ملخص
تزايد إقبال الأردنيين على تعلم اللغة الصينية خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة مدفوعاً بعوامل اقتصادية وتعليمية وثقافية، بخاصة مع نمو العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الأردن والصين بشكل ملحوظ
تزايد إقبال الأردنيين على تعلم اللغة الصينية خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة مدفوعاً بعوامل اقتصادية وتعليمية وثقافية، بخاصة مع نمو العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الأردن والصين بشكل ملاحظ.
وعلى رغم صعوبتها تعد اللغة الصينية ثاني أكثر اللغات تحدثاً بعد الإنجليزية وهي من أكثر اللغات انتشاراً، إذ ينطق بها أكثر من مليار شخص حول العالم، فإلى جانب الصين تتحدث شعوب كثيرة اللغة الصينية منها الفيليبين وإندونيسيا وتايلاند وماليزيا وسنغافورة ومنغوليا وبروناي.
إقبال لافت
وتضاعف اهتمام الأردنيين باللغة الصينية إذ بدأ يتزايد عدد الطلبة الملتحقين بدرسها بعد افتتاح أقسام متخصصة في خمس جامعات رسمية منذ عام 2018، كما أقبل مزيد من الطلاب الأردنيين على تعلم اللغة الصينية مع تقديم بكين فرصاً ومنحاً دراسية مميزة في جامعاتها التي يزيد عدد الطلاب الأردنيين فيها على 700 طالب في مختلف التخصصات.
وفيما ينشط المركز الثقافي الصيني في عمّان منذ عام 2016 في تقديم الدورات والأنشطة التي تعزز تعلم اللغة الصينية وتعرف بثقافة تلك البلاد، تشير الإحصاءات إلى تزايد عدد الأردنيين الملتحقين بدورات اللغة الصينية في معهد "كونفوشيوس" في الجامعة الأردنية بنسبة 30 في المئة بين عامي 2019 و2022، مما يعكس الاهتمام المتزايد بتعلم تلك اللغة في الأردن.
كما أظهر تقرير Duolingo لعام 2023، وهو التطبيق التعليمي الأكثر تحميلاً في العالم، زيادة في عدد الأردنيين الذين يتعلمون اللغة الصينية عبر منصتهم، إذ شكل الشباب ما دون الـ 30 غالبية المتعلمين.
ويرصد مراقبون الإقبال على تقديم اختبارات اللغة الصينية (HSK/HSKK) المعتمدة للحصول على منح دراسية توفرها حكومة بكين في ظل ارتفاع كلفة التعليم الجامعي في الأردن، فضلاً عن تقدم التصنيف العالمي للجامعات الصينية، ولا ينحصر الأمر بالجانبين الاقتصادي والتعليمي فقط، إذ يبدي الأردنيون اهتماماً متزايداً بالتعرف على تاريخ وثقافة الصين الغنية.
ويشرح محمد، وهو طالب في السنة الثانية بإحدى الجامعات الأردنية الخاصة التي بدأت تدريس الصينية، كيف تعلق بهذه اللغة من خلال متابعة الأفلام ومسلسلات "الآنمي" الآسيوية، بعيداً من طغيان الثقافة التي تسيطر عليها الأفلام الأميركية.
ويضيف، "تعلم هذه اللغة صعب ويحتاج إلى مثابرة كونها تضم كثيراً من التعبيرات والمفردات، كما أن إتقان كتابتها يحتاج إلى وقت، أما سبب اختياري لها فهو إيماني بأن المستقبل للصين كقوة اقتصادية وسياسية وثقافية".
التبادل التجاري واللغة
ومع تحول الصين إلى واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للأردن، إذ بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين نحو 5.8 مليار دولار عام 2023، وفقاً للسفير الصيني في عمّان، فقد دفع هذا الارتفاع كثيراً من الأردنيين إلى تعلم اللغة الصينية لتعزيز فرصهم الوظيفية وزيادة التنافس في سوق العمل، فضلاً عن حاجة التجار الأردنيين إلى هذه اللغة في سفرهم وعقد صفقاتهم.
ويقول التاجر أبو خالد إنه لمس فرقاً كبيراً وفائدة أكبر بعدما تعلم أساسات اللغة الصينية التي تساعده في التفاهم والتواصل أكثر خلال رحلاته المتكررة إلى الصين بهدف التجارة وشراء البضائع، بدلاً من الاعتماد على المترجمين أو الاضطرار إلى استخدام تطبيقات الترجمة غير الفعالة في كثير من الأوقات.
ويضيف، "أصبحت أكثر اطلاعاً على التعاملات والأوراق الرسمية التي لم أكن أفهم منها شيئاً في السابق، بخاصة تلك التي تتعلق بالشحنات البحرية والتخليص الجمركي".
ويتيح أحد المعاهد الأردنية دورات لتعلم اللغة الصينية المخصصة لرجال الأعمال والتي تحسن من مهارات التواصل الأساس والضرورية لديهم في مجال الأعمال، كاستخدام التعابير المناسبة في الأنشطة التجارية ومعرفة الأسعار أو عرضها، والتفاوض والمساومة ومناقشة سبل التعاون وشحن البضائع، مما دفع شركات أردنية عدة لترشيح موظفين لديها لتعلم اللغة الصينية.
لغة ثالثة
ويؤكد معهد "كونفوشيوس" الذي خرّج أكثر من 1300 طالب منذ تأسيسه عام 2009، أنه وبسبب الإقبال على تعلم اللغة الصينية، فقد قامت كثير من المدارس الأردنية بإضافتها إلى المنهاج كلغة ثالثة.
وترصد وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) تفوقاً للشباب الأردني في مسابقة إتقان اللغة الصينية التي عقدت الشهر الماضي بين طلاب الجامعات الأردنية، وهو ما يعتبره معهد "كونفوشيوس" دليلاً على تزايد شعبية اللغة الصينية بين الأردنيين، إذ يوجد حالياً ما يقارب 1000 طالب وطالبة مسجلين في المعهد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقول سجى الكريميين، وهي مدرسة اللغة الصينية في الجامعة الأردنية، إن تخصص اللغة الصينية يتضمن مجالات تتيح للطالب اكتساب خبرات عملية وتطبيقية، ودرس مواد من اللغة والأدب القديم والمعاصر، إضافة إلى الترجمة، فضلاً عن تجربة التبادل الطلابي مع الجامعات الصينية تأهيلاً لسوق العمل، إضافة إلى أنشطة وفعاليات من شأنها كسر حاجز اللغة والتعرف أكثر على الثقافة الصينية.
كذلك تقدم إحدى الجامعات الأردنية برنامج البكالوريوس في اللغة الصينية وآدابها في محاولة منها لجذب الطلاب الراغبين في ذلك عبر الحديث عن مجالات العمل التي يحظى بها متحدثو الصينية، مثل التعليم والصحافة والسياحة والترجمة وشركات الطيران، فضلاً عن الهيئات الدبلوماسية وشركات الاستيراد والتصدير والشحن البحري والتكنولوجيا.