ملخص
يشارك في الألعاب الأولمبية للمعوقين 184 وفداً رياضياً، ويواصل الرياضيون البارالمبيون رفع المستوى وتسجيل أرقام قياسية جديدة، إذ تم تحطيم أكثر من 200 رقم قياسي في لندن 2012 وريودي جانيرو 2016، و182 في طوكيو 2020.
شهدت ساحات باريس الشهيرة كالكونكورد والشانزليزيه احتفالات انطلاق دورة الألعاب البارالمبية أو الألعاب الأولمبية للمعوقين، بعد انتهاء الألعاب الأولمبية بأسبوعين، وزاد تألق الساحات الباريسية في هذا المهرجان الكرنفالي الذي صممه مجموعة من الفنانين المعاصرين، ومنهم المدير الفني للألعاب توماس جولي الذي اعتبر أن حفل افتتاح دورة الألعاب البارالمبية باريس 2024 الأول من نوعه بسبب ضخامته وامتداده من الشانزليزيه إلى ساحة الكونكورد.
وقال جولي قبل الافتتاح "تطلعاتنا كانت في خلق مشهد يغير قلب العاصمة، ويجدد مفهوم افتتاح الألعاب البارالمبية في عروض لم يسبق لها مثيل".
والمشهد الذي تحدث عنه المدير الفني هو عرض للقيم التي يمثلها الرياضيون البارالمبيون والتي يجسدونها، بهدف توحيد المتفرجين ومشاهدي التلفزيون في جميع أنحاء العالم حول هؤلاء الرياضيين الفريدين الذين يقاومون فكرة الإعاقة عبر ممارسة الرياضات الأولمبية وإثبات جدارتهم فيها.
الافتتاح كتكريم لذوي الحاجات الخاصة
شارك في المهرجان الافتتاحي للألعاب البارالمبية ما يصل إلى 184 وفداً رياضياً من جميع أنحاء العالم إلى جانب 6 آلاف رياضي ومسؤول في ساحة الكونكورد، وكان هدف هذا الافتتاح ذو الإنتاج الضخم الثبات طويلاً في ذاكرة المشاركين والمشاهدين على الأرض أو في منازلهم أمام الشاشات، بحسب وزارة الرياضة الفرنسية.
وساحة الكونكورد هي ساحة باريسية شهيرة تقع بين الشانزليزيه وحدائق التويلري، على بعد مسافة قصيرة من الجمعية الوطنية والقصر الكبير، وهي أكبر ساحة في باريس، وتربط كثيراً من المباني والمعالم الأثرية الشهيرة التي توضح تاريخ فرنسا، أنشئت في فترة التنوير صاحبة الإرث الفلسفي والأدبي والثقافي في فرنسا والعالم، التي تحاول الألعاب البارالمبية ربطها مع قيم الاهتمام ورعاية المعوقين أو أصحاب الحاجات الخاصة.
وجاءت فكرة أن يكون الافتتاح خارج أرض الملاعب وفي الشوارع العامة لمحاولة تسليط الضوء على إنجازات الرياضيين البارالمبيين والقيم التي يجسدونها والمشاعر التي يلهمونها لجمهور المتابعين ورفع عدد هذا الجمهور في فرنسا وأوروبا وحول العالم.
يقول الحائز على ميدالية كرة السلة البارالمبية على الكراسي المتحركة، رئيس لجنة الرياضيين، اللاعب جيتسكي فيس، هذا الحفل في قلب المدينة هو "رمز قوي يوضح طموحنا للاستفادة من استضافة بلدنا أول دورة ألعاب بارالمبية على الإطلاق، لوضع قضية إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في قلب مجتمعنا".
وكان لكل رياضة بارالمبية مساحة مرموقة للتعبير مع الأحداث التي تقام في المواقع الشهيرة التي تمثل تراث فرنسا، على سبيل المثال ستقام في القصر الكبير وهو جوهرة التاج المعماري للعاصمة الفرنسية أحداث ألعاب المبارزة بالسيف ولعبة التايكوندو، وفق فيسر.
وفي قصر "تشامب دي مارس أرينا" ستقام مباريات ألعاب الجودو والركبي، وفي وسط باريس مباشرة ستقام مباريات لعبة الرماية، وللهدف نفسه أنشئ ملعب برج إيفل خصيصاً للألعاب عند سفح برج إيفل ليستقبل بطولة كرة القدم للمكفوفين.
وقصر فرساي الذي بُني في القرن الـ17، وهو مثال ممتاز على التراث الهندسي والعمراني الباذخ والتاريخي لفرنسا، ستقام فيه ألعاب الفروسية، أما في ملعب رولان جاروس الشهير الذي تجرى فيه الدورة العالمية التي تحمل اسمه، وهي واحدة من بطولات التنس الأربع الكبرى، سيستضيف بطولات التنس الخاصة بالألعاب البارالمبية.
ساحة بيرسي أرينا هي واحدة من أشهر المنشآت الرياضية في فرنسا، وبُنيت هذه الساحة عام 1984، واستضافت عدداً من المسابقات الدولية بما في ذلك بطولة باريس ماسترز للتنس وبطولة العالم لكرة اليد، وستقام فيها مباريات كرة السلة على الكراسي المتحركة.
وفي منشأة باريس لا ديفونس أرينا، وهي منشأة معيارية متعددة الأغراض، واستقبلت أكثر من مليوني متفرج منذ بنائها في الضواحي الغربية لباريس عام 2017، وعام 2024 تحول هذا الهيكل الحديث إلى مكان إقامة ألعاب السباحة البارالمبية.
يقول المسؤولون في اللجنة الرياضية البارالمبية الفرنسية إن فرنسا تريد من خلال هذه الألعاب المقامة في قلب المدينة ترك إرث دائم وضروري من خلال تغيير الطريقة التي ينظر بها إلى الإعاقة وإلى الألعاب البارالمبية مع الأمل في أن تبدأ هذه الألعاب باستقطاب نفس عدد المشاهدين الذين تستقطبهم الألعاب الأولمبية.
التصنيف البارالمبي وضمان عدالة المنافسة
يهدف نظام التصنيف البارالمبي إلى ضمان المنافسة العادلة بين جميع الرياضيين، ويخضع الرياضيون لعملية التصنيف قبل المشاركة في أي مسابقة بارالمبية، والتصنيف عبارة عن تقييم للاعبين وقدراتهم وتحديد القسم الرياضي الذي يلعبون فيه وفقاً لدرجة وطبيعة إعاقاتهم المؤهلة لهم.
يجرى هذا التصنيف من قبل لجنة من الخبراء الطبيين والتقنيين المسؤولين عن تقييم تأثير إعاقاتهم على مهمات وأنشطة محددة أساسية للرياضة والأداء الرياضي، لا يوجد نظام تصنيف واحد ينطبق على جميع الألعاب الرياضية بسبب تاريخها وطريقة لعبها، ولهذا السبب لكل تخصص نظامه الخاص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والتصنيف البارالمبي هو نظام تصنيف وظيفي يهدف إلى تأكيد أن جميع الرياضيين الذين يتنافسون في الفئة نفسها لديهم قدرات وظيفية مماثلة من جهة الحركة والتنسيق والتوازن، هذا هو السبب في أن الرياضيين ذوي الإعاقات المختلفة قد يتم تخصيصهم للفئة الرياضية نفسها والتنافس ضد بعضهم بعضاً.
تصميم الميداليات البارالمبية والشعلة
كما هي الحال مع كل نسخة من الألعاب يروي الجانب الآخر من الميدالية الأولمبية قصة ولادة الألعاب في اليونان، وهو اقتباس تم تقديمه لإلهة النصر وملعب الألعاب الأولمبية أثينا 2004، وقد باتت هذه السمة تقليداً في تصميم الميداليات منذ عام 2004، إذ تمثل إلهة النصر أثينا في واحدة من واجهتي الميدالية.
وفي الألعاب الباريسية ينضم برج إيفل إلى الأكروبوليس في تصميم باريس 2024، وبهذه الطريقة، يمثل إلهام الألعاب القديمة في اليونان، والأصول الفرنسية للألعاب الأولمبية الحديثة ونسختها في باريس، كما جاء في موقع الألعاب الأولمبية والبارالمبية الإلكتروني الذي يوضح تصميم الميداليات.
الجانب الخلفي من الميداليات البارالمبية هو انعكاس خالص لباريس 2024، وسيمنح التمثيل الرسومي لبرج إيفل من منظور تصاعدي الحائزين على الميداليات الفرصة لاكتشاف برج إيفل من زاوية نادراً ما ترى.
تحيط كلمتا "باريس" و"2024" بأقدام البرج المكتوب بطريقة برايل العالمية للمكفوفين، كتحية لمخترع هذه الكتابة النافرة التي تمكن المكفوفين من التعلم والدراسة والتعرف إلى العالم من حولهم وهو الفرنسي لويس برايل.
زُينت كل ميدالية بقطعة أصلية من برج إيفل الذي بني بين عامي 1887 و1889 ومنذ ذلك الحين خضع لعدد من عمليات التجديد، وأُزيلت بعض القطع المعدنية من حديده وفولاذه واحتُفظ بها بعد عمليات الترميم، وإضافة هذه القطع على الميداليات هو محاولة لمنحها المجد مرة جديدة بإعادتها إلى الحياة في ميداليات ترمز إلى الفوز في ألعاب عالمية مخصصة للمعوقين، وكذلك منح المجد للاعبين الفائزين الذين يحلمون بحمل قطع من برج إيفل في ميدالياتهم كرمز للشموخ والثبات والتصميم وعدم تأثير مرور الزمن.
ووُضعت هذه القطع التراثية في منتصف الميداليات بعد طبعها بشعار ألعاب باريس 2024، وهي تتناسب تماماً مع النواة الذهبية والفضية والبرونزية للميدالية.
وباعتبارها موحداً للألعاب الأولمبية والبارالمبية، ستضاء الشعلة مرة أخرى في ستوك ماندفيل، وهو موقع رمزي للألعاب البارالمبية، وسيحمل 1000 حامل شعلة جديدة كجزء من التتابع والتي أشعلت مرجل الألعاب البارالمبية خلال حفل الافتتاح في الـ28 من أغسطس الجاري، وتستمر الاحتفالات بالألعاب لمدة أسبوعين آخرين من المنافسة الشديدة حتى ينتهي الحفل الختامي لدورة الألعاب البارالمبية باريس 2024 في الثامن من سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويقول النقاد إن شعلة باريس 2024 هي قطعة فنية في حد ذاتها، وقد قدمها المصمم الفرنسي ماتيو ليهانور، وهي تتميز بلونها الفريد والمشع لتعكس المساواة والمياه والهدوء.
والمقصود بالمساواة وضع نفس الطموح والأهداف والنتائج في تنظيم الألعاب البارالمبية كالذي يوضع في الألعاب الأولمبية، وكجزء من هذه الفلسفة اشتركت الألعاب الأولمبية مع أولمبياد المعوقين في الشعار والتمائم وتصميم الشعلة أنفسها، وتنعكس المساواة أيضاً في أنه وللمرة الأولى في تاريخ الألعاب سيشارك العدد نفسه من الرياضيين من الذكور والإناث في المسابقات.
أما رمز الماء الذي تدل عليه الشعلة فإنه يعني أن للمياه مكانة خاصة في ألعاب باريس 2024، ولهذا ستسافر الشعلة عبر البحر الأبيض المتوسط وستبحر عبر المحيط الأطلسي والمحيط الهندي والمحيط الهادئ للوصول إلى ستة أقاليم في ما وراء البحار إلى جوادلوب وغيانا الفرنسية ومارتينيك وبولينيزيا الفرنسية وكاليدونيا الجديدة وريونيون.
هذا، عدا عن أنه لا يمكن لأحد أن يتخيل مدينة النور من دون نهر السين، ولا يمكن لباريس 2024 تنظيم الألعاب من دون أن يلعب النهر الشهير دوراً محورياً فيها، وباعتباره مسرحاً لحفل افتتاح الألعاب الأولمبية، والمكان الطبيعي للأحداث الأولمبية والبارالمبية والرابط بين باريس ومقاطعة سين سان دوني، سيكون نهر السين العمود الفقري للألعاب المقبلة.
أما معاني الهدوء والسكينة فهي للدلالة أن الألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية للمعوقين كانا رمزاً للسلام منذ العصور القديمة، والشعلة ترمز إلى هذه المثل منذ آلاف السنين عبر وقف النزاعات والتقاتل في الأقل خلال إجراء الألعاب والتنافس فيها.
وتم إنتاج ما مجموعه 2000 شعلة من قبل الشركة الرائدة عالمياً في مجال الصلب لإنشاء هذه الأشياء التي لا تنسى لألعاب باريس 2024.
ويواصل الرياضيون البارالمبيون رفع المستوى وتسجيل أرقام قياسية جديدة وقد حُطم أكثر من 200 رقم قياسي في لندن 2012 وريودي جانيرو 2016، و182 في طوكيو 2020، ويأمل القائمون على ألعاب باريس 2024 ألا تختلف عن ذلك، بل وهناك أمل كبير في ظهور أرقام قياسية جديدة نظراً إلى التطور الكبير الذي حدث على صعيد الألعاب الرياضية للمعوقين حول العالم.