ملخص
أكد مدير عام وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر أن المعارك الدائرة بين الجيش و"الدعم السريع" خلال الـ6 أسابيع الماضية في الفاشر أودت بـ80 مدنياً وأصابت 520 آخرين.
شهدت منطقة وسط الخرطوم اليوم الثلاثاء، مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" براً وجواً تمركزت في منطقة المقرن الاستراتيجية ومحيط القصر الجمهوري، فضلاً عن سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة العسكرية، وسمع دوي قصف متبادل بين الطرفين وتصاعد أعمدة الدخان من مختلف أنحاء العاصمة.
وبحسب شهود عيان، قصفت قوات "الدعم السريع" بالمدفعية من منصاتها بجنوب وشرق الخرطوم مواقع الجيش في مدينتي أم درمان والخرطوم بحري، في حين شن الطيران الحربي التابع للجيش غارات جوية مكثفة على تجمعات "الدعم السريع" في منطقة المقرن والسوق العربية بوسط العاصمة إلى جانب محيط المدينة الرياضية وسلاح المدرعات جنوب الخرطوم، كما شملت الغارات الجوية مناطق العزبة وشمبات والمعونة وكافوري الواقعة في وسط الخرطوم بحري، إذ تسببت هذه الغارات في حالة من الذعر وسط سكان تلك المناطق بالنظر إلى ما أحدثته من انفجارات قوية.
فيما واصل طيران الجيش ومسيراته شن غاراته على مواقع "الدعم السريع" بمدن الجنينة ونيالا والفاشر بولايات غرب وجنوب وشمال دارفور، وردت الأخيرة بشن قصف مدفعي عشوائي على عدد من الأحياء السكنية في تلك المدن، مما أسفر عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين.
بدوره أكد مدير عام وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر أن المعارك الدائرة بين الجيش و"الدعم السريع" خلال الأسابيع الستة الماضية في الفاشر أودت بـ80 مدنياً وأصابت 520 آخرين، مشيراً إلى أن مستشفيات المدينة تواجه تحديات تشمل النقص الحاد في الكوادر الطبية، بعد مغادرة معظم الأطباء هذه الولاية فراراً من العنف.
هرب وشلل
وتعليقاً على تطورات الوضع العسكري في جبهات القتال المختلفة، قال الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية اللواء معتصم عبدالقادر، إن الوضع العملياتي في مدن العاصمة الثلاث يجري بحسب خطة القوات المسلحة السودانية التي أحكمت السيطرة على أم درمان الكبرى وتحاصر ميليشيات "الدعم السريع" في الخرطوم وبحري في مواقع عدة مثل المصفاة وبنايات المقرن وحول المدرعات.
وتابع عبدالقادر، "أما المناطق المتبقية من العاصمة فتتبدى فيها حرب المدن في أشرس أنواعها، إذ تختبئ عناصر الميليشيات على أسطح الأبراج العالية وتنصب مدافعها وقناصيها مما يعرقل تمدد القوات البرية التابعة للجيش مما يتطلب معلومات استخباراتية دقيقة وعمليات خاصة، وفي مثل هذا النوع من العمليات تكثر المكامن والالتفافات وزرع الألغام وتكثيف المتاريس مما يتطلب خططاً خاصة وقوات مدربة على مثل هذه العمليات وأسلحة وذخائر خاصة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأردف، "من الجانب الآخر نجد أن عمليات الميليشيات الشاملة التي كانت تهدد المدن وتستهدف المواقع العسكرية شلت تماماً وبات عناصرها يتدافعون للهرب من المواقع الحاكمة، خصوصاً بعد أن طلبت منهم قيادتها التخلي عن القتال والذهاب إلى منازلهم إذا رغبوا في ذلك وهو أمر محير في الحروب يدل على سذاجة هذه القيادة التي تفتقر بلا شك للخبرة في القتال والصبر على شدة وتصاعد العمليات، فضلاً عن غياب الرؤية وتخبط أهدافها السياسية والعسكرية وإضافة أعداء محليين ودوليين جدد في كل مرحلة، وهو مما أدى إلى فض سامر مؤيديها الداخليين والخارجيين بعد تخبط الميليشيات وانتهاكاتها المفضوحة التي لم يتحملها داعموها".
ومضى الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية في القول، "من الواضح أن العمليات العسكرية في العاصمة والوسط ودارفور تسير لمصلحة القوات المسلحة ومسانديها ويعزى البطء في سير العمليات لاعتبارات تتعلق بالخطط الحربية من هجوم أو دفاع أو انسحاب كما تحتاج المناطق التي يتم السيطرة عليها إلى تمشيط وتأمين وارتكازات ثم تنتقل القوات للمرحلة التالية، لكن تبقى الصورة الكلية الواضحة هي انتصار القوات المسلحة في القريب المنظور".
منطقة حرة
في سياق آخر، قال مستشار قائد قوات "الدعم السريع" أيوب عثمان نهار، إن المجلس الاستشاري لقائد "الدعم السريع" يعكف على وضع تصور لإنشاء منطقة تجارة حرة في إقليمي دارفور وكردفان تختص بالصادرات السودانية مثل الثروة الحيوانية والصمغ العربي والفول السوداني والكركدي.
وذكر نهار في منشور على حسابه بمنصة "إكس" أن العمل جار لإنشاء محفظة مالية متعددة العملات لتكون بديلاً جديداً للمعاملات المالية، موضحاً أن المجلس الاستشاري أصدر توجيهات وتم تنفيذها اعتباراً من الـ10 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري بإرجاع كل الشاحنات التي تحمل سلعاً مختلفة إلى المدن التي تحركت منها وتسليم الشحنات لأصحابها إلى حين الانتهاء من الإجراءات والتدابير الجديدة.
وأكد حرصهم على الحفاظ على الثروة السودانية، وأنهم لن يسمحوا بنهب وتهريب الثروة وبيعها مقابل عملات مزورة يستفيد منها الفاسدون الذين نهبوا ثروات البلاد على مدى عقود، منوهاً بأن هذه الإجراءات ليس مقصوداً بها المواطنين أو التجار، لذلك لا بد من الحذر وعدم مخالفة هذه الإجراءات حتى لا يعرض الشخص نفسه للمساءلة القانونية.
منبر جدة
من جانبه قال وزير الخارجية السوداني حسين عوض، إن حكومة بلاده مستعدة للجلوس مع أي جهة أو منبر يحقق السلام في السودان مشترطاً استصحاب تنفيذ مخرجات اتفاق جدة الذي ترعاه الوساطة السعودية - الأميركية.
وأكد عوض في مؤتمر صحافي في بورتسودان أن الحكومة السودانية ملتزمة طرق كافة الأبواب للوصول إلى السلام الذي يحقق طموح الشعب في "دحر الميليشيات وتحرير الأرض".
ونبه إلى أن حكومة بلاده في إطار دعمها القوات المسلحة تملك الاستعداد للتواصل مع الشعب السوداني بأطيافه وأحزابه كافة، للوصول إلى رؤية واضحة تهيئ الأوضاع للمرحلة المقبلة، وتكوين حكومة مدنية برئاسة رئيس وزراء، موضحاً أن الحكومة راغبة في ذلك، وصولاً إلى تلاقي الأطراف السودانية السياسية والفئوية والقاعدة الجماهيرية كافة، على أن تكون الحكومة الموقتة بر أمان يوصل إلى انتخابات تشريعية قومية، يختار فيها الشعب من يمثله، وستكون المؤسسة العسكرية هي الضامن لذلك.
ونوه وزير الخارجية السوداني إلى أن مسار الحكومة هو دعم القوات المسلحة بوصفها المؤسسة العسكرية التي تضمن الوصول إلى سلام وتشكيل سلطة مدنية منتخبة.