Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 مخدرات في مدارس الأردن وجامعاته... قلق يتصاعد رغم طمأنة المسؤولين

تتمسك الحكومة الأردنية بمقولة إنها "دولة ممر وليست مقراً في مجال الممنوعات"

أنواع من المخدرات في معرض مخصص للتوعية في الأردن (اندبندنت عربية)

يصرّ العقيد أنور الطراونة مدير إدارة مكافحة المخدرات على طمأنة الأردنيين بأن مدارس الأردن خالية من ظاهرة الاتجار أو تعاطي المخدرات، لكن تقارير ودراسات عدة تثير قلق الأردنيين وشكوكهم إزاء عبارةٍ لطالما تغنى بها مسؤولون أردنيون مفادها أن "الأردن دولة ممر وليست دولة مقر في مجال المخدرات". وهي عبارة تستند على ما يبدو إلى تقرير المخدرات العالمي للعام 2014 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة، الذي صنّف الأردن كدولة عبور للمخدرات، معتبراً أن نسب المتعاطين في البلاد ما زالت دون المستويات العالمية.
وتفيد الأجهزة الأردنية المعنية بأن نسبة انتشار المخدرات في الأردن مقارنةً بدول العالم قليلة ولا تشكل 5 في المئة مما يدخل السوق المحلي، و95 في المئة من المخدرات المضبوطة كانت معدة للتصدير، لكن لا يوجد في المقابل تفسير لوجود أربعة مراكز مخصصة لعلاج الإدمان في البلاد، إلا حقيقة أن الظاهرة تنتشر على نحو مقلق.

 

 

نسبة ضئيلة

 
وأكد الملازم زياد القعقاع من إدارة مكافحة المخدرات أن نسبة تعاطي طلاب المدارس ضئيلة، واعتبر أن أسباب التعاطي تنحصر في رفاق السوء وضعف الوازع الديني والغربة والفراغ والفقر والغنى إضافة الى حب التقليد والتفكك الأسري وأماكن التسلية ووجود قدوة سيئة في المنزل.
وأوضح أن المخدرات في الأردن تنقسم الى نوعين: طبيعي وصناعي مثل الماريجوانا والكوكايين والحشيش، مشيراً إلى أن أخطرها هو "الجوكر" الذي يؤدي إلى الوفاة.
أما الناطق الإعلامي لإدارة مكافحة المخدرات النقيب أنس الطنطاوي فينفي المعلومات التي تتردد عن وجود مافيات تتحكم بترويج المخدرات داخل المدارس، مشيراً إلى انتشارها بين طلاب الجامعات فقط وأن أعدادهم لا تتجاوز 500 طالب في كل محافظات المملكة الأردنية.
ويقول الناطق الإعلامي لمديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي إن "زيادة معدلات قضايا المخدرات في الأردن ما زالت إلى الآن طبيعية، وأن نسبة كبيرة من مخالفي قانون المخدرات هم مكررون، أي أنهم ارتبكوا جرائم تتعلق بالمخدرات أكثر من مرة".

 
ضبط 4 حالات أسبوعياً

 
لكن تقارير صحافية ودراسات مستقلة حذرت من خطر انتشار نسبة التعاطي في المدارس والجامعات وارتفاعها بواقع 4 حالات أسبوعياً، في مقابل سياسة الإنكار التي تنتهجها الجهات المعنية.
ففي عام 2004، ووفقاً لدراسة رسمية نفذّتها مديرية الصحة المدرسية في وزارة الصحة بدعم من المكتب الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة، فإن واحداً من بين كل أربعة فتيان بين سن الحادية عشرة والسادسة عشرة تعاطى الممنوعات أو كانت له تجربة مرة واحدة على الأقل مع المخدرات أو الكحول أو المنشطات أو التدخين.
وأوضحت الدراسة ذاتها أن 27 في المئة من عيّنة من أربعة آلاف طالب وطالبة، مرّوا عملياً بتجربة تعاطي أحد أنواع المنبهات، مسكرات أو مخدرات.
أما أحدث دراسة أمكن التوصل إليها فصدرت في العام 2010 حول "عوامل الخطورة في البيئة الجامعية لدى الشباب"، شملت أيضاً 4000 طالب من 19 جامعة خاصة وحكومية، وكشفت أن 10 في المئة يتناولون الكحول، في حين أن 5 في المئة من العينة موضوع الدراسة، تناولوا المخدرات قبل دخولهم إلى الجامعة.
وقدّرت الدراسة عدد المضبوطين بـ 236 طالباً و45 طالبة أردنيين، إضافة إلى 43 طالباً و12 طالبة من غير الأردنيين.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


 مراكز متخصصة لمعالجة الإدمان
 

في شرق العاصمة عمّان ثمة مركز متخصص لمعالجة الإدمان تابع لإدارة مكافحة المخدرات ويتعامل بسرية تامة مع مرتاديه، وصلت نسبة العلاج فيه الى 30 في المئة، ما يجعل الأردن نموذجاً في مكافحة المخدرات مقارنة بدول الجوار بحسب العميد الطراونة الذي دعا الأهالي إلى مراقبة التغيرات التي تطرأ على سلوك الأبناء من أجل التعرف على ما إذا كان الابن يتناول المخدرات أم لا، من قبيل الكذب، أصدقاء جدد، سرية زائدة، تغيّر بعض الأمور، اضطراب النوم، عدم الاهتمام بالمظهر، ألفاظ جديدة مختلفة عن المعتاد.
أُنشئ مركز العلاج هذا في عام 1993 وكان يتسع لــ 18 سريراً لكنه اليوم يتسع لـ 170 سريراً ويتلقى فيها المدمنون العلاج مجاناً فضلاً عن أنه يتم إعفاء مَن يتقدم للعلاج من العقوبة. ووفق قانون المخدرات والمؤثرات العقلية الساري، يجب تحويل المتعاطي للمرة الأولى إلى مركز متخصص بعلاج الإدمان.
وكانت مراكز العلاج الأربعة في الأردن قادرة خلال السنوات الماضية على استقبال كل الحالات التي وصلتها، على الرغم من أن تكلفة علاج المدمن تصل إلى 300 دينار في اليوم الواحد.

 

هل للقانون دور؟
 

 أقرّت الحكومة الأردنية في عام 2013 تعديلاً على قانون المخدرات مُنح بموجبه المتعاطي للمرة الأولى حق عدم تحريك دعوى قضائية بحقه، ويبدو أن هذا النص أسهم إلى حد ما في زيادة عدد المتعاطين بشكل أو آخر، ليُلغى لاحقاً في عام 2016، الأمر الذي رأى فيه حقوقيون تخبطاً وفوضى رسمية في آلية مكافحة المخدرات بالأردن. لكن الحكومة تدافع عن قرارها في ذلك الوقت بأنه جاء لمنح متعاطي المخدرات للمرة الأولى من طريق الخطأ، فرصةً كي لا يكون ذلك أول خطواته على طريق الانحراف والإجرام في حال حبسه.
وعلى الرغم من صرامة القوانين والتشريعات الأردنية التي تصل بعضها إلى عقوبة الإعدام، إلا أن نظرة سريعة على حجم المشكلة يظهر تزايداً في عدد قضايا المخدرات ففي عام 2001 كان هنالك 1300 قضية فقط، وفي عام 2018 سُجِلت 18400 قضية، أما خلال العام الحالي وحتى أغسطس (آب) سُجلت 12411 قضية. لكن الحكومة الأردنية تتمسك دائماً برواية أن البلاد تُعد منطقة مرور للمخدرات، إذ إن أكثر من 95 في المئة من المخدرات المضبوطة معدة للتهريب إلى الخارج.
وتتعاطى الأردن مع المخدرات على أنها مشكلة ثانوية غير مؤرقة، ما دفعها إلى إنشاء متحف للمخدرات كوسيلة تثقيف حول أخطار هذه الآفة المجتمعية بخاصة لطلاب المدارس والجامعات وذويهم لمساعدتهم على كشف لجوء أبنائهم إلى تعاطي المخدرات قبل وصولهم إلى مراحل متقدمة.
ويحتوي المعرض على وسائل استخدمها المهربون من أحذية وموبايلات وألبسة ومواد أخرى كانت وسيلتهم للتهريب، كما يعرض طرق تعاطي المواد المخدرة والأدوات المساندة لها من ملاعق وسكاكين وأوراق عملة وحقن ونراجيل صغيرة وأنواع من الغلايين والسجائر المحروقة والإبر التي تبدو عليها آثار حرق فضلاً عن عينات من المخدرات التي ضُبطت طوال السنوات الماضية.

 


مخدرات رخيصة... عبر وسائل التواصل الاجتماعي
 

من ناحية أخرى، كشفت دراسة ميدانية استقصائية حول انتشار المخدرات في المجتمع الأردني عن حقائق صادمة من بينها أن نسبة انتشار المخدرات تصل إلى 21 في المئة وأن السبب الرئيس في ذلك هو رخص ثمن المخدرات في الأردن بشكل ملحوظ مقارنةً بدول أخرى.
وبيّنت الدراسة التي صدرت عن "المجلس الاقتصادي والاجتماعي" أن مادة "الجوكر" تُعد الأكثر انتشاراً من بين الأنواع الأخرى من المخدرات، والأكثر ربحيةً للمروجين، مع أنه الأشد فتكاً بالمتعاطين. 
وأشارت الدراسة الى أن 30 في المئة من المتعاطين يحصلون على المخدرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونسبة كبيرة من الإناث يحصلن على المخدرات مقابل الجنس، فضلاً عن انتشار التعاطي بين الإناث في دور السكن الجامعية.
وقالت الدراسة إنها لاحظت إقبال بعض طلاب الكليات العلمية مثل الطبّ والصيدلة والعلوم والهندسة، على تعاطي حبوب منشطة لمواجهة الضغوط الدراسية.

المزيد من تحقيقات ومطولات