Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكوليرا وباء الفقر والحروب... 10 أسئلة

تظهر أعراضه فجأة بإسهال شديد ثم تقيؤ وعطش وتشنجات عضلية وقد يصاب المريض بهبوط في الضغط ثم غيبوبة فموت

مركز عزل ريفي حيث يُعالج مرضى الكوليرا في ولاية كسلا شرقي السودان (اندبندنت عربية)

ملخص

أول ظهور معروف للكوليرا كان في بدايات القرن الـ19 في مقاطعة البنغال الهندية، بالقرب من دلتا نهر الغانج، لكن بعض الباحثين يعتقدون أن هذا المرض انتشر منذ قرون بعيدة لكنه لم يكن يخضع للتشخيص.

عرف الإنسان الكوليرا كمرض معد ينتشر في المياه الملوثة وخصم شرس ومحرك للتاريخ، ومقياس لقوة البكتيريا على جسم الإنسان. وخاض صراعاً طويلاً مع هذا الوباء الذي ظهرت أولى موجاته الوبائية في القرن الـ18 وأودت بحياة الملايين، لكنها أسهمت في النهضة العلمية الحديثة، وكذلك في تطوير البنى التحتية وأنظمة الصرف الصحي في المدن والأرياف وخصوصاً في لندن وباريس اللتين تلوثت أنهارهما بسبب المصانع الجديدة وكذلك تحويل مياه الصرف الصحي إليها.

على رغم التقدم في العلاج والوقاية، لا تزال الظروف الاجتماعية والسياسية السيئة في بعض الدول تعيد هذا العدو، كما في السودان الذي يشهد واحدة من حروبه الأهلية القاسية منذ سنوات.

وفي ما يلي عشرة أسئلة وإجاباتها عن ذلك الوباء الشرس:

1. ما هو مرض الكوليرا؟ وكيف نعرف أننا مصابون به؟

الكوليرا هو عدوى بكتيرية تهاجم الأمعاء الدقيقة، وتحدث خللاً عنيفاً في توازن الجسم المائي والملحي.

لا يحدث المرض تدريجياً كما في الأمراض الأخرى، بل تظهر الأعراض فجأة وبلا مقدمات. وهي بداية بالإسهال المائي الشديد، فيبدأ المريض في فقدان السوائل بسرعة كبيرة، ثم يبدأ بالتقيؤ ويشعر بعطش شديد، وبعد قليل تظهر التشنجات العضلية المؤلمة بسبب نقص الأملاح. وخلال ساعات، قد يصاب المريض بهبوط في الضغط ثم بالغيبوبة، ثم بالموت.

2. ما الذي يسبب الكوليرا؟

العدو هو بكتيريا تدعى Vibrio cholerae. لا ترى بالعين المجردة إلا بحجم الدمار الذي تتركه خلفها حيث تمر.

تعيش هذه البكتيريا في المياه الملوثة، وتنتقل بسهولة، وغياب الصرف الصحي السبب الأول لتفشي الكوليرا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تبدأ البكتيريا رحلتها داخل الجسد، فتستقر في الأمعاء وتفرز سمومها، ويسمى بمرض الفقراء، لأنه ضيف مخيمات اللاجئين، ونزيل الأحياء الشعبية الفقيرة وغير النظيفة والتي يندر فيها المياه الصالحة للشرب.

3. لماذا سميت الكوليرا بهذا الاسم؟

كلمة كوليرا Cholera إغريقية قديمة، وتعني المادة الصفراء التي يحتوي عليها الجسم، إضافة إلى مواد أخرى شكلت أساس الطب الإغريقي القديم أي السوداء والدم والبلغم.

كان الإغريق يعتقدون أن اختلال هذه الأخلاط يسبب الأمراض، والكوليرا كما فهموها تنتج من فائض المادة الصفراء في الجسم.

 في العصور الوسطى صار اسم المرض "داء الصفراء" وبقي على هذا الاسم حتى انتشار الوباء في القرن الـ19.

والاسم يعكس الفهم القديم المتوارث لأسباب هذا المرض ولم يتغير بعد اكتشاف البكتيريا التي تتسبب به.

4. كيف ظهر مرض الكوليرا أول مرة في التاريخ؟

أول ظهور معروف للكوليرا كان في بدايات القرن الـ19 في مقاطعة البنغال الهندية، بالقرب من دلتا نهر الغانج، لكن بعض الباحثين يعتقدون أن هذا المرض انتشر منذ قرون بعيدة لكنه لم يكن يخضع للتشخيص.

في عام 1817، بدأت أول جائحة موثقة للكوليرا. صعدت البكتيريا من موطنها الطبيعي بين المستنقعات وأنهار الهند على ظهر سفن التجارة البريطانية، ثم انتقلت عبر المحيطات إلى الصين وبلاد فارس ثم إلى روسيا، وإلى شرق أفريقيا. وتشير الأرقام التقديرية إلى أن عدد ضحايا تلك الجائحة زاد على المليون، وكان العالم حينها لا يعرف عن الكوليرا أصلاً، ولم تكن هناك مضادات حيوية أو وسائل تعقيم أو حتى فهم لفكرة "العدوى بالبكتيريا".

5. كيف دخلت جوائح الكوليرا في ثقافات الشعوب منذ القرن الـ19 حتى اليوم؟

في إيطاليا القرن الـ19، تحولت الكوليرا إلى "لعنة إلهية" تشغل حيزاً في سيمفونيات الأوبرا كما في أوبرا "لا ترافياتا".

في الهند انتشرت أغان عن المرض تحولت إلى جزء من الفولكلور الشعبي بمرور السنوات، وهي عبارة عن أغان تمزج بين الدعاء والأسى والاحتجاج، بينما تسلل الكوليرا في العالم العربي إلى الشعر والمواويل الحزينة، ودخل إلى عوالم القصص الشعبية.

 

هناك الرواية الشهيرة حول العالم "الحب في زمن الكوليرا" لغابرييل غارسيا ماركيز والتي تحولت إلى أفلام كثيرة وترجمت إلى معظم لغات العالم ونال عنها ماركيز جائزة نوبل للأدب.

6. هل استخدمت الكوليرا كسلاح بيولوجي في التاريخ؟

استخدمت الكوليرا كسلاح بيولوجي في القرن الـ19، حين وجهت أصابع الاتهام للجيش الروسي بنشر العدوى عمداً في مناطق متمردة.

وفي الحرب الأهلية الأميركية، تناولت التقارير محاولات تلويث آبار المياه ببراز مرضى الكوليرا. وفي اليابان في الحرب العالمية الثانية أجرت وحدة 731 تجارب على الأسرى الصينيين.

ولا تزال بكتيريا الكوليرا ضمن لائحة الأسلحة البيولوجية المحظورة دولياً.

7. ما هي أبرز موجاته الوبائية؟

 اجتاح الكوليرا العالم في سبع موجات رئيسة. كانت أوروبا، تسمي موجات الكوليرا "موت آسيا" وكانت قد وصلت إليها في الموجة الثانية، في ثلاثينيات القرن الـ19، ودفعت مدينة لندن إلى تحسين نظام المجاري، بعد أن مات الآلاف، ليس من الفقراء وحدهم، بل من الطبقة الوسطى أيضاً.

الموجة الأطول عمراً، بدأت في 1961، ولا تزال مستمرة حتى اليوم، وتضرب بين حين وآخر اليمن، هايتي، السودان، العراق، وغيرها.

8. ماذا عن علاقة الدول والمنظمات الدولية مع الكوليرا في الوقت الراهن؟

تحاول الدول والمنظمات مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسف ومراكز السيطرة على الأمراض، تشكيل جبهة قوية تحارب الكوليرا بمنهجية.

الجهود العالمية ترتكز على الوقاية والكشف المبكر، والعلاج السريع.

عندما تظهر موجة وبائية بسبب تفشي بكتيريا الكوليرا يتم إرسال الفرق الطبية المتخصصة لتقييم الوضع وعلاج المرضى وتحليل مصادر العدوى، وإعطاء اللقاحات.

تفشي الكوليرا ما زال مرتبطاً بالفقر والحروب والكوارث الطبيعية، في دول مثل اليمن وهايتي والسودان.

9. ما هي أبرز التحديات التي تواجه محاربة الكوليرا اليوم؟

الفقر والحروب والكوارث، وانهيار البنى التحتية، هي أبرز التحديات.

في مناطق النزاعات المسلحة مثل اليمن وسوريا والسودان تنهار الأنظمة الصحية والماء والصرف الصحي ما يجعلها أرضاً خصبة للكوليرا. وغالباً في غياب مياه الشرب الآمنة، يلجأ الناس إلى مصادر مياه ملوثة.

وهناك تحدي قلة التوعية والتعليم الصحي فكثير من فقراء أحزمة البؤس المنتشرة حول عواصم العالم الثالث لا يعرفون أساسات الوقاية، أو لا يملكون أدوات النظافة، وبسبب الأزمات العالمية المتعاقبة ينخفض الاهتمام بأمراض "الفقراء" على مستوى العالم.

10. كيف تطورت أساليب علاج الكوليرا عبر الزمن؟

كان علاج الكوليرا قبل القرن الـ19 يتم عبر التمائم السحرية والطرق التقليدية.

في منتصف القرن الـ19، اكتشف الأطباء أهمية تعويض السوائل، هذا الفهم البسيط غير قواعد اللعبة بالكامل، لأنه في أكثر الحالات يقتل الجفاف المريض، وليس البكتيريا نفسها بالضرورة.

في النصف الثاني من القرن الـ20، ظهرت المضادات الحيوية التي تساعد في تقليل مدة المرض وشدة الأعراض.

أما اليوم، في ظل التقدم الطبي، تتوافر لقاحات الكوليرا التي تحد من انتشار المرض.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة