Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إهمال صحة الأمهات النفسية قد يكون كارثيا

1400 امرأة في المملكة المتحدة يكابدن سنوياً "ذهان ما بعد الولادة" ولكن كثيرات يترددن في طلب المساعدة اللازمة بسبب الوصمة الاجتماعية الواسعة المحيطة بدعم الصحة النفسية والعقلية

تظهر أعراض "ذهان ما بعد الولادة" فجأة ولا سيما خلال الأسبوعين الأولين من الولادة، وتتنوع بين اكتئاب حاد ونوبات هوس وصولاً إلى الأوهام والهلوسات (كوايت مايندز)

ملخص

تدهورت صحة زوجة ريتش العقلية بسرعة مذهلة بعد ولادة ابنتهما، فانتهى بها الأمر إلى الانتحار نتيجة ذهان ما بعد الولادة، اضطراب نادر لكنه بالغ الخطورة لا تُشخَّص أعراضه غالباً في الوقت المناسب. يهدد هذا الذهان حياة الأمهات وأطفالهن وسط نقص الوعي الطبي والاجتماعي، في ظل وصمة تحرم كثيرات من الدعم والعلاج المبكر.

في الليلة التي سبقت وفاة زوجته، أرسل ريتش بايش رسالة نصية إلى صديق له يخبره فيها أنها ربما تعاني "اكتئاب ما بعد الولادة" postnatal depression، كما يظن، ويتذكر قائلاً "كنت أعلم أن خطباً ما يشوبها"، مشيراً إلى أن ابنتهما المولودة حديثاً، روزي، كانت تواجه صعوبة شديدة في الرضاعة الطبيعية وتستيقظ مراراً أثناء الليل، "اعترى زوجتي قلق كبير وأخبرتني أن كل ما تفعله ينهكها ويستنزف طاقتها، تعاطفت معها وقلت لها إننا سنتجاوز هذه المحنة معاً بهدوء وروية."

كان للزوجين أيضاً ابن يبلغ من العمر ثلاث سنوات اسمه فريدي، ويقول الأب "ظننت آنذاك أنها تحاول التوفيق بين حاجات طفلة أنجبتها تواً من جهة وطفل صغير من جهة أخرى، ولكني أدرك الآن أنه كان عليّ أن أتدخل حينها وأن أتخذ موقفاً حاسماً قبل فوات الأوان".

قاما ببعض التغييرات في حياتهما اليومية علهما ينجحان في تخفيف الضغوط التي تثقل كاهل الزوجة، فانتقلا من الرضاعة الطبيعية إلى استخدام الحليب الصناعي وواظبا على زيارة مركز البستنة المحلي أيام السبت، "وفي إحدى الأمسيات بينما كنت ألعب مع ابننا نظرت إليّ زوجتي وقالت: أنت شخص رائع، أتعلم ذلك؟".

حين أسترجع تلك اللحظة الآن أدرك أنها كانت قد حسمت أمرها [في شأن الانتحار] يومذاك."

بعد مرور شهر واحد على ولادة روزي أنهت زوجة ريتش حياتها، ولم يكن في تاريخها الطبي ما يشير إلى معاناتها من مشكلات في صحتها النفسية والعقلية، ويقول "كانت الحادثة مفاجئة وصادمة لذا أشعر برعب شديد الآن عندما أسترجع ما حدث، تدهورت حال زوجتي بصورة لافتة في غضون 72 ساعة فقط".

"ذهان ما بعد الولادة" Postpartum psychosis  اضطراب نفسي نادر ولكنه شديد الخطورة يصيب نحو 1400 أم جديدة في المملكة المتحدة سنوياً، وللأسف تنتهي حالة واحدة إلى خمس حالات منهن بالانتحار، وفي الغالب تظهر الأعراض فجأة ولا سيما خلال الأسبوعين الأولين من الولادة، وتتنوع بين اكتئاب حاد ونوبات هوس وصولاً إلى الأوهام والهلوسات.

ميغان كليفل التي بدأت تتخيل أموراً غير حقيقية عندما كان عمر ابنتها ثمانية أشهر تقول "لا أنا ولا زوجي كنا على علم بوجود هذا الاضطراب"، وتتذكر "كان التغيير مفاجئاً وصادماً وانقلبت حياتي من حال إلى حال في لحظة، فاستحوذ علي سيناريو متصاعد بأن الجميع من حولي يتآمرون عليّ ويريدون أذيتي وأطفالي"، فتفاقمت حالها شيئاً فشيئاً حتى أخبرت زوجها ذات يوم برغبتها في الصعود إلى سطح مبنى شقتهما، "كنت أريه أنني على استعداد للقفز لأثبت له أنني مؤمنة تماماً بما كنت أظن أننا نواجهه معاً."

 

لحسن الحظ حصلت ميغان في نهاية المطاف على المساعدة التي كانت تحتاج إليها على رغم أن الطبيب لم يذكر "ذهان ما بعد الولادة" كتشخيص لحالها إلا بعد مرور ستة أسابيع على خروجها من المستشفى، وتمكنت تالياً من التعافي تماماً. وبسبب مزيج من الوصمة الاجتماعية ونقص التوعية وإرث طويل من التحيز الطبي ضد النساء لا تتلقى كثيرات غيرها الدعم اللازم ولا ينجحن في التعافي، ففي المملكة المتحدة مثلاً لا يزال الانتحار السبب الرئيس لوفاة الأمهات بين الأسبوع السادس والشهر الـ 12 بعد الولادة، إذ يمثل 39 في المئة من الوفيات خلال هذه الفترة الزمنية، والمقلق أن ثلث تلك النساء فقط (تحديداً 37 في المئة) كان لديهن تاريخ سابق أو معروف من المعاناة النفسية.

تتذكر جيني شو باول التي أصيبت بـ "ذهان ما بعد الولادة" بعد خمسة أيام فقط من ولادة صغيرها تجربتها المرة قائلة "أعتقد أن أطبائي ظنوا أنني أكابد كآبة ما بعد الولادة لا أكثر"، ففي البداية واجهت صعوبة في أن تؤخذ أعراضها على محمل الجد، وبعدما أخذت تواجه جنون الارتياب والشك والأرق أحيلت إلى طبيب وصف لها دواء "بروبرانولول"propranolol  لعلاج القلق، وكان شريكي يعاني بشدة لأنه لاحظ أنني كنت منعزلة ومنفصلة تماماً عن الواقع"، مضيفة "لم أكن أتحدث بطريقة مفهومة أو منطقية أحياناً، وكانت تنتابني نوبات من النشاط المفرط يومياً نحو الساعة الرابعة عصراً بينما كنت أظل هادئة جداً بقية الوقت، وشعرت بوجود خطب ما لكنني كنت أحاول جاهدة إخفاءه".

أخبرتني قابلة سابقة أنها وعلى رغم تلقيها التدريبات اللازمة للتعامل مع حالات "ذهان ما بعد الولادة" لم تتحدث قط إلى الأمهات الحوامل في شأن أخطاره، وتقول في هذا الصدد "نخشى أن نبث الخوف في نفوسهن، تماماً كما نمتنع من إخبارهن باحتمال تعرضهن لنزف حاد أثناء الولادة، إنها ببساطة مسألة لا نناقشها ضمن الرعاية الطبية الروتينية".

 

ولكن نشطاء اجتماعيين يدعون اليوم إلى تغيير هذا الواقع من التعتيم والتجاهل المحيطين بـ "ذهان ما بعد الولادة"، ومن بين هؤلاء الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "أكشن أون بوستبارتوم سايكوسيس" أو "العمل من أجل ذهان ما بعد الولادة"  Action on Postpartum Psychosis (اختصاراً APP)، الدكتورة جيس هيرون، علماً أنها جمعية خيرية وطنية تعنى بدعم النساء والعائلات المتضررة من ذهان ما بعد الولادة"، وتقول في هذا المجال "لا صوت للنساء المصابات بذهان ما بعد الولادة"، مضيفة أن "الغياب التام لقصص النساء والتغطية الإعلامية المبالغ فيها للمآسي خلال فترة ما بعد الولادة والتي تصب تركيزها على الإثارة والعواطف لجذب الانتباه [على حساب الدقة والأسباب الطبية والنفسية] أديا إلى سوء فهم عام لهذا الاضطراب ونقص في المعرفة الطبية، وألحق العار بالنساء المعنيات وتركهن رهينة الصدمات النفسية طوال حياتهن".

صحيح أن بعض العوامل تزيد خطر الإصابة بـ "ذهان ما بعد الولادة"، مثل "الاضطراب الثنائي القطب" والفصام ووجود تاريخ عائلي من الأمراض النفسية، بيد أنه في معظم الحالات لا توجد أسباب واضحة، ولذا يعتبر التدخل الباكر خطوة بالغة الأهمية.

وتضيف الدكتورة هيرون أن "هذا الاضطراب يداهم المرأة على حين غرة ومن دون أي تحذير مسبق"، أما الأعراض الباكرة فتتنوع بين الانفعال وتقلب المزاج وصولاً إلى الارتباك والأرق.

بعد ولادة ابنها ألبي لم تذق جورجينا هاكني طعم النوم طوال سبعة أيام تقريباً، وتتذكر حالها آنذاك قائلة "بدأ الذهان أثناء عملية الولادة وكنت محرومة جداً من النوم في تلك المرحلة أصلاً وفقدت الاتصال بالواقع، فظننت أنني أرى الموتى من أقاربي وأن السبب في ذلك أنني سأرحل عن هذه الدنيا بمجرد ولادة ألبي وأنتقل إلى الحياة الآخرة"، وقد عانت جورجينا هلوسات وأوهاماً شديدة بعد الولادة، "فاعتقدت أنني إذا استسلمت للنوم سأفارق الحياة".

 

الحالات التي نسمع في شأنها ويُسلط الضوء عليها عن "ذهان ما بعد الولادة" تكون غالباً من النوع الأكثر تطرفاً [فتقدم الجزء الأكثر مأسوية من الاضطراب وحسب] أمهات يتركن أطفالهن حديثي الولادة وحيدين، أو في أسوأ السيناريوهات يرتكبن جرائم قتل بحق رضّع، وفي المملكة المتحدة كانت الحال الأكثر شهرة تخص طبيبة نفسية ذات 34 سنة تدعى الدكتورة داكشا إمسون، أنهت حياتها وحياة ابنتها فريا البالغة من العمر ثلاثة أشهر عام 2003، وفي الولايات المتحدة وقعت حال مماثلة عام 2023 حينما أقدمت ليندسي كلانسي التي لم يكن لديها أي تاريخ معروف من المشكلات النفسية على قتل أطفالها الثلاثة قبل أن تحاول الانتحار، وعلى رغم عدم تشخيص حالها طبياً بهذا الاضطراب، فقد استند محاموها في الدفاع عنها أمام المحكمة إلى احتمال إصابتها بـ 'ذهان ما بعد الولادة' وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي صرّح زوجها باتريك لمجلة "ذا نيويوركر" قائلاً "لم أكن متزوجاً من وحش بل من إنسانة أصابها المرض".

ولكن مثل هذه الحالات المتطرفة تبقى نادرة الحدوث، ووفق مؤسسة "أكشن أون بوستبارتوم سايكوسيس" تسجل المملكة المتحدة في المتوسط حالة واحدة فقط من قتل طفل رضيع بسبب "ذهان بعد الولادة" كل عقد من الزمن، ولكن مع ذلك فإن مجرد حدوثها يكفي ليدرك المرء مدى خطورة هذا الاضطراب وضرورة التعامل معه بجدية، وكذلك تفسر هذه الحالات إلى حد كبير السبب وراء الوصمة الاجتماعية التي لا تزال محيطة بالاضطراب وما يترتب عليها من النقص في البحث العلمي حوله، فلا جريمة أبشع في أعين المجتمع من أن تمتد يد الأم لإيذاء أطفالها، وتتناقض هذه الأفكار تماماً مع الصورة النمطية المجتمعية عن الأمومة والتي لا تزال حتى يومنا مرتبطة في الوعي المجتمعي بالعطاء والرعاية، وكل ما يفترض أن تمثله الأنوثة عموماً.

 

"بعدما أنجبت صغيري شعرت أنني امرأة سيئة غير قادرة على أداء دورها كأم وتلبية حاجات طفلها"، تقول إليزابيث سانكي التي تروي تجربتها في فيلمها الوثائقي "الساحرات" Witches، إذ تستعرض معاناتها الشخصية مع القلق و"اكتئاب ما بعد الولادة" الشديدين اللذين كانا سيتطوران، في اعتقادها، إلى "ذهان ما بعد الولادة" لو أنها لم تتلق العلاج في وقت باكر، وتضيف "بالنسبة إليّ كان السبب الرئيس في معاناتي قلة النوم إضافة إلى أفكار متطفلة كانت تعصف بي وتزداد قسوة حتى نشأ شعور بأنني في مأزق لا مخرج منه ولا حل له"، وفي "الساحرات" تصف سانكي شعورها بالعار الشديد من الأفكار التي كانت تراودها والتي كانت تتركز على إيذاء نفسها وابنها، وتضيف "أتفهم تماماً الدافع [الأفكار والمشاعر] وراء ما أقدمت عليه ليندسي كلانسي، وهذا ما يثير الرعب في النفس".

في إطار سردي مشبع بمواضيع السحر والشعوذة، يعرض "الساحرات" ببراعة الدرك الذي بلغه خذلان المجتمع للنساء واضطهاده لهن على مر التاريخ، ولا سيما في ما يتعلق بصحتهن الجسدية والنفسية، ففي أحد المقاطع تشرح سانكي كيف أن النساء اللاتي واجهن تهمة ممارسة السحر (وكثيرات منهن أمهات) كن يزعمن رؤيتهن الشيطان خلال محاكمات السحر التي شهدتها بلاد عدة حول العالم بين القرنين ال 15 والـ 18، وتقول سانكي إن "هذه الأنماط تظهر كثيراً في حالات 'ذهان ما بعد الولادة' ولم تكن لدى تلك النساء أية حيلة لشرح الحال التي يقاسينها، ولم يملكن الكلمات اللازمة للتعبير عنها، لذا كن يحملن أنفسهن المسؤولية أو ينحين باللائمة على الشيطان ويتظاهرن بأنهن ساحرات لمجرد أن في ذلك تفسيراً ما لمعاناتهن".

وليست سانكي صانعة الأفلام الوحيدة التي تستكشف موضوع "ذهان ما بعد الولادة"، فبيث بارك أيضاً قدمت فيلمها القصير الحائز جوائز عدة، "حيوان بري" Wild Animal، الذي يضع الأمومة في إطار أفلام الرعب، وتقول إن "هذين العالمين يشكلان مزيجاً مثالياً بالنسبة إليّ، فليس بين أيدينا أفلام كافية عن واقع أنك أُمٌ جديدة"، مضيفة "لا تملكين الاستعداد اللازم لتكوني أماً جديدة لأن اعتقاداً متوارثاً على مر العصور يقول بضرورة حماية النساء اللاتي لم يرزقن بأطفال بعد من خلال عدم إخبارهن بما يقاسينه، كما لو كنا نخفي سراً جماعياً".

 

والفيلم الذي يبدأ بامرأة تعثر على طفل متروك على جانب الطريق مستوحى من تجارب بارك الشخصية مع قلق ما بعد الولادة، والتي تشعر على غرار سانكي أنه كان ليتطور إلى "ذهان ما بعد الولادة"، وتقول عن تجربة الأمومة "لم أكن جاهزة على الإطلاق، فقد اجتاحتني الصدمة كما لو أن شاحنة دهستني وشعرت كأنني مبعثرة على الطريق السريع إلى آلاف القطع".

وتستمر أشد أعراض "ذهان ما بعد الولادة" لفترة تراوح ما بين أسبوعين و12 أسبوعاً مع تلقي العلاج المناسب الذي يتضمن عادة مزيجاً من الأدوية النفسية والعلاج النفسي، وتتعافى غالبية النساء تماماً، وفي المملكة المتحدة تتلقى الأمهات العلاج عادة في وحدات الأم والطفل، وهي مرافق نفسية متخصصة تعالج النساء المصابات بـ 'ذهان ما بعد الولادة' مع السماح لهن بمواصلة رعاية أطفالهن، ولكن مع ذلك تدخل النساء أحياناً إلى تلك الوحدات نتيجة سوء الحظ [غياب الدعم والوعي أو الرعاية البلكرة] أكثر من أي سبب آخر".

وتتذكر جيني "لم أسمع قط عن 'ذهان ما بعد الولادة' ولم يخبرني أحد عنه في أي من دورات التدريب التي حضرتها أثناء حملي، ولم يرصد أحد الأعراض التي مررت بها بالسرعة الكافية، ولكنني كنت محظوظة جداً بتشخيص حالي في الوقت المناسب بمساعدة شريكي الذي أخبر القابلة بذلك".

في المملكة المتحدة تتوافر وحدات طبية متخصصة عدة في رعاية الأم والطفل، ومرد ذلك جزئياً إلى زيادة الوعي التي ظهرت في أعقاب وفاة الطبيبة داكشا وابنتها فريا، أما في الولايات المتحدة فعددها قليل نسبياً حيث نجد أن "ذهان ما بعد الولادة" غير مدرج حتى في "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية" (اختصاراً DSM)، علماً أنه يمثل المرجع النفسي الأميركي المعتمد في معظم أنحاء العالم، وعلى الأرجح "تقف هذه الحقيقة حاجزاً أمام التعرف إلى الحال وتشخيصها ودرسها"، تقول الطبيبة النفسية المقيمة في مدينة أوكلاند والمتخصصة في الطب النفسي الجنائي والصحة النفسية للأمهات، سوزان هاترز فريدمان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك لا تستفيد النساء في أميركا من "قانون قتل الرضع" الصادر عام 1938 والذي يسمح بتخفيف العقوبة للنساء في المملكة المتحدة اللاتي يرتكبن جريمة قتل بحق أطفالهن خلال عام من الولادة، وقد تحدثت في هذا الشأن المحاضرة البارزة في كلية الحقوق في "جامعة إسيكس" البريطانية، الدكتورة كارين برينان، فقالت إن "القانون يستخدم كخيار قانوني بديل عن تهمتي القتل العمد أو القتل غير العمد، مع الإبقاء على الحد الأقصى للعقوبة وهو السجن المؤبد"، ويصار إلى تطبيق هذا القانون في الحالات التي تعاني فيها الأم داء نفسياً ناتجاً من الولادة أو الرضاعة الطبيعية أو مرتبطاً بهما.

"تكمن فائدة 'قانون قتل الرضع' في أنه يسمح بإصدار حكم وإقرار عقوبة تراعيان في آن واحد جسامة الجريمة، قتل طفل ضعيف، والظروف القاسية والاستثنائية والمأسوية التي مرت بها الأم، مما يبرر تخفيف الحكم والعقوبة في إطار القانون الجنائي".

في عام 2023 قام ريتش برحلة على الدراجة الهوائية من مدينة غلاسكو إلى مقاطعة أوكسفوردشاير جنوب شرقي إنجلترا وجمع أكثر من 53 ألف جنيه إسترليني لمصلحة مؤسسة "أكشن أون بوستبارتوم سايكوسيس"، حيث يعمل الآن، ويقول في هذا الصدد إن "الدعم النفسي من خلال الجمعية، ولا سيما من أشخاص قاسوا التجربة نفسها، كان عوناً كبيراً لي وساعدني في التواصل مع آباء آخرين فقدوا زوجاتهم"، مشيراً إلى أنه سعى في أعقاب وفاة زوجته إلى طلب كل عون ممكن، ويضيف "لم أكن بطلاً بل كنت فقط أحاول البقاء وأعيش بدافع النجاة، وجل مبتغاي كان حماية ابني وطفلتي، فقد كانت والدتهما لتشعر بفخر عظيم بهما، وعلى رغم أنني لست شخصاً روحانياً فمجرد معرفتي بأنها لا تزال حاضرة من خلالهما يبعث في نفسي عزاء لا يوصف".

وعلى رغم ما حل بعائلته فإن ريتش لا يريد أن يخشى الناس، خصوصاً النساء الحوامل، "ذهان ما بعد الولادة"، ويقول "تماماً كما أُعلّم طفلتي وابني كيفية عبور الطريق بأمان، أريدهما أن يعرفا أن الطريق قد يكون خطراً، ولكن ثمة خطوات لا بد من اتباعها لجعل عبوره أكثر أماناً، وأريد أن تعلم الأمهات وأحباؤهن أنهن إزاء خطر حقيقي، ولكنه في الوقت نفسه يوفر كثيراً من الدعم والمساعدة، إنه داء قابل للشفاء ولكنه أيضاً حال طبية طارئة لا بد من أخذها على محمل الجد، تماماً كما نتعامل مع نوبة قلبية".

© The Independent

المزيد من صحة