على رغم العقوبات القوية الغربية والعراقيل الأميركية في طريق موسكو، وخصوصاً محاولات كبح تدفق النفط الروسي باستهداف "أسطول الظل"، فإن الاقتصاد الروسي نما بصورة ملحوظة خلال العام الماضي.
إلى ذلك، سجل الاقتصاد الوطني الروسي نمواً كبيراً خلال الأعوام الأخيرة، ووصل إلى ستة تريليونات دولار عام 2022، قبل أن يواصل النمو العام الماضي مسجلاً 6.45 نهاية 2023.
تعادل القوة الشرائية
وفقاً لوكالة "أنباء الشرق الأوسط" أمس السبت، احتل الاقتصاد الروسي المركز الرابع من حيث تعادل القوة الشرائية بين أكبر الاقتصادات في العالم.
وقال موقع "روسيا اليوم" إن البنك الدولي حدث في وقت سابق بيانات تعادل القوة الشرائية، ومنها تبين أن اقتصاد موسكو في المراكز الأربعة الأولى بعد الصين والولايات المتحدة والهند، وبعدها تأتي اليابان وألمانيا.
ووفقاً لمعطيات البنك الدولي، خلال عام 2021، بلغ الناتج المحلي الإجمالي الروسي على أساس تعادل القوة الشرائية 5.7 تريليون دولار، واليابان 5.6 تريليون دولار، وألمانيا 5.2 تريليون دولار.
الصين في المركز الأول
وفي الوقت نفسه، بلغ الناتج المحلي الإجمالي الياباني 5.9 و6.3 تريليون دولار، والناتج المحلي الإجمالي الألماني 5.5 و5.9 تريليون دولار على التوالي، وبقيت الصين في المركز الأول بصورة مطلقة بنحو 35 تريليون دولار، والولايات المتحدة بـ27.4 تريليون دولار، والهند بـ14.6 تريليون دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونهاية 2022، أفاد البنك الدولي بأن روسيا أصبحت خامس أكبر اقتصاد في العالم، لتحل محل ألمانيا، وخلال تلك الفترة استند البنك في حساباته على بيانات عام 2017، لكنه حدثها أمس الأول (الخميس).
وتمثل القوة الشرائية مجموعة معينة من السلع والخدمات في بلدان مختلفة، أي إن سعر سلة هذه السلع محولة بالدولار بالنسبة إلى سعر صرف العملة الوطنية. ويستخدم هذا المؤشر جنباً إلى جنب مع الناتج المحلي الإجمالي، مما يوضح القيمة الحقيقية للسلع المنتجة في البلاد.
الخطط الأميركية ضد "أسطول الظل"
وفي غضون ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الخميس الماضي، إن الخطط الأميركية لكبح عمليات ناقلات النفط الروسية المعروفة باسم "أسطول الظل" غير مقبولة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تدرس الولايات المتحدة وحلفاؤها فرض عقوبات إضافية، ويمكن أن تتحرك بصورة أكبر لزيادة كلفة استخدام روسيا لأسطول ظل من الناقلات للتهرب من سقف حددته مجموعة الدول السبع لسعر النفط الروسي.
ما هو "أسطول الظل" الروسي؟
يطلق مصطلح "أسطول الظل" على ناقلات النفط المستعملة، التي اشترتها شركات الشحن الروسية لضخ النفط الروسي إلى الدول التي لا تفرض حظراً على هذا النفط مثل الصين أو الهند.
ووفقاً لتقرير وزارة الخزانة الأميركية، وصدر خلال عام 2020، فإن الناقلات التي تتبع "أسطول الظل" تبدل وتغير الأعلام التي تحملها، وتوقف تشغيل أجهزة الإرسال حتى لا يتم تتبعها، أو حتى إرسال إشارات خادعة، إضافة إلى القيام بتبادل النفط في البحر.
وبعض هذه الناقلات تقوم بتغيير اسم السفينة، وتعمد إلى استخدام أسماء شركات وهمية، أو تزوير المستندات لإخفاء ملكية الناقلة التي تبحر عادة من دون أي تأمين حقيقي عليها، إذ تهدف من خلال كل هذه الترتيبات إلى البقاء بعيداً من متناول هيئات إنفاذ القانون البحري.
وبحسب ما ذكرته شبكة "سي أن أن" الأميركية، فإن شركة الذكاء الاصطناعي البحري "ويندوارد" قدرت خلال نهاية 2023 أن "أسطول الظل" الروسي يتكون من 1400 إلى 1800 سفينة، وهو ما يعادل خمس تجارة النفط العالمية.
وفي الأثناء، توقع معهد التمويل الدولي نهاية مايو (آيار) الماضي، ارتفاع صافي التدفقات الرأسمالية للاقتصادات النامية الكبرى بنحو الثلث خلال العام الحالي، لتبلغ 903 مليارات دولار، لكن الأمر يتوقف على معدل النمو العالمي.
وأوضح التقرير الذي يغطي 25 سوقاً ناشئة، منها روسيا والصين والهند والمكسيك، أن معدل الزيادة الصافية من المتوقع أن يبلغ 32 في المئة بفضل الانتعاش القوي في الاستثمار الأجنبي المباشر والأموال الموجهة إلى محافظ الأسهم.
"الهبوط السلس"
وأضاف التقرير الصادر نهاية الشهر الماضي أن سيناريو "الهبوط السلس" يرسم صورة إيجابية لتدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة، على رغم توقعات بأن يصل معدل النمو العالمي خلال العام الحالي إلى 3.1 في المئة، وهو أقل من متوسط يبلغ 3.8 في المئة خلال الفترة من 2000 إلى 2019.
وجاء في التقرير، أن "التجارة العالمية أظهرت أيضاً علامات على انتعاش متواضع في الأشهر القليلة الماضية، مدفوعة بارتفاع حجم التجارة في الأسواق الناشئة"، والتدفقات الرأسمالية من مكونات ميزان المدفوعات في معظم البلدان، إلى جانب الحساب الجاري والتغير في الاحتياطات، وتعكس في الغالب بيانات الاستثمار الأجنبي المباشر، وكذلك الاستثمارات في الأسهم والسندات.
صمود غير متوقع
ومنتصف الشهر الماضي، وصف المصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير، بأنه أكثر قدرة على الصمود مما كان متوقعاً وسيواصل النمو هذا العام على رغم العقوبات الغربية.
ونشر المصرف الذي عقد اجتماعه السنوي في يريفان الأرمنية في الـ17 من مايو الماضي توقعات نمو جديدة لجميع المناطق التي يغطيها.
انخفاض حصة روسيا من واردات الغاز الأوروبية
وانخفضت حصة روسيا من واردات الغاز الأوروبية من 40 في المئة عام 2021، أي قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، إلى ثمانية في المئة خلال 2023، وفقاً لبيانات الاتحاد الأوروبي، وارتفعت الأرباح من النفط ومكثفات الغاز والمنتجات النفطية إلى 4.1 تريليون روبل (44 مليار دولار)، بزيادة 4.3 في المئة على العام السابق.
وفرضت دول غربية عقوبات شديدة الصرامة على روسيا، رداً على غزوها العسكري لجارتها أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، بهدف كبح جماح الإنفاق العسكري الروسي، وطاولت العقوبات شخصيات سياسية ومقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو من يطلق عليهم الـ"أوليغارشيين".
وشملت العقوبات تجميد احتياطات روسية من العملات الأجنبية وتقييد وصول موسكو إلى التكنولوجيا الغربية، مع استبعاد البنوك الروسية من النظام المالي العالمي "سويفت". ومع اتساع نطاق العقوبات توقع كثيرون استسلام الدب الروسي، خصوصاً مع تراجع قيمة الروبل (العملة الروسية) إلى أدنى مستوياته بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب، إلى جانب انكماش اقتصاد موسكو بنحو 1.2 في المئة خلال 2022.