Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة المبارزة بين السلاحين الشرقي والغربي

المواجهة الباكستانية الهندية تفتح الباب أمام نمط جديد من توازنات القوى الدولية

حطام طائرة "ميغ 21" هندية أسقطتها القوات الباكستانية عام 2019 (رويترز)

ملخص

أعادت المواجهة السريعة بين الهند وباكستان التي انتهت بتدخل أميركي حاسم وحازم، خوفاً على الأرجح من انفلاش حرب نووية، الحديث عن المفاضلة بين الأسلحة الشرقية والغربية، وكأن العالم يستدعي الماضي مرة جديدة من أضابير التاريخ، وبخاصة خلال فترة الحرب الباردة، وما ساد خلالها من مقارنات بين الأسلحة السوفياتية والغربية

في السابع من مايو (أيار) الماضي نشرت الهند طائرات مقاتلة عدة لضرب أهداف داخل باكستان، بينما حلقت الطائرات الباكستانية رداً على ذلك. وفي الثامن من مايو صرح نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني إسحاق نار أمام البرلمان بأن الطائرات المقاتلة الباكستانية أسقطت ثلاث طائرات "رافال" هندية فرنسية الصنع. وأوضح "مقاتلاتنا من طراز J-10C جميعها طائرات نفاثة بالتعاون مع الصين".

وعلى رغم أن السلطات الهندية لم تؤكد ـ أول الأمر ـ ما اعتبرته مزاعم باكستانية، فإن وكالة "رويترز" في الثامن من مايو ذكرت أن اثنين من المسؤولين الأميركيين صرَّحا بأن طائرات مقاتلة باكستانية من طراز "جيه-10" صينية الصنع أسقطت بنجاح طائرتين عسكريتين هنديتين في الأقل خلال المعركة الجوية في السابع من مايو، وهو ما وصفاه بأنه "إنجاز كبير لتكنولوجيا المقاتلات المتقدمة في الصين".

لاحقاً أشار مسؤول أميركي لوكالة "أسوشيتدبرس" أنه من المرجح أن تكون باكستان قد استخدمت طائرة "جيه-10" صينية الصنع لإطلاق صواريخ جو-جو على مقاتلات هندية، مما أدى إلى إسقاط طائرتين في الأقل. وقال مسؤول آخر إن واحدة في الأقل من الطائرات الهندية التي أسقطت كانت مقاتلة "رافال" فرنسية الصنع.

هل كانت هذه المواجهة السريعة التي انتهت بتدخل أميركي حاسم وحازم، خوفاً على الأرجح من انفلاش حرب نووية، منطلقاً لحديث المواجهة بين الأسلحة الشرقية والغربية، وكأن العالم يستدعي الماضي مرة جديدة من أضابير التاريخ، وبخاصة خلال فترة الحرب الباردة، والمواجهة بين الأسلحة السوفياتية والأسلحة الغربية؟

الثابت أن وكالة "رويترز" نقلت عن دوغلاس باري، الزميل البارز في مجال الفضاء العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية قوله، "ستكون مجتمعات الحرب الجوية في الصين والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية مهتمة للغاية بمحاولة الحصول على أكبر قدر ممكن من الحقيقة على أرض الواقع في شأن التكتيكات والتقنيات والإجراءات والمعدات المستخدمة وما نجح وما لم ينجح".

لاحقاً وفي الثامن من مايو نقلت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، عن علي عبدالباسط، الزميل البارز في كلية "راجام إتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة قوله إنه إذا ثبتت صحة مزاعم باكستان في شأن إسقاط طائرة "رافال" باستخدام التكنولوجيا العسكرية الصينية، فمن المؤكد أن المناقشات بين مصنعي الأسلحة والمحللين حول مزاياها النسبية على أفضل الطائرات الفرنسية ستنشأ.

تطرح تلك المواجهة بين باكستان والهند تساؤلات عن التقدم التقني العسكري الصيني والروسي معاً، في مواجهة تطوير الغرب لأسلحته، وتفتح الباب في واقع الأمر لما هو أشد هولا، ويمكن أن ينسحب على المواجهة الصينية - الأميركية المحتملة، عطفاً على أسلحة الدب الروسي التي ظهرت في أوكرانيا، في مواجهة أسلحة أوروبا وأميركا... من أين يمكننا البداية؟

 ساحة اختبار ومواجهات للأسلحة

بعد الهدوء الذي يمكن أن يسود لفترة ما، بين باكستان والهند، هناك من يتوقع أن تشتعل المعارك مرة جديدة بين الجانبين، وساعتها سيكون الأمر بمثابة حرب بالوكالة لنوعيات السلاح العالمي، الشرقي من جهة، والغربي من جهة ثانية.

هنا وفي حال الاشتباك القادم بين الطرفين، فإن أداء أسلحتهما سيخضع لتحليل دقيق من قبل المخططين العسكريين في جميع أنحاء العالم، وسيتم دمج الدروس المستفادة في استراتيجيات الدفاع الوطنية، وبخاصة في المسرح الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تنتظم الصين والولايات المتحدة في منافسة جيوسياسية شرسة.

والمؤكد أنه في حال نشوب صراع، طويل الأمد، ستستخدم القوات المسلحة الهندية والباكستانية ترسانتهما النووية لترسيخ "هيمنة التصعيد"، ويبقى السؤال من يستطيع أن يضرب الآخر بقوة، ويجعله يتوجع أكثر، وما مدى قوة وفاعلية الأسلحة المتوافرة لكل طرف من الأطراف.

هل التحليل العسكري للمشهد بين الجارين اللدودين، يكشف عن تفوق نوعي حالي للأسلحة الشرقية وبالتحديد الصينية منها؟

بحسب أسفانديار مير، وهو محلل أمني متخصص في شؤون جنوب آسيا ومقره واشنطن، فإن الهند وباكستان، وعلى رغم التهدئة الظاهرة للعيان، يتجهان نحو صراع ساخن ومن المرجح أن يكون أكثر حدة من أزمة عام 2019.

يقطع مير بأن "المزاج في الهند هو مزاج انتقامي، ويبدو أن القيادة الهندية ملتزمة فرض كلفة باهظة على باكستان"، ويضيف أن إسلام آباد "مستعدة بالقدر نفسه لمواجهة أي عمل هندي والرد بقوة وسرعة".

والثابت أن الهند ومن خلال المتابعة، فشلت بالفعل عام 2019 في فرض هيمنتها التصعيدية، وفقاً لبعض المحللين، أما السبب فلأن القوات الجوية الباكستانية أسقطت طائرة مقاتلة هندية. كانت هذه الطائرة تقدم الدعم للطائرات المشاركة في الغارة الجوية الأولى أثناء عودتها إلى المجال الجوي الهندي.

كما أطلقت طائرة حربية باكستانية من طراز JF-17، تم تطويرها بصورة مشتركة مع الصين، صاروخاً صينيا خارج مدى الرؤية على مستودع عسكري هندي في كشمير، مما يدل على قدرة إسلام آباد على الرد على أي هجوم على أراضيها.

هل فقدت الهند بالفعل قدرتها على الهيمنة والتصعيد بسبب ما يتوافر لباكستان من أسلحة صينية متقدمة؟

إذا استثنينا، الدخول في دائرة التهديد النووي المتبادل بين الجانبين، فإنه يمكننا القطع بذلك، والعهدة هنا على "كريستين فير" أستاذة الدراسات الأمنية في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون في واشنطن.

أما المحلل العسكري بويكو نيكولوف، فيرى أن الأزمة الهندية الباكستانية الحالية "لا تتعلق بتحقيق النصر الاستراتيجي بقدر ما تتعلق بالحفاظ على الردع الموثوق".

هنا تبدو العلاقة واضحة بين فكرة الردع من جهة، ونوعية الأسلحة المطلوبة من جهة تالية.

تلعب الصين بلا شك دوراً متقدماً في دعم باكستان، وقد قدمت كثيراً من الأسلحة النوعية، بهدف منع تفوق الهند العدو الأزلي للصين، وبلغ الأمر حد تزويد الصين باكستان بالتكنولوجيا النووية، والأسلحة الثقيلة، والسفن الحربية المتطورة، والطائرات المقاتلة لتعزيز دفاعاتها ضد الهند. من هنا يمكن الجزم بأن الصراع الآن سيمثل مواجهة نادرة، إن لم تكن غير مسبوقة، بين الطائرات المقاتلة الصينية والغربية، مما يوفر اختباراً حقيقياً لقدرات الطرفين وعقائدهما القتالية.

"الرافال" ونقطة تحول للأسلحة الصينية

على رغم أن الصين تعد ثاني أكبر اقتصاد وثاني أقوى دولة بعد الولايات المتحدة، فإن حصتها من صادرات الأسلحة العالمية لا تزال منخفضة بصورة ملحوظة. ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI بلغت حصة الصين من صادرات الأسلحة العالمية نسبة متواضعة بلغت 5.9في المئة في الفترة من 2020-2024.

حدث هذا على رغم أن الأسلحة الصينية كانت على الدوام أرخص، ومتاحة من دون قيود، وتتيح للمتلقي حرية أكبر في استخدامها مقارنة بالقيود المفروضة على الأسلحة الغربية. وكثيراً ما قدمت الصين نظام دفع مرناً للمشترين.

كان أحد الأسباب الرئيسة لضعف الاهتمام بالأسلحة الصينية هو الاعتقاد أنها ذات جودة أقل مقارنة بنظيراتها الغربية.

علاوة على ذلك، بالنسبة إلى أي معدات عسكرية، ظل القتال الفعلي والاستخدام العملي الاختبار النهائي. ونظراً إلى افتقار الصين لأي خبرة قتالية مباشرة منذ حرب فيتنام، فقد زاد ذلك من الشكوك حول صدقية أسلحتها. ونظراً إلى أهمية الأمن لأي دولة، لذا كانت الأفضلية دوماً للأسلحة الغربية على أسلحة الصين.

هل كانت عملية "سيندور" نقطة مفصلية في مسارات الأسلحة الصينية، ومنطلقاً لرواج عالمي وطلب غير مسبوق على أسلحة بكين؟

كانت هذه هي المرة الأولى التي تسقط فيها طائرة "رافال" عالية السمعة وغالية الثمن، في مواجهة سلاح صيني، خصوصاً الصاروخ الذي أطلقته باكستان.

تعد طائرة "رافال"، وهي طائرة مقاتلة من الجيل الرابع والنصف من إنتاج شركة "داسو" الفرنسية للطيران، الخيار الأمثل لدى عديد من الدول. في المواجهة الجوية بين باكستان والهند عام 2019، أسقطت باكستان طائرة هندية من طراز "ميغ -21 بايسون"، وأسرت طيارها، قائد الجناح "أبيناندان فارتامان"، الذي أعيد لاحقاً إلى بلاده كبادرة حسن نية.

في ذلك الوقت صرح رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي بأنه لو امتلكت الهند طائرات "رافال"، لكانت النتيجة مختلفة، وربما لم تكن الهند لتواجه هذا الإحراج.

لاحقاً سرعت الهند عملية الحصول على طائرات "رافال"، فتسلمت الدفعة الأولى عام 2020، وبحلول أبريل (نيسان) 2022، تسلمت ما مجموعه 36 طائرة، وفي أبريل 2025، طلبت الحكومة الهندية 26 طائرة "رافال" إضافية للبحرية، على أن يتم تسليمها بحلول عام 2030.

بدت الأقدار وكأن صاروخاً صينياً على موعد من "الرافال"، ومعه باتت فرنسا تخشى من سقوط أسطورة طائرتها الأيقونية.

يعد صاروخ PL-15، الذي طور أصلاً لمقاتلة الشبح J-20 من الجيل الخامس، أكثر صواريخ المقاتلات الصينية تطورا، ويقال إن مداه يراوح ما بين 200 و300 كيلومتر (125 و185). قبل أيام قليلة من بدء القتال، نشر الجيش الباكستاني مقطع فيديو للمرة الأولى عن نشر صاروخ PL-15، مع طائرات J-10.

كانت هذه أول مرة في التاريخ، تسقط فيها طائرة "رافال" في قتال حقيقي، كما كانت أول اختبار حقيقي لفاعلية الأسلحة الصينية في القتال، وبخاصة تلك النوعية من الصواريخ، مما يعزز من جاذبيتها العالمية.

أدت المواجهة الباكستانية الهندية إلى أمرين، الأول هو ارتفاع أسهم الأسلحة الصينية في البورصات العالمية، والثاني هو انخفاض ملحوظ في قيمة أسهم شركة "داسو" الفرنسية المنتجة لطائرات "الرافال"، كما حذر المحللون من احتمال انخفاض إضافي بنسبة 5 في المئة نتيجة للتدقيق المتزايد في أداء الطائرة الفرنسية في سياقات القتال.

هل من تبعات استراتيجية على سوق الأسلحة العالمية بعد المواجهة الآسيوية الأخيرة؟

الأسلحة الصينية وصدقية صاعدة

يحاجج كثر من المحللين العسكريين بأن ما جرى أخيراً بات يعد كعب أخيل الذي ستنفذ منه الأسلحة الصينية إلى الأسواق العالمية. مباشرة ارتفعت أسهم شركة صناعة الطائرات الصينية، بأكثر من الربع بعدما أسقطت طائرتها المقاتلات الفرنسية الهندية.

يذهب الأستاذ المساعد في برنامج الصين في كلية أس. راجار إتنام للدراسات الدولية جيمس تشار إلى أن "هناك فرصة جيدة لأن تكون أنظمة الأسلحة التي تستطيع الصين تقديمها أكثر جاذبية للمشترين المحتملين، بخاصة في الجنوب العالمي، مشيراً إلى أن هناك في الصين اليوم طائرات أكثر تقدماً من تلك التي تم استخدامها في إسقاط "الرافال" أخيراً.

لقد أصبح شراء الأسلحة أيضاً محور اهتمام الدول النامية، إذ تدرس شراء أسلحة أميركية لإرضاء ترمب ومطالبه بتقليص اختلالات الميزان التجاري الأميركي، وتصنف عديداً من هذه الدول الصين كشريك تجاري رئيس، وقد تفكر في التحوط بشراء أنظمة من الدول الآسيوية أيضاً.

شهدت مبيعات الصين من الأسلحة نمواً ملحوظاً، حيث تضاعف متوسط صادراتها من الأسلحة على مدى خمس سنوات بأكثر من ثلاثة أضعاف في الفترة 2020-2024، مقارنة بالفترة 2000-2004، وفقاً لحسابات تستند إلى بيانات من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ولا تكشف الحكومة الصينية والشركات المملوكة للدولة عن بيانات صادرات الأسلحة.

وتشمل بعض أكبر الشركات المملوكة للدولة التي أدرجتها الولايات المتحدة في القائمة السوداء، مجموعة نورينكو، التي تصنع المركبات المدرعة وأنظمة مضادة للصواريخ، وشركة صناعة الطيران الصينية التي قامت شركتها الفرعية AVIC بتصنيع طائرات J-10-C، فضلاً عن شركة بناء السفن الحكومية، وهي شركة تنتج الفرقاطات والغواصات.

في هذا السياق كان مدير برنامج دراسات الأمن في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا تايلور فرافيل يحذر من أن الطائرة الصينية مخصصة في المقام الأول للقتال الجوي، في حين صممت طائرة "رافال" لتنفيذ عديد من المهام، وهو ما يعني أن طائرة J-10 الصينية، ربما تتمتع بميزة أكبر.

ما الذي جرى في الصين خلال العقدين الماضيين تحديداً؟

باختصار غير مخل، فإن الصين، القوة العسكرية العظمى الصاعدة، التي لم تخض حرباً كبرى منذ أكثر من أربعة عقود، أدركت جيداً مقولة الإمبراطور الروماني الشهير هادريان، "إن أردت السلم فاستعد للحرب"، ولهذا فإنها في عهد الزعيم شي جينبينغ، سارعت لتحديث قواتها المسلحة، مكرسة مواردها لتطوير أسلحة متطورة وتقنيات أكثر تطوراً. كما أنفقت الصين مليارات الدولارات، بطريقة أكثر ذكاءً من الاتحاد السوفياتي السابق، بمعنى أنها وعت الدرس جيداً، فلم تنجر لسباق تسلح عشوائي مع الولايات المتحدة، بل نجحت في الوصول إلى نوعيات من الأسلحة الأقل كلفة، لكن الأسرع والأخطر، والقادرة على تكبيد واشنطن العناء الكثير... هل من مثال؟

الحاملات الأميركية والصواريخ الصينية

هل تستطيع صواريخ الصين الأسرع من الصوت إغراق جميع حاملات الطائرات الأميركية في 20 دقيقة؟

أثار هذا الادعاء الذي أطلقه وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث نهاية العام الماضي عندما كان مذيعاً في قناة "فوكس نيوز" جدلاً واسعاً. وبينما يشكك الخبراء في مدة الـ20 دقيقة، فإن التهديد الذي تشكله قدرات الصين المضادة لحاملات الطائرات حقيقي، مما يفاقم التنافس العسكري بين الولايات المتحدة والصين ويؤجج سباق التسلح بينهما، ويشعل نيران المواجهة بين الأسلحة الشرقية والغربية.

هل يمكن أن تضحى الصواريخ الصينية الفرط صوتية مهدداً حقيقياً لقطع البحرية الأميركية، من أصغر قارب نجاة وصولاً إلى أكبر حاملة طائرات؟

أقر التقرير السنوي لـ"البنتاغون" عن الجيش الصيني بإحراز جيش التحرير الشعبي تقدماً ملحوظاً في تطوير صاروخ DF-17، متوسط المدى، الذي يبلغ مداه نحو 2400 كيلومتر، ويمكن تسليحه بمركبات انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت، واستخدامه لضرب القواعد والأساطيل العسكرية الأجنبية في غرب المحيط الهادئ.

صاروخ DF-17 المجهز برأس حربي فرط صوتي، يبلغ مداه نحو 8000 كيلومتر، تشمل حمولاته المحتملة "الهجوم البري، والصواريخ التقليدية المضادة للسفن، والرؤوس الحربية النووية".

في غضون ذلك تكشف صور الأقمار الاصطناعية الأميركية في السنوات الأخيرة باستمرار أن ميدان تجارب الأسلحة الصينية في صحرائها الشمالية الغربية يضم نموذجاً لحاملة طائرات أميركية كهدف. وقد أدى هذا إلى تفاقم المخاوف داخل الجيش الأميركي من أن الجيش الصيني يتدرب على توجيه ضربات لحاملات الطائرات.

كما يتضح من صور الأقمار الاصطناعية التي حصلت عليها شركة "ماكسار تكنولوجيز" الأميركية لتكنولوجيا الفضاء في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، مشهد ميدان رماية جديد للجيش الصيني في صحراء تاكلامكان جنوب غربي شينجيانغ يضم نماذج بالحجم الطبيعي لسفن حربية أميركية يمكن استخدامها كأهداف تدريبية. وشملت النماذج حاملة طائرات ومدمرتين في الأقل من طراز "أرلي بيرك"، وكلاهما جزء من الأسطول الأميركي السابع الذي يمر عبر مضيق تايوان.

والمؤكد بحسب قراءات عسكرية أميركية أن الجيل الأول من صاروخ DF-21D عند تحميله برأس حربي شديد الانفجار، وتنفيذه هجوماً جوياً يمكنه اختراق سطح حاملة طائرات أميركية مباشرة، مما يجعلها غير فعالة تماماً في القتال، والعهدة هنا على "تشين غوانغ"، المعلق العسكري، عبر صحيفة "يانغستي إيفينننغ بوست".

هل يعني كل ما تقدم أن الأسلحة الشرقية والصينية منها تحديداً باتت قادرة على الانتصار على الأسلحة الغربية، وبنوع خاص الأميركية، أم لا تزال الأخيرة هي المتقدمة في تقدير مراقبين آخرين؟

عيوب في صناعة الأسلحة الصينية

يبدو أن مسارات الأسلحة الصينية على رغم المشهد الأخير تعاني عيوباً، حيث تبدو الأنظمة غير المكلفة مجالاً لاستنزاف موازنات الأمن بسبب كلف الصيانة.

كتبت سيندي تشنغ الباحثة في مؤسسة راند، في ورقة بحثية قبل انضمامها إلى لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين في المراحل الأخيرة من إدارة بايدن "تجتذب الصين العملاء لمعداتها العسكرية بأسعار رخيصة وتمويل طويل الأجل، لكن هناك كلفاً خفية خاصة عندما تتعطل المعدات".

على سبيل المثال عام 2022 أفادت التقارير أن ميانمار اضطرت إلى إيقاف أسطولها من الطائرات المقاتلة الصينية عن العمل بسبب تشققات هيكلية ومشكلات فنية أخرى.

وفي وقت لاحق، تقدمت بنغلاديش بشكاوى إلى بكين في شأن جودة معداتها العسكرية.

حتى البحرية الباكستانية تواجه مشكلات مع فرقاطاتها من طراز F-22P، مما أجبرها على تشغيل هذه السفن بقدرات متدهورة بصورة أكبر.

كتب إريك تشو المحلل البارز في "بلومبيرغ إنتلجنس" في مذكرة الأسبوع الأول من مايو، يقول "إن الأسئلة المتعلقة بالقدرات القتالية وقضايا أخرى، بما في ذلك المخاوف في شأن التوافق التشغيلي مع منصات غير صينية، أعاقت قدرة الصين على توسيع الصادرات إلى ما هو أبعد من عدد قليل من البلدان".

وعلى رغم أن وزارة الدفاع الصينية لم تستجب لطلبات عديد من وكالات الأنباء التي تساءلت عن العيوب التي في الأسلحة الصينية، فإن هذا لا ينفي محاولات الرئيس الرئيس الصيني شي جينبينغ إحداث تحولات في صناعات الدفاع الصينية من خلال الجمع بين القطاعين العسكري والمدني، في محاولة لتحويل جيش التحرير الشعبي إلى قوة حديثة بحلول عام 2027.

أدت تلك المحاولات إلى إنجازات بارزة مثل إطلاق الصين في ديسمبر (كانون الأول) 2024 أول سفنها الهجومية البرمائية من الجيل الثاني، التي تعد الأكبر من نوعها في العالم، وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي العام الماضي مقطعاً لما يعتقد أنه رحلة تجريبية لطائرة مقاتلة من الجيل السادس، مما أدى إلى ارتفاع أسهم شركات الدفاع.

هل الولايات المتحدة الأميركية لا تمتلك أسلحة تغير من قواعد اللعبة لصالحها؟

الليزر الأميركي وتحييد أسلحة الصين

لم تكن واشنطن بدوائرها الاستخباراتية الدفاعية والهجومية غائبة عما يجري في الداخل الصيني، لا سيما على صعيد الأسلحة الفرط صوتية.

ولما كان المجمع الدفاعي الأميركي يتوقع إنزالاً صينياً في تايوان بحلول 2027، تسبقه عاصفة من نيران الصواريخ الصينية فرط صوتية، فإن البنتاغون كان يستد عبر تطوير أسلحة ليزر بحرية قادرة على تحييد التهديد الأسرع من الصوت، والذي سينطلق بسرعة الضوء ملغيا تأثير الأسلحة التي تطير بسرعة تفوق خمسة أضعاف سرعة الصوت.

لنأخذ صاروخ DF-17، وهو صاروخ صيني متوسط المدى فرط صوتي، يقال إنه يصل إلى سرعات 10 ماخ أي 10 أضعاف سرعة الصوت، ويهاجم من مسافة 1500 ميل.

لا يحلق هذا الصاروخ في مسار قوسي تقليدي، ولكنه يتمتع بقدرة عالية على المناورة عند عودته إلى الغلاف الجوي، ما يعني أنه يستطيع تغيير مساره واتجاهه أثناء طيرانه.

إن سلاحاً بهذا العيار لا يمكن التنبؤ به، بالتالي يصعب اعتراضه، لكن سلاحاً ليزرياً يعمل بمفاعلات AIB النووية المتطورة من شركة "فورد" الأميركية الشهيرة، يمكنه إطلاق آلاف أو عشرات آلاف الدفعات الليزرية على مثل هذا الصاروخ، ليستهدفه بصورة أفضل من الصواريخ التقليدية.

هنا يبدو من الواضح للغاية أن الأبحاث العلمية الأميركية، تستبق نظيرتها الصينية بمراحل عدة، لا سيما أن أسلحة الليزر ستحوي أيضاً ذخيرة لا تنضب، إذ يمكنها نظرياً إطلاق النار طالما أن السفينة مزودة بالطاقة، كما أن الجوانب الاقتصادية جيدة أيضاً، فوفقاً لتقديرات دائرة أبحاث الكونغرس، سيكلف إطلاق ليزر عالي الطاقة ما بين دولار واحد و10 دولارات، مقارنة بكلفة إطلاق صاروخ دفاعي يراوح بين مليون و10 ملايين دولار.

غير أن المشكلة الحقيقية هي أن الولايات المتحدة لا تزال على بعد سنوات من امتلاك سلاح ليزر موثوق وعالي الطاقة قادر على تدمير الصواريخ الأسرع من الصوت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 أما المشكلة الأكبر بالنسبة إلى الأسلحة الصينية، في الوقت الحالي في الأقل، فهي أنها لن تكون خياراً يسيراً للدول التي اعتادت على التسليح الغربي.

لقد حذرت الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، مراراً وتكراراً، من أن الأنظمة الصينية لا يمكن دمجها مع الأنظمة الغربية، ولن يتم دمجها، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أسباب تتعلق بالتوافق التشغيلي والأمن.

تواجه الدول التي تشغل أنظمة أسلحة غربية أكثر تقدماً أو ترغب في شرائها خياراً واضحاً بين الأسلحة الصينية أو الأسلحة الأميركية والأوروبية. كما أدى التهديد بالعقوبات الغربية إلى تقييد قدرة الصين على بيع الأسلحة إلى روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022، مما أجبر الصين على الاقتصار على نقل التقنيات والمكونات ذات الاستخدام المزدوج، وهذا يدل على أن أوروبا والولايات المتحدة إذا تمكنا من التوصل إلى توافق في الآراء، لديهما بعض النفوذ لتشكيل قرارات شراء الأسلحة من جانب الدول النامية في العالم الثالث، ومجابهة تيار بيع شركات الأسلحة الصينية أسلحتها الزهيدة الثمن نسبياً.

والمؤكد ان ما جرى بين الهند وباكستان فتح أعين الكثيرين على سباق السلاح، ومما لا شك فيه أن السلاح الغربي، لا يجابه السلاح الصيني فحسب، بل هناك الأسلحة الروسية، غير أن هذه الأخيرة، يبدو أنها لم تعد تشغل دوائرها التقنية، إلا الأسلحة الفائقة القوة، جواً وبراً وبحراً، عطفاً على قضية عسكرة الفضاء.

المزيد من تقارير