Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خريطة عودة اللاجئين السوريين من تركيا

حزب أردوغان الحاكم يتمسك بأهمية مغادرتهم لكن بصورة آمنة وطوعية

أطفال سوريون ولدوا في تركيا ولا يزال مصير عودتهم إلى بلدهم الأصلي مجهولة (رويترز)

ملخص

غالبية الحاصلين على الجنسية التركية من السوريين لن يعودوا إلى بلدهم أما غالبية اللاجئين من غير المسجلين قانونياً فسيعودون.

بالخط العريض وفي شارع "إي 5" وسط مدينة إسطنبول، لا تزال لوحة المرشح الرئاسي السابق كمال كليتشدار أوغلو مرفقة بصورته صامدة بكلمتيها الشهيرتين "سيذهب السوريون". لوحة يعود تاريخها إلى مايو (أيار) 2023، حين كان ملف اللجوء السوري الورقة الأقوى التي استخدمتها المعارضة في محاولة التغلب على رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم رجب طيب أردوغان، الذي هدد بدوره في أكثر من خطاب له الدول الأوروبية بفتح الحدود أمام اللاجئين في حال "لم يف الاتحاد الأوروبي بالتزاماته تجاه تركيا".

بالعودة إلى المعارضة التركية، اعتبرت أن "وجود 13 مليون لاجئ سوري في البلاد هو السبب الرئيس في التضخم وتراجع قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية". وهذا الرقم، 13 مليوناً يخالف تماماً أرقام الأمم المتحدة ووزارة الداخلية التركية، التي تؤكد أن عدد اللاجئين في تركيا لا يتجاوز 3.1 مليون شخص.

لعنة اللجوء

يقول الشاب السوري خالد (21 سنة) في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "خرجت من حلب عندما كان عمري 11 سنة، أتقنت اللغة التركية وباتت مثل العربية لغتي الأم، لكن لعنة اللجوء لا تزال تلاحقني، وبطاقة الإقامة الموقتة كبيرة الحجم كانت دوماً مصدر قلق بالنسبة لي. أعرف أنني تأقلمت على وضع معيشي في إسطنبول أفضل بكثير من أي مدينة سورية، لكني سأعود إلى مدينتي حيث يمكنني التحدث باللغة العربية بصوت عال، وهو ما لا أستطيع فعله في المدينة التركية".

على العكس تماماً، يقول الشاب التركي بيرت أحمد أوغلو (19 سنة)، إن عائلته "تعيش في بناء بمنطقة (آتا شهير) في إسطنبول، وفي عام 2012 جاءت عائلة أجنبية سكنت بجوارهم، وتدريجاً عرفوا أنهم لاجئون سوريون وتحولوا إلى أصدقاء". ويضيف، "لقد نشأت وترعرعت مع جيراني السوريين، كبرنا معاً ولا يمكنني اليوم أن أتخيل رحيلهم. أصدقائي السوريون أكثر من الأتراك، أتمنى لو أنني مكان السياسيين كي لا أسمح لهم بالرحيل".

رأي أحمد أوغلو لا يمثل سوى شريحة محدودة من الأتراك، فإن أكثر من نصف الشعب التركي يؤيد رحيل السوريين في أقرب فرصة، لأسباب عدة أبرزها الفروق الثقافية، وتراجع الوضع المعيشي في تركيا، إذ حمل جزء كبير من الأتراك السوريين مسؤولية ذلك.

لا فرق بين لاجئ ومقيم

أحمد قدور، هو شاب سوري من مواليد مدينة جدة في السعودية، جاء إلى تركيا قبل أربعة أعوام لإكمال دراسته في إحدى جامعات إسطنبول، ويقول إن "كثيراً من الأتراك لا يفرقون بين السوريين، إذا قلت عن نفسك إنك سوري فأنت درجة ثالثة أو رابعة في المجتمع، سواء كنت طالباً تقيم بصورة قانونية وتدفع كافة الرسوم المتوجبة عليك، أو كنت لاجئاً، بل إن الأمر تجاوز السوريين، فبات بعض السياح العرب، أو المقيمون من جنسيات عربية أخرى يتعرضون أيضاً لنوع من المضايقة".

ويضيف قدور، "بالنسبة إلي أدعم ما جرى في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية بالمطلق، وأشجع على عودة السوريين بصورة طوعية وآمنة، وأعتقد أن تحقيق هذين العاملين (الأمن والطوعية)، بات أمراً سهلاً، إذ إنني كما شاهدت على الإعلام فإن الجماعات المسلحة التي تسيطر في سوريا لا تضايق الناس".

 

 

أبو علاء، لاجئ سوري خمسيني يعيش في مدينة إسطنبول، وهو من أبناء حي الوعر في مدينة حمص، لم ينتظر سيطرة الفصائل على حمص كي يعود، بل استعجل الأمر منذ وصول الفصائل إلى حماة، وبالفعل وصل مساء الجمعة إلى مدينة أبي الفداء، منتظراً الوصول إلى حمص، إذ يقول "لم يكن يمكنني تخيل هذا، لقد بلغت من الكبر عتياً، حالياً عمي 56 عاماً، جئت إلى تركيا قبل سبعة أعوام، لكني أشعر أنها 70 عاماً، لا يمكنني الانتظار أكثر، أريد العودة إلى منزلي، كنت تاجر أقمشة مشهوراً في حمص، أرجو أن تعود مدينتي آمنة، وأعود لفتح محلي في حي الوعر".

الموقف الرسمي: نشجع العودة الآمنة ولا نفرضها

النائب في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، آيدن آغا أوغلو، قال بدوره في حديث خاص، إن بلاده تدعم "عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، لكن يجب أن يعودوا بصورة آمنة وطوعية، لا يمكننا فرض العودة على أحد. تركيا فتحت أبوابها لكل المظلومين، لقد مددنا يدينا للرئيس السوري بشار الأسد، كان أحد الأهداف الأساسية هو توفير بيئة آمنة لعودة اللاجئين ومكافحة الإرهاب، لكن الحكومة في دمشق لم ترد على طلبنا، لذلك هي تتحمل كامل المسؤولية اليوم عما يجري".

ويضيف آغا أوغلو، "لقد قال رئيسنا بالأمس، إن قوات المعارضة السورية تتقدم نحو دمشق، ونتمنى ألا يواجهوا أي مشكلات، وشاركنا أيضاً في محادثات الدول الضامنة لمسار أستانا في العاصمة القطرية الدوحة. مطالبنا واضحة وتتمثل في تحقيق حل سياسي للقضية السورية وعودة كريمة للاجئين، ومكافحة التنظيمات الإرهابية".

مجنسون يرفضون العودة

على عكس كل هذه الآراء، يرفض المواطن السوري أويس (35 سنة) الذي يحمل الجنسية التركية، العودة إلى سوريا حتى لو سقط النظام السوري. ويقول إنه يعيش "في تركيا منذ نحو 10 أعوام، وحصلت على الجنسية التركي، لأني تاجر وأعمل في الاستيراد والتصدير، وأزور دول الخليج العربي بصورة دورية، بالنسبة إلي لا مستقبل لي في سوريا، ولا أنوي العودة لا أنا ولا عائلتي. تركيا رعتنا لأعوام وقدمت لنا الكثير، واليوم أصبح بإمكاننا العودة إلى سوريا، لكننا لن نترك تركيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أويس، "هناك مسألة أخرى يجب أن أشير إليها. جزء من الفصائل التي تسيطر الآن هي راديكالية، وحتى الآن لا يوجد مشروع سياسي واضح، الذي يفكر بالعودة يجب أن ينظر إلى عدة معايير منها الوضع الأمني في المناطق الجديدة، أو في سوريا الجديدة وفق تعبير الفصائل. لا أقصد هنا القول إن هذه الفصائل إرهابية كما تقول حكومة دمشق، لكن ما أقصده إن الهدف الذي خرج لأجله الثورة السورية هو بناء دولة مدنية ديمقراطية، هل هذا سيحصل إذا سقط النظام؟ لا أحد يعلم".

سأعود كسائحة

سارا (27 سنة)، شابة سورية تنحدر من مدينة حلب، وتقيم في مدينة غازي عينتاب التركية، تقول إنها تتهيأ حالياً "للعودة إلى مدينة حلب قريباً، لقد عشنا تجربة مهمة في تركيا، وعلى رغم سلبيات اللجوء الطويل فإن هناك جوانب إيجابية لا يمكن تجاهلها. وصلت إلى تركيا قبل 10 أعوام. تابعت دراستي في جامعة غازي عينتاب الحكومية، تعلمت لغة جديدة يتحدث بها قرابة 90 مليون شخص، اكتسبت ثقافة جديدة. على رغم أن غازي عينتاب تشبه حلب بصورة كبيرة، هناك اختلافات واضحة ببعض العادات والتقاليد. سأعود قريباً إلى سوريا، وأتمنى أن أعود يوماً ما إلى تركيا كسائحة".

بغض النظر عن النتائج التي ستنتهي فيها التطورات الحالية في سوريا، يرى مراقبون أن هناك واقعاً جديداً يجب الاعتراف به، وهناك جغرافيا جديدة تسمح بعودة ملايين اللاجئين، لكن السؤال الأبرز، هل يعود اللاجئون السوريون من تركيا إلى سوريا وهم قد تعودوا على أسلوب حياة معين، وسوريا لا تزال تشهد عمليات عسكرية ولا يمكن التكهن باليوم التالي نظراً إلى أن التطورات متسارعة.

يجيب المراقبون أن السوريين ينقسمون في تركيا إلى أربعة أنواع، أولاً الحاصلون على الجنسية التركية ويقدر تعداد هؤلاء بأكثر من 200 ألف نسمة، والغالبية العظمى منهم لن يعودوا إلى سوريا إلا في إطار الزيارة لبلدهم الأصلي، وربما يفضل كبار السن منهم العودة والاستقرار في سوريا نظراً إلى أنه عاش وترعرع هناك.

 

 

أما الفئة الثانية، فهم اللاجئون غير المسجلين وهؤلاء هم الذين لا يحملون بطاقة حماية موقتة، ليس هناك إحصائية لتعدادهم، لكن عددهم يقدر بمئات الآلاف، وهم الذين دخلوا تركيا بصورة غير قانونية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، الغالبية العظمى من هؤلاء سيعودون على الفور بمجرد أن تسمح لهم الظروف بذلك. وثالثاً هناك المقيمون من غير اللاجئين، وغالبية هؤلاء يعد وضعهم المادي والاجتماعي جيد في تركيا، وجزء منهم سيبقى هناك أو يغادر إلى دول عربية أخرى، وجزء قليل قد يفكر بالعودة إلى سوريا.

وأخيراً اللاجئون قانونياً وهؤلاء يتجاوز عددهم 3 ملايين نسمة، الغالبية العظمى منهم في إسطنبول، وبحسب مراقبين من المتوقع أن يعود أكثر من نصفهم في حال تحسن الوضع الأمني في سوريا، وسيعود معظمهم في حال تحسن الوضع الاقتصادي أيضاً.

المزيد من متابعات