Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أحمر الشفاه... رمز الأنوثة كان للرجل أيضا

لم تستخدمه المرأة وحدها في العصور القديمة

ما نعرفه اليوم أن المرأة تعير اهتماماً كبيراً لعملية انتقاء أحمر الشفاه الذي يلائمها بصورة فضلى (اندبندنت عربية)

ملخص

عرف أحمر الشفاه تحولات عديدة في حقب مختلفة قبل أن يتخذ شكله الحالي. وما أصبح اليوم رمزاً للأنوثة استخدم من قبل الرجال أيضاً في العصور القديمة لأهداف عدة.

من كان يتصور أن أصغر مستحضرات التجميل الخاصة بالمرأة استخدم منذ آلاف الأعوام؟ إذ استخدمت النساء أحمر الشفاه الذي يعد اليوم سلاح المرأة، من أكثر من 5 آلاف عام، ولو بأسلوب مختلف تماماً. وما يبدو مفاجئاً أكثر أن ما يعد اليوم عنواناً لأنوثة المرأة استُخدم أولاً من قبل الرجل، فقبل أن تتزين المرأة بأحمر الشفاه اعتمد الرجل تقنية تلوين الشفاه لأسباب عديدة منها اجتماعية وأخرى تجميلية. في الوقت نفسه عرف هذا المستحضر الصغير بحجمه والضخم بالأثر الذي يتركه في إطلالة المرأة تقلبات واستخدامات عديدة في مختلف الحقب التي اعتمد فيها، قبل أن يتخذ شكله الحالي والتركيبة الأكثر تداولاً له اليوم. فأي مرحلة شهدت التحول الذي جعله بالصورة التي هو عليها اليوم؟

 

تجميل سبقته استخدامات أخرى

ما نعرفه اليوم أن المرأة تعير اهتماماً كبيراً لعملية انتقاء أحمر الشفاه الذي يلائمها بصورة فضلى، لتحصل بفضله على طلة أجمل لافتة للأنظار. فألوان أحمر الشفاه وتركيباته لا تعد ولا تحصى مما يزيد من صعوبة الاختيار، وإن كان ذلك يجعله في الوقت نفسه أكثر قابلية لإرضاء مختلف الأذواق. ويعرف أن ألوان أحمر الشفاه المتعددة لها دلالات مختلفة، لكن بصورة عامة ارتبط أحمر الشفاه في مختلف الحقب باستقلالية المرأة وحريتها، إلى جانب كون هذا المستحضر من أبرز أسرار جمال إطلالة المرأة منذ الحضارات القديمة. وبعيداً من دوره كمستحضر تجميل وفي إضافة لمسة جميلة على إطلالة المرأة، كان، قديماً، يشكل رمزاً لمكانة الشخص، لكن في الحضارات القديمة كان الرجال كما النساء يستخدمونه. وكان الصيادون القدامى أول من استخدم أحمر الشفاه في رحلات الصيد. أيضاً استعمله الكهنة لأهداف دينية، والشبان بهدف جذب النساء. فتظهر مراجع عديدة أن الرجل كان أول من استخدم أحمر الشفاه لأغراض عديدة، قبل أن تستعمله المرأة لتتزين به.

ووفق ما أظهرته دراسة حديثة، يعود تاريخ استخدام أقدم أحمر شفاه إلى 5 آلاف عام تقريباً. ففي عام 2001 كان فريق من الباحثين قد عثر في موقع مقبرة قديمة في جنوب شرقي إيران تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، على طلاء الشفاه الأحمر الداكن في عبوة حجرية. وبحسب ما تبين يبدو أن أحمر الشفاه كان يوضع على الشفتين بواسطة فرشاة مما يجعله مختلفاً عن أحمر الشفاه المستخدم حالياً. وتبين أيضاً أن المادة التي اكتشفت تحوي زيوتاً نباتية وشمعاً تماماً كأحمر الشفاه الحديث. وكان هذا الاكتشاف لأقدم أحمر شفاه لافتاً في إيران، إذ كانت تتزين به المرأة في المجتمعات النخبوية من آلاف الأعوام.

 

في الوقت نفسه تجمع المراجع التاريخية على أن الرجال والنساء في الحضارة السومرية كانوا الأوائل الذين اعتمدوا المكياج، ومن ضمنه أحمر الشفاه. وبين عامي 2500 و1000 قبل الميلاد بدأت النساء في بلاد ما بين النهرين استخدام بودرة الأحجار الكريمة لتلوين الشفتين وإضافة اللون واللمعان إلى الشفاه مع باقي المواد. أيضاً يحكى أنه في ذلك الوقت كانت الفاكهة الطبيعية والحناء والصدأ الطيني من المواد المستخدمة لتلوين الشفاه، وأحياناً محيط العينين لأغراض تجميلية.

في مرحلة لاحقة اعتمد المصريون القدامى وتحديداً النساء في الطبقة المخملية أحمر الشفاه، لكن لم يكن التنوع الحالي متوافراً في ألوان أحمر الشفاه، بل كانت الاختيارات محدودة. فالمصريون القدماء ابتكروا أحد أنواع أحمر الشفاه باللون الأحمر المائل إلى البنفسجي، وصنعوه من أعشاب البحر واليود والبرومين، الذي كان من المواد السامة المسببة لمضاعفات خطرة في الجسم. وكان اللونان الأرجواني والأسود الأكثر شيوعاً. أما كليوباترا فكانت تستخدم أحمر الشفاه المصنوع من نوع من مسحوق الخنافس الذي يعطي لون الصبغة الأحمر الداكن أو القرمزي، إضافة إلى النمل ومادة مستخرجة من الصدف، كما كانت تستخدم مادة "البيرليسينت" المتلألئة والمستخرجة من قشور الأسماك. في تلك الحقبة كانت تركيبة أحمر الشفاه مختلفة ولها ملمس لا تشبه نظيرتها التي تعرف بها اليوم، فكانت أقرب إلى مادة قابلة للدهن، ولم يتخذ أحمر الشفاه شكلاً أقرب إلى شكله الحالي وتركيبته المعروفة اليوم، حتى قرابة عام 1000 ميلادي، عندها ابتكر العالم العربي الأندلسي أبو القاسم الزهراوي أول أحمر شفاه صلب.

وفي اليابان وضعت النساء المكياج بأسلوب كثيف مع أحمر شفاه غامق مشتق من القطران وشمع العسل. أما في اليونان فارتبط استخدام أحمر الشفاه بالبغاء، لكن القانون كان يلزم باعتماد أحمر الشفاه الداكن.

تعبير من خلال أحمر الشفاه

في العصور الوسطى ارتبط استخدام أحمر الشفاه بالطقوس الشيطانية ودانت الكنيسة استخدامه. ولم تكن السيدة التي تحترم نفسها تعتمد أحمر الشفاه الملون. لذلك كانت النساء يستخدمنه سراً فأصبح رمزاً للتمرد والتحدي. بعدها في القرن الـ16 انتشر استخدام أحمر الشفاه في إنجلترا في فترة حكم الملكة إليزابيث الأولى. في تلك الحقبة كان أحمر الشفاه يصنع من شمع العسل والصباغ النباتي الأحمر. وراجت عندها موضة أحمر الشفاه ذي اللون القوي، لكن كان استخدامه يقتصر على الممثلات وسيدات الطبقة المخملية اللاتي يظهرن على المسرح.

وشاع استخدام أحمر الشفاه خصوصاً في أوروبا وأميركا الشمالية في عام 1920 مع انتشار التصوير الفوتوغرافي، وأصبح استخدام أحمر الشفاه مهماً في الحياة اليومية للمرأة. وأكثر بعد، سرعان ما ارتبط أحمر الشفاه بالتحرر والتغيير الاجتماعي وتبنته النساء لكسر القواعد التقليدية. وأصبح أحمر الشفاه الأحمر الجريء رمزاً للأنوثة والإغراء. ومنذ ذلك الوقت بدأت التحولات فيه تتسارع مع ظهور ألوان جديد وملمس متنوع.

ففي عام 1923 صُنع أول أحمر شفاه أسطواني الشكل مزود بقطب متحرك، ثم ابتكرت إحدى الشركات أول ملمع للشفاه في عام 1930. ولم يصبح استخدام أحمر الشفاه رائجاً على نطاق واسع كمادة للتجميل بين النساء عامة، حتى الحرب العالمية الثانية بتأثير من الأفلام السينمائية التي لعبت دوراً في جعله يحقق رواجاً كمستحضر تجميلي وتزييني للمرأة. وكانت أيقونات الموضة آنذاك نجمات السينما الصامتة، وتزينت شفاههن بألوان الخوخ والباذنجان والكرز والأحمر الداكن والبني.

وفي عام 1950 ظهر أول أحمر شفاه له أثر يدوم طويلاً. وفي الفترة ذاتها راج استخدام أحمر الشفاه الداكن بين نجمات هوليوود مثل مارلين مونرو وإليزابيث تايلور.

وبعد سنوات ابتُكر أحمر الشفاه بنكهات الفاكهة للمراهقات في عام 1973. وفي عام 2000 أصبح أحمر الشفاه مستحضر التجميل الأكثر مبيعاً في العالم، وأصبح المستحضر الذي لا غنى عنه للمرأة لما يمثله من رمز للأنوثة، فلا تستغني عنه أبداً في حقيبتها. وعلى رغم ظهور ألوان لا تعد ولا تحصى منه بقي اللون الأحمر المفضل للمرأة لطلة أنيقة ومفعمة بالأنوثة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مكون مسرطن أيضاً

وما يقتضي توضيحه أن التحولات التي طرأت على تركيبة أحمر الشفاه وملمسه وألوانه طاولت أيضاً مكوناته في حقب مختلفة. وصحيح أن الزيوت والشمع من المواد الأساسية التي استخدمت في صناعته، لكن حصل تغيير على مستوى مكونات أخرى، وتحديداً مادة الـ"سيماسول" التي تعد من مكوناته الأساسية المستخدمة بهدف تحقيق تماسك باقي المكونات والحفاظ على تماسك تركيبته.

وبحسب الأستاذة المحاضرة في علم التغذية المتخصصة في الكيمياء العضوية والحائزة دكتوراه في الهندسة الغذائية والبيوتكنولوجيا نيفين بشير، "حصل جدل في مرحلة ما حول أضرار أحمر الشفاه وأثره في الصحة، وتبين أن ذلك يرتبط بصورة أساسية بوجود هذه المادة التي تؤثر في الغدد والهرمونات وتسبب خللاً فيها، إضافة إلى أنها من المواد المسرطنة. انطلاقاً من ذلك استُبدلت بهذه المادة الـ’توين-40‘، وبعد أن ثبتت أضرار المادة الأولى حرصت الشركات لاحقاً على تجنب ذكرها في لائحة المكونات بتسميتها المعروفة هذه، وباتت تستبدل بها تسمية كيماوية قد لا تسمح بكشفها بسهولة، أما مادة ’توين-40‘ فتلعب الدور نفسه في تحقيق تماسك المكونات"، وأوضحت بشير أن "هذه المادة تسهم في ترطيب المستحضر، وتسهم في تذويب المستحضر وجعله سائلاً لدى استخدامه في مستحضرات التجميل أو الشامبو، وحتى في الأدوية حالياً".

المزيد من منوعات