Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سموتريتش يرسم مشهدا جديدا للاستيطان في الضفة الغربية

ينذر بزيادة كبيرة في المصادقة على مخططات البناء عام 2025 قياسا بالسنوات الماضية

منذ وصول الحكومة اليمينية برئاسة نتنياهو إلى الحكم في ديسمبر 2022 يشهد الاستيطان في الضفة ارتفاعاً كبيراً (اندبندنت عربية)

ملخص

صادق مجلس التخطيط والبناء الأعلى في عام 2023 على مخططات بناء 12349 وحدة سكنية في المستوطنات، وعلى مخططات بناء 9884 وحدة سكنية في عام 2024، في حين قالت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إن المستوطنين، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أقاموا بحماية من الجيش الإسرائيلي 29 بؤرة استيطانية تركزت في مدينة الخليل بواقع ثماني بؤر، إضافة إلى شق سبعة طرق لتسهيل تحركهم، وربط بؤر بمستوطنات قائمة.

مع تصاعد دور المستوطنين من اليمين الديني المتطرف في المؤسسات الإسرائيلية السياسية والعسكرية، وبروزهم ككتلة حاسمة في حكومة بنيامين نتنياهو، تمر الضفة الغربية في مرحلة حساسة ومفصلية قد تشكل مستقبلها وهويتها لعقود، وفي ظل تنامي الأخطار التي تفرضها مخططات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لإحكام سيطرته وتوسيع صلاحياته، وصولاً إلى تغيير البنية الديمغرافية فيها، يشعر الفلسطينيون أنهم تحت أمر واقع جديد لا مفر منه، كيف لا وقد أكد سموتريتش مراراً أن عام 2025 سيكون عام السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية).

وأصدر تعليماته لمديرية الاستيطان في وزارة الأمن وللإدارة المدنية ببدء عمل جماعي وشامل من أجل إعداد البنية التحتية المطلوبة لفرض السيادة، لاعتباره بأن الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، جزء من إسرائيل.

ومنذ وصول الحكومة اليمينية برئاسة نتنياهو إلى الحكم في ديسمبر (كانون الأول) 2022، يشهد الاستيطان في الضفة ارتفاعاً كبيراً بوتيرة متسارعة، ووفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، صادق مجلس التخطيط والبناء الأعلى في عام 2023 على مخططات بناء 12349 وحدة سكنية في المستوطنات، وعلى مخططات بناء 9884 وحدة سكنية في عام 2024، في حين قالت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إن المستوطنين، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أقاموا بحماية من الجيش الإسرائيلي 29 بؤرة استيطانية تركزت في مدينة الخليل بواقع ثماني بؤر، إضافة إلى شق سبعة طرق لتسهيل تحركهم، وربط بؤر بمستوطنات قائمة. وبينت الهيئة أن الحكومة الإسرائيلية، خلال الفترة نفسها، صادرت 52 مليون متر مربع من أراضي الفلسطينيين، وأقامت 12 منطقة عازلة حول المستوطنات، وشرعنت 11 بؤرة استيطانية جديدة وحولتها إلى مستوطنات أو أحياء سكنية تتبع لمستوطنات قائمة، وأحالت ما مجموعه تسع بؤر أخرى لإجراءات الشرعنة.

اجتماعات أسبوعية

ووفقاً لمراقبين، فإن قرار سموتريتش الأخير عقد اجتماعات المجلس الأعلى للتخطيط والبناء بصورة أسبوعية، للمصادقة على مخططات بناء في المستوطنات، بدلاً من عقده كل ثلاثة أو أربعة أشهر، كان له دور كبير ومؤثر في توسيع وتسريع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، إذ إن تحويل تلك الاجتماعات التي تعقد أربع مرات بالسنة لأسبوعية ينذر بزيادة كبيرة في المصادقة على مخططات البناء في المستوطنات وتوسيعها خلال عام 2025 قياساً بالسنوات الماضية. ومنذ بداية ديسمبر الماضي صادق مجلس التخطيط الأعلى في الإدارة المدنية في الضفة الغربية على بناء 2377 وحدة سكنية في المستوطنات، بينها 400 وحدة سكنية تقريباً، تمت المصادقة عليها في الثامن من يناير (كانون الثاني) الماضي. كما أعلنت السلطات الإسرائيلية مطلع العام الحالي، الاستيلاء على أكثر من 262 مليون متر مربع من أراضي بلدتي جبع والرام وكفرعقب ومخماس في محافظة القدس لصالح توسيع الشارع 45 الاستيطاني الذي يمتد من قرية مخماس حتى النفق الجديد تحت مطار قلنديا.

وكشفت جمعية "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية عن أن الحكومة الاسرائيلية تسعى إلى ضم أراض من قرية جبع إلى منطقة نفوذ مستوطنة "جيفع بنيامين"، وذلك بعد أن استولى عليها المستوطنون وأجبروا المواطنين الفلسطينيين على الرحيل قسراً منها. في حين رأت حركة "سلام الآن" اليسارية الحقوقية بأن الانتقال إلى دفع البناء في المستوطنات بصورة سريعة "هو خطوة أخرى لضم فعلي تنفذه الحكومة الإسرائيلية"، وأضافت في بيان "هذا تطبيع كامل للتخطيط والبناء في المستوطنات، بهدف دفع أكثر ما يمكن من الوحدات السكنية، وفي موازاة ذلك الامتناع عن انتقادات عامة ودولية"، محذرة من أن "هذا الضم يقودنا إلى طريق مسدود في أفضل الأحوال وإلى كارثة سياسية وأمنية في أسوأ الأحوال".

ويتوقع المستوطنون وفق ما نشره مجلس المستوطنات، أو ما يسمى بالعبرية "مجلس يشع"، أن يرتفع بصورة كبيرة عدد الوحدات السكنية التي سيصادق عليها من خلال الاجتماعات الأسبوعية لمجلس التخطيط الأعلى، خصوصاً بعد قرار الحكومة الإسرائيلية السابق الذي قضى بإصدار المصادقة الأولية للتخطيط والبناء في المستوطنات من دون موافقة المستوى السياسي، أو اشتراط موافقة وزير الدفاع في كل مرحلة من المراحل، وذلك خلافاً للوضع القائم منذ ربع قرن، إذ إن اختصار إجراءات توسيع المستوطنات وتحولها بالكامل بيد سموتريتش وحده من دون منازع، يجعل إمكان وقف أو تأجيل أي بناء استيطاني صعبة إن لم تكن مستحيلة. وبحسب ما نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم"، المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام، فإن سموتريتش "تمكن في عام 2024 من بناء أركان دولته في الضفة الغربية".

 

موازنات جديدة

ولتنفيذ إجراءات أكثر مرونة وفعالية لتطوير المستوطنات تتجاوز ما يعرف بالعقبات البيروقراطية، بدأ سموتريتش مطلع العام الحالي، رسم مشهد جديد على الأرض غير مسبوق، عبر دعم وتمويل المشاريع الزراعية الاستيطانية التي "تعد وسيلة لمنع الفلسطينيين من توسيع سيطرتهم غير القانونية على الأراضي"، على حد قوله. واعتبر أن تعزيزها في الضفة الغربية يمثل "هدفاً استراتيجياً لمحو الخط الأخضر الذي يرمز إلى حدود 1967"، إذ أعلن في سابقة هي الأولى من نوعها، تخصيص موازنات لقطاع الرعي من وزارة الزراعة الإسرائيلية، تعادل الدعم المقدم للمزارعين في إسرائيل. وبحسب بيانات المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان (مستقل)، فإن المزارع الرعوية للمستوطنين التي بدأت في عام 2017 بنحو 23 مزرعة في أرجاء الضفة الغربية، تتجاوز اليوم 90 مزرعة، تسيطر على نحو 650 مليون متر مربع، أي نحو 12 في المئة من مساحة الضفة. وبينت الأرقام الرسمية الفلسطينية أن المساحات الممتدة التي تسيطر عليها هذه البؤر الرعوية باتت تساوي مساحة مدن كبرى مثل ديمونة والقدس وبئر السبع وعراد وإيلات. وبحسب المكتب أيضاً، فإن خمس مزارع من أصل سبع أقيمت العام الماضي في الضفة الغربية تمددت نحو المنطقة (ب) في المناطق الواقعة جنوب مدينة بيت لحم وشرقها، وذلك بعد أن قام المستوطنون بتعبيد الطرق وبناء مراكز مراقبة والبدء بإقامة عدد من البؤر الاستيطانية، كما حدث كذلك مع "كومي أوري" بالقرب من "يتسهار" جنوب نابلس، و"معاليه رحبعام" شرق بيت لحم، و"حفات جلعاد" غرب نابلس وغيرها.

وترافق ذلك مع قيام الإدارة المدنية بهدم مزيد من مباني المواطنين الفلسطينيين، وبحسب قول رئيس منظمة "أماناه" الاستيطانية زئيف حيفر لمجلة "ندلان يوش" (عقارات المناطق) "فإن المزارع الرعوية الاستيطانية تسيطر على 2.5 ضعف كل مساحة الأراضي التي تحتلها مئات المستوطنات مجتمعة"، ووفقاً لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية فإن ست وزارات حكومية إسرائيلية في الأقل، تشارك في تمويل وتشجيع هذا المشروع (المزارع الرعوية) وقدمت بين عامي 2020 و2022 منحاً بمبلغ متراكم يصل إلى 1.6 مليون شيقل (432 ألف دولار) لـ 13 صاحب مزرعة. وبينت أنه بين عام 2021 وعام 2022، تم إقرار خطة عمل سنوية لدائرة الاستيطان، تضمنت بنداً يعنى بتخطيط بنى تحتية حيوية وعناصر أمن للاستيطان الفتي (البؤر والمزارع)، حولت إلى مزارع الرعاة من المستوطنيين تحت هذا البند مبلغ 15 مليون شيكل (4 ملايين دولار) في عام 2023، كما حصلت 68 مزرعة أخرى على تمويل بقيمة 7.7 مليون شيكل (مليونا دولار) في العام نفسه من أجل شق طرق، سهلت على المستوطنين التوسع إلى أعماق المنطقة المستهدفة. وضاعفت الحكومة الإسرائيلية الموازنة للبؤر والمزارع العام الماضي ثلاث مرات، إذ بلغت 39 مليون شيكل (نحو 11 مليون دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعليم وتأهيل

دعم وتطوير المزارع والبؤر الرعوية للمستوطنين في الضفة الغربية التي أسهمت بصورة ملموسة في زيادة وسرعة وتيرة الاستيطان، لم يقتصرا على السلطات المحلية في المستوطنات أو وزارة الاستيطان، بل إن الصندوق القومي اليهودي "الكيرين كييمت" أصبح داعماً رئيساً لها، عبر مشاركته في مشاريع "شبيبة في خطر"، التي تقوم في السنوات الأخيرة على فكرة تقديم خدمة اجتماعية لتأهيل وتعليم فتية يهود تسربوا من المدارس ويعيشون على هامش المجتمع داخل تلك المزارع، إذ يعمل الصندوق مع مؤسسات إسرائيلية لمنحهم شرعية تتجاوز في مغزاها السياق المحلي، فيحول لهم بالتعاون مع بعض الوزارات موازنات مجزية، يندرج بعضها في ما يسمى "برامج الإثراء"، التي تقترحها وزارة التعليم على المدارس، وأصبح مصطلح "شبيبة في خطر" في السنوات الأخيرة ذا تأثير فعال في تجميل صورة هذه المزارع أمام العالم. وحتى نهاية عام 2023 شارك أكثر من 200 مراهق في مشروع "الصندوق القومي اليهودي" في عشرات المزارع في الضفة الغربية، 80 منهم كانوا من بين المستفيدين من 1.5 مليون شيكل (نحو 415 ألف دولار) التي تم تحويلها إلى "مجلس بنيامين" الإقليمي في الضفة الغربية. كما حول الصندوق القومي اليهودي مبلغاً أكبر بنحو مليوني شيكل (قرابة 541 ألف دولار) إلى منظمة "أرتزينو"، التي مولت برامج تدريبية لـ150 مستوطناً شاباً في 25 مزرعة إضافية.

ويرى المدير العام لدائرة العمل الشعبي في "هيئة المقاومة والاستيطان" عبدالله أبو رحمة أن "إقامة المراهقين المنحرفين في هذه المزارع تحت مظلة إطار تعليمي أو تأهيلي، يضفي على هذه البؤر والمزارع الاستيطانية صورة مغايرة للحقيقة"، وأضاف "يجري تأهيلهم وشحنهم بأيديولوجيا الكراهية والعنف والإرهاب"، وتابع أن هذه البؤر الاستيطانية الزراعية والرعوية أصبحت "أرضاً خصبة لما بات يعرف بالعنف القومي المتطرف". وذكر أبو رحمة أن مزرعة "زوهار" في غور الأردن، التي انطلق منها مستوطنون، بعضهم قاصرون، هاجموا مدير مدرسة فلسطينية في أراضي المستوطنة، كما نجح مستوطنون آخرون في "مزرعة همكوك" قرب رام الله، بطرد سكان قرية وادي السيق الفلسطينية المجاورة، في حين قاد مستوطنون في مزرعة "ينون ليفي" جنوب جبل الخليل، اعتداءات ومضايقات أجبرت سكان قرية أخرى على الفرار.

وإلى جانب ضم الضفة الغربية إلى صلاحيات وزارة الزراعة الإسرائيلية، التي تبنت استراتيجية "الاستيطان الرعوي" وقع الجنرال آفي بلوط قائد المنطقة الوسطى، في خطوة غير مسبوقة، أمراً يسمح، للمرة الأولى، بتنفيذ مشاريع تجديد حضري استيطانية في الضفة الغربية، بحيث يعزز ما يسمى بالمساواة القانونية بين الأراضي الواقعة داخل الخط الأخضر، والأراضي المحتلة في الضفة الغربية، خصوصاً في ما يتعلق بالتخطيط الاستيطاني من دون الحاجة إلى موافقة مكتب التخطيط المركزي الاستيطاني أو الإجراءات الحكومية المعقدة، كالموافقة على البناء العامودي لتجمعات سكانية كما في المدن إلى جانب البناء الريفي، وهو ما يفتح الطريق، وفق محللين، لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في المستوطنات.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، ارتكب المستوطنون على امتداد العام الماضي نحو 1400 اعتداء ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية، أسفرت عن مقتل 18 فلسطينياً وجرح مئات، إضافة إلى إحداث أضرار بالغة في الممتلكات وتهجير 28 تجمعاً فلسطينياً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير