ملخص
استخدمت جماعات اليمين المتطرف البريطانية وسائل التواصل الاجتماعي في نشر معلومات مضللة حول هوية المهاجم والتحريض ضد المهاجرين والمسلمين واللجوء إلى العنف والاضطرابات في ساوثبورت، بعد عملية طعن أسفرت عن مقتل ثلاث فتيات
فيما لا تزال العائلات الثكلى تلملم حزنها على مقتل ثلاث فتيات أطفال قضين في هجوم بالسكين أثناء حفل رقص على موسيقى أغاني تايلور سويفت في ساوثبورت، اندلعت أعمال الشغب التي غذتها معلومات مضللة حول هوية المشتبه فيه.
وبعد ساعات من استدعاء الشرطة إلى مسرح جريمة الطعن الجماعي التي أصيب خلالها أيضاً ثمانية أطفال آخرين وشخصين بالغين اندلعت أعمال شغب خارج أحد المساجد في ساوثبورت، مما أدى إلى إصابة 39 شرطياً في مواجهات عنيفة استدعت إدخال 27 منهم إلى المستشفى للعلاج.
وأظهرت مقاطع فيديو حشوداً من الرجال – وحددت هوية أحدهم في الأقل من قبل منظمة "ريد فلير" Red Flare المناهضة للفاشية بأنه عضو مزعوم في مجموعة البديل الوطني اليمينية المتطرفة Patriotic Alternative group – وهم يهتفون ويلقون حجارة الطوب على شرطة مكافحة الشغب التي حمل عناصرها دروعاً لحماية أنفسهم من المقذوفات المقبلة باتجاههم، فيما أضرمت النيران في شاحنة للشرطة واندلعت حرائق أخرى قرب المكان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واندلعت موجة الغضب في البلدة الواقعة بمقاطعة مرزيسايد بعد انتشار معلومات مضللة حول هوية المهاجم ومشاهدتها من قبل ملايين الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، أعلنت شرطة مرزيسايد يوم الإثنين الماضي عن توقيف شاب يبلغ 17 سنة من منطقة بانكس في لانكاشير ومولود في كارديف، للاشتباه بارتكابه الجريمة.
وعلى رغم ذلك - وفيما تعد قوانين المملكة المتحدة الكشف عن هوية المشتبه إن كان قاصراً، جريمة جنائية أقله حتى اكتمال الإجراءات القانونية – بدأت المزاعم المضللة في الانتشار على الإنترنت، وتداول المستخدمون معلومات تشير إلى المشتبه فيه باسم "علي الشكاتي" وتزعم أنه وصل إلى المملكة المتحدة على متن قارب صغير خلال عام 2023.
ومن بين المصادر التي نشرت هذه المعلومات المضللة والتي زعمت زوراً أن المشتبه فيه كان معروفاً لجهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني "أم آي 6" MI6 قناة تطلق على نفسها اسم "قناة 3 الآن" Channel 3 Now، التي نشرت الساعة 5:51 عصر يوم الإثنين الماضي مقالاً حول الهجوم جمع نحو مليوني مشاهدة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) قبل حذفه.
وبحسب الصحافية كاثارين دينكينسون التي خلصت إلى أن المنشور هدف إلى "إثارة الجدل لدوافع عنصرية" فقد زعم الموقع الإلكتروني أنه يتخذ مقراً له في الولايات المتحدة، ولكنه لا يورد أسماء الصحافيين العاملين فيه ويظهر أنه بدأ قبل 12 عاماً بمشاركة مقاطع فيديو باللغة الروسية لرجال في سيارات، قبل أن ينتقل ليتمحور حول الأخبار الأميركية قبل خمسة أعوام.
ولكن سرعان ما انتشرت المزاعم المغلوطة حول هوية المعتدي كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل حسابات يمينية متطرفة، تضم قاعدة واسعة من المتابعين.
وبحسب مارك أوين جونز وهو أستاذ شريك باحث في مجال التضليل في جامعة حمد بن خليفة بالدوحة، كان هناك ما لا يقل عن 27 مليون تفاعل على منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي ذكرت أو تكهنت بأن المهاجم كان مسلماً أو مهاجراً أو لاجئاً أو أجنبياً.
ومن بين الحسابات التي نشرت مزاعم مماثلة كان المؤثر أندرو تيت الذي زعم بأن المعتدي "مهاجر غير شرعي" وحث الأشخاص على "الاستيقاظ"، فيما انتقد دارن غريمز من "جي بي نيوز" [قناة معروفة بتوجهاتها اليمينية] النواب الذين دعوا إلى "السماح بدخول مزيد من اللاجئين" في نفس يوم الهجوم.
وفي غضون ذلك، شارك أحد مؤسسي رابطة الدفاع الإنجليزية English Defence League تومي روبنسون واسمه الحقيقي ستيفن ياكسلي لينون منشوراً قال فيه إن السلطات كانت تحاول "التلاعب" بالشعب، في ما يتعلق بهوية المهاجم.
ومع قيام عدد من الحسابات الأصغر بمشاركة مزاعم مغلوطة قال البروفيسور جونز "في حين يقدم الناس دائماً على نشر معلومات غير صحيحة في أعقاب حدث مأسوي (رأينا هذا في [حادثة الطعن في] سيدني)، هناك محاولة واضحة لاستغلال الحادثة المأسوية من قبل المؤثرين والمخادعين من اليمين المتطرف، والدفع قدماً بأجندة معادية للمهاجرين وكراهية الأجانب على رغم عدم وجود دليل".
ودفع انتشار الادعاءات الكاذبة بشرطة مرزيسايد إلى إصدار بيان بعد ظهر الثلاثاء الماضي جاء فيه "تم تداول اسم على وسائل التواصل الاجتماعي في ما يتعلق بالمشتبه فيه بالحادثة التي وقعت في ساوثبورت. هذا الاسم غير صحيح ونحث الناس على عدم التكهن بتفاصيل الحادثة مع استمرار التحقيق".
ولكن بعيد ساعات قليلة من وقفة احتجاجية لإحياء ذكرى الضحايا الذين سقطوا في هجوم يوم الإثنين الماضي اندلعت أعمال الشغب عند الساعة 7:45 مساء الثلاثاء الماضي مع استهداف الحشود لمسجد ألقوا عليه الحجارة والطوب، فيما هتف بعضهم بعبارات معادية للإسلام على رغم عدم وجود أية معلومات حالية تدل على عقيدة المعتدي أو ديانته.
وربط نايجل فاراج [زعيم حزب "ريفورم" (إصلاح المملكة المتحدة)] بين عمليات القتل وطعن جندي الأسبوع الماضي في كينت على رغم إعلان الشرطة عدم ارتباط الحالتين بالإرهاب. ونشر فاراج فيديو خلال الساعة 5:34 مساء شاهده 2.5 مليون شخص حتى صباح أول من أمس الأربعاء إذ قال "أتساءل فقط ما إذا كانت الحقيقة تحجب عنا".
وأضاف قائلاً "ما أعرفه هو أن أمراً خاطئاً بصورة فظيعة يحدث في بلدنا الذي كان جميلاً في ما مضى" واستتبع ذلك بنشر مقاطع عند الساعة 10:47 مساء "لمعارك بالسواطير في ساوثيند الليلة" زاعماً أنه "يتم تدمير بلدنا والإطاحة بقيمنا فيما الشعب على شفير الثورة".
وفي حين تعد المنظمة منحلة في الوقت الحالي قالت الشرطة إن عدداً من المشاركين في أعمال الشغب في ساوثبورت "يعتقد أنهم من أنصار رابطة الدفاع الإنجليزية".
وفي سياق متصل، اتهم أليكس غوس مساعد رئيس الشرطة الأفراد الذين لا يقطنون في مرزيسايد أو يأبهون بسكانها باستخدام التكهنات المتعلقة بهوية المشتبه فيه "لإثارة العنف والاضطرابات في شوارعنا".
ويوم أول من أمس الأربعاء صرح النائب المحلي باتريك هورلي لبرنامج "توداي" الذي يبث على إذاعة "راديو 4" التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بأن أعمال الشغب "قام بها أشخاص من خارج البلدة"، وندد "بالبلطجية الذين أتوا بالقطار" والذين استغلوا "مقتل ثلاث فتيات صغيرات لمصالحهم السياسية الضيقة".
واتهم النائب المشاغبين بأنهم "سرقوا الحزن" من البلدة والعائلات، مضيفاً "قام هؤلاء الأشخاص بالتقليل من احترام عائلات القتلى والجرحى وقللوا من احترام البلدة بصورة تامة".
© The Independent