Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جبهة تيغراي تحذر أديس أبابا من انهيار السلام

قالت إن حكومة آبي أحمد تتخذ قرارات أحادية بالمخالفة لـ"اتفاقية بريتوريا" ومراقبون يشيرون إلى "أزمة داخلية" و"محاولات اختراق"

ترى الجبهة أن ثمة فرصاً متزايدة لتحرير المناطق المحتلة غرب تيغراي، وإعادة النازحين، ومساعدة السكان (أ ف ب)

ملخص

أعربت الجبهة عن قلقها من استمرار "المعاناة التي شهدتها البلاد خلال الحرب بطرق مختلفة حتى بعد اتفاق السلام". وزعمت أن الحكومة الفيدرالية بدلاً من التواصل مع شريكها في السلام، انتظمت في جهود داخلية وخارجية لتمزيق وحدة شعب تيغراي، رغم علمها أن تلك التحركات قد أثبتت فشلها مراراً سواء قبل الحرب أو بعدها. 

قالت جبهة تحرير تيغراي (الحزب الحاكم في الإقليم الواقع شمالي إثيوبيا)، إن الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا تنتهك "اتفاقية بريتوريا" للسلام، وتتخذ قرارات أحادية الجانب تؤثر بشكل سلبي على مصالح التيغراويين.

وأضاف البيان الصادر إثر اجتماع اللجنة المركزية للجبهة، الذي استمر خمسة أيام واختتم أمس 14 أبريل (نيسان) 2025، أن الحكومة الفيدرالية تصدر إعلانات ولوائح وتوجيهات تطبق على شعب تيغراي من دون تشاور مع ممثليه، في مخالفة لأحكام الاتفاقية الموقعة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 بين الحكومة المركزية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، مما يعد دليلاً آخر على السلوك الأحادي الذي تنتهجه حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد. 

وقال البيان، إن الرابط الوحيد الذي يحكم العلاقة بين الإقليم وأديس أبابا يتمثل في "اتفاقية بريتوريا"، والانتهاكات المتكررة لأحكامها تنذر بإجهاضها، مؤكداً أن تنفيذ الاتفاقية يتطلب "تعاوناً وثيقاً وثقة متبادلة بين الطرفين". 

ودعا إلى ضرورة الالتزام بالاتفاقية، والانتظام في حوار مباشر سعياً إلى التطبيق الأمثل لها، مؤكداً استعداد الجبهة للقيام بكل ما يلزم للإسهام في تحقيق سلام مستدام.

وأعربت اللجنة المركزية عن قلقها من استمرار "المعاناة التي شهدتها البلاد خلال الحرب بطرق مختلفة حتى بعد اتفاق السلام". وزعمت أن الحكومة الفيدرالية عوض التواصل مع شريكها في السلام، انتظمت في جهود داخلية وخارجية لتمزيق وحدة شعب تيغراي، رغم علمها أن تلك التحركات قد أثبتت فشلها مراراً سواء قبل الحرب أو بعدها. 

 

وأشار البيان إلى أن الجبهة قيمت أنشطتها على مدى الأشهر الستة الماضية، وحددت توجهاتها للنصف الأول من العام المقبل خلال الاجتماع الذي عقد بين التاسع و14 أبريل، محددة التزامها "بالوفاء بمسؤوليتها التاريخية في عمل الإدارة الموقتة لتيغراي"، وتعهدت دعم الجهود التي تلبي المطالب العامة الأساسية للإقليم.

كما تضمن اجتماع اللجنة المركزية، وفقاً للبيان، استعراض التغيرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة، التي تنذر بإمكانية اندلاع صراعات مسلحة، محذرة من أن هذه التحولات "تتطلب اهتماماً وحذراً خاصين" كي لا يتحول الإقليم مرة أخرى إلى ساحة حرب غير مرغوب بها. 

وأشارت اللجنة إلى أن الجبهة ترى أن ثمة فرصاً متزايدة لتحرير المناطق المحتلة في غرب تيغراي، وحماية وحدة أراضي الإقليم، وإعادة النازحين، ومساعدة السكان على التعافي من تداعيات الحرب، وإعادة الإعمار.

ويأتي البيان في ظل تحول سياسي داخل الحكومة الموقتة لتيغراي، عقب تعيين الفريق تاديسي وريدي رئيساً في الثامن من أبريل الجاري خلفاً لجيتاتشو رضا. وجاء تغيير القيادة بعد أشهر من التوتر الداخلي بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والحكومة الموقتة للإقليم، الذي اشتد بعد المؤتمر الـ14 للحزب العام الماضي.

وكان رئيس الجبهة دبرتسيون جبري ميكائيل، تعهد العمل بشكل وثيق مع الحكومة الجديدة، مع الحفاظ على "الاستقلال المؤسسي" للحزب. وقال إن الجبهة مستعدة للمشاركة في مهام الحكومة الموقتة "بشكل منسق" لتلبية المطالب العامة الأساسية للمنطقة.

دفع التهم 

من جهته رأى المتخصص في شؤون الأحزاب السياسية الإثيوبية جيرميسا جيربا، أن البيان الأخير الصادر من قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، يأتي للرد على الاتهامات التي طاولت الجبهة بخصوص مزاعم حول إقامتها علاقات سرية مع النظام الإريتري، وهي الاتهامات التي كررتها جهات محسوبة على حزب الازدهار الحاكم في أديس أبابا، إضافة إلى الجناح المعارض للقيادة داخل الجبهة، خصوصاً أن مكتب رئيس الوزراء تعمد خلال حفل تنصيب الرئيس الجديد لتيغراي إعداد وثيقة تكليف بالمهام، تتضمن شروطاً أساسية من بينها الشرط الخامس الذي ينص على إنهاء كل العلاقات والإجراءات التي تتعارض مع السيادة الوطنية أو أحكام "اتفاقية بريتوريا"، في إشارة إلى العلاقة المزعومة بين الجبهة والنظام الإريتري، في حين نفت الجبهة وجود علاقات سرية مع أسمرة، وفي الوقت ذاته انتقدت "وثيقة التكليف"، معتبرة أنها مخالفة لأحكام "اتفاقية بريتوريا" التي تعدها "الوثيقة الوحيدة الحاكمة للعلاقة مع المركز". 

ويرى جيرميسا أن بيان الجبهة جاء لإطلاق مزاعم مضادة عن علاقات متخيلة بين أديس أبابا وأطراف داخلية وخارجية للإضرار بمصالح التيغراويين. وفي ما يخص الإشارة إلى الإجراءات واللوائح التي وصفت بـ"الأحادية " يوضح، أن الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا تحتكم لنصوص الدستور الإثيوبي وليس لـ"اتفاقية بريتوريا" فحسب، مشيراً إلى أن المراسيم والتشريعات الأخيرة التي اتخذتها أديس أبابا في شأن إقليم تيغراي تمت المصادفة عليها في البرلمان الإثيوبي المنتخب، ومن ثم فهي إجراءات قانونية، إذ لا يزال الإقليم جزءاً من الدولة الإثيوبية وليس مستقلاً بذاته، ولا يمكن وصف التشريعات الصادرة من البرلمان بأنها قرارات وإجراءات أحادية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أن الجبهة هي التي تتخذ إجراءات ميدانية، وتصدر لوائح وتعين مسؤولين محليين وتعزل آخرين من دون العودة للمركز، ومن ثم فإن الإشارات التي تضمنها البيان تعد بمثابة دفع للتهم، ومحاولة رسم صورة مناقضة للحقيقة، لا سيما وأنها تحاول الإيحاء بأن المركز يتعاطى مع قوى خارجية، في حين أن من بين مهام الدولة التواصل مع كافة القوى الداخلية والخارجية لتحقيق المصالح الإثيوبية. 

يرى جرميسا أن ثمة تدابير اتخذها رئيس الوزراء في الفترة الأخيرة، من بينها تعيين كل من جيتاشو رضا الرئيس السابق للإقليم، وكيداني قبرهويت عضو حكومة الإقليم السابق، في مهام وزارية بالحكومة المركزية في أديس أبابا، الأول مستشاراً لرئيس الوزراء لشؤون دول شرق أفريقيا برتبة وزير، والثاني وزير دولة للتعليم، وهما من الجناح المعارض لقيادة الجبهة، مما صعد أزمة الثقة أكثر بين الجبهة والحكومة المركزية. 

ويقدر المتخصص الإثيوبي أن التعيينات الأخيرة لعضوين من الجناح المفصول عن الجبهة أثارت حفيظة اللجنة المركزية، لا سيما أن إسناد الحقائب الوزارية لشخصيات حزبية، في رأي الجبهة، تتطلب تشاوراً مع الحزب وفقاً للدستور الفيدرالي، لكن الوضع الاستثنائي الذي يعيشه الإقليم، خصوصاً عدم مشاركته في الانتخابات العامة، يمنح رئيس الوزراء الأحقية في التعيين من دون العودة للجبهة، باعتبار أن الأخيرة لا تعد حزباً منتخباً في الوقت الحالي، علاوة على أن ثمة إشكاليات قانونية نتجت من ذلك تتطلب تصحيح وضعيتها القانونية مع الجهات المتخصصة، وخصوصاً تجاه اللجنة الوطنية للأحزاب السياسية التي لم تعترف بعد بالجبهة كحزب معتمد، إذ أصدرت اللجنة أخيراً قراراً بتعليق نشاط الجبهة إلى حين تسوية وضعها القانوني وعقد مؤتمر عام وفق ما يقتضيه الدستور الفيدرالي، كما عدت المؤتمر الـ14 للحزب في مصاف العدم نظراً إلى عدم استيفائه الشروط القانونية.

أزمة داخلية 

من جهة أخرى ينوه جيرميسا إلى وجود أزمة داخلية في الجبهة تتعلق بطريقة تعيين الجنرال تادسي وريدي رئيساً لحكومة الإقليم، فرغم أنه مرشح من اللجنة المركزية للجبهة، فإن إقصاء قيادة الجبهة عن حفل التنصيب، إضافة إلى اعتماد "وثيقة التكليف" من دون تشاور مع الجبهة، والشروط التي تضمنتها الوثيقة، أثارت أزمة داخلية، إذ عدتها بعض القيادات النافذة مخالفة لـ"اتفاقية بريتوريا"، ووجهت انتقادات لاذعة للجنرال تادسي، وشككت في ولائه للجبهة، في حين تحفظت القيادة على توجيه انتقادات للرئيس الجديد، لا سيما وأنه القائد العام لقوات الدفاع التيغراوية، ورئيس مجلس السلم والأمن، إذ تحاول الجبهة تجنب أي صدام معه في الوقت الحالي، بحسب تقدير جيرميسا. 

ويرجح أن الأزمة قد تتطور في وقت لاحق، لا سيما في ظل الانقسامات التي طفت على السطح إثر حفل التنصيب الذي أقصيت عنه الجبهة رغم حضور شخصيات دولية وقارية. 

 

ويدلل جيرميسا على بيان الجبهة الأول في أعقاب تعيين تادسي كمؤشر لذلك، موضحاً أن الجبهة أشارت للمرة الأولى إلى أنها ستعمل للحفاظ على استقلاليتها عن الحكومة الموقتة، مما يوحي بامتعاضها من قبول الجنرال تادسي توقيع "وثيقة التكليف" الصادرة من رئيس الوزراء.

بدوره يرى محاري سلمون المتخصص في الشأن التيغراوي، أن اجتماع اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، يعد استحقاقاً دورياً لتقييم فترة الأشهر الست الماضية من نشاط الحزب، ومن ثم فإن البيان الصادر عنها هو بمثابة "عرض حال" للسياسة الإثيوبية تجاه تيغراي، إضافة إلى استعراض كافة الاستحقاقات السياسية بما فيها مسار تنفيذ "اتفاقية بريتوريا". 

وأوضح أن البيان تضمن تشخيصاً وافياً للأزمة السياسية التي تمر بها إثيوبيا عموماً، وتيغراي على وجه الخصوص، مضيفاً أنه "إعلان لتصحيح المسار الذي تنتهجه أديس أبابا، والقائم على الانفراد بالقرارات المصيرية التي تخص الإقليم الفيدرالي، في مخالفة صريحة للدستور وكذلك لـ(اتفاقية بريتوريا)، وما يضاعف من عمق الأزمة أن الإقليم غير ممثل في البرلمان الوطني الإثيوبي، ومن ثم لا يمكن التحجج بأن المراسيم ومشاريع القوانين التي يصدرها رئيس الوزراء حاصلة على مصادقة البرلمان، إذ إن تيغراي ليس لها أي ممثل يدافع عن مصالحها، وبالتالي فإن اللجنة المركزية للجبهة ترى أن المخرج الوحيد من هذا الوضع هو التطبيق الأمين لـ(اتفاقية بريتوريا) باعتبارها الوثيقة القانونية الوحيدة التي تنظم العلاقة بين الجانبين". 

يؤكد محاري أن الإقليم يتوفر على مجلس تشريعي موقت يقوم بمهام البرلمان الإقليمي، ومن شأنه أن يصادق على كل ما يخص الإقليم. ويقدر أن تجاهل الجبهة وعدم مشاورتها في القرارات الكبرى المتعلقة بتيغراي سيؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان الشريك الرئيس للسلام، وقد يدفع بالجبهة من الخط الوسطي نحو الخطوط الراديكالية. موضحاً أن ذلك لا يعني بالضرورة اللجوء للحرب، بل قد يعني المطالبة بتفعيل المادة 39 من الدستور، والتي تنص على حق الأقاليم الفيدرالية بممارسة مبدأ تقرير المصير وحتى الانفصال من الدولة الإثيوبية. 

اختراق الجبهة 

يرى المتخصص في الشأن التيغراوي، أن حزب الازدهار الحاكم في أديس أبابا يسعى إلى اخترق الجبهة من خلال تشجيع عدد من الأسماء الفاعلة داخلها على الانشقاق لتشكيل "حزب ازدهار تيغراي". مشيراً إلى أن أعضاء اللجنة المركزية المفصولين من الجبهة أخيراً تم استقطابهم داخل مجلس الوزراء في الحكومة المركزية أو في هيئات تابعة لها، وهي إشارات تبعث برسائل سالبة، وكان على الجبهة أن ترد برسائل تحذير هادئة. 

وينوه محاري إلى أن الجبهة كانت واضحة منذ توقيع "اتفاقية بريتوريا" بأنها "تريد أن تدفع باتجاه بقاء إقليم تيغراي داخل الدولة الإثيوبية، رغم تعرضه لحرب إبادة عرقية واسعة، وضد مواقف كثير من الشباب المشاركين في الحرب، والتي شكلت وعياً جديداً لديهم بضرورة فك الارتباط مع الدولة التي ارتكبت، بحسب رأيهم، جرائم حرب في حق شعبهم". 

ويضيف "رغم هذه التضحيات التي دفعتها الجبهة في سبيل تطبيق الاتفاقية، والانتقال من الوضع الموقت إلى سلام مستدام، فإن أديس أبابا حاولت الاستفادة من التناقضات الداخلية في الإقليم لمصلحة تمدد حزب الازدهار وكسب مساحة له في تيغراي، مما استوجب إصدار البيان الأخير الذي حذر من إمكانية إجهاض الاتفاقية في حال استمرار الحكومة الفيدرالية في نهجها".

المزيد من تقارير