Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر... انتشار أمني مكثف وجمعة هادئة دون تظاهرات

استهداف بؤر وأوكار ومخابئ ضد مؤسسات الدولة... والسيسي: معركتنا مع الإرهاب لم ولن تنتهي

شهدت القاهرة انتشاراً أمنياً مكثَّفاً لقوات الأمن في الطرق والميادين الرئيسيَّة (أ.ف.ب)

مَضَى يوم الجمعة في مصر خلافاً لما بدت عليه ساحات التواصل الاجتماعي خلال الساعات والأيام التي سبقته، إذ لم تُسجَّل على مدار اليوم تظاهرات مناهضة للحكومة سوى بعض تجمّعات محدودة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي في أماكن متفرقة بالأقاليم، بينما ساد الهدوء أغلب أنحاء العاصمة القاهرة، وتجمّع أنصار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ميدان المنصة الشهير بمدينة نصر (شرق العاصمة)، وذلك في تحرّك مضاد للتظاهرات المناهضة.

ومع الانتشار المكثَّف لقوات الأمن في الطرق والميادين الرئيسيَّة بالعاصمة، لا سيما المؤديَّة إلى ميدان التحرير، إذ تم إغلاقها بالكامل أمام حركة السيارات، وكذلك أُغلقت محطات المترو المؤديَّة إليه (أنور السادات، وأحمد عرابي، وجمال عبد الناصر، والأوبرا)، بدت الميادين شبه خاليَّة، خصوصاً ميدان التحرير رمز ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2011، التي أسقطت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، كما ذكر شهود عيان لـ"اندبندنت عربيَّة" أن قوات الأمن "انتشرت كذلك وبكثافة في أغلب ميادين المحافظات الكبرى".

السيسي يهوّن من التظاهرات
وصباح اليوم، وأثناء عودته من نيويورك بعد اختتام اجتماعاته بالجمعيَّة العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ74، قال الرئيس المصري لمئات من مستقبليه، بينهم عددٌ من رجال الدين، "لا يُمكن خِداع المواطنين، ولا داعي للقلق. مصرُ بلد قوي بالمصريين"، مقللاً من شأن ما يحدث.

واندلعت "احتجاجات محدودة" الأسبوع الماضي بالقاهرة ومدن أخرى عقب انتشار دعوات على الإنترنت للتظاهر.

 

وحسب مقطع فيديو نشرته الصفحة الرسميَّة للرئيس المصري على "فيسبوك"، قال السيسي بلغة عاميَّة "صباح الخير الأول. وبعدين إيه اللي مصحيكم بدري كده، النهارده الجمعة، الموضوع مش مستاهل، لازم تعرفوا إن الشعب المصري بقى واعي قوي. ما تقلقوش من حاجة".

وتابع، "دي صورة بتترسم زي ما اتعمل قبل كده، عبارة عن كذب وافتراء وشويَّة إعلام يشتغل علشان يقدم صورة مش حقيقيَّة، إحنا جامدين قوي إن شاء الله، البلد جامدة قوي بيكم".

وذكر الرئيس المصري أنه يوماً ما سيطلب من المصريين إظهار دعمهم، قائلاً "يوم ما هطلب من المصريين، رسالة للعالم كله، ينزل بالملايين. آه، مش أقل من كده".

آلاف المؤيدين لدعم الرئيس
وعلى وقع الدعوات للتظاهر ضد الحكومة، شارك مواطنون في تظاهرات تأييد للرئيس المصري، وقوات الجيش والشرطة بالقاهرة والمحافظات.

وتحت عنوان "في حب مصر"، احتشد الآلاف في فاعليَّة تأييد الدولة المصريَّة، رافضين ما سمّوه "محاولات نشر الفوضى والعنف في البلاد"، أمام النُّصب التذكاري بمدينة نصر.

ورفع المواطنون أعلام مصر وصوراً للرئيس، ولافتات "لا لإسقاط الدولة"، و"مش حنبقى زي البلاد التانيَّة"، و"لا للإرهاب"، و"نعم للاستقرار"، وغيرها من الشعارات.

وتعالت الأصوات من منصة الفعاليَّة بأغانٍ وطنيَّة لدعم مصر، ووضعت قوات الشرطة حواجز حديديَّة في محيط المنطقة أمام حركة السيارات.

 

واعتبر المشاركون أن خروجهم دون أي انتماءات حزبيَّة أو سياسيَّة هدفه المشاركة في التعبير عن حبهم لوطنهم، وأن تأييدهم الرئيس المصري يأتي "تعبيراً عن تقديرهم للجهود المبذولة لتحقيق التنميَّة وعودة ريادة مصر ودورها البارز في أفريقيا واستعادة مكانتها بين دول العالم"، بجانب تأييدهم الجيش والشرطة درعي تأمين وحمايّة مصر، على حد تعبيرهم.

وقال إبراهيم رأفت، 55 عاماً، أحد المشاركين بالفعاليَّة، "جئتُ من المنصورة (شمال) دعماً للرئيس حتى يواصل إنجازاته. توجد قوى أجنبيَّة مثل قطر وتركيا تدعم الإخوان المسلمين، وتريد أن تخلق فوضى في مصر".

وأضاف أحمد عبد الغني، 65 عاماً، من سكان الجيزة غربي العاصمة، "أنا هنا لمساندة الرئيس في مواجهة الإخوان المسلمين الذين يحاولون إشاعة الفوضى بدعم قطري تركي".

وتتهم وسائل إعلام مواليَّة الحكومة المصريَّة، تنظيم الإخوان المسلمين بـ"الوقوف وراء الدعوات إلى التظاهر".

وصنَّفت الحكومة المصريَّة الجماعة "تنظيماً إرهابياً" بنهايّة 2013 بعد إطاحة الرئيس محمد مرسي في ثورة الـ30 من يونيو (حزيران).

وضمن الخطاب المناهض دعوات التظاهر، قال خطباء الجمعة بالمساجد إن من يروّج الإشاعات هم "أصحاب قلوب ضعيفة بها مرض، يريدون تخريب الوطن ونشر الفوضى، ولا يريدون الخير للأوطان، ولا يرجون الفضيلة للأمة"، مشيرين إلى أن مِن آثار الإشاعات "سفك الدماء وانتشار الفساد وتفكك الأمة"، وأنها إن انتشرت "قضت على الأخضر واليابس".

تظاهرات معارضة محدودة
على الوجه المقابل، شهد عددٌ متفرقٌ من المناطق، أغلبها بالأقاليم خارج القاهرة، باستثناء تجمّع صغير شهدته جزيرة الوراق الواقعة وسط نهر النيل جنوب غرب العاصمة، تظاهرات محدودة للغايَّة ضد الحكومة.

وفي الوراق، فرَّقت قوات الشرطة المتظاهرين بعد خروجهم عقب صلاة الجمعة، وحسب شهود عيان، لم تكن "التظاهرة كبيرة"، وشهدت "انتشاراً كثيفاً لقوات الأمن".

في محافظة قنا (جنوب)، قال شهود إن عشرات "شاركوا في تظاهرة بمدينة قوص. والأمن سيطر على الأوضاع بعد ذلك".

وانتشرت مقاطع فيديو قليلة على شبكات التواصل الاجتماعي لتظاهرات في محافظات أخرى، مثل الأقصر وأسوان، لم نتأكد من صحتها.

 

ودعا المقاول المصري محمد علي، المقيم بإسبانيا، الذي لم يسبق له العمل بالسياسة، هذا الأسبوع، إلى التظاهر بكثافة اليوم الجمعة.

وتناقل العديد من المصريين الدعوة على حساباتهم مستخدمين وسوماً عديدة، بينها #ارحل_يا_سيسي، و#سيسي_مش_رئيسي و#جمعة الخلاص.

وجدد "علي"، في فيديو بثَّه بعد ظهر الجمعة، "الدعوة إلى التظاهر"، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يدعم السيسي يواجه مشكلات داخليَّة، واحتمال "عزله"، حسب ما قال "علي".

وحدثت تظاهرات محدودة ومفاجئة ونادرة الجمعة الماضيَّة بالقاهرة ومدن أخرى، طالبت برحيل السيسي، وكانت الأولى من نوعها منذ قرابة أربع سنوات.

دعوة أمميَّة للقاهرة
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، التي يُشكّك في مصداقيتها على مستوى واسع بالأوساط المصريَّة، نظراً إلى "عدم حيادتها ونزاهتها"، على حد وصفهم، إن السلطات أوقفت "قرابة ألفي شخص" بعد تظاهرات الأسبوع الماضي، وحجبت "مواقع إنترنت سياسيَّة وإعلاميَّة، كما عطَّلت خدمات إنترنت أخرى يستخدمها المتظاهرون للتواصل".

من جانبها، دعت المفوضة العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ميشال باشليت السلطات المصريَّة إلى "تغيير جذري" في أسلوب تعاملها مع التظاهرات، مطالبة بـ"الإفراج فوراً" عن المعتقلين، الذين مارسوا حقهم في التظاهر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت النيابة العامة المصريَّة، قالت أمس الخميس في بيان لها، إنها بدأت "تحقيقات موسّعة" في تظاهرات الأسبوع الماضي مع نحو 1000 شخص من الموقوفين في بعض المحافظات، وذلك تزامناً مع إلقاء القبض على أجانب كانوا بمحيط التظاهر.

وقالت باشيلت، في بيان، "أذكّر الحكومة المصريَّة بأنه بموجب القانون الدولي من حق الناس التظاهر سلمياً".

وتابعت، "يجب الإفراج فوراً عن جميع الأشخاص الذين اُعتقلوا فقط لممارستهم حقهم"، مشددة على أن "أي رد لقوات الأمن يجب أن يكون منسجماً مع المعايير والنظم الدوليَّة المتصلة بحق حريَّة التعبير والتجمع السلمي، وكذلك الحق في محاكمة عادلة".

وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة، بياناً حول ما سمَّته "جهود التصدي لعناصر الإرهاب والتطرف في الاتجاهات الاستراتيجيَّة للدولة".

وذكر البيان جهود القوات المسلحة في استهداف البؤر الإرهابية المعادية الدولة وعدد كبير من الأوكار والمخابئ المستخدمة لاستهداف مؤسسات الدولة، فضلاً عن إحباط محاولات الهجرة غير الشرعية وإدخال مواد مخدرة إلى البلاد.

وأضاف، "نتيجة للأعمال القتالية للقوات المسلحة بمناطق العمليات قتل وأصيب ضابط و9 جنود في أثناء الاشتباك وتنفيذ أعمال التفتيش بالكمائن على الطرق ومداهمة البؤر الإرهابية".

ووجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة إلى الشعب المصري، عبر صفحته الرسميَّة على "فيسبوك"، قائلاً "اليوم نال الإرهاب الغاشم عدداً من أبنائنا الأبرار، الذين ضحوا بأرواحهم الغالية فداءً لهذا الوطن".

وأضاف، "سرطان الإرهاب لا يزال يحاول خطف هذا الوطن، لكننا صامدون، نحاربه بكل ما أوتينا من قوة وإيمان وإنا لمنتصرون بإذن الله، ثم بفضل جيش مصر القوي".

واختتم، "معركتُنا مع الإرهاب لم ولن تنتهي دون إرادة شعبية عازمة على القضاء عليه بشتى أنواعه، سواء كان إرهاب العقول أو الأنفس".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي