Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تواصل السيارات التقليدية صمودها أمام "الكهربائية"؟

انفجار البطاريات وحوادث الاصطدام أخطار محتملة للنسخ الحديثة لكن متخصصين يرون أن أزماتها ضئيلة

سيارات كهربائية للتصدير مكدسة في محطة الحاويات الدولية بأحد الموانئ الصينية (أ ف ب)

ملخص

توقعت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية العالمية بأكثر من الخمس لتصل إلى 17 مليون سيارة كهربائية مباعة في 2024 مدعومة بالمستهلكين في الصين.

على رغم التنامي الكبير في صناعة السيارات الكهربائية وانتشارها الواسع عالمياً خلال السنوات الأخيرة، اعتماداً على المزايا العديدة التي تتمتع بها مثل قلة كلفة التشغيل والتكنولوجيا المتطورة الخاصة بالأداء وسهولة الشحن من المنزل وعدم اللجوء إلى عمل صيانة دورية على غرار نظيرتها التقليدية، إلا أن كثيراً من الدراسات العلمية والباحثين عبروا عن مخاوفهم في شأن الأخطار المرتبطة بها، لا سيما في ما يتعلق بانفجار البطاريات وحوادث الاصطدام نتيجة الصوت المنخفض والتأثير البيئي الناتج من بطاريات الجهد العالي.

ويعزز تلك المخاوف نتائج دراسة حديثة أجرتها كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، اعتمد خلالها البحث على بيانات السلامة على الطرق وشملت تقارير عن إصابات المشاة بسبب تصادمات السيارات أو مركبات الأجرة منذ عام 2013 إلى عام 2017، إذ أظهرت أن المشاة في المملكة المتحدة أكثر عرضة للصدم من سيارة كهربائية أو هجينة كهربائية بمعدل الضعف مقارنة بالمركبات التقليدية التي تعمل بالبنزين أو الديزل.

وكشفت الدراسة أيضاً عن أن من أصل 96285 حادثة للمشاة، شملت نسبة مذهلة تبلغ 74 في المئة (71666 حادثة) مركبات تعمل بالبنزين أو الديزل، بينما ارتبط اثنين في المئة فقط (1652) بالسيارات الكهربائية أو الهجينة، لم يحدد نوع المحرك لـ24 في المئة المتبقية (22829) من التصادمات، وأكدت الدراسة أن هدوء السيارات الكهربائية يعتبر عاملاً رئيساً يسهم في زيادة هذا الخطر.

وفي أبريل (نيسان) 2022 سلط الاتحاد المصري للتأمين الضوء على سبعة أخطار مرتبطة بالسيارات الكهربائية، أبرزها انفجار البطارية التي تحدث نتيجة تعرض البطارية للحرارة الشديدة أو الشحن الزائد، إذ يمكن أن تتعرض للتمزق والفشل المسمى بـ"الهرب الحراري"، وتؤدي هذه العملية غير المنضبطة في بعض الأحيان إلى الاحتراق.

علاوة على الأخطار المرتبطة بصعوبة الصيانة وأخطار الاصطدام والحوادث الشخصية نظراً إلى خفة وزن المركبة وكذلك القيادة المتهورة والمتطلبات الخاصة بالصيانة والتعرض لهجمات إلكترونية، إضافة إلى خطر التصادم لأن السيارة الكهربائية لا تصدر صوتاً حتى أثناء الحركة، وفي ظل نقص الإشارات الصوتية التي قد تصدرها السيارة الكهربائية، قد لا يدرك المشاة مدى قربها منهم، مما يؤدي إلى زيادة هذا الخطر في شوارع المدن المكدسة بالأطفال وراكبي الدراجات، فضلاً عن التأثير البيئي خصوصاً مع ما تمثله بطاريات الجهد العالي كمجال رئيس للقلق حالياً.

وأجمع عدد من المتخصصين في صناعة السيارات الكهربائية والتقليدية استطلعت "اندبندنت عربية" آراءهم، أن أخطار السيارات الكهربائية نادرة الحدوث وضئيلة للغاية، مقارنة بنظيرتها التقليدية التي تعمل بالبنزين والغاز، مشيرين إلى أن تلك الصناعة تعتمد على تكنولوجيا متطورة، مما يقلص نسبة الحوادث فيها.

أخطار ضئيلة نادرة الحدوث

وإلى ذلك يقول مؤسس منصة "اليكترفايد" المتخصصة في بيع وتجارة السيارات الكهربائية والشواحن ومؤسس نادي السيارات الكهربائية على منصة "فيسبوك" المهندس أيمن محمد، إن السيارات الكهربائية تحتوي على تكنولوجيا متطورة تجعل نسبة الأخطار فيها ضئيلة وتكاد تكون نادرة الحدوث، مشيراً إلى أن بطاريات السيارات الكهربائية "آمنة"، وأخيراً طورت تكنولوجيا الخاصة بها بشكل كبير في بلدان المنشأ بشكل يمنع وقوع أية حوادث مقارنة بالسيارات العادية التي تعمل بالبنزين، علاوة على أن تلك البطاريات توضع داخل صناديق مصفحة تشبه الصناديق السوداء الموجودة في الطائرات، لتأمين الركاب من خطر اشتعال البطاريات في حالة حدوث أي حوادث.

 

 

وأوضح مؤسس منصة "اليكترفايد" أن المستقبل حالياً يتجه نحو التوسع في السيارات الكهربائية التي ستنتشر بصورة أكبر في المرحلة المقبلة بسبب التكنولوجيا الحديثة التي تعتمد عليها، مؤكداً أن هناك إقبالاً كبيراً على شرائها حالياً بسبب المميزات العديدة التي تمتلكها مثل قلة كلفة التشغيل والتكنولوجيا المتطورة الخاصة بالأداء وسهولة الشحن من المنزل، وكذلك عدم وجود ضوضاء، فضلاً عن عدم اللجوء إلى عمل صيانة دورية على غرار السيارات العادية التقليدية.

وعن الصوت المنخفض في السيارات الكهربائية يقول "أيمن" إن القوانين الدولية أقرت قواعد تنظيمية لهذا الأمر بأن يكون هناك أصوات اصطناعية في السيارات الكهربائية وتختفي بعد الوصول لسرعة 20 كم/س، والهدف من ذلك هو حماية المارة في الشوارع وتمكينهم من سماع صوت للسيارة منعاً لارتكاب أية حوادث.

دورة التبريد السبب

يتفق جلال سلامة أول مهندس مصري بفريق المشاريع في شركة "تسلا" العالمية المتخصصة في تصنيع السيارات الكهربائية مع الطرح السابق، مؤكداً أن عدد مكونات السيارات الكهربائية قليل بالتالي يصعب وقوع حوادث بها مقارنة بالسيارات العادية التي قد يحدث فيها تسرب للبنزين في بعض الأحيان، وهو أمر يشكل خطورة أكبر.

وأوضح "جلال" أن ما يثار في شأن حوادث انفجار البطاريات في السيارات الكهربائية قد يعود السبب الرئيس فيه لدورة التبريد التي من الوارد أن تكون غير جيدة أو أدخل العميل تغييراً عليها أو حدث تلاعب في البرمجة، مما قد يسبب تلك المشكلات، ولكن من النادر حدوث تلك الوقائع.

واعتبر أن الشركات المتخصصة في السيارات الكهربائية بدأت تلجأ إلى مصنعي البطاريات مثل "إل جي" و"باناسونيك" و"تسلا" لضمان مستوى الجودة للبطارية، منوهاً بأن القضية برمتها تعتمد على تكنولوجيا البطاريات والمواد المستخدمة فيها سواء كانت "كوبالت" أم "الليثيوم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى "سلامة" أن أبرز مشكلات السيارات الكهربائية تتلخص في عدم توافر الأيدي البشرية العاملة التي تتعامل مع تلك التكنولوجيا الحديثة، وكذلك المشكلات المتعلقة بالشحن نفسها.

وكانت وكالة الطاقة الدولية توقعت في أبريل (نيسان) الماضي أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية العالمية بأكثر من الخمس لتصل إلى 17 مليون سيارة كهربائية مباعة هذا العام، مدعومة بالمستهلكين في الصين، مقارنة بـ14 مليون جرى بيعها في 2023، كما توقعت أنه بحلول 2035 ستصبح كل سيارة يجري بيعها على مستوى العالم كهربائية، كما أشارت الوكالة إلى زيادة 25 في المئة في المبيعات خلال الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من 2023، وكذلك 40 في المئة زيادة في عدد نقاط الشحن العامة المثبتة على مستوى العالم في 2023 مقارنة بـ2022.

وبحسب التقرير الصادر عن "بلومبيرغ نيو إنيرجي فايننس"، تشهد صناعة السيارات الكهربائية منافسة شرسة بين الصين والولايات المتحدة أوروبا، وبلغت مبيعات السيارات الكهربائية عالمياً طفرة نمو هائلة، خلال السنوات التسع الماضية، لتقفز من 500 ألف وحدة خلال 2015، إلى مليوني وحدة في عام 2018، ثم إلى 3.2 مليون وحدة 2020، كما واصلت مبيعات المركبات الكهربائية قفزاتها الكبرى في عام 2021 لتصل إلى 6.5 مليون وحدة، مسجلة نسبة نمو تجاوزت 103 في المئة، لتكسر المبيعات حاجز 10 ملايين وحدة في 2022، مسجلة نسبة نمو بمعدل يفوق الـ60 في المئة.

الليثيوم القابل للاشتعال

فيما ذكر رئيس لجنة الطاقة النظيفة بالغرفة التجارية بالقاهرة ومالك أول سيارة كهربائية بمصر أحمد زين، أن الدراسات الحديثة كافة أثبتت أن السيارات الكهربائية التي تعرضت لحوادث مقارنة بالسيارات العادية التي تعمل بالبنزين لا تمثل سوى واحد في المئة فقط، مردفاً "السيارات الكهربائية تعتبر من التجارب الجديدة في السوق، ومن الطبيعي أن يكون هناك مقاومة بشرية طبيعية لأي تكنولوجيا جديدة، وحينما تقع حادثة متعلقة بالسيارات الكهربائية يكون الضوء مسلطاً عليها بصورة كبيرة عكس السيارات الأخرى التي تعمل بالبنزين".

وشرح "زين" أن بطاريات السيارات الكهربائية تعمل بـ"الليثيوم" القابل للاشتعال، وحينما تتعرض السيارة للاصطدام ويتم إصلاحها بشكل غير احترافي يكون ذلك سبباً في وقوع تلك الحوادث الانفجارية ولكن هذا أمر نادر الحدوث، موضحاً أن السيارات الكهربائية تحتوي على الـ"بريكر"، وهو عبارة عن مفتاح يوجد على البطارية وبمجرد وقوع أية حادثة يفصل البطارية عن السيارة نفسها، قائلاً "احتمالية الأخطار في السيارات التي تعمل بالبنزين أكبر بكثير من السيارات الكهربائية".

 

 

ولفت رئيس لجنة الطاقة النظيفة بغرفة القاهرة التجارية الانتباه إلى أن السيارات الكهربائية تعمل بثلاثة مكونات فقط وهي البطارية والموتور والمحول، فيما يشمل موتور السيارات التي تعمل بالبنزين 3 آلاف مكون، وهو ما يوضح الفارق الكبير بينهما، مؤكداً أن السيارات الكهربائية تمتلك مزايا عديدة أبرزها قلة كلفة الشحن مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين وعدم اللجوء لصيانة دورية بخلاف التطور التكنولوجي الكبير فيها.

"السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل والغاز أخطارها أكبر بكثير من السيارات الكهربائية"، هكذا يعقب الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات في مصر المهندس خالد سعد، مشيراً إلى أن السيارات الكهربائية هي المستقبل وهناك اهتمام عالمي بضرورة التوسع فيها.

وذكر أن هناك خطة عالمية من شركات السيارات بإنهاء تصنيع المركبات التي تعمل بالمحروقات في 2040 وأن تحل "الكهربائية" بدلاً منها، منوهاً بأن هناك عدداً من المزايا التي تتمتع بها ما يجعل الإقبال عليها كبير حالياً.

محركات الاحتراق الداخلي

في السياق ذاته يرى الرئيس الأسبق للشركة الهندسية لصناعة السيارات اللواء مهندس رأفت مسروجة أن السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي ستختفي خلال السنوات القليلة المقبلة في ظل المنافسة مع نظيرتها الكهربائية، التي تعتبر مصدراً نظيفاً للطاقة وغير ملوث للبيئة وأخطارها محدودة مقارنة بالتقليدية، وأشار إلى أن السيارات الكهربائية ستكون وسيلة التنقل الوحيدة في العالم في 2035، ويظهر ذلك جلياً من التكالب العالمي على شرائها.

 

 

وتابع أن هناك طلباً متزايداً على السيارات الكهربائية في العالم بأكمله، كما أنها تشهد نمواً ملحوظاً في مصر حالياً، موضحاً أن هناك اهتماماً عالمياً بتطوير التكنولوجيا الخاصة بها والتفكير في بدائل مستقبلية للاستفادة من مصادر الطاقة الأحفورية أو تحويلها لمصادر طاقة غير ملوثة للبيئة.

وفي فبراير (شباط) 2022 وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الحكومة بتعزيز التعاون مع الشركات من القطاع الخاص لتوطين صناعة السيارات الكهربائية في بلاده بداية بمراحل التجميع وصولاً إلى التصنيع المتكامل، في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الأخضر، مع ضمان أن تكون أسعار السيارات اقتصادية إلى جانب نشر البنية الأساسية لمحطات الشحن الكهربائي للسيارات على أوسع نطاق على مستوى الجمهورية، بما فيها محطات الشحن متناهية السرعة.

وقائع غير مثبتة

بينما قال الصحافي المصري المتخصص في السيارات هشام الزيني إن معدلات الأمان في السيارات الكهربائية أعلى من نظيرتها العادية التي تعمل بالبنزين، مشيراً إلى أنه لم ترد في أية جهة أو مؤسسة بحثية أو هيئة دولية وقوع انفجار في السيارات الكهربائية بسبب البطاريات باستثناء وقائع غير مثبتة يتم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي ولكن ليس لها أساس من الصحة، مردفاً "بطاريات السيارات الكهربائية تمثل 60 في المئة من السعر الإجمالي للسيارة".

ونوه "الزيني" إلى أن هناك تطوراً كبيراً في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية ومؤثرات عدة تتحكم فيها من بينها درجات الحرارة، مشيراً إلى أن هناك أكثر من نوع لتلك البطاريات منها الليثيوم والليثيوم أيون والصلبة، ولكن المستقبل يتجه نحو التوسع في صناعة البطاريات الصلبة، وهناك منافسة بين الشركات الكبرى في هذا الجانب.

وأوضح أن عدد مكونات السيارات الكهربائية يبلغ 300 مكون، مقارنة بالسيارات العادية التي يبلغ عدد مكوناتها أكثر من 5500 مكون، وهو ما يجعل الأفضلية للسيارات الكهربائية.

وقال إن السيارات الكهربائية تشكل المستقبل في العالم بأكمله بسبب الجوانب المتعلقة بالحفاظ على البيئة، منوهاً بأن تطور صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا وأسيا وأميركا يرجع إلى قبضة الحكومات القوية على الشركات المصنعة التي وضعت حداً أدنى للتلوث البيئي وأقرت بغرامات ضخمة حال مخالفاتها، وهو ما جعل الشركات تتطور في تكنولوجيا المحركات لخفض معدلات الانبعاث البيئي.

 

 

وأضاف أن الصين تعتبر من أكثر البلدان التي تشهد تطوراً في صناعة السيارات الكهربائية، إذ يوجد 1000 نوع من بها، مردفاً "كل شركة في الصين تنتج نوعاً من السيارات التي تعمل بالبنزين تصنع معها 10 أنواع أخرى من الكهربائية".

وكانت وكالة الطاقة الدولية توقعت أن تقفز مبيعات السيارات الكهربائية في الصين خلال العام الحالي إلى نحو 10 ملايين سيارة، مما يمثل 45 في المئة من إجمالي مبيعات السيارات في البلاد، وفي الولايات المتحدة من المتوقع أن تكون سيارة تقريباً من بين كل تسع سيارات مباعة كهربائية. وقالت الوكالة إنه على رغم أن الطلب ظل متركزاً بشكل كبير في الصين وأوروبا والولايات المتحدة، فإن النمو انتعش أيضاً في بعض الأسواق الناشئة مثل فيتنام وتايلاند، إذ شكلت السيارات الكهربائية 15 في المئة و10 في المئة على الترتيب من جميع مبيعات السيارات.

وفقاً لـ"الزيني" تواجه مصر معوقات عدة في تلك الصناعة، بسبب مشكلات البنية التحتية وتوافر مراكز الشحن الخاصة بها، علاوة على توافر الأيدي العاملة ومراكز الخدمة المتطورة، فضلاً عن عزوف كثير من الوكلاء عن الدخول في هذا المجال.

وبحسب تقرير صادر عن المجمعة المصرية للتأمين الإجباري في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بلغ عدد المركبات الكهربائية بمصر 3212 مركبة كهربائية في الفترة من سبتمبر (أيلول) 2022 وحتى سبتمبر 2023.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات