ملخص
بعد خمسة أعوام من "بريكست"، يعاني البريطانيون قلة الفوائد المحققة. فقد تراجعت شعبيته، ولم تتحقق الوعود الشهيرة مثل توفير 350 مليون جنيه استرليني أسبوعياً للرعاية الصحية أو السيطرة في الهجرة، مع استمرار التأثير الاقتصادي السلبي.
بعد مرور خمسة أعوام على مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسمياً، بات "بريكست" يحظى بشعبية أقل من أي وقت مضى.
فقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" ونشرت نتائجه الأربعاء الماضي، أن عدد البريطانيين الذين يعدون مغادرة بلادهم الاتحاد الأوروبي فكرة جيدة بلغ أدنى مستوياته منذ الاستفتاء على الخطوة، مع اعتبار ثلاثة فقط من كل 10 مشاركين أن القرار كان صحيحاً.
ويدعم معظم الناخبين عودة بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، بل إن واحداً من كل ستة ممن صوتوا لمصلحة مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي يشعر الآن بالندم.
وفي الذكرى السنوية الخامسة لـ"بريكست"، قارنت "اندبندنت" بين ما وعدت به بريطانيا قبل استفتاء عام 2016 وما حصلت عليه بالفعل بعد تنفيذها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تخصيص 350 مليون جنيه استرليني في الأسبوع لهيئة الخدمات الصحية الوطنية
تمثل أحد أشهر الوعود التي قطعتها الحملة الداعية للتصويت لمصلحة الخروج في أن وقف المساهمات المالية البريطانية في الاتحاد الأوروبي بعد مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي سيوفر كل أسبوع 350 مليون جنيه استرليني (435 مليون دولار)، يمكن إنفاقها على مرفق الخدمة الصحية هذا.
وازداد الإنفاق بالفعل على هيئة الخدمات الصحية الوطنية منذ مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، ولا سيما أثناء الجائحة، لكن لا دليل يشير إلى أن مدفوعات بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي أُعيد تخصيصها للمرفق.
وبدلاً من توفير الدعم للمرفق، يؤدي "بريكست" إلى تباطؤ حاد في وصول الممرضين من دول الاتحاد الأوروبي إلى المملكة المتحدة، مما يفاقم النواقص على صعيد الموظفين في المرفق، في حين يفرض الروتين الإداري التالي لـ"بريكست" على هيئة الخدمات الصحية الوطنية نواقص في العقاقير.
استعادة السيطرة على حدود بريطانيا
الموضوع الآخر الذي تمحورت حوله حملة التصويت لـ"بريكست" هو الهجرة، وعلى التعهد بأن المملكة المتحدة ستستعيد السيطرة على حدودها حين تصبح خارج الاتحاد الأوروبي.
لقد ركز جزء كبير من الحملة الدعائية في الاستفتاء على الهجرة، وتحذيرات من أنها ستستمر في التصاعد إذا صوت البريطانيون لمصلحة بقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي.
لكن انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي لم يؤثر كثيراً في أرقام الهجرة الصافية [الفارق بين المهاجرين الوافدين والمهاجرين المغادرين]، إذ ارتفعت إلى مستوى قياسي.
ذلك أن العدد الصافي للمهاجرين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة عام 2023 سجل 900 ألف شخص، أي ما يقارب أربعة أضعاف الرقم البالغ 248 ألف شخص المسجل عام 2016، عام الاستفتاء.
الازدهار خارج الاتحاد الأوروبي
كذلك وعدت حملة الخروج بأن المملكة المتحدة ستزدهر كبلاد مستقلة.
لكن أرقاماً حكومية رسمية تظهر أن "بريكست" سيقلص حجم الاقتصاد البريطاني بواقع أربعة في المئة في الأجل البعيد، مما يزيد من الضغط على الضرائب والخدمات العامة.
وفي تحذير صارخ لأولئك الذين يعتقدون أن الضرر الناجم عن "بريكست" سينتهي بعد خمسة أعوام من خروج بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي، تظهر أرقام رسمية كشفت عنها "اندبندنت" أن البلاد لم تشعر إلا بأقل من نصف أثره حتى اللحظة.
ذلك أن أحدث تقديرات مكتب مسؤولية الموازنة تبين أن 40 في المئة فقط من أثر "بريكست" وجد طريقه إلى الاقتصاد، مما يعني أن 60 في المئة من الأثر لم يتبلور بعد. وينتج الضرر الاقتصادي عن تقلص التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الروتين الإداري التالي لـ"بريكست" الذي يعوق الشركات.
انخفاض عوائد الضرائب وازدياد كلف المعيشة
هاجمت حملة الخروج مراراً الاتحاد الأوروبي، محملة إياه تبعة ارتفاع كلف المعيشة على البريطانيين وتعهدت بأن الكلف ستنخفض إذا انسحبت المملكة المتحدة من الكتلة.
وتلخص الزعم الرئيس في أن بريطانيا ستلغي ضريبة القيمة المضافة على فواتير الطاقة المنزلية حين تصبح خارج أوروبا، مما يوفر 64 جنيهاً استرلينياً على كل أسرة سنوياً.
ولم تلغ ضريبة القيمة المضافة على فواتير الطاقة المنزلية، ومنذ "بريكست"، وفي تطور يرجع أساساً إلى الغزو الروسي لأوكرانيا قفزت فواتير الطاقة وكلف المعيشة.
وفي الواقع، تلقى على "بريكست" تبعة أزمة كلف المعيشة المطردة التي ضربت المملكة المتحدة، فهو فاقم العراقيل التجارية وزاد كلف الغذاء.
"بريطانيا العالمية" واتفاق تجاري مع الولايات المتحدة
تمثلت مكافأة كبيرة أخرى وعد بها مؤيدو الخروج في إبرام اتفاق تجاري أميركي واسع النطاق من شأنه أن يعزز الأعمال البريطانية.
وعلى رغم تحذيرات باراك أوباما من أن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي ستضعها في "نهاية الطابور" الخاص بشركاء بلاده التجاريين، واصل مؤيدو "بريكست" الترويج لفكرة مفادها بأن "العلاقة الخاصة" القائمة بين البلدين ستفتح الباب واسعاً أمام إبرام اتفاق كهذا.
وبعد خمسة أعوام من استعادة لندن السلطة الضرورية لإبرام اتفاقات تجارية فردية، تبين أن الاتفاق مع الولايات المتحدة بعيد المنال لكل من حكومتي حزب المحافظين وحزب العمال. وثمة احتمال ضئيل بأن يوقع السير كير ستارمر مع واشنطن اتفاقاً يشمل الزراعة، الذي قد يقوض أعمال المزارعين الغاضبين بالفعل من منافسة منتجي اللحوم الأميركيين.
لذلك، حتى لو تحقق اتفاق ما من المحتمل أن يكون أصغر نطاقاً بكثير مما جرى الترويج له قبل التصويت لمصلحة "بريكست".
وبعيداً من تمكين بريطانيا من إبرام اتفاقات تجارية تكفي لتعويض ما خسرته في تجارتها مع الاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يكون لـ"بريكست" أثر بعيد الأجل يتلخص في تقليص إجمال التجارة البريطانية بواقع 15 في المئة.
انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
تضمنت إحدى أساطير "بريكست" الأخرى التي روجت لها حملة الخروج أن تركيا من المقرر أن تنضم إلى الكتلة في غضون عقد من الزمن، مما يتيح حرية التنقل لملايين من الأشخاص الإضافيين.
وخلال اليوم السابق للاستفتاء، قال زعيم حزب المحافظين السابق السير إيان دنكان سميث إن التصويت لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أكثر سلامة من التصويت للبقاء، وإن أولئك الذين يزعمون أن وصول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بعيد المنال يكذبون على الشعب البريطاني.
لكن بعد مرور ما يقارب عقداً من الزمن على إجراء الاستفتاء، لا تزال رحلة تركيا من وضع البلاد المرشحة إلى العضوية إلى وضع البلاد ذات العضوية الكاملة متوقفة.
تسهيل التجارة بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية
أبلغ بوريس جونسون ذات مرة رجل أعمال إيرلندياً شمالياً أنه إذا طُلبت منه وأقرانه إقرارات جمركية حين يتاجرون بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية، يمكنه "أن يقول لهم اتصلوا برئيس الوزراء وسأطلب منهم إلقاء هذه الإقرارات في سلة للمهملات".
وبدلاً من ذلك، تتطلب بعض البضائع التي تنقل من بريطانيا العظمى إلى إيرلندا الشمالية بموجب الاتفاق المعروف باسم "إطار وندسور" بيانات جمركية.
ذلك أن إيرلندا الشمالية تعامل كجزء من سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة، مما يعني أن البضائع التي تصل إليها من بريطانيا العظمى تخضع إلى معاملات تتعلق بضوابط وإقرارات.
ويثير ذلك جدلاً كبيراً، إذ يفيد اتحاديون [مؤيدو الاتحاد التام مع بريطانيا] بأن النظام المعمول به يهدد مكانة إيرلندا الشمالية ضمن المملكة المتحدة. لكن الإطار نافذ لضمان عدم تشديد الإجراءات الحدودية البرية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا بعد "بريكست".
© The Independent