلت بكين وواشنطن إلى اتفاق تجاري، فإن هناك تشاؤماً في الأسواق في شأن الأسعار حتى نهاية العام الحالي.
عدلت "ستاندرد أند بورز غلوبال" توقعاتها لأسعار النفط للعام الحالي 2025 بالخفض، محذرة من أن أسعار الخام قد تهبط دون حاجز 50 دولاراً للبرميل مع احتمال الاقتراب من حاجز 40 دولاراً للبرميل. وبحسب موقع "أويل برايسز دوت كوم" خفض رئيس أبحاث النفط الخام في "غلوبال" جيم بوكهارد تقديراته لمتوسط أسعار خام "برنت" القياسي لهذا العام من 72 إلى 63 دولاراً للبرميل بينما خفض تقديراته لمتوسط سعر الخام الأميركي إلى حدود 40 دولاراً للبرميل.
من أسباب هذا التشاؤم والمتعلقة بأساسات السوق توقعات زيادة الإنتاج العالمي من النفط بنحو 2.2 مليون برميل يومياً في المتوسط، بينما يظل الطلب العالمي مستقراً مع تراجع في معدلات نموه.
وبحسب أحدث تقرير من وكالة الطاقة الدولية فإن نمو الطلب العالمي لهذا العام 2025 لن يصل حتى إلى مليون برميل يومياً.
يضيف تقرير "غلوبال" احتمالات التراجع أكثر في نمو الطلب العالمي على الطاقة عموماً نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي، خصوصاً في الولايات المتحدة والصين.
ولا يستبعد التقرير احتمال حدوث ركود اقتصادي في أميركا بنهاية هذا العام مما يزيد من احتمالات انخفاض الطلب العالمي على الطاقة عموماً وليس النفط فحسب.