ملخص
تواجه "مؤسسة غزة الإنسانية" صعوبة في توزيع الغذاء وحوادث إطلاق نار داخل مراكز توزيع الطعام، وكذلك عدم ثقة الأمم المتحدة واستقالة كبار المسؤولين التنفيذيين للمشروع، مما يهدد استمرارها في العمل.
خلال الأسبوع الأول من عملها واجهت "مؤسسة غزة الإنسانية" صعوبات كبيرة جعلتها تقف عند مفترق طرق صعب في إغاثة الجائعين الذين يتوجهون لتسلم مساعدات غذائية من مراكزها، وهذه الأزمات التي عصفت بها ربما تجعلها عاجزة عن مواصلة عملها في مدينة الحرب.
ومرت الأيام السبعة من عمر "مؤسسة غزة الإنسانية" بصعوبة، فميدانياً واجهت عرقلة كبيرة في تشغيل نظام المساعدات، وإدارياً واجهت استقالات كبار المديرين التنفيذيين وانسحاب مشغلين واستشاريين، مما يقوض عمل المنظمة التي تتلقى دعماً أميركياً وإسرائيلياً.
صفعة
وبدأت أزمات "مؤسسة غزة الإنسانية" قبل ساعات من انطلاق عملها في القطاع، إذ تلقت صفعة باكرة للمشروع عندما استقال جيك وود من منصبه كمدير تنفيذي احتجاجاً على خطة توزيع المساعدات لغزة التي تقوض المبادئ الإنسانية الأساس، وقال وود "لا أقبل التنازل عن مبادئ الإنسانية والحياد وعدم التحيز، فلا يمكن لـ 'مؤسسة غزة الإنسانية' الالتزام بهذه القواعد، وهناك قيود صعبة أمام وصول المساعدات، وهناك مخططات مخيفة للجيش الإسرائيلي".
فقدان السيطرة وإطلاق نار
وبعد هذه الصفعة توالت الصعوبات في طريق عمل "مؤسسة غزة الإنسانية"، فعندما باشرت توزيع الغذاء تجمهر أمام مستودعاتها آلاف الجائعين وفقدت شركة الأمن قدرتها على ضبط النظام، فاقتحم الجائعون المكان ونهبوا محتوياته.
ومن المشكلات الأخرى التي واجهتها المؤسسة في تشغيل نظام المساعدات أن الجائعين باتوا أهدافاً لجنود الجيش الإسرائيلي الذي حضر في المكان، وطوال أيام الأحد والإثنين والثلاثاء الماضية سُجلت حالات إطلاق نار صوب الجائعين.
ويقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن "الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 100 جائع خلال الأيام الثلاثة الماضية، فيما أصيب 490 آخرين بجروح نتيجة عدم توقف الجنود عن إطلاق النار صوب الموجودين في مراكز المساعدات".
لا إجراءات سلامة
ومن المشكلات التي تواجهها المؤسسة في أرض غزة أنها تفتقد إجراءات الأمن والسلامة، ولا توجد مسارات طرق آمنة يسلكها الجائعون من دون أن يطلق عليهم الجيش النار، كما أن هناك اكتظاظاً عند البوابات، ولا يوجد نظام لتسلم المساعدات من طريق الهوية أو البصمات الحيوية، وكذلك فإن مراكز توزيع المساعدات جرى تدشينها في مناطق غير آمنة، كما أنها تجبر السكان على التنقل لتلقي المعونات، ووجهت إليها انتقادات حادة لأن أساليبها تدعم التهجير القسري.
كما أن "مؤسسة غزة الإنسانية" غير قادرة على توزيع الطعام يومياً على الجائعين، فقد توقفت اليوم الأربعاء عن تقديم المعونات بسبب مشكلات لوجستية وغياب لتدابير السلامة وتحول الطرق المؤدية إلى ساحة قتال، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
استقالات وانسحاب مشغلين وعدم ثقة من الأمم المتحدة
وإضافة إلى ذلك فإن "مؤسسة غزة الإنسانية" تواجه مشكلات إدارية كبيرة، فقد استقال عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين للمشروع وانسحبت "مجموعة بوسطن الاستشارية" التي صممت وأدارت العمليات التجارية لـ "مؤسسة غزة الإنسانية" من برنامج تقديم المساعدات وبناء المستودعات ووضع حراس الأمن وتشغيل المراكز.
ومن الصعوبات كذلك تعقيد العمل ميدانياً، فالأمم المتحدة لا تزال ترفض التعاون معها معتبرة أنها لا تمثل عملية محايدة، ويقول منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة توم فليتشر "إنها تجعل المساعدات مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية وتستخدم التجويع ورقة مساومة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وما قد يفقد "مؤسسة غزة الإنسانية" أي تضامن معها أنها عينت القس المسيحي الإنجيلي الأميركي جوني مور، الذي يدعم اقتراح الرئيس دونالد ترمب بأن تتولى واشنطن السيطرة على القطاع الفلسطيني، مديراً تنفيذياً لها، وقد يؤدي تعيين مور إلى تأجيج مخاوف الأمم المتحدة من ناحية عدم الحياد والاستقلالية، نظراً إلى دعمه الاقتراح المثير للجدل الذي طرحه ترمب في شأن "ريفييرا الشرق الأوسط".
تبرير
ويقول المدير التنفيذي للمؤسسة بالإنابة جون أكري "قد نتوقف عن تقديم الغذاء لأيام محدودة في غزة لإجراء أعمال ترميم وإعادة التنظيم وتحسين الكفاءة، فالمؤسسة تثبت أنه من الممكن نقل كميات هائلة من الطعام إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه بأمان وكفاءة وفاعلية".
وأضاف أن "خدمة سكان غزة بكرامة ورفق يجب أن تكون الأولوية القصوى لـ 'مؤسسة غزة'، وقد وزعنا 7 ملايين وجبة في مواقع التوزيع الآمنة، ونعمل على استيعاب أعداد أكبر من الناس، وقدمنا سلسلة طلبات إلى الجيش الإسرائيلي بهدف تعزيز إجراءات الأمن بعد ثلاثة أيام متتالية من الحوادث التي أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى".
ويوضح أكري أن منظمته طلبت من الجيش الإسرائيلي توجيه حركة المشاة بطريقة تقلل أخطار الارتباك أو التصعيد قرب الأماكن العسكرية، ووضع إرشادات أكثر وضوحاً للمدنيين مع تعزيز التدريب لدعم سلامتهم أثناء محاولة وصولهم إلى مراكز توزيع المساعدات الغذائية.
من جهتها ترى أستاذة السياسات الغذائية غدير سيد أن "مؤسسة غزة الإنسانية" لن تستطيع "مواصلة عملها في ظروف حرب غزة، وسيكون من الصعب عليها الاستمرار في عملها من دون المستشارين الذين أسهموا في إنشائها".
وأضافت سيد أن "آلية توزيع المساعدات غير مجدية وغير منظمة، والطعام لا يصل إلى جميع السكان غزة، فالعمل في نظام 'مؤسسة غزة الإنسانية' خطر ويحرم السكان حقهم في الطعام ويحشرهم في منطقة لتهجيرهم وتنفيذ مخططات إسرائيلية مخيفة".