ملخص
أكدت الفصائل المعارضة التي بدأت هجوماً مباغتاً وغير مسبوق ضد قوات النظام منذ 27 نوفمبر الماضي إسقاط "الطاغية"، وأعلنت دمشق مدينة "حرة" داعية ملايين السوريين الذين شردهم النزاع المتواصل في البلاد منذ أكثر من 13 عاماً، للعودة إلى بلادهم.
أعلنت الفصائل المعارضة فجر اليوم الأحد، إسقاط بشار الأسد بعدما حكم سوريا قرابة ربع قرن، مؤكدة أنه "هرب" مع دخول قواتها إلى دمشق. لكن رواية جديدة نقلتها "رويترز" تتحدث عن مقتله.
لكن لا تزال ملابسات خروج الرئيس السوري من العاصمة، وموقف الجيش والفصائل المعارضة، ومن يتولى إدارة البلاد حالياً موضوع كثير من الأسئلة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره قال، إن الأسد غادر على متن طائرة خاصة أقلعت من مطار دمشق الدولي عند العاشرة ليل السبت (19:00 بتوقيت غرينيتش)، من دون أن يحسم وجهتها. وأشار إلى أن إقلاع الطائرة أعقبه انسحاب الجيش والقوى الأمنية من هذا المرفق الحيوي الرئيس في البلاد، بعد ساعات من تعليق الرحلات عبره.
سرعان ما أعلنت الفصائل المعارضة التي بدأت هجوماً مباغتاً وغير مسبوق ضد قوات النظام منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إسقاط "الطاغية"، وأعلنت دمشق مدينة "حرة" داعية ملايين السوريين الذين شردهم النزاع المتواصل في البلاد منذ أكثر من 13 عاماً، للعودة إلى بلادهم.
ما وجهة الأسد؟
لم تتضح إلى الآن وجهة الأسد، لكن مدير المرصد رامي عبدالرحمن تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية عن ثلاثة احتمالات، لعل أولها حليفته روسيا التي وفرت له خلال النزاع دعماً دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً منقطع النظير، أو إيران التي وفرت مستشارين عسكريين إضافة إلى مسلحي مجموعات موالية لها على رأسها "حزب الله"، أو وجهة ثالثة يعدها الأكثر ترجيحاً، هي الإمارات التي كانت من أولى الدول الخليجية التي قطعت علاقاتها مع دمشق عقب اندلاع النزاع، وأول من استأنفتها عام 2018.
وتثير الأحداث المتسارعة تكهنات السوريين والمراقبين في آن معاً. ففور شيوع نبأ فرار الأسد، عمد جنود في أنحاء عدة في دمشق إلى خلع ثيابهم العسكرية، وفق ما أفاد سكان.
وقال شاهد عيان، إنه رأى صباحاً عشرات الآليات والسيارات العسكرية متروكة في منطقة المزة التي تضم مقار أمنية وعسكرية ودبلوماسية.
ولم يصدر أي بيان رسمي عن الجيش اليوم، لكن جنوداً قالوا إنه طلب منهم إخلاء مواقعهم والعودة إلى منازلهم. وقال أحدهم وهو يخدم في أحد الفروع الأمنية، "طلب منا رئيسنا المباشر الإخلاء والتوجه إلى منازلنا، فعرفنا أن كل شيء انتهى".
انسحاب من دون مقاومة
وفي الطريق من حمص (وسط) باتجاه دمشق، جرى رصد مئات العسكريين السوريين الذين تجمعوا قرب حواجز للفصائل المعارضة.
عند بدء هجومها، خاضت الفصائل المعارضة خصوصاً في اليومين الأولين من الهجوم مواجهات عنيفة ضد الجيش السوري، مما أوقع عشرات القتلى من الجانبين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع انسحاب القوات الحكومية من مواقعها من "دون أي مقاومة تذكر" في الأيام اللاحقة، وفق المرصد والفصائل المعارضة، سيطرت الفصائل على مدن استراتيجية خلال أيام، بدءاً من حلب مروراً بحماة ثم حمص وصولاً إلى دمشق.
ويعد الجيش السوري من أكثر المؤسسات التي استنزفت سنوات الحرب عديدها وعتادها، مع خسارته نصف عديده الذي كان مقدراً بـ300 ألف عسكري قبل 2011.
وخلال الأيام الأخيرة، أجمع محللون على عجز الجيش السوري عن استعادة المبادرة في الميدان، من دون دعم فعلي من حليفتيه روسيا وإيران.
وقال مصدر مقرب من "حزب الله" فجر الأحد، إن مسلحي الحزب المدعوم من طهران وقاتل خلال الأعوام الماضية إلى جانب القوات الحكومية السورية، أخلوا كافة مواقعهم في محيط دمشق وفي منقطة حدودية مع لبنان، إذ كانوا يحتفظون بمقار ومستودعات.
"عهد جديد"
فور إعلان الفصائل المعارضة "بدء عهد جديد" في سوريا، قال رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي الذي تولى مهامه في سبتمبر (أيلول) الماضي، في بث عبر حسابه الشخصي على "فيسبوك"، إنه مستعد "للتعاون" مع أي قيادة يختارها الشعب ولأي إجراءات "تسليم" للسلطة.
ورد قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني في بيان داعياً المقاتلين إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكداً أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى تسلمها رسمياً.
ومع انسحاب الجيش السوري وغيابه بحكم الأمر الواقع عن كافة مناطق سيطرته، بما في ذلك منشآت حيوية، تواجه الفصائل المسلحة التي تتقاسم السيطرة في سوريا تحديات كبيرة مع وجود مجموعات ذات مصالح قد تكون متباينة.
ويقول الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهند الحاج علي، إن "التحدي الأساس اليوم يكمن في إعادة بناء الدولة السورية، والانتقال من مرحلة الفوضى والتشرذم".
وأضاف، "حتى اليوم، أظهرت الفصائل وعياً حيال التعاطي مع الأقليات والأسرى، على أمل ترجمة ذلك في إعادة تكوين مؤسسات الدولة".
رواية صادمة
ولم يتحدث الأسد على العلن منذ التقدم المفاجئ الذي أحرزته المعارضة قبل أسبوع عندما سيطر مسلحوها على حلب بالشمال في هجوم مباغت، قبل السيطرة على عدد من المدن وسط انهيار خطوط المواجهة. ولا يزال مكان وجوده ومكان زوجته أسماء وابنيهما غير معلوم.
وأظهرت بيانات موقع فلايت رادار الإلكتروني المعني بتتبع الرحلات الجوية أن طائرة تابعة للخطوط الجوية السورية أقلعت من مطار دمشق في نفس التوقيت تقريباً الذي تواترت فيه أنباء سيطرة مقاتلين من العارضة السورية المسلحة على العاصمة.
وحلقت الطائرة في البداية باتجاه الساحل السوري حيث معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، لكنها حولت اتجاهها فجأة وحلقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي عن الخريطة. ولم يتسن لرويترز التأكد بعد من هوية من كانوا على متن الطائرة.
وقال مصدران سوريان إن هناك احتمالاً وارداً للغاية بأن يكون الأسد ربما قتل إذا كان على متن الطائرة، لأنها حولت اتجاهها فجأة واختفت من على الخريطة وفقاً لموقع فلايت رادار.
وقال مصدر سوري “اختفت الطائرة عن الرادار، ربما تم إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال، لكنني أعتقد أن الاحتمال الأكبر هو أن الطائرة أسقطت” من دون الخوض في تفاصيل.
وغادرت الطائرة دمشق بعد وقت قصير من سيطرة مقاتلين من المعارضة السورية المسلحة على مدينة حمص بوسط البلاد مما قطع الطريق بين العاصمة والساحل حيث توجد قاعدتين جوية وبحرية لروسيا حليفة الأسد.
والرحلة الوحيدة التي غادرت سوريا بعد منتصف الليل وأمكن رؤيتها عبر فلايت رادار 24 لتتبع الرحلات الجوية هي رحلة أقلعت من حمص إلى الإمارات، إلا أن هذا كان بعد ساعات من سيطرة مقاتلين من المعارضة على المدينة.