Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"على الحافة" رحلة تشكيلية بين ماض وحاضر

الرسامة المصرية سحر درغام تحتفي بالطبيعة البكر للإنسانية

لوحة من معرض الرسامة في القاهرة (خدمة المعرض)

ملخص

في معرضها القاهري "على الحافة" تعيد الفنانة المصرية سحر درغام سرد الحكايات الأولى، مستعيدة جوهر الطبيعة البدائية، حيث يشتبك ماضي البشرية مع التأملات المعاصرة في صياغات بصرية أشبه برقصة خفية بين الظل والنور.

تحتفي سحر درغام في لوحاتها بالطبيعة البكر للإنسانية، فترسم كائنات هجينة هي أشبه بأرواح تسكن مساحات الرسم؛ كائنات تبحث عن السكينة في عالم يموج بالفوضى. تدعونا الفنانة هنا لنقف معها على تلك الحافة، لنستشعر نبض الحياة كما كانت في البدء، حيث البساطة عمق، والتجريد كشف، والجمال حقيقة تنبض في كل التفاصيل.

يمثل المعرض (غاليري مشربية – القاهرة) تجربة مهمة وملهمة في مسيرة درغام، فهي تفتح من خلاله نافذة على عالم تستعيد فيه الطبيعة مكانتها في مقابل تسارع الحياة الحديثة. في هذه الأعمال تتقاطع الخطوط البسيطة مع الألوان الترابية لتجسد هذا الحوار العميق والأبدي بين الإنسان والطبيعة؛ وهو حوار يدفعنا نحو حالة تأملية تستلهم من الماضي البدائي رؤى جديدة للحاضر والمستقبل. يمكن القول إنها محاولة لإبطاء الإيقاع السريع للحياة المعاصرة وإعادة التواصل مع الطبيعة، وهو أمر يستحق العناء حتى لو كان هذا التواصل مقصوراً على مساحة الرسم.

تحيلنا أعمال درغام إلى الرسوم البدائية على جدران الكهوف في اعتمادها الخطوط البسيطة والألوان الطبيعية، غير أن الفنانة تضيف إلى هذه المعالجات القديمة رؤيتها العصرية بالطبع، كأنها تستعيد ذاكرة إنسانية جماعية برؤية معاصرة. في إحدى اللوحات المعروضة تطالعنا خمسة أجساد لأشخاص يقفون معاً متشابكي الأذرع: أربعة بالغين وطفل. الأجساد العارية والخالية من التفاصيل ترسمها الفنانة هنا بألوان متباينة تراوح بين الأصفر والوردي، بينما الطفل الصغير مُلون بالأزرق. يشي المشهد بالاختلاف والانسجام، كما يجسد الوحدة والحوار الداخلي.

أما الخلفية الحيادية فهي تضيف عمقاً إلى المشهد، بحيث يتمحور التركيز هنا على التفاعل بين الأجساد وتباين ألوانها. وفي لوحات أخرى نرى أجساداً بشرية تتداخل مع أجساد حيوانات، والتفاصيل الضبابية والخطوط السريعة والمتداخلة تجعل المشهد يبدو كحلم أو ذكرى بعيدة. وهذا التداخل يعبر كذلك عن تشابك الحدود بين الإنسان والطبيعة ويدفعنا إلى التفكير في هويتنا كأحد مكونات هذه الطبيعة. تظهر الخيول أيضاً في لوحات درغام، غير أن الخيول هنا ليست رموزاً للقوة والحرية فقط، بل هي دعوة كذلك للتفكير في العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة. أما الألوان المستخدمة، والتي تراوح بين درجات البني والبرتقالي، فتعيدنا مرة أخرى إلى رسوم الإنسان البدائي على جدران الكهوف

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لعل أبرز ما يميز أعمال درغام هو قدرتها على تحقيق التوازن بين اختزال الأشكال وبساطتها، فالجسد الإنساني في لوحاتها خال من التفاصيل، لكنه يبدو ككتلة حيوية مليئة بالطاقة. وتتداخل العناصر البشرية المرسومة هنا مع أشكال حيوانية أحياناً، في خلخلة متعمدة للحدود بين الطبيعة الإنسانية والحيوانية. هذه الرمزية تجعل من اللوحة عند سحر درغام أشبه بمساحة مفتوحة للتأمل والتأويل البصري المستمر، وهو ما يمنحها عمقاً إضافياً.

تعمل الفنانة سحر درغام أستاذة في كلية الفنون الجميلة في جامعة الإسكندرية، وقد مثلت مصر في العديد من المحافل الدولية المرموقة مثل بينالي فينيسيا عام 2007 وبينالي سراييفو عام 2012. تمتلك الفنانة مسيرة زاخرة بالمعارض الشخصية والجماعية في مصر ودول أخرى مثل السويد وفرنسا وإيطاليا.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة