Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتخابات تشريعية تائهة و"سياحة حزبية" مزدهرة في تونس

التساهل في فتح باب الترشح لمن "هب ودب" سيفرز مجلس نواب "بلا ملامح"

 

تونسيون يتفقدون قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية المرتقبة في 6 أكتوبر 2019 (أ. ف. ب.)

أسبوع يفصل تونس عن ثاني انتخابات تشريعية ديمقراطية تشهدها البلاد، منذ إقرار دستورها الجديد عام 2014، وسط تراجع الاهتمام الشعبي والسياسي بها بشكل بات واضحاً. فالكثير من القوائم الحزبية أو الائتلافية أو المستقلة لم تعلق لافتات قوائمها في المدن الكبرى ولا في المناطق الصغيرة قليلة السكان، بينما غاب الاهتمام الشعبي إلى حد تجاهل هذا الموعد الأكثر أهمية في المشهد السياسي، لأنه سيحدد شكل الحكم الجديد ومن سيقود الدولة في السنوات الخمس المقبلة.
 

انعدام الشروط... سهولة تقديم الترشحات
 

أكثر من 1570 قائمة تضم ما يزيد على 15000 مرشح، سيتنافسون على 217 مقعداً في مجلس النواب، أي بمعدل يزيد على 72 مرشحاً يتنافسون على كل مقعد، وهو عدد كبير بكل المقاييس، ويعكس حلم الكثيرين بالوصول للعضوية.
سهولة تقديم طلب الترشح للانتخابات التشريعية، والذي يحتاج كتابة استمارة والتوقيع عليها، جعل من هذا الارتفاع في عدد القوائم أمراً ليس مستغرباً، لكنه يثير الكثير من الأسئلة، خصوصاً أنه يمكّن الجميع من تقديم ترشحه بغض النظر عن نظافة سجله العدلي أو سداده الضرائب وبراءة ذمته المالية أمام الدولة، وهو ما اعتبره المحامي رمزي الجبابلي "تهديداً للعمل السياسي، وينتج منه انتقال الترشح من الفعل السياسي إلى ترشح بصيغ عائلية وقبلية وشخصية، ذلك أدى لغياب تام للخطاب السياسي، وعمق الفجوة بين المواطن والسياسي التي هي كبيرة أساساً. وهذا التساهل في فتح باب الترشح لمن هب ودب، سيفرز مجلس نواب بلا ملامح فلن تكون فيه كتل سياسية كبيرة لها رؤى تجمعها في توافق يسهّل تشكيل حكومة، وسيسقط أيضاً احتمال وجود غالبية تملك القدرة على تعيين رئيس حكومة يكون قادراً على نيل ثقة أكثر من نصف أعضاء المجلس".
ونبّه الجبابلي إلى أن المدن الداخلية تواجه مشاكل أكبر من البقية قائلاً "مدينة الكاف في الشمال الغربي لتونس فيها 51 قائمة تتنافس على قاعدة انتخابية تُقدر بحدود 140 ألف ناخب، وشارك أقل من نصف هذا العدد فقط في الانتخابات الرئاسية".
وحذر الجبابلي في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، من "نسبة ارتفاع عدد القوائم وخصوصاً المستقلة، والتي ستنعكس سلباً على نسب المشاركة، لأن الناخب سيجد أمامه ورقة انتخابية فيها عدد كبير من أسماء القوائم وشعاراتها، ما يفقده الثقة في العملية الانتخابية كاملة".

غياب شبه تام على الأرض

وعلى الرغم من مرور أسبوعين على انطلاق حملة الانتخابات التشريعية، لا يزال العدد الأكبر منها غائباً عن المشهد، إذ لم يبادر هؤلاء بالتعريف عن قائمتهم أو تعليق لافتات انتخابية في الأماكن التي تخصصها البلديات لذلك أو حتى التعريف عن أعضائها أمام الناخبين المفترض أن يشاركوا في التصويت لهم.
هذا الغياب فسّرته أمنه منصور القروي رئيسة "حزب الأمل" والذي تقدم في سبع دوائر في الانتخابات التشريعية، بأن "الوضع الحالي الذي تمر به تونس حساس للغاية، وهناك أطراف تسعى لإخافة الناخبين من النتائج المتوقعة، خصوصاً بعد نتائج الانتخابات الرئاسية والتي انعكست مباشرة على نتائج الحملات الانتخابية. فالناخبون في حيرة جدية اليوم، هل سيواصلون التصويت في الانتخابات التشريعية أم سيبتعدون بعد هزيمة مرشحيهم". وأوضحت في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، أن "هذا الواقع سيدفع بالمواطنين الوسطيين والحداثيين إلى الذهاب بكثافة للتصويت في الانتخابات التشريعية للأحزاب التي يثقون بها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونبّهت القروي إلى أن "الانتخابات التشريعية هي حالة فوضى ديمقراطية تعيشها تونس جراء انفلات كبير في تقديم الترشحات للقوائم، وأن انقسام القوى السياسية التي لها الرؤى نفسها ساهم بشكل كبير في هذا التشتت، وشجّع على استسهال الخروج من القوى المنظمة وتشكيل قائمات بديلة ومستقلة، ما رفع العدد لأكثر من 1500 قائمة، وهذا سيخلق حيرة كبيرة لدى الناخبين وخصوصاً القوائم المستقلة، والتي الكثير منها لم يباشر بأي تحرك ليعرف الناس من هؤلاء وماذا يفكرون".

السياحة الحزبية سبب البلاء

واعتبرت رئيسة "حزب الأمل" أن "أحد أكبر أسباب فقدان الثقة الشعبية بالنواب تعود لمشكلة السياحة الحزبية تحت قبة البرلمان، حيث تفنن عدد كبير من النواب في التنقل بين الكتل النيابية الحزبية بعد استقالتهم من كتلهم، وهو أمر متاح بحسب القانون الانتخابي. هذا التنقل الذي وصل بعدد من النواب إلى تغيير أحزابهم لأكثر من عشر مرات خلال السنوات الخمس من عمر المجلس، خلق فراغاً يجب أن يُغلق من خلال منع مثل هذه الممارسات التي شوهت صورة الأحزاب وأفقدت النواب صدقيتهم أمام الناخبين".

حيرة الناخب

المخاوف ذاتها من السياحة الحزبية عبّرت عنها شيراز حنيحينه بالقول إنها كناخبة تشارك في الانتخابات تعتقد أن "المشكلة الأساس هي السياحة الحزبية التي أفقدت الناخب الثقة في مرشحي الأحزاب الذين ينتخبون على مبادئ أحزابهم وأهدافها، فتراهم في حزب آخر".
وتساءلت "لمن سيدلي الناخب بصوته في انتخابات فشلت في إثارة اهتمامه؟ والأهم اختيار من ستنتخب على أساس الأسماء المرشحة وليس أسماء الأحزاب"، معتبرة أن "القوائم الانتخابية تثير الكثير من الشكوك والمخاوف، لا سيما بعد تجربة الانتخابات البلدية عام 2018 عندما ظهر وقوف أحد الأحزاب وراء هذه الظاهرة".
 

في انتظار نهاية مسلسل المرشح نبيل القروي
 

الانتخابات التشريعية التي ستُنظم يوم الأحد 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، تتزامن مع منتصف الحملة الانتخابية للاستحقاق الرئاسي، الذي يتنافس فيه المرشحان قيس سعيد ونبيل القروي المسجون حالياً. هذه الوقائع التي لا تزال محل أخذ ورد، جراء الغموض الذي يحيط بإمكانية إطلاق سراح القروي، هيمنت على اهتمامات الرأي العام، الذي ينتظر نهاية مسلسل استمرار إيقافه أو إطلاق سراحه قبل الدور الثاني، المُقرر في 13 أكتوبر، في حين تناسى أو نسي الناخبون وكثير من المرشحين موعد الانتخابات التشريعية، على الرغم من أهميتها المصيرية في تشكيل من سيحكم تونس في السنوات الخمس المقبلة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي