Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحوّل جولياني من بطل إلى متواطئ مع ترمب في أوكرانيا   

يستغل الرئيس الاميركي عمدة نيويورك السابق من أجل تعكير الأجواء باستمرار

بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر لُقّب رودي جولياني بـ "عمدة أميركا" (غيتي)

 لرودي جولياني صورة فوتوغرافية شهيرة التقطت بعد يوم واحد على وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) بدا فيها بأفضل مظهر.

إذ يظهر في الصورة وهو يعتمر قبعة بيسبول زرقاء داكنة وسترة تلائمها ويبعد القناع عن وجهه قليلاً ليواسي أنيتا ديبلايز الذي اشتُبه في وجود ابنها جيمس مطموراً تحت الأنقاض. وكانت تقول لجولياني الذي أمسك بيديها وهو مطأطأ الرأس "إنه تحت الأنقاض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غيّرت الهجمات التي شنّها تنظيم "القاعدة" في 11 سبتمبر (أيلول) والأيام التي تلتها حياة ملايين الأشخاص ليس أقلهم أمثال السيدة ديبلايز التي عمل ابنها في شركة كانتور فيتزجيرالد. وكانت مكاتب عملاق الخدمات المالية موزعة على أربعة طوابق في مبنى التجارة العالمية وكان جيمس ديبلايز واحداً من بين 658 موظفاً في الشركة لقوا حتفهم.

أما جولياني، المدعي العام الجنائي السابق وعمدة نيويورك لولايتين متتاليتين الذي تلقى الثناء على جهوده في مكافحة الجريمة والانتقادات على تطبيقه إجراءات مثل "التوقيف الفجائي والتفتيش" استخدمت بشكل غير متكافئ على أصحاب البشرة الداكنة، فتغيرت مسيرته المهنية بفضل الصور التي التقطت له أثناء تجواله في جنوب منهاتن ومواساته للضحايا. وفي الشهر التالي، خاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقدّم نفسه على أنه شخص مستعد لمكافحة الإرهاب. وقال "نحن على حق وهم مخطئون، والأمر بهذه البساطة".

 وبعد مرور 18 عاماً على هذا المشهد، وعلى الرغم من فشل ترشحه للانتخابات الرئاسية في العام 2008 وتوقفه لبرهة من الزمن، لم يبرح جولياني مكانه، فهو ما زال يقف هنا أمام الكاميرات مصراً على أنه مصيب. وهذا الأسبوع، ورد اسم الرجل البالغ من العمر 75 عاماً في الشكوى التي قدّمها ضابط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أراد لفت الانتباه إلى محادثة دارت يوم 25 يوليو (تموز) بين دونالد ترمب والرئيس الأوكراني.

وخلال المحادثة، طلب ترمب من فولوديمير زيلينسكي، المضي قدماً في تحقيق حول جو بايدن، المرشح الذي يتصدر السباق ضمن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، وابنه هانتر. ومقابل أجراء هذا التحقيق، يزعم منتقدو الرئيس أنه أوضح لنظيره الأوكراني أنّ الولايات المتحدة سترفع الحظر عن إرسال المساعدات العسكرية إلى كييف.

 وكتب مقدّم الشكوى "في سياق عملي الرسمي، وصلتني معلومات من عدد من المسؤولين الحكوميين الأميركيين عن استغلال رئيس الولايات المتحدة النفوذ الذي يمنحه إياه منصبه من أجل طلب تدخل دولة أجنبية في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020. ويشمل هذا التدخل الضغط على دولة أجنبية كي تحقق بشأن أحد منافسي الرئيس السياسيين الأساسيين في الداخل، من بين أمور أخرى. ويلعب محامي الرئيس الشخصي رودولف جولياني دوراً محورياً في هذه المحاولة. ويبدو أنّ وزير العدل (ويليام) بار متورّط بالموضوع أيضاً".

وتقع الاتهامات التي تعرضها الشكوى في قلب إجراءات المساءلة الرسمية التي أعلنت عنها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي هذا الأسبوع مبدية الاستعداد لمتابعة هذه المساءلة. وقالت "على الرئيس أن يتحمل مسؤولية أفعاله. فلا أحد فوق القانون".

ورفض الرئيس من جهته الشكوى والادعاءات التي تضمنتها باعتبارها أحدث محاولة يقوم بها منتقدوه من أجل عزله عن منصبه. وظهر هذا الأسبوع إلى جانب زيلينسكي في صورة محرجة جمعت بينهما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حين أصرّ أنه لم يضع أي ضغط على نظيره.

وغرّد السيد ترمب قائلاً "إذا لم تُعتبر هذه المحادثة التلفونية المثالية مع رئيس أوكرانيا لائقة فلن يستطيع أي رئيس أبداً الحديث مجدداً مع أي زعيم أجنبي".

 ووقع اتهامات الرئيس بسوء التصرف وقع الصدمة على أعضاء الحزبين. ولفتت الأنظار إلى محاولات يبدو أنها بدأت منذ 12 شهراً على أقل تقدير حين سعى جولياني إلى إقناع زيلينسكي ومساعديه بالتحقيق في أمر بايدن وفي تدخله المزعوم من أجل إقالة نائب عام قيل إنه فاسد فيما كان يسعى إلى التحقيق في شركة منتجة للطاقة اسمها بوريسما عمل فيها ابن نائب الرئيس السابق.

وحتى قبل ظهور الشكوى إلى العلن، عُرف عن جولياني أنه يمارس الضغوط لمصلحة ترمب. وخلال هذا الصيف، كتبت صحيفة نيويورك أنه عقد لقاء مباشراً في مدريد فضلاً عن سلسلة من المحادثات الهاتفية مع ممثلي الرئيس الجديد وأنّ محاولاته التأثير على القرارات الداخلية في أوكرانيا تضمنت تهديدات حول مستقبل المساعدات العسكرية الأميركية للبلد.

ومنذ ذلك الحين، يقوم جولياني بجولة على استديوهات قنوات التلفزيون، ويهاتف الصحافيين كي يدافع عن أفعاله وأفعال الرئيس. وفي هذا السياق قال لموقع بوليتيكو "أنا واشي الأسرار الحقيقي. وإن قُتلت الآن لن تعرفوا تتمة الخبر".

وزعم في مقابلة فجّة بامتياز مع موقع ذي أتلانتيك أنه من يستحق أن يعتبر بطلاً وليس من فضح الموضوع. وقال "هؤلاء الحمقى- عندما ينتهي الموضوع  سأكون أنا البطل. أنا لا أتصرف بصفتي محامٍ بل بصفتي شخصاً كرّس معظم حياته لتصحيح مسار حكومتنا. وكل ما فعلته يستحق الثناء".  

وعندما ظهر على أخبار قناة فوكس قال إنه تصرف نيابة عن وزارة الخارجية الأميركية داعياً كورت فولكر، الممثل الأميركي الخاص لدى أوكرانيا، إلى أن يفصح عما يعرفه. وأوضح "عليه أن يتقدم ويفسر أفعاله. فلم أعمل بمفردي".

ويلفت المعلّقون إلى أن هوس جولياني وترمب بأوكرانيا يشبه إلى حدٍ ما هوس أصحاب نظريات المؤامرة من المحافظين الذين يزعمون أنّ خادم الحواسيب التابعة للجنة الوطنية الديمقراطية الذي يُقال أن روسيا اخترقته في العام 2016، كان مودعاً في الحقيقة في كييف. واستأجرت اللجنة الوطنية الديمقراطية خدمات شركة كراودسترايك التي تتخذ من كاليفورنيا مقرّاً لها في العام 2016 من أجل التحقيق في مصدر الاختراق. وقال ترمب لوكالة أسوشيتد برس إنه متفاجئ لعدم تحقيق مكتب التحقيقات الفدرالي في مكان خوادم الحاسوب نظراً لأن مالك شركة كراودسترايك هو "أوكراني فاحش الثراء".

وأشارت وسائل الإعلام الأميركية هذا الأسبوع إلى أنّ مؤسس شركة كراودسترايك هو دميتري ألبيروفيتش وهو مواطن أميركي ولد في روسيا.

وفقاً للشكوى التي قدّمها الواشي، تضمنت طلبات ترمب من زيلنسكي "المساعدة في الكشف عن أن التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية في 2016 كان مصدره أوكرانيا وطلباً محدداً من الرئيس الأوكراني أن يجد ويسلّم خوادم الحاسوب التي استخدمتها اللجنة الوطنية الديمقراطية وفحصتها شركة الأمن الإلكتروني الأميركية كراودسترايك".

 وتابعت الشكوى "سمّى الرئيس بشكل واضح مبعوثيه الشخصيين المعنيين بهذه القضايا وهما جولياني ووزير العدل بار، وذكرهما الرئيس أكثر من مرّة معاً".

ولم يردّ جولياني على استفساراتنا يوم الجمعة ولم تجب شركة المحاماة التابعة له والتي مقرها في نيويورك على الأسئلة الخطية.

ومن جهتها، أعربت كريستينا غريير، أستاذة العلوم السياسية في جامعة فوردهام في نيويورك للاندبندنت عن رفضها لأية رواية يظهر فيها جولياني بمظهر البطل الذي شذّ عن المسار الصحيح. وقالت إنه بنى مسيرته السياسية في نيويورك على التهجمات العرقية والتمييز. وأضافت أنه نظّم يوماً عملية شغب شارك فيها أفراد شرطة ينتمون إلى العرق الأبيض خارج أوقات دوامهم من أجل تهديد ديفيد دنكنز، أول أميركي من أصل أفريقي يتولى منصب عمدة المدينة والمنافس الذي هزم جولياني في 1989.

وقالت إنه يتشارك والسيد ترمب المعتقدات نفسها وأن العلاقة التي تربط  بين الرجلين تعود إلى سنوات بعيدة في نيويورك.

وقالت "ترمب يثق به. ليس لديه أصدقاء ولكنه يثق بجولياني لأنهما يعتبران أنفسهما هامشيين من العرق الأبيض في مواجهة العالم".

وشرح روبرت مكاو، مدير الشؤون الحكومية في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية أن جولياني مستعد منذ زمن بعيد لتنفيذ طلبات الرئيس بشأن القضايا الخلافية على الرغم من عدم ترشيحه لاستلام مناصب مثل وزارة الخارجية أو النيابة العامة.

كما ساعد في العام 2017 على صياغة الأمر التنفيذي الذي أصبح أول حظر على المسلمين تلتزمه الإدارة.

وقال جولياني لأخبار فوكس نيوز منذ سنتين "سأخبركم قصة هذا الموضوع كاملة. عندما أعلن عنه للمرة الأولى قال ’حظر المسلمين‘. هاتفني وقال لي ’شكّل لجنة وأرني الطريقة الصحيحة كي أنفذ هذا الأمر بالقانون".

يعتقد البعض أن استعداد جولياني للدفاع عن الرئيس في كل فرصة سانحة وتحويل الأنظار نحو بايدن وابنه هو نقطة سيستخدمها ترمب كي يعزز فرص إعادة انتخابه.

ولفت مايك فرايولي المخطط الاستراتيجي الديمقراطي المستقر في العاصمة واشنطن أنّه يبدو على المدعي العام السابق الذي اشتهر يوماً بالقضاء على رجال العصابات عدم اكتراثه بنظرة منتقدي ترمب إليه حين ظهر على شاشات التلفزة.

"ينفّذ رودي كل ما يطلبه منه ترمب. ثم يظهر بمظهر الأحمق على شاشات التلفاز. ولا يهمّه إذا بدا أحمقاً فمحاولاتهم تعكير الأجواء لا تتوقف". 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات