Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تصبح أفريقيا مفاجأة خلف البابا فرنسيس؟

تستغرق عملية الانتخاب أسابيع أحياناً ويعلن عن حسم التصويت بتصاعد الدخان الأبيض

تتوجه الأنظار نحو الكاردينال بيتر توركسون الأفريقي الأصل لخلافة البابا (رويترز)

ملخص

أتى انتخاب البابا فرنسيس بعد عقود من الاحتكار الأوروبي للمنصب البابوي ليشكل سابقة، أما اليوم فتتوجه الأنظار نحو الخلف بوجود أسماء مطروحة من أفريقيا وآسيا.

بعد ساعات من ظهوره العلني المفاجئ الأخير خلال قداس عيد الفصح، أعلن الفاتيكان رسمياً وفاة البابا فرنسيس عن عمر 88 سنة بعد مسيرة طويلة أمضاها في خدمة الكنيسة الكاثوليكية. وشكّل هذا الخبر صدمة للعالم بعد إطلالته من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان حيث بارك الجموع المحتشدة، ووجه رسائل إلى العالم في خطاب قرأه أحد معاونيه نيابة عنه، ودعا فيه إلى وقف النزاع المسلح في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن وتقديم المساعدة الإنسانية العاجلة للسكان الذي يعانون الجوع.

عندما تبوأ البابا فرنسيس كرسي البابوية قبل 12 عاماً، شكّل اختياره مفاجأة، خصوصاً أنها سابقة لاعتباره أول بابا يأتي من الأميركتين، تحديداً من أميركا اللاتينية، منهياً بذلك احتكاراً أوروبياً للمنصب منذ انتخاب البابا غريغوريوس الثالث من أصول سورية عام 741 ميلادي. أما اختيار الكاردينال بيرغوليو أو البابا فرنسيس، الآتي من الأرجنتين  عام 2013، فأسهم في تغيير مسار الكنيسة الكاثوليكية، لا بالإصلاحات الجريئة التي قام بها وبكسره التقاليد فقط، إنما أيضاً باختياره من أصول مختلفة.

واليوم بعد وفاة من عُرف بـ"بابا الفقراء" الذي اختار اسمه البابوي تيمناً بالقديس فرنسيس الأسيزي، تتوجه الأنظار نحو الخلف بوجود لائحة من الكرادلة المرشحين ومن بينهم من أصول أفريقية وأخرى آسيوية، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن أن يأتي الاختيار مرة جديدة مخالفاً لأعراف الفاتيكان ويحدث تغييراً في سياسات الدولة.

كرادلة مرشحون من مختلف القارات

بعد الإعلان رسمياً عن وفاة البابا، بدأ التداول بلائحة تضم أسماء الكرادلة المرشحين لخلافته، ومن بينها برزت أسماء كاردينال فيليبيني الأصل واثنين من أفريقيا، مما دعا إلى التساؤل حول ما إذا كان من الممكن أن يكون البابا المقبل آسيوياً أو أفريقياً بعدما كُسر احتكار أوروبا للكرسي الرسولي للمرة الأولى منذ قرون، مع البابا فرنسيس الآتي من أميركا اللاتينية، فهناك ترجيحات بالفعل بأن يأتي البابا الجديد من القارة الأفريقية حيث أصبح للكنيسة الكاثوليكية ملايين الأفراد المنتمين إليها.

ومن أصل الأسماء الـ10 الأكثر تداولاً لكرادلة مرشحين لخلافة البابا فرنسيس، بقيت أسماء الأوروبيين تشكل الغالبية ومن بينهم الكاردينال الفرنسي جان مارك أفلين الذي يعتبر الأصغر سناً بينهم ويبلغ من العمر 66 سنة، وأيضاً الإيطالي بييترو بارولين، وهو أمين سر الفاتيكان منذ عام 2013 وكان ذراع البابا فرنسيس اليمنى في السياسة الدولية والكاردينال الأعلى رتبة في المجمع الانتخابي، إضافة إلى الإيطالي ماتيو ماريا زوبي الذي عُرف بوساطاته في النزاعات الدولية وأرسل في عدد من الرحلات الدولية من بينها مهمة سلام في أوكرانيا، ويشغل منصب رئيس مؤتمر الأساقفة الإيطاليين منذ عام 2022، وله شعبية واسعة لاهتمامه بالفقراء والمهمشين.

 

 

ومن بين الكرادلة الأوروبيين المرشحين أيضاً الكاردينال المجري بيتر إردو، وهو مريمي متدين ورئيس سابق لمؤتمرات مجلس الأساقفة في أوروبا، وعُرف بأنه صوت أكثر تحفظاً في الكنيسة، وعارض حصول الكاثوليكيين المطلقين أو المتزوجين مرة ثانية على القربان المقدس. أما من خارج القارة الأوروبية، فبرز اسم الكاردينال الأميركي ريموند ليو بيرك الذي يعتبر تقليدياً واصطدم مراراً مع توجهات البابا فرنسيس الأكثر ليبرالية، خصوصاً في ما يتعلق بزواج المطلقين وتلقي المتزوجين مرة ثانية القربان المقدس، والتسامح مع وسائل منع الحمل والزواج المدني والمثليين، حتى إنه طالب بحرمان من يطالبون بالإجهاض القانوني مثل الرئيس الأميركي السابق جو بايدن من القربان المقدس.

لكن الأسماء المطروحة الأوفر حظاً التي يمكن أن يأتي انتخاب أحدها ليقلب المقاييس ويحدث تغييراً على مختلف المستويات في الفاتيكان بكسر الاحتكار الأوروبي للمنصب، هي تلك التي للكرادلة الأفريقيين والكاردينال الفيليبيني لويس أنطونيو تاغلي الذي يعتبر المرشح الآسيوي الأوفر حظاً ليخلف البابا فرنسيس فيكون أول بابا من آسيا، خصوصاً أنه أظهر مثله توجهات سياسية تميل إلى اليسار. ويبلغ من العمر 67 سنة وهو الفيليبيني السابع الذي يصبح كاردينالاً، وينظر إليه على أنه شخصية موثوقة في الدائرة المقربة من البابا فرنسيس ويشغل حالياً منصب نائب عميد قسم التبشير الأول في مجمع التبشير، بعدما عينه البابا بينيديكت السادس عشر كاردينالاً. وبصورة عامة، يتميز بشخصية معتدلة تتمتع بكاريزما، وسبق أن انتقد الكنيسة، خصوصاً في ما يتعلق بالاعتداءات الجنسية على القاصرين.

وتتوجه الأنظار أيضاًَ نحو الكاردينال بيتر توركسون الأفريقي الأصل الذي يبلغ من العمر 76 سنة وهو من غانا. وانتقل من بدايات متواضعة في بلدة أفريقية صغيرة ليشغل مناصب رفيعة عدة في الفاتيكان، وحتى اللحظة يعتبر أكثر الكرادلة الأفارقة تأثيراً في الكنيسة، لذلك يجري التداول باسمه على نطاق واسع لاعتباره يمكن أن يكون البابا الأسود الأول المحتمل، وإن كان أعلن عام 2010 أنه لا يريده لأن أي بابا أسود سيواجه "أوقاتاً عصيبة". ويتمتع بخبرة رعوية ودبلوماسية واسعة وقدرة تواصل عالية، كما يجمع بين خلفية رعوية في خدمة التجمعات في غانا وتجربة عملية في قيادة هيئات فاتيكانية عدة. من جهة أخرى يعتبر من الكرادلة الذين اتخذوا مواقف إيجابية تجاه المثليين.

وبصورة عامة هناك مطالبة بأن يكون البابا المنتخب المقبل من أصول أفريقية بما أن المسيحية تزدهر في القارة الأفريقية وقد تخطى عدد الكاثوليك فيها أعدادهم في أي مكان في العالم، ويعتبر كثيرون أن الوقت حان ليأتي البابا من القارة السمراء.

أيضاً، من بين الكرادلة الأفارقة الذين يجري التداول بأسمائهم فريدولين أمبونغو بيسونغو من جمهورية الكونغو الديمقراطية ويبلغ من العمر 65 سنة. وهو الكاردينال الوحيد من القارة السمراء في مجلس الكرادلة الذي كان يترأسه البابا فرنسيس ويرى في أفريقيا مستقبل الكنيسة. وكان وقع في بداية عام 2024 على رسالة عارض فيها إعلان الفاتيكان الذي يسمح للكهنة بالمباركة غير الطقسية لزواج المثليين.

نحو التغيير

بوجود هذه الأسماء المطروحة من أفريقيا وآسيا، هناك توقعات بأن يحصل تغيير مهم في الفاتيكان عبر اختيار بابا من أصول مختلفة. حتى إنه مع التغيير الثقافي الحاصل خلال العقود الأخيرة والتغيير في النظرة إلى السود وقبول الاختلاف وتزايد أعداد الكرادلة الأفارقة في الفاتيكان، يعتبر بعضهم أن للكاردينال بيتر توركسون حظاً وافراً بتولي منصب البابا الجديد. حتى إن الأرقام الصادرة عن الفاتيكان تشير إلى أن 20 في المئة من كاثوليك العالم يعيشون في القارة الأفريقية، وهي تعتبر الأسرع نمواً من ناحية عدد السكان الكاثوليك في العالم، مما يؤكد أن تحولاً مهماً يمكن أن يحصل. فبعدما كانت أوروبا معقل المسيحية قد تتحوّل إلى أكثر المناطق علمانية، في مقابل تزايد أعداد الكاثوليك ضمن القارة الأفريقية وقد بلغ عددهم 265 مليوناً عام 2023 بعدما كان أقل من مليون عام 1910 بحسب السجل الوطني الكاثوليكي.

وقد يكون في انتخاب بابا من أصحاب البشرة السمراء بمثابة تمثيل أفضل في قيادة الكنيسة لتركيبة المسيحيين في مختلف أنحاء العالم. في الوقت نفسه، يعلم الكل أن البابا فرنسيس كان من أبرز الداعين إلى المساواة وكان حريصاً على زيادة نسبة الكرادلة من أفريقيا المخولين بالتصويت لخليفته من تسعة في المئة عندما انتُخب، إلى 12 في المئة عام 2022.

 

 

يشار إلى أنه عبر التاريخ، انتخب ثلاثة باباوات من أفريقيا، إلا أن ذلك حصل منذ قرون عدة وتوفي آخرهم منذ أكثر من 1500 عام، لذلك هناك دعوات كثيرة إلى استعادة هذا التنوع والحرص على أن تمثل قيادة الكنيسة المساواة في ممارساتها عبر انتخاب بابا أفريقي أو آسيوي بدلاً من الاستمرار في نهج يجعل المنصب الباباوي حكراً على الأوروبيين، في ما عدا بعض الاستثناءات. إلا أن انتخاب بابا أفريقي لا يعني حكماً التحول في النهج المتبع وفي الممارسات والسياسات الفاتيكانية والاتجاه نحو مزيد من التحرر والانفتاح. لا بل بالعكس، إذ تبدو الكنيسة الأفريقية محافظة أكثر من الأوروبية والأميركية قد يكون هذا إيجابياً بالنسبة إلى الكاثوليك التقليديين والكرادلة المحافظين، لكن عدداً كبيراً من الكاثوليك يفضلون ألا يكون البابا متشدداً، خصوصاً بعد التغيير الذي حصل في عهد البابا فرنسيس الذي تميّز بمواقفه الجريئة. وقد يكون تشدد الكنيسة الأفريقية صفة إضافية يمكن أن تشكل هاجساً للكرادلة الناخبين فيفضلون التوجه نحو انتخاب بابا يتمتع بصفات مختلفة.

التحول مستبعد

في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، يضع الباحث في التاريخ الكنسي الدكتور عماد مراد عملية انتخاب البابا في إطارين هما الديني اللاهوتي والإنساني، مشيراً إلى أن انتخاب البابا الجديد يتم بعد حصوله على أكثرية الثلثين زائداً واحداً في مجمع الكرادلة المغلق الذي يقام بسرية تامة وعزلة عن العالم. وفي الإطار الديني، تؤمن الكنيسة بدور الروح القدس في عملية الانتخاب سواء كان بابا أو بطريركاً أو في تعيين أسقف. فهي تعتقد بأن الله يختار الشخص المناسب في الوقت المناسب. لذلك، لم يجرِ اختيار البابا يوحنا بولس الثاني عن طريق الصدفة في فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وكان له تأثير في إنهائها أثناء عهده بعد 13 عاماً من انتخابه.

في المقابل، كان هناك دور أيضاً للروح القدس في انتخاب اللاهوتي والمفكر والكاتب البابا بينيديكت السادس عشر الذي قام بدور في النهضة العلمية والفكرية واللاهوتية في الكنيسة، على رغم أنه محافظ. وعام 2013، كان الوضع مماثلاً مع انتخاب البابا فرنسيس الذي تقرّب من الفقراء والمهمشين والمشردين والضعفاء وأعطى دفعاً جديداً للكنيسة، فشعر المهمشون في الدول الفقيرة بوجود من يفكر فيهم ويهتم لأمرهم، مما يزيد من تمسكهم بإيمانهم ويسهم في انتشار تعاليم الكنيسة وتوسعها داخل أفريقيا وآسيا. وأوضح مراد أنه كانت هناك دعوات كهنوتية ولاهوتية في هذه الدول بالفعل، بالتالي، لاختيار البابا أسس ومعايير معينة تؤخذ في الاعتبار وتبرر انتخابه من قبل الكرادلة، ولا يأتي انتخابه أبداً عن طريق الصدفة نظراً إلى موقعه المهم ليس في الفاتيكان فقط، بل على صعيد دولي أيضاً.

 

 

في المسار الإنساني، بطبيعة الحال هناك جانب في عملية الانتخاب يرتبط بالطبيعة البشرية والرغبة في بلوغ أعلى المناصب، مما يسعى إليه الكرادلة أيضاً عبر المفاوضات ومحاولات التأثير في عملية الانتخاب، وعبر طرح أسمائهم حتى في الإعلام، كما في أية عملية انتخاب تُجرى. وهم يصلون إلى أعلى المراكز في الفاتيكان حتى تكون لهم حظوظ كبرى للوصول إلى منصب البابا في يوم من الأيام. ومن الممكن أن يطرح مزيد من الأسماء خلال الأيام المقبلة، علماً أن الأسماء المطروحة لا ترتبط بكرادلة يرشحون أنفسهم بل بأسماء مطروحة ويجري التداول بها.

وعن احتمال انتخاب بابا أفريقي، يشير مراد إلى التحول المهم الذي حصل في الفاتيكان من ناحية قبول التنوع، فعلى المستويين الإيماني والإنساني، هناك قبول للمساواة والاختلاف اليوم، ويحق لأي كاردينال أن يتولى المنصب، لكن على المستوى النفسي لا يعتقد بأنه ثمة جاهزية بين الكرادلة لانتخاب بابا أفريقي أو آسيوي، مستبعداً ذلك.

وترتبط الحظوظ الكبرى لبعضهم للوصول إلى المنصب البابوي حتى اليوم بالانتماء إلى أوروبا، فمعظم الكرادلة الذين انتخبوا سابقاً هم من القارة العجوز. وفي التاريخ الحديث، أي خلال الأعوام الـ500 الأخيرة هم حتى من الإيطاليين، إلا أن البابا يوحنا بولس الثاني كسر هذا التقليد أو الاحتكار الإيطالي لاعتباره بولندياً، والبابا بينيديكت السادس عشر من ألمانيا والبابا فرنسيس من الأرجنتين. وللمرة الأولى من قرابة 1200 عاماً، انتُخب البابا فرنسيس عام 2013 وهو من خارج أوروبا، وإن كان من أصول إيطالية لاعتبار أن والده إيطالي. وما يبرر ذلك أن معظم الكرادلة كانوا سابقاً من أوروبا، ولا سيما من إيطاليا، بالتالي من الطبيعي أن يأتي البابا أوروبياً أو إيطالياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويمضي مراد في تحليله فيقول، "صحيح أن المعطيات تبدلت اليوم مع ما حصل من تغيير فكري وثقافي. أصبحت هناك قناعة بأنه يمكن لأي كان أن يكون بابا، وتغيرت النظرة العرقية ونظرة الغرب إلى الشرق. من جهة أخرى، تغيرت النسب في مجمع الكرادلة الذي يضم 138 كاردينالاً هم من المخولين للانتخاب. وصحيح أنه لا تزال نسبة الكرادلة من أوروبا هي الكبرى، لكن أصبح هناك كرادلة من مختلف القارات من أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية مما يزيد من احتمال انتخاب بابا ليس أوروبياً".

في المقابل، هناك أسماء أوروبية مطروحة لها مزيد من الحظوظ بين الأسماء المطروحة مثل الكاردينال الفرنسي جان مارك إفلين، وفق مراد. وليس الانتماء هنا سبباً لانتخاب أياً من الكرادلة أو عدم انتخابه، بل هناك معايير أخرى. ومن الكرادلة التي تطرح أسماؤهم بقوة أيضاً الإيطالي بييترو بارولين الذي هو أمين سر الفاتيكان منذ عام 2013، وله خبرة كبيرة في العمل الدبلوماسي الفاتيكاني وله صفات كثيرة تقربه من البابا فرنسيس. ولن يمنع كونه إيطالياً من انتخابه بهدف التغيير. كذلك بالنسبة إلى الكاردينال الفيليبيني الذي يعتبر من الأسماء القوية المطروحة لأسباب عدة.

صفة التواضع

في المرحلة الحالية، يمكن لأي من الكرادلة الذين يجري تداول أسمائهم أن ينتخب، وإن كان هناك من هم أوفر حظاً، بغض النظر عن انتمائهم أو أصولهم. ويشير مراد إلى أن صفة التواضع تغلب على معظم الكرادلة الذين تطرح أسماؤهم بعكس ما كان يحصل سابقاً قبل انتخاب البابا يوحنا بولس الثاني. وكما يبدو واضحاً فثمة صفات مختلفة يتحلى بها الباباوات خلال العقود الأخيرة، بغض النظر عن أصولهم وهناك ميل نحو هذه السمات في الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية، مما يؤكد الحرص على التغيير في هذا الاتجاه.

أما بالنسبة إلى الكاردينال الأفريقي، فيستبعد مراد انتخابه لأن النضوج الفكري لم يكتمل بعد ربما في المرحلة الحالية على رغم التحول الحاصل، وإن كان يحق له ذلك إنسانياً وإيمانياً. ولو فكر الكرادلة كما كان يفكر البابا فرنسيس بالمحبة بين الناس والمساواة لما ترددوا في انتخابه لأنه يحق لأي كاردينال أن يكون بابا. أيضاً، الكاردينال الأفريقي بعمر 76 سنة ويصعب تكرار تجربة البابا بسن متقدمة مرة جديدة، إذ أظهرت تجربة البابا يوحنا بولس الثاني الذي كان بعمر 58 سنة عند انتخابه نجاحاً، لما تمتع به من نشاط وعلم وثقافة. أما البابا بينيديكت السادس عشر فكان أكبر الكرادلة المنتخبين بعمر 78 سنة. بالتالي يُحكى اليوم عن أنه ثمة ميلاً إلى انتخاب بابا أصغر سناً ليتمتع بمزيد من النشاط مثل الكاردينال الفرنسي أفلين. وتبقى هناك معايير أخرى تؤخذ في لاعتبار مثل الخبرة والعلاقات العامة وأخرى إنسانية مثل الطيبة والمحبة.

في حال اختيار الكاردينال توركسون الذي يحظى باحترام واسع وهو محبوب من البابا فرنسيس، ليكون البابا الأفريقي الأول من أكثر من 1500 سنة، ستكون مفاجأة كبرى لما يشكله انتخابه من تحول فكري وثقافي في الكنيسة الكاثوليكية. يعتبر مقبولاً من رجال الدين الغربيين وقد يكون اختياراً مناسباً في هذه المرحلة، وإن كان من الكرادلة المحافظين تماماً كمعظم الكرادلة الأفارقة، مما يدعو إلى توقع مرحلة أكثر تشدداً في سياسة الفاتيكان، بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع مع البابا فرنسيس. وما يزيد حظوظه وحظوظ غيره من الكرادلة غير الأوروبيين الذين طرحت أسماؤهم، أنه للمرة الأولى في التاريخ، نسبة الكرادلة الناخبين الأوروبيين هي دون النصف.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير