ملخص
إجمال الدين العالمي ارتفع بمقدار 2.1 تريليون دولار في النصف الأول من هذا العام
بحلول عام 2034 أصبح تراكم الديون العامة سمة مميزة للاقتصادات المتقدمة، بما في ذلك بريطانيا، فعلى الصعيدين الوطني والعالمي تعد زيادة الديون القصة الاقتصادية لعصرنا من دون أية علامة على تراجع في الأفق. ويظهر تحليل حديث من معهد التمويل الدولي (IIF) أن إجمال الدين العالمي، بما في ذلك ما تدين به الحكومات والأسر والشركات، ارتفع بمقدار 2.1 تريليون دولار في النصف الأول من هذا العام، ليصل إلى 3.12 تريليون دولار أو أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفي عام 2024 تجاوز الدين الوطني البريطاني 100 في المئة من الدخل القومي، وهو مستوى كان يعد في السابق غير قابل للتصور، لكنه أصبح الآن جزءاً مألوفاً من المشهد المالي العالمي. هذا الارتفاع المستمر في الديون العامة يعكس تحديات أعمق على مستوى النظام الاقتصادي، والتي تبدو غير قابلة للحل من خلال السياسات المالية قصيرة الأجل أو الإصلاحات الاقتصادية الموقتة.
واليوم يزداد الوضع سوءاً، إذ استمر الدين الوطني البريطاني في الصعود بلا توقف، ليصل إلى 125 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. في حين أن هذا الاتجاه المتواصل يعكس نمطاً أوسع يظهر في معظم الاقتصادات الكبرى التي تكافح مع تحديات متعددة، من الشيخوخة السكانية إلى كلفة التحول إلى الطاقة الخضراء، إضافة إلى التبعات الاقتصادية للأزمات مثل جائحة كورونا. وعلى رغم المحاولات المتكررة للحد من الإنفاق أو فرض قواعد مالية صارمة، فإن مسار الديون لا يزال في تصاعد.
عواقب المستوى غير المستدام من الديون العامة
مع منتصف ثلاثينيات القرن الحالي يستعد العالم لمواجهة العواقب الطويلة الأجل لهذا المستوى غير المستدام من الديون العامة، وتشمل هذه العواقب التضخم وارتفاع كلفة الاقتراض والتقلبات في الأسواق المالية، ولم تعد مجرد احتمالات بعيدة، بل أصبحت قضايا آنية تشكل القرارات السياسية والاقتصادية.
المسافر عبر الزمن سيشعر بخيبة أمل حينما يعلم أن الدين استمر في الارتفاع، ومن منظور عام 2034، وصل إلى 125 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وما زال ينمو.
ويشعر المسؤولون في وزارة الخزانة البريطانية باليأس ويمزقون شعرهم من الإحباط، والأسوأ من ذلك أن المستثمرين الدوليين فقدوا فجأة ثقتهم في قدرة البلاد على سداد ديونها، وحدث إضراب في سوق سندات الحكومة البريطانية.
ويتراجع الجنيه الاسترليني بسرعة وأسعار الفائدة ترتفع بصورة جنونية مما يزيد من كلفة اقتراض الحكومة ويضعف قدرتها على الاستدانة من الأسواق.
وفي حالة من اليأس يجرى تعليق استقلالية بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني)، وإصدار أوامر لمسؤوليه بطباعة النقود لتغطية حاجات الحكومة المالية.
في حين يسرع انطلاق التضخم ومواصلة الجنيه الاسترليني لتراجع الانزلاق نحو الفوضى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
يمكن القول إن العائدات أعلى مما ينبغي بالنظر إلى الانخفاض المتوقع في سعر الفائدة الرسمي لبنك إنجلترا، كما بدأت أخطار الائتمان تثير القلق.
في حين لا أحد يعرف أين يقع نقطة اللاعودة، فحقيقة أن الديون العامة ارتفعت بالفعل إلى هذا الحد من دون حدوث كارثة قد خلقت نوعاً من التراخي بين صانعي السياسات.
القصة الاقتصادية لعصرنا
السؤال الأبرز هو ما حجم الديون التي تعد كبيرة للغاية؟ وإلى أي مدى يمكن للأسواق أن تتحمل؟ ويبدو أن الإجابة هي: الكثير، قبل أن تنهار الأمور في النهاية. يلاحظ العضو السابق في لجنة السياسة النقدية لبنك إنجلترا والمستشار الاقتصادي البارز في شركة "أكسفورد إيكونوميكس" مايكل سوندرز لا ترغب أي حكومة في اختبار المكان الذي قد يكمن فيه نقطة الانهيار، كما أن العواقب وخيمة للغاية، بحيث لا يمكن تخيلها. ومع ذلك يجدر الإشارة إلى أن آخر مرة واجهت فيها بريطانيا إضراباً شاملاً من المشترين في أسواق الديون كان عام 1976، عندما اضطرت حكومة حزب العمال آنذاك إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ.
ريفز وسياسة التقشف
مع استعداد وزيرة الخزانة راشيل ريفز لتقديم أول موازنة لها في وقت لاحق من هذا الشهر يجب أن يظل هذا التهديد الشامل في مقدمة وخلفية كل ما تقوم به.
وفي محاولتها لجعل حزب العمال جاهزاً للحكم تبنت ريفز سياسة التقشف ووضعت نفسها تحت نفس القواعد المالية التي التزم بها أسلافها من حزب المحافظين، بما في ذلك القاعدة التي تنص على خفض الدين كنسبة من الدخل القومي بحلول السنة الخامسة من التوقعات.
ومع ذلك في الوقت نفسه تريد أن تنفق مزيداً على الأعمال العامة التي تعدها ضرورية للنمو الاقتصادي طويل الأجل، وفي الوقت ذاته تتزايد الضغوط على الإنفاق الحكومي بدءاً من الدفاع إلى التحول الأخضر إلى شيخوخة السكان.
واستسلمت ريفز بالفعل لمطالب النقابات العامة برفع الأجور لمواجهة التضخم، مما أضاف ما يقارب 10 مليارات جنيه استرليني (13.1 مليار دولار) إلى كلفة أجور الحكومة. ووعدت وزيرة الخزانة البريطانية بالالتزام عدد من الالتزامات المكلفة للإنفاق، مثل الحفاظ على نظام الضمان الثلاثي على المعاشات الحكومية، وهو تعهد، وفقاً لنمذجة مكتب مسؤولية الموازنة (OBR)، سيضيف بمرور الوقت نسبة ثمانية في المئة أخرى من الناتج المحلي الإجمالي إلى الدين الوطني مقارنة بصور التعديل الأقل سخاءً.
ولا يعد مأزق الديون في بريطانيا فريداً من نوعه، فهو مشترك بين جميع الاقتصادات المتقدمة والناضجة إلى حد كبير، فوفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، يبلغ إجمال الدين الوطني في الولايات المتحدة 123 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي فرنسا 112 في المئة، وفي كندا 104 في المئة، وفي إيطاليا 139 في المئة، وفي اليابان نسبة مذهلة تبلغ 255 في المئة.
وفي بريطانيا، يبلغ الدين الوطني حالياً 2.77 تريليون جنيه استرليني (3.6 تريليون دولار) من حيث القيمة النقدية، وبمساره الحالي يبدو أنه مجرد مسألة وقت قبل أن يتجاوز هذا المجموع 3 تريليونات جنيه استرليني (3.9 تريليون دولار).
مع ذلك، فإن الزيادة المتزايدة في ديون الحكومة هي ما يثير أكبر قدر من القلق، إذ تشير التوقعات في أحدث تقرير لمعهد التمويل الدولي (IIF) حول الديون العالمية إلى أن دين الحكومة وحده سيرتفع من مستواه الحالي البالغ 92 تريليون دولار إلى 145 تريليون دولار بحلول عام 2030، ثم إلى أكثر من 440 تريليون دولار بحلول منتصف القرن، نظراً إلى الضغوط المتعلقة بالإنفاق على الانتقال إلى الطاقة المتجددة.
نمو الإنفاق
وفي ظل النمو المنخفض بصورة محبطة تبدو التوقعات طويلة الأجل لبريطانيا من مكتب مسؤولية الموازنة (OBR) مخيفة بالقدر نفسه.
واستناداً إلى إعدادات السياسات في مارس (آذار) الماضي من المتوقع أن يرتفع الإنفاق العام من 45 في المئة إلى أكثر من 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدار الـ50 عاماً القادمة، بينما ستظل الإيرادات عالقة عند نحو 40 في المئة. وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع سريع من أواخر الثلاثينيات إلى 274 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من ذلك عند الأخذ في الاعتبار احتمال حدوث صدمات اقتصادية.
يقول رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس اللوردات، اللورد بريدجز، لصحيفة "تلغراف"، "إذا كنا نريد معالجة الأخطار الجادة التي نواجهها، فإن التملص ليس خياراً... لإعادة الدين إلى مسار نزولي تدريجي، يجب اتخاذ قرارات صعبة في هذا البرلمان، ونحن في حاجة إلى قاعدة دين معدلة تكون لها قوة وتلزم الوزراء بالمحاسبة".
"امتياز أميركا المفرط"
كل شيء نسبي، وفي بعض الجوانب الوضع في الولايات المتحدة أسوأ حتى، فيبدو أنه لا يوجد أي رغبة لدى المرشحين الرئاسيين في إجراء نوع من التوحيد المالي المطلوب لوضع الدين الفيدرالي على مسار مستدام.
ووفقاً لمكتب الموازنة بالكونغرس، فإن العجز المالي سيظل بين 5 و6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الـ10 القادمة في الأقل، مما يؤدي إلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 172 في المئة بعد 30 عاماً.
ويذكر أنه لم يجرِ تسجيل عجز بهذا الحجم إلا ثلاث مرات من قبل منذ الكساد الكبير خلال الحرب العالمية الثانية، والأزمة المالية العالمية، وخلال الجائحة الأخيرة، ومع ذلك يفترض أن نكون في أوقات "طبيعية" أكثر، إذ يجب إعادة بناء وسائل الحماية المالية.
وتعود قدرة الولايات المتحدة على تمويل مثل هذه الفجوة الكبيرة في المالية العامة إلى ما سماه الرئيس الفرنسي السابق، فاليري جيسكار ديستان، بـ"امتياز أميركا المفرط".
تجعل مكانة الدولار كعملة احتياط مهيمنة عالمياً، إلى جانب القوة الكامنة للاقتصاد الأميركي، الولايات المتحدة جذابة بصورة خاصة لرؤوس الأموال الدولية، مما يدعم مستويات أعلى بكثير من الديون العامة مقارنة بما يعد مستداماً في أي مكان آخر.
وللأسف، هذه ليست السمات التي تتمتع بها بريطانيا ومعظم دول أوروبا الأخرى، وفي تقييم حديث للاقتصاد البريطاني، قالت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إن بريطانيا في حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة إذا كانت تريد استقرار ديونها العامة.
صحيح أنه مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، شهدت بريطانيا تاريخياً نسب دين إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى بكثير مما نراه اليوم، لكن في جميع هذه الحالات الثلاث في الماضي، كان ذلك بسبب النفقات الاستثنائية المرتبطة بالحروب الكبرى – أولاً حروب نابليون، ثم الحرب العالمية الأولى، وأخيراً الحرب العالمية الثانية.
علاوة على ذلك، في جميع هذه الحالات، تبع ذلك نمو اقتصادي قوي نسبياً أدى بسرعة إلى تقليص حجم الدين إلى مستويات يمكن التحكم بها.
وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت ديون الحكومة تصل إلى 270 في المئة من الدخل القومي، ومع ذلك بحلول أوائل التسعينيات، أدت مزيج من النمو القوي ونوبات متكررة من التضخم المرتفع إلى تقليل حجمها النسبي إلى أقل من 30 في المئة.
3 صدمات اقتصادية متتالية
وحتى في أواخر الأزمة المالية عام 2008 كانت الديون لا تزال أقل من 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهنا بدأ التدهور فقد تسببت ثلاث صدمات اقتصادية متتالية – الأزمة المالية نفسها، والجائحة، وارتفاع أسعار الطاقة – في ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة.
لم يكن أي من ذلك ممكناً من دون دعم معدلات الفائدة الصفرية، التي غذت الفكرة بأن أي كمية تقريباً من الدين كانت بطريقة ما يمكن تحملها.
ويقول بريدجز، "نحن نحصد عواصف سنوات من التيسير الكمي... لقد خدعتنا هذه السياسات للاعتقاد أن معدلات الفائدة ستكون دائماً منخفضة وأسهمت في تراكم ديون هائلة". وتابع، "لقد حان وقت السداد الآن، ولكن بينما كان لدينا في الماضي رياح مؤيدة لمساعدتنا في تقليل الدين، نحن الآن نواجه رياح معاكسة متعددة – الديموغرافيا، وإزالة الكربون، والدفاع، وكل ذلك في ظل خلفية من التراجع العالمي".
وبينما تباطأت الاقتصادات وضمرت، كان القادة السياسيون يتجهون بفرح إلى الديون كبديل سهل للنمو الحقيقي في الأجور الذي كافحوا لتقديمه.
ويقول كينيث روجوف من جامعة "هارفرد" مؤلف كتاب "هذا الوقت مختلف"، "فكرة أن الدين العالي لا تهم تقريباً، ولدت من عصر معدلات الفائدة المنخفضة للغاية... لقد صبت معدلات الفائدة المرتفعة اليوم دلواً من الماء البارد على هذه الرؤية، فحتى عندما كانت معدلات الفائدة منخفضة للغاية، كانت البلدان ذات الدين العالي مثل إيطاليا واليونان واليابان جميعها تشهد نمواً منخفضاً للغاية، وحتى مع نمو معتدل في الآونة الأخيرة، لا تزال تلك البلدان تتخلف كثيراً".
من جانبه يأخذ مدير المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (NIESR) جاجيت تشادا وجهة نظر أكثر تفاؤلاً في شأن فائض الدين اليوم، ففي ورقة بحثية حديثة، قال المعهد إن الدين العام البريطاني ليس في نقطة أزمة، ولا الوضع يائس.
ويؤكد تشادا، "الخطر الحقيقي على المدى الطويل ينشأ من التركيز المفرط على أهداف نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي على حساب الاستثمار العام لزيادة الإنتاجية والإنتاج على المدى الطويل". وأضاف، "الفكرة الكاملة لمساحة المالية هي مصطنعة تماماً وعشوائية. أنا لست ضد المال السليم، ومن الواضح أن الدين يجب أن يتحكم فيه، لكن هناك الآن كمية كبيرة من الأبحاث تشير إلى أن الإنفاق على البنية التحتية في بلد جرى حرمانه منها لعقود سيكون له تأثير كبير في الإنتاج، مما يؤدي في النهاية إلى تقليل الدين".
وجهة نظر تشادا تشاركها ريفز بوضوح، إذ أعلنت في مؤتمر الحزب العمالي السنوي الأخير، قائلة "النمو هو التحدي، والاستثمار هو الحل"، لكن أولاً يجب عليها إقناع الأسواق، وفي عالم اليوم، هذا طلب صعب، وجزء من سبب ارتفاع الدين هو أنه كان من السهل جداً على الحكومة الاقتراض.
"القمع المالي"
مع ارتفاع معدلات الفائدة الآن، وعزم بنك "إنجلترا" على عكس التيسير الكمي الذي كان في السابق أحد أكبر مصادر الطلب على إصدار ديون الحكومة، أصبح من الصعب وبصورة مكلفة للغاية جمع الأموال.
والأسوأ من ذلك أن المصدر الكبير الآخر للطلب المحلي على السندات الحكومية - صناعة صناديق المعاشات التي كانت ذات يوم قوية في بريطانيا - تتلاشى بسرعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن خلال إجبار صناديق المعاشات على شراء السندات لأغراض مطابقة الالتزامات، ضمنت حكومات بريطانيا المتعاقبة مصدراً كبيراً وثابتاً من الطلب على ديونها، ومعدل فائدة حقيقي منخفض للغاية، ما يعرف في اللغة الاقتصادية بـ"القمع المالي". وبهذا وجدت مئات المليارات من الجنيهات من التزامات المعاشات في نهاية المطاف طريقها إلى الموازنة العامة، والأصل الذي يدعمها الآن هو ليس سوى وعد مكتوب بسداد دين (IOU) من الحكومة البريطانية، لكن هذه العملية انتهت الآن إلى حد كبير، مما ترك سوق السندات الحكومية أكثر اعتماداً على المستثمرين الأجانب من أي وقت مضى في الماضي، وللأسف بالنسبة لريفز، لدى رأس المال الدولي العالم بأسره للاختيار من بينه، إنه أكثر انتقائية وتقلباً.
لذا فإن الحفاظ على الصدقية المالية يصبح أمراً أساسياً، ففي العقود الأخيرة، سعت الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى الحفاظ في الأقل على ظاهرة الانضباط المالي مع قواعد ومؤسسات من المفترض أن تبقيها على المسار الصحيح، لكن يبدو أن هذا لم يجلب فائدة تذكر، ففي العقد الذي سبق الجائحة، عندما لم تكن هناك صدمات اقتصادية تذكر، فيما لا تزال الديون العامة في بريطانيا ترتفع بمقدار 14 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، والسؤال هنا إذا كانت الحكومات لا تستطيع تقييد نفسها حتى في الأوقات العادية، فما الأمل في الأوقات الصعبة؟
اليوم تكاد تكون الانتقادات للقواعد الحالية عالمية، وكان معهد الحكومة، الذي يقول إنه يحفز "قرارات سياسة سيئة تتشكل بواسطة التفكير قصير الأمد وخطط الإنفاق الخيالية، ولا تفعل شيئاً لتعزيز الاستدامة المالية" هو الأكثر انتقاداً.
ولا يمكن الهرب من القاعدة القديمة في وزارة الخزانة، وهي أن كل نقطة إضافية واحدة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 28 مليار جنيه (36.7 مليار دولار) في الإنفاق العام ستقابل بزيادة في معدلات الفائدة تراوح ما بين 0.6 و1.2 في المئة عن المعتاد.
وفي حال قامت ريفز باثنين من الأمور التي وعدت بعدم القيام بها – وهي تغيير القواعد وزيادة الضرائب – في أول أربعة أشهر لها كوزيرة للخزانة، فسيكون ذلك أمراً مثيراً للغاية، فلا توجد أي وظيفة حكومية تعد فيها الثقة أكثر أهمية من منصب وزيرة الخزانة، فالكذب ليس من الخصائص التي تعجب الأسواق.
وفي النهاية، لا يمكن الهرب من الأمر، فالدين هو دين مهما جرى تجميله وأياً كان ما يصرف عليه، ويبدو أيضاً أنه مقدر له أن يستمر في الارتفاع.